أثارت صورة لنائب نائم في مجلس الشعب جدلا كبيرا في مصر في أولى جلسات البرلمان، لكن هذا النائب لم يكن سوى وجيه الشيمي، النائب الكفيف الوحيد في البرلمان المصري؛ والأول منذ نحو 50 عاما حيث سبقه عميد الأدب العربي طه حسين عام 1950.
ونافس وجيه الشيمي في الانتخابات البرلمانية على رأس قائمة حزب النور السلفي في الدائرة الثانية بمحافظة الفيوم، حيث يقيم هو وأسرته في مدينة أبشواي، ويرافقه في حركته وتنقلاته منذ عامين صديق وتلميذ له، يصطحبه من منزله بالفيوم إلى القاهرة لحضور الجلسات.
يقول وجيه الشيمي (40 عاما)، لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لست كفيفا بالمعنى المتعارف عليه.. عندي فقط ضمور في العصب البصري ما يمنع وصول الصورة من العصب للمخ، وهو شيء وراثي نتيجة لزواج الأقارب بين والدي ووالدتي»، مضيفا بنبرة يملأها الثقة والتحدي «الموضوع برمته لا يؤثر على عملي أو أدائي البرلماني، بالعكس فهو يعطيني قوة، وأحيانا أكون سعيدا به ويسبب لي حافزا كي أسبق المبصرين.. ونحن لسنا معاقين ولكن متحدي الإعاقة لأن المعاق هو من لا يصل لهدفه».
وحول قدرته على أداء دوره البرلماني، قال الشيمي «الأهم هو البصيرة». وبينما كان أعضاء مجلس الشعب في فترة الاستراحة بين الجلسات، كان الشيمي يتناقش مع مواطن من دائرته في طلب له، وقال الشيمي: «كان لدي رغبة في المشاركة في برلمان الثورة كي أوصل صوت إخواني من الطبقة الكادحة والمتعبة إلى الجهات المختصة».
وأوضح الشيمي، الذي يحفظ القرآن الكريم ويحرص على إلقاء خطبة الجمعة في مسجد مختلف كل أسبوع للالتقاء بأهل دائرته، أن أهالي دائرته هم من دفعوه للترشح للبرلمان بعد ضغط كبير عليه، «الأهالي رشحوني للمجلس لأنني أستاذ شريعة، وقمت بأبحاث في المقارنة بين الفقه والشريعة، خاصة أن مصر مقبلة على مرحلة تشريعات وسن دستور جديد»، وسط جدل بين مناصري الدستور أولا أو الانتخابات الرئاسية أولا.
وعلق الشيمي على هذا الجدل، وهو عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، بقوله: «أنا مع الدستور أولا، ولكنني أناصر التعجيل بالترشح للرئاسة، من الأفضل أن يسير الاثنان في خطين متوازيين»؛ على أن يتم سن الدستور قبل الانتخابات الرئاسية مباشرة.
وأضاف الشيمي: «نحن في حزب النور نريد دولة مدنية.. مدنية بمعنى متحضرة يحكمها رجال مدنيون لا عسكريون، ولكن ضد أن تعني مدنية علمانية، ونحن نريدها دولة بمرجعية إسلامية».
وأضاف الشيمي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة الفيوم: «المصريون انتخبوا من يسعون لتطبيق الشريعة الإسلامية من السلفيين والإخوان.. ونتائج الانتخابات تؤكد ذلك».
ولا يضم البرلمان المصري سوى عشر سيدات، بينهن اثنتان بالتعيين، ثلاث فقط منهن ينتمين للتيار الإسلامي، وقال الشيمي إن «الأحزاب ذات المرجعية الدينية تعلم مكانة المرأة جيدا، وتعي أن للمرأة حقوقا لا ينبغي أن نتغافل عنها».
وشدد الشيمي على معارضته التسليم الفوري للسلطة من قبل المجلس العسكري لأن ذلك سيدخل مصر في دوامة، ومن يقوم بالرئاسة هل رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية العليا أو سلطة أخرى؟ بالإضافة إلى أن ذلك يعني مخالفة التعديلات الدستورية التي وافق عليها الشعب.
ومن خلال دوره البرلماني، يسعى الشيمي، الأب لثلاثة أبناء، لطرح قانون جديد للأسرة خاصة تعديل ما يتعلق برؤية الأبناء بالنسبة للمطلقين، وتعديل تحديد سن الزواج للإناث من 18 إلى 16 عاما، كذلك إلغاء قانون تجريم الختان، قائلا «أنا مع ترك الأمر كحرية شخصية مع وضع ضوابط له». ويعتبر البعض الشيمي ممثلا لذوي الاحتياجات الخاصة في البرلمان المصري، وهو ما يوضحه بأنه سيسعى لتشكيل لجنة جديدة ضمن لجان مجلس الشعب تسمى لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة، والسعي نحو تطبيق نسبة الـ5 في المائة المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة في الشركات والمصالح، كما قال إنه سيعمل على تضمين حقوق دستورية لهم في الدستور المصري.
وقبل أسبوع قام نائب ينتمي للتيارات الإسلامية بالأذان داخل البرلمان، وهو ما علق عليه الشيمي «لم أكن مع واقعة الأذان داخل البرلمان، الأخ أخطأ بالفعل لأن هناك مسجدا قريبا من القاعة؛ وكثيرون منا يصلون العصر جمع تقديم»، متابعا «بالإضافة إلى أنني أمرت بطاعة ولي الأمر، وهو في القاعة رئيس المجلس، ولا يجوز أن أفعل أي شيء إلا بإذنه».