أشرف ثابت لـ «الشرق الأوسط»: حادث بورسعيد مدبر ووزير الداخلية مهدد بالإقالة من منصبه

رئيس «تقصي الحقائق البرلمانية» بشأن مقتل مشجعي كرة القدم: التحقيقات قد تكشف عن تورط أسماء كبيرة

النائب أشرف ثابت (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

قال أشرف ثابت، رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في حادث مشجعي كرة القدم في بورسعيد بمصر، إن التحقيقات قد تكشف عن تورط أسماء كبيرة، مضيفا أن الحادث مدبر، وبسببه أصبح وزير الداخلية مهددا بالإقالة من منصبه.

ويشغل ثابت عضوية البرلمان عن حزب «النور» السلفي، ويتولى موقع وكيل مجلس الشعب. وأوضح في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الأمن سهّل ويسّر ومكّن من وقوع الأحداث بهذه الطريقة المفجعة، التي راح ضحيتها 80 قتيلا، بعدما اندلعت أعمال شغب أعقبت مباراة بين فريقي «الأهلي» و«المصري» مطلع هذا الشهر، كما أصيب المئات، في أسوأ أعمال عنف تشهدها الملاعب المصرية.

ويعتقد ثابت أن تحقيقات النيابة التي تجرى حاليا مع الكثير من المتهمين في الوقوف وراء الحادث، ستكشف عن مفاجآت للرأي العام، خاصة في ظل ما تردد عن ضلوع أسماء كبيرة سابقة من أعضاء الحزب الوطني المنحل، لكنه أوضح أنه لا يمكن الآن الكشف عن أي معلومات تخص أسماء أو مواقع هؤلاء حفاظا على سرية التحقيقات.

وفي ظل حالة الترقب التي يعيشها الشارع المصري إزاء نتائج تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي جاء في 17 صفحة، أشار ثابت إلى أن العقوبات الجنائية التي ستقع على المتهمين جنائيا لن تعفي آخرين من المعاقبة السياسية بسبب مسؤوليتهم عن هذه الأحداث، وعلى رأسهم وزير الداخلية الذي قد تتم إقالته من منصبه بتهمة الإهمال، إلى جانب بعض المحللين الرياضيين والإعلاميين الذين قاموا بإذكاء نيران الفتنة والتعصب بين جماهير الناديين.

وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* بعد عشرة أيام من عمل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، خرج التقرير الأولي لأحداث بورسعيد، فما أهم ما توصلت إليه أعمال اللجنة؟

- أربعة عناصر رئيسية، هي: الأمن الذي سهّل ويسّر ومكّن من وقوع الأحداث، خاصة في ظل معرفته بالوضع الأمني المختل قبل المباراة، والاتحاد المصري لكرة القدم، والنادي المصري، وهيئة استاد بورسعيد.. وخطاب إعلامي ساعد بشكل مباشر على إذكاء روح التعصب ما بين جماهير الناديين الأهلي والمصري، خاصة مع تزايد ثقافة الجماهير المتعصبة.

* كيف تأكدتم من تورط الأمن مباشرة في هذه الأحداث؟

- أوردت في التقرير 9 نقاط تدل على ذلك، لكن أكثرها فداحة هو التكليف الرسمي الذي كلف به أحد الضباط (ذكر اسمه) في الاستاد، حيث أعطى ثلاثة تكليفات في وقت واحد: الخدمة على بوابة الدخول، وتأمين دخول الجماهير إلى المدرج، وغلق الأبواب المؤدية إلى الملعب.. ولم يرد في الخطة أن يكون قريبا من بوابة المدرج لكي يفتح الأبواب لهم في حال وقوع كارثة. يضاف إلى هذا الخطأ وجود خطتين لتأمين المباراة في نفس اليوم الأول من فبراير (شباط) الحالي، وهذا غير منطقي، ويعني أن إحدى هاتين الخطتين مزورة. وعندما سألت أحد الضباط المكلفين عن تفاصيل الخطة، عرض علي خطة مختلفة تماما، وقال لنا إن الخطة الأمنية الرئيسية لم ترد إليهم، بل خطة أخرى، وكذلك كانت هناك شواهد كثيرة على خطورة الوضع قبل المباراة تغاضى الأمن عنها، منها اندلاع الكثير من المظاهرات الفئوية قبل المباراة، وتدخل فيها الألتراس (مشجعو كرة القدم) ولم يلتفت الأمن إلى إمكانية استخدام المباراة بعد ذلك لإشعال الفتنة من خلال هذه التحركات، فما شأن الألتراس بالسياسة؟!

