الحكومة الكويتية الجديدة تؤدي اليمين.. والأنظار على رئاسة «الأمة» اليوم

المعارضة قاطعتها بعد رفض منحها 9 مقاعد واعتبرتها حكومة «تصريف أعمال»

الشيخ صباح الأحمد يتوسط أعضاء الحكومة الكويتية الجديدة (كونا)
TT

أدت الحكومة الكويتية الجديدة التي يرأسها الشيخ جابر المبارك الصباح اليمين الدستورية أمام أمير الكويت أمس، بغياب المعارضة، التي تهيمن على مجلس الأمة، عن المشاركة فيها. كما تغيب المرأة لأول مرة منذ عام 2005.

ورفضت المعارضة هذه الحكومة، وهي الحكومة الثلاثين منذ الاستقلال، واتهمت رئيس الوزراء بالإبقاء على الشخصيات التي تصفها بأنها تمثل سببا للتأزيم. ويعقد مجلس الأمة المنتخب اليوم جلسته الأولى، ومن المتوقع أن يتم فيها انتخاب رئيس جديد للمجلس. ويتنافس على منصب الرئاسة كل من النائب أحمد السعدون ممثلا للمعارضة، والنائب محمد جاسم الصقر القريب من الحكومة. ويقول محللون كويتيون لـ«الشرق الأوسط» إن جلسة اليوم ستعطي مؤشرا لرغبة الطرفين (الحكومة والمعارضة) في ضبط خلافاتهما أو الذهاب لمواجهة مفتوحة من شأنها أن تعيد التأزم السياسي للبلاد.

وجاء إعلان الحكومة بعد فشل المحادثات بين رئيس الوزراء المكلف الشيخ جابر المبارك الصباح وممثلين عن المعارضة الكويتية التي تملك نحو 34 مقعدا في البرلمان، وتضم ثلاثة تيارات رئيسية هم «كتلة العمل الشعبي»، و«الحركة الدستورية الإسلامية» (إخوان مسلمون)، و«التجمع الإسلامي السلفي» (نهج)، وجاء فشل المحادثات بعد أن طالبت المعارضة بتسعة مقاعد؛ بينها مقعد للنائب شعيب المويزري، الذي تم تعيينه فعليا وزير دولة لشؤون الإسكان ولشؤون مجلس الأمة، وهو النائب الوحيد الذي دخل الحكومة.

وقالت المعارضة في بيان لها أول من أمس إنها وافقت على عرض تقدم به رئيس الوزراء للمشاركة في الحكومة، إلا أنها طالبت بتسع حقائب. وأشار البيان إلى أن رئيس الوزراء عرض ثلاث حقائب فقط، فرفضت المعارضة المشاركة.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن محادثات ممثلي المعارضة مع رئيس الحكومة المكلف مرت بحالات من الشد والجذب؛ كان أبرزها تراجع رئيس الوزراء عن تعيين النائب مشاري العنجري نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء، وعرض حقيبة الداخلية لأول مرة لوزير من خارج الأسرة الحاكمة هو شعيب المويزري، لكن هذه المبادرة لم تنجح بسبب ما قيل عن «ضغوط» تعرض لها الرئيس المكلف من داخل الأسرة.

وتواجه المعارضة مشكلة في قبول سقف أقل من الحقائب الوزارية لتعدد التكتلات داخلها، ومن شأن هذا القبول أن يسهم فعليا في تصدع المعارضة وتنازعها.

وقالت الدكتورة هيلة المكيمي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الطرفين؛ الحكومي والمعارضة، يتحملان مسؤولية فشل المشاركة في تشكيل الحكومة. وأضافت: «لا تريد المعارضة في هذا الوقت تحمل المسؤولية، ولذلك رفعت سقف مطالبها».

وترغب المعارضة في الحصول على عدد مقعدين لكل تكتل معارض داخلها، مع شروط؛ من بينها أن يكون الاقتراع لاختيار رئيس مجلس الأمة المقرر اليوم سريا وآليا، وأن تلتزم الحكومة الحياد أثناء التصويت، وأن يتم سحب قضية اقتحام مجلس الأمة التي وقعت في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من القضاء، مع إبعاد الشخصيات التي تراها المعارضة سببا للتأزيم من تولي أي حقائب وزارية، وكذلك اختيار سيدة من الشخصيات المحافظة عند الرغبة في توزير النساء، مع استبعاد تام لكونها غير محجبة.

وقال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع أمس إن «الحكومة الكويتية الجديدة يبدو أن عمرها سيكون قصيرا؛ إذ ليس في تكوينها ما يشير إلى إمكانية استمرارها، ويمكن القول إنها خالفت كل التوقعات». وقال مناع لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تشكيلة المجلس تشي بتوترات مقبلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وإن الحكومة الجديدة «لم تتلق دفعة من التعاون من قبل النواب الذين رفضوا تخفيض مطالبهم».

