بريطانيا: إطلاق سراح «أبو قتادة» بعد سجنه 6 سنوات

عمدة لندن: كلفنا الكثير.. ويجب منحه بطاقة سفر بلا عودة إلى الأردن

عمر محمود عثمان المعروف بـ«أبو قتادة»
TT

كشفت مصادر بريطانية أن رجل الدين الأردني، الفلسطيني الأصل، عمر محمود عثمان المعروف بـ«أبو قتادة» تم إخلاء سبيله أمس من سجن لونغ مارتن في بريطانيا.

وقالت «بي بي سي» أمس إن الخطوة تأتي استجابة لقرار قاضي محكمة الاستئناف الخاصة بقضايا الهجرة الأسبوع الماضي والذي ينص على أن احتجاز «أبو قتادة» منذ 6 سنوات لا يمكن أن يستمر عقب الحكم الذي أصدرته الشهر الماضي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويعتبر «أبو قتادة» (51 عاما)، والذي كان يعرف من قبل بأنه الساعد الأيمن لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، مطلوبا في الأردن بتهم على علاقة بالإرهاب، وقضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الشهر الماضي بعدم جواز ترحيله من بريطانيا وتسليمه إلى الأردن، كونه لا يزال يواجه خطر استخدام أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب ضده. وطلبت وزارة الداخلية البريطانية من «أبو قتادة» الالتزام بحظر التجول المفروض عليه لمدة 22 ساعة يوميا بما في ذلك حظر ذهابه مع أصغر أبنائه إلى المدرسة. وقالت المصادر البريطانية إن «أبو قتادة» سيكون مراقبا على مدار الساعة عبر الحلقة الإلكترونية.

ووفقا لقرار الإفراج، سيكون من حق «أبو قتادة» التجول لمدة ساعتين منفصلتين في اليوم ولن يكون مسموحا له استخدام الإنترنت أو أي من الآلات الكهربائية ومنها أجهزة الهاتف المحمول كما لن يستطيع استقبال أي من زواره في منزله من خارج العائلة عدا من تتم الموافقة عليه من جانب رجال الأمن، وبنفس الحال لن يستطيع التحدث مع من يلتقيهم خارج منزله إلا بموافقة أجهزة الأمن وستتم متابعة «أبو قتادة» من خلال جهاز تتبع المفرج عنهم الخطرين. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد تحدث هاتفيا مع ملك الأردن عبد الله الثاني للبحث عن حل لمشكلة تسليم «أبو قتادة» للأردن والتي رفضتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب المخاوف من تعرض «أبو قتادة» للتعذيب هناك.

وأمرت محكمة الاستئناف الخاصة بقضايا الهجرة الأسبوع الماضي بإخلاء سبيل «أبو قتادة» بكفالة من السجن، على الرغم من أن وزارة الداخلية البريطانية تعتبره يشكل خطرا على الأمن القومي للمملكة المتحدة. وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون إن هناك جهودا تبذل لترحيله إلى الأردن.

وذكرت تقارير أمس أن حماية «أبو قتادة» ستكلف الشرطة البريطانية 10 آلاف جنيه إسترليني في اليوم بعد إخلاء سبيله من السجن، حيث ستتولى مجموعة من رجالها حماية منزله في غرب العاصمة لندن بعد أن تردد أن ناشطين يخططون لمهاجمته هو وأسرته. وتوقع خبراء قانونيون في العاصمة لندن رفع الكثير من شروط إطلاق سراحه بكفالة بحلول منتصف أبريل (نيسان) المقبل، حيث من المتوقع بحسب خبراء أن يكون «أبو قتادة» حرا من كل القيود المفروضة على تحركاته في عام 2014. وأشارت مصادر بريطانية إلى أن الحكومة البريطانية تحاول يائسة ترحيل «أبو قتادة» إلى الأردن، وهو الرجل الذي قال عنه وزير الأمن الداخلي البريطاني إنه يفرض خطرا جديا على الأمن القومي البريطاني. وفي عام 1999 أدانت الأردن «أبو قتادة» غيابيا على خلفية اتهامات بأنشطة لها علاقة بالإرهاب.

ومع ذلك، يعتقد الخبراء القانونيون أن الحيز المسموح لمناورة حكومة لندن محدود. فقد قرر القاضي إطلاق سراح «أبو قتادة» بكفالة الأسبوع الماضي بعد أن حكم بالفشل في إحراز أي تقدم في ترحيله، وذلك بعدما منعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ترحيل «أبو قتادة» إلى بلاده وفقا للمادة الساسة من المعاهدة الأوروبية، الخاصة بالحق في محاكمة عادلة، على أساس أن الأردن يمكن أن تستخدم ضده أدلة يتم الحصول عليها عن طريق التعذيب.