* كم من الوقت يستغرق الوصول من البوابة الرئيسية إلى بوابة المدرجات التي حبس بها الجمهور، حيث كان من الممكن أن يقوم الضابط الذي يملك المفتاح بإنقاذ الجماهير؟

- لقد سألت الضابط المكلف بالفعل عن هذا التوقيت فقال لي 5 دقائق، في حين أن البوابة تم كسرها في ربع ساعة تقريبا وقام بها أحد الشبان (ذكر اسمه) بكسر قفل المدرج، وانفتحت البوابة أمام الجماهير ليموت هو تحت هذه البوابة من شدة التدافع.

* ولماذا «سهل ويسر ومكن» الأمن، كما تقول، من وقوع مجزرة بورسعيد؟

- نحن في التقرير كشفنا عن أنه سهل ويسر ومكن؛ لكن الإجابة عن سؤال «لماذا؟»، فهذا يخضع حاليا لتحقيقات النيابة العامة، وعلينا أن ننتظر الانتهاء من تحقيقات النيابة في هذا الشق للوصول إلى أدلة دامغة تبين ما إذا كان هناك تواطؤ أم لا.

* ترددت شائعات عن أن المخططين لأحداث بورسعيد مجموعة من أعضاء الحزب الوطني المنحل، فما صحة ذلك؟

- عندي معلومات، ولكن لا أستطيع الإفصاح عنها طالما لم تنته التحقيقات حفاظا على سريتها، وهذه المعلومات قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، إلى أن يثبت بالدليل القاطع من كان وراء المجزرة. ولدينا أكثر من خيط نسير وراءه حاليا للوصول إلى العقل المدبر لهذه المجزرة، وهناك أسماء كبيرة محل تحقق. ولدينا شهادات من شهود عيان على الأحداث قد تشير إلى تورط الأسماء الكبيرة، وهم قيد التحقيق الآن.

* وماذا عن مسؤولية كل من اتحاد الكرة والنادي المصري؟

- الاتحاد المصري لكرة القدم خالف لوائح «الفيفا» بخصوص تأمين المباريات، كما أن النادي المصري - وفقا للوائح «الفيفا» - يتحمل مسؤولية تضامنية عن الحادث، حيث لم يلتزم متطلبات السلامة والالتزام بالسعة ومنع دخول الجماهير التي تحمل بحوزتها أجساما صلبة وكشافات ليزر وأسلحة ولافتات عنصرية ضد الفريق المنافس. كما أن هيئة استاد بورسعيد هي المسؤولة عن لحام البابين الحديديين للاستاد، وذلك بالمخالفة للوائح «الفيفا» التي توجب أن يكون ملعب كرة القدم مستوفيا المواصفات الفنية والإنشائية.

* متى تم لحام بابي الخروج بالاستاد والخاصين بخروج الجماهير؟

- قبل المباراة بيومين.

* تردد أن حكم المباراة تعرض لتهديد مباشر لاستكمال المباراة على الرغم من وجود شواهد لتفجر الوضع بعد انتهائها؟

- غير صحيح.. ولقد سألت الحكم شخصيا حول هذه الشائعة، ولكنه قال لي إنه من الناحية الفنية لم يكن هناك أي موانع لإلغاء المباراة. وأحمد الله على أنه استكملها، لأن النية كانت مبيتة لإحداث المجزرة منذ البداية، فلو كانت ألغيت كان الجناة سيقولون إنه مجرد انفعال جماهيري نتيجة لإلغائها، وستكون المأساة أكبر وتضيع الحقيقة.

* لكن هذه الاتهامات تعني أن دم الضحايا تفرق ما بين الاتحاد والنادي والأمن وهيئة الاستاد، فمن سيعاقب إذن؟

- غير صحيح.. والشق الجنائي الذي تقوم عليه النيابة العامة حاليا لم يستكمل بعد، بالإضافة إلى أن عمل اللجنة لم ينته بعد. فهذا تقرير مبدئي، ولقد قمنا حتى الآن بسؤال 160 شاهدا، فضلا عن 100 آخرين حصلنا منهم على شهادات مكتوبة إزاء الأحداث. والتقرير النهائي سيصدر بعد أن تنتهي النيابة من تحقيقاتها.

* هل هذا يعني أن لجنتك توصلت إلى الجناة الحقيقيين؟

- نعم.. لقد توصلنا إلى الجناة، والمنقسمين ما بين بلطجية مدفوعين وبعض من جماهير الألتراس (المشجعين)، وهؤلاء من السهل الوصول إليهم من خلال شاشات التلفزيون وجماهير الألتراس أنفسهم، وسيقدمون للمحاكمة. ولقد قامت النيابة بضبط وإحضار الكثيرين بالفعل.