وانتقدت شخصيات في المعارضة التشكيل الحكومي، وتوقع النائب وليد الطبطبائي (سلفي) أن لا تعمر الحكومة كثيرا. وقال في بيان: «إنها حكومة أشبه بحكومة تصريف أعمال، وهي تضم عددا من الأعضاء من المرجح أن يتسببوا بأزمات، كما أن تشكيلها تم بنفس الأسلوب القديم». أما النائب الإسلامي محمد الدلال، فانتقد الإبقاء على وزير المالية نفسه. وقال النائب مبارك الوعلان إن التشكيلة الحكومية مخيبة للآمال وفيها وزراء تأزيم، وغاب عنها الانسجام بوصفها فريق عمل، متوقعا حدوث تصادم قريب معها، فـ«النهج والنفس واحد».

ويعود لمقاعد الحكومة عدد من وزراء شاركوا في حكومة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، وهم، بالإضافة لوزراء من الأسرة الحاكمة (الشيخ جابر المبارك، والشيخ أحمد الحمود، والشيخ صباح الخالد)، وزير المالية مصطفى الشمالي، وفاضل صفر (شيعيان)، وسالم الأذينة.

وينتظر الكويتيون اليوم انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الأمة؛ حيث تحتدم هناك معركة الرئاسة على أشدها بين تيارين؛ الأول تدعمه الحكومة ويتبنى النائب محمد جاسم الصقر وتحشد له القوى المتحالفة معها بالإضافة للوزراء دون الوزير شعيب المويزري، المحسوب على المعارضة الذي قد يُستثنى من التضامن الحكومي في جلسة التصويت. ويقابل الصقر مرشح المعارضة لرئاسة المجلس، النائب أحمد السعدون. وينظر لهذه المعركة على أنها فاصلة في علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت، كما أنها مؤشر لرغبة الحكومة في لجم خصومها أو الدخول في مواجهة مفتوحة معهم.

ومن غير المضمون أن تتمكن المعارضة من حجز مقعد الرئاسة للسعدون، خاصة بعد طلبها أن يكون التصويت سريا، وهو ما يرفع إمكانية أن تنجح الحكومة في «اختراق» المعارضة لصالح مرشحها، في حين قال المحلل عايد المناع لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه في المقابل «من غير المستبعد أن يصطف وزراء إلى جانب السعدون في عملية التصويت». ومن شأن تراخي الحكومة للسماح بفوز السعدون أن يعطي إشارة إيجابية للمعارضة، ورغبة في أن يتولى السعدون ضبط فريقه المعارض داخل قبة المجلس، لكن المناع يقول إن «جلوس السعدون على مقاعد النواب - دون الرئاسة - يعني مواجهة مفتوحة وطويلة مع الحكومة».

ويترأس جلسة اليوم رئيس السن النائب خالد السلطان (سلفي) باعتباره أكبر الأعضاء سنا (72 عاما)، ويلي السلطان في السن النائب أحمد السعدون (78 عاما).

وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أصدر أول من أمس مرسوما بتشكيل الحكومة بعد أقل من 24 ساعة من فشل المحادثات مع المعارضة، وتضم الحكومة 16 عضوا بينهم نائب منتخب واحد فقط، كما تضم عشرة وجوه جديدة، مع تغيير في حقيبتي النفط والدفاع.

وتم تعيين هاني حسين المسؤول السابق في مؤسسة البترول الكويتية وزيرا جديدا للنفط مكان محمد البصيري، وتعيين الشيخ أحمد خالد الصباح القائد السابق للأركان، وزيرا للدفاع، واحتفظ وزير المالية مصطفى الشمالي بحقيبته.

وإلى جانب رئيس الوزراء، تضم الحكومة أربعة أعضاء من الأسرة الحاكمة، وهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام. وكما فشلت المرأة الكويتية في دخول مجلس الأمة، أخفقت أيضا في الحصول على أي حقيبة وزارية، وهي المرة الأولى التي تغيب فيها المرأة عن الحكومة منذ عام 2005، وهو العام نفسه الذي نالت فيه النساء حق الترشح والاقتراع.

تشكيلة الحكومة الكويتية الجديدة

* تضم الحكومة عشرة وجوه جديدة من أصل 16 عضوا، وفي ما يلي تشكيلة أعضاء الحكومة الكويتية الثلاثين منذ الاستقلال:

- رئيس الوزراء: الشيخ جابر المبارك الصباح - النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الداخلية: الشيخ محمد الحمود الصباح - نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية: الشيخ صباح خالد الصباح - نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع: الشيخ أحمد خالد الصباح (جديد) - وزير النفط: هاني حسين (جديد) - وزير التربية والتعليم العالي: نايف الحجرف (جديد) - وزير التجارة والصناعة: أنس الصالح (جديد) - وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والعدل: جمال شهاب (جديد) - وزير المالية: مصطفى الشمالي - وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون التخطيط والتنمية: فاضل صفر - وزير المواصلات: سالم الأذينة - وزير الإعلام: الشيخ محمد مبارك الصباح (جديد) - وزير الشؤون الاجتماعية والعمل: أحمد الرجيب (جديد) - وزير دولة لشؤون الإسكان ولشؤون مجلس الأمة: شعيب المويزري (نائب منتخب جديد) - وزير الصحة: علي العبيدي (جديد) - وزير الكهرباء والماء ووزير دولة لشؤون البلدية: عبد العزيز عبد اللطيف الإبراهيم (جديد)