إلى ذلك، قال بوريس جونستون في مقاله بصحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية أمس إن هناك أسبابا عدة تثير الغضب والاستياء عند النظر إلى قرار الإفراج عن «أبو قتادة»، فهذا الرجل الذي جاء إلى بريطانيا بشكل غير قانوني عام 1993، واستخدم وقته في بلدنا لإصدار سلسلة من الأوامر لأتباعه، فقد استخدم واحدة من خطبه في مسجد فينسبري بشمال لندن للدعوة إلى قتل جميع اليهود، وتابع ذلك بالدعوة إلى قتل الأميركيين. وأضاف: في مقال تحت عنوان: «وفوق كل شيء كلفنا أبو قتادة الكثير، ويجب منحه بطاقة سفر بلا عودة إلى الأردن»: لقد كلفنا حتى الآن نحو نصف مليون إسترليني، وفاتورة النفقات مرشحة للزيادة، بسبب إجراءات الشرطة التي ستفرضها من أجله، رغم أن «أبو قتادة» كان يريد الجميع في عداد الأموات فقد عثروا على خطبه في حوزة محمد عطا زعيم الانتحاريين في هجمات سبتمبر (أيلول). ومن المفترض أن تقوم الحكومة البريطانية بالاستئناف ضد الحكم قبل مرور ثلاثة أشهر عليه، وإذا فشلت في ذلك، أو لم يسمح لها بالاستئناف، فإن القيود المفوضة على «أبو قتادة» عندما يغادر السجن والتي تشمل حظر تجول على مدار 22 ساعة يوميا وعدم استخدام الإنترنت أو التليفون، ستكون قابلة للمراجعة. ومن شروط الإفراج عن «أبو قتادة» بحسب مصادر بريطانية أنه لن يكون في مقدوره اصطحاب نجله إلى المدرسة صباحا.

وقالت مصادر بريطانية أمس إن «أبو قتادة» لن يحصل على أية معونات حكومية من بريطانيا بعد خروجه من السجن الأسبوع المقبل. وأفادت أن وزارة العمل والتقاعد البريطانية أعلنت أن «أبو قتادة» لا يحق له الحصول على معونات على صلة بالدخل «لأنه يحمل جنسية أجنبية». وظل رجل الدين، الذي يعتبر الذراع اليمني لزعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن في أوروبا، موضع محادثات قضائية شائكة بين الأردن والمملكة المتحدة وتصاعدت قضية تسليمه للأردن بعد قرار المحكمة الأوروبية بعدم تسليمه. وفي غضون ذلك، سارع الأردن للإعلان أنه سيقدم اعتراضا على قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الذي يمنع تسليمه عمر محمود عثمان.

وإلى ذلك، أشارت صحيفة (ديلي ستار صندي) في تقرير لها أول من أمس إلى أن «أبو قتادة» كان قد حصل على ما يصل إلى 1.5 مليون جنيه إسترليني من المعونات الحكومية، وتكاليف الفواتير القانونية والسجن، منذ وصوله إلى بريطانيا بجواز سفر مزور من دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1993. وأضافت أن المنافع الحكومية التي حصل عليها «أبو قتادة» قبل دخوله السجن وبلغت نحو 50 ألف جنيه إسترليني سنويا أثارت الغضب على نطاق واسع، لكن متحدثة باسم وزارة العمل والتقاعد أكدت أن رجل الدين الأردني لم يعد مؤهلا للحصول عليها لأنه يحمل جنسية أجنبية.

ونسبت الصحيفة إلى المتحدثة قولها «إن أي شخص لا يملك تأشيرة صالحة للبقاء في المملكة المتحدة سيخضع لمراقبة دائرة الهجرة ولن يحصل على المنافع الحكومية مثل دعم البطالة، وبدل الباحثين عن العمل، ومنافع السكن، وقروض التقاعد، والإعفاء من ضريبة البلدية».

وأشارت إلى أن متحدثا باسم وزارة الداخلية البريطانية أكد أيضا أن «أبو قتادة» «سيعامل كمواطن أجنبي»، بعد خروجه من سجن لونغ لارتن بمقاطعة وورسترشاير حيث يحتجز بتهم على علاقة بالإرهاب منذ عام 2008. وقالت الصحيفة إن «أبو قتادة» عاش مرة مع عائلته في منزل قيمته 800 ألف جنيه إسترليني في غرب لندن تملكه بلديتها على المساعدات الحكومية السخية، بما في ذلك منافع العجز بسبب معاناته من آلام في الظهر، و800 جنيه إسترليني في الأسبوع استحقاقات أطفاله، فضلا عن منافع أخرى مثل الإعفاء من ضريبة الدخل وضريبة البلدية.