* قيل إن كلمة السر في الأحداث كانت «اللجان الشعبية».. هل هذا صحيح؟

- أشرت في التقرير إلى أنه قد يكون بعض أفراد اللجان الشعبية التي شكلت نفسها لحماية الأمن داخل المباراة متورطين في الأحداث، خاصة أن هناك وجوها غريبة عن جماهير الناديين دخلوا المباراة بشكل مفاجئ، وهذا ستثبت صحته تحقيقات النيابة لاحقا من خلال شهود الواقعة ومصابيها، خاصة أنهم دخلوا الملعب تحت بصر الأمن، ووجودهم لم يكن موضوعا في الخطة الأمنية الخاصة بتأمين المباراة كعامل مساعد.

* ما أسباب الوفيات للثمانين ضحية، خاصة أنه قيل إنهم استنشقوا غازات سامة؟

- ارتجاج بالمخ وكسر بقاع الجمجمة وإصابات قطعية بأسلحة بيضاء، فضلا عن اختناقات نتيجة التدافع واستخدام الشماريخ، وليس غازات سامة.

* هل صحيح أن هناك بعض الضحايا كان يتم إلقاؤهم من أعلى المدرجات؟

- نعم صحيح.

* هل تم شنق الطفل أنس محيي الدين، (14 عاما)، أحد جماهير النادي الأهلي، كما تردد؟

- وفقا للشهادات الحية.. لا، لم يحدث، وللأسف لم يتم تشريح أي جثة من جثث الضحايا.. وهذا عرف اجتماعي يجب تغييره لمعرفة الحقائق.

* هل أطلق رصاص حي في الاستاد باتجاه أي شخص؟

- إطلاقا.. لم يحدث.

* هناك تسريبات تشير إلى أن العدد الفعلي للقتلى يفوق المائتين، وأن بعضهم سجل تحت اسم «مفقودون»؟

- غير صحيح، والمفقودون الذين لم يعثر عليهم ذووهم قد يكون مقبوضا عليهم قيد التحقيقات الجنائية، لأن كل الوفيات تم حصرها، ولقد قابلت الكثير من المتهمين المقبوض عليهم على ذمة التحقيق، وبعضهم تم القبض عليه بشكل عشوائي من الشارع بعد الأحداث مباشرة. ولقد وجهت إنذارا للمباحث أنه لن يتم السكوت عن أي إجراء هدفه توجيه الاتهامات الجزافية لأشخاص غير معنيين بالأحداث.

* مدير أمن محافظة بورسعيد خرج بالأمس لينفي الإشارات الأولية لتقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي تقول إن الحادث مدبر؟

- فليقل ما يشاء، ولكن الشواهد كلها تشير إلى أنه حادث مدبر تماما.

* على من ستقع العقوبات بغض النظر عن الشق الجنائي المعني به النيابة العامة حاليا؟

- النادي المصري يجب أن يعاقب، وستوقع عليه عقوبات رادعة لأنه مسؤول عن جماهيره، وكذلك اتحاد الكرة المصرية، وجماهير النادي كذلك المتورطة في الأحداث. فلجنة تقصي الحقائق شكلها مجلس الشعب، وبالتالي فهي تمثل الشعب للتحقيق في هذه المأساة، لذلك سنقدم كل من ساهم وشارك في هذه الجريمة للعقاب الرادع. وهناك محاسبة سياسية ستقع على جميع المتورطين بناء على نتائج لجنة التقصي، ولا علاقة لها بالتحقيقات الجنائية التي تقوم بها النيابة العامة الآن.

*هل من الممكن أن تطول المساءلة السياسية وزير الداخلية المصري باعتباره مسؤول الأمن الأول؟

- إن أول من ستقع عليهم المسؤولية السياسية هو وزير الداخلية، ويمكن أن تتم إقالته بسبب هذه الأحداث. وهذه المحاسبة السياسية ستكون نتيجة للتقصير في هذه الأحداث بعيدا عن المسؤولية الجنائية، وسيتخذ هذا القرار بعد استجلاء باقي الحقائق وانتهاء النيابة من عملها. كما سيتعرض للمحاسبة السياسية بعض من المحللين الرياضيين الذين فتحوا برامجهم لتصفية الحسابات، وقاموا بإشعال المزيد من الحرائق عن طريق زيادة حالة الاحتقان بين جماهير الناديين التي أدت لهذه الكارثة. وسنعلن للرأي العام في التقرير النهائي للجنة أسماء هؤلاء، لكي يعرف الناس أنهم تورطوا بأسلوبهم الإعلامي الرديء في وقوع الحادث.