وزير الداخلية المغربي يتهم بعض الجهات بتأجيج أحداث تازة.. وتلميحات إلى تورط «العدل والإحسان»

وزير العدل ينتقد تراجع ثقافة الاحتجاج السلمي في البلاد لصالح العنفي

TT

اتهم محند العنصر، وزير الداخلية المغربي، جهات لم يسمها بـ«تسييس» الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها مدينة تازة (شرق) في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، مشيرا إلى أن «هناك جهات معينة لها أجندة خاصة كانت وراء استغلال وتأجيج هذه الأحداث، وأن السلطات بصدد التحقيق حول هذا الأمر». وقال العنصر أيضا إن مجموعة صغيرة من الطلاب استعملوا العنف لمنع إجراء الامتحانات في كليات المدينة، لكنه أشار إلى أن نطاق الأحداث لم يتجاوز كيلومترا مربعا.

وفي سياق ذي صلة، انتقد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي، تراجع ثقافة الاحتجاج السلمي في المغرب لصالح الاحتجاج عن طريق العنف، ودعا إلى فتح نقاش عام حول الموضوع، مشيرا إلى أن هناك فئات متزايدة أصبحت تلجأ إلى العنف من أجل تحقيق مطالبها، وأن هذا العنف يستهدف المؤسسات الحكومية، ويستهدف الذات في كثير من الأحيان، في إشارة إلى عمليات الانتحار التي يلجأ إليها محتجون، وتتسبب في وفاة عدد منهم. وكان رسميون قد لمحوا إلى وقوف جماعة العدل والإحسان الأصولية المحظورة وراء تأجيج الاحتجاجات في مدينة تازة، إلا أن الجماعة نفت ذلك.

وكانت أحداث شغب اندلعت كذلك في مدينة بني ملال الأحد الماضي، بعد تدخل قوات الأمن لتفريق مظاهرة احتجاج نظمها منتمون إلى «حركة 20 فبراير» الشبابية. وذكر مصدر طبي أن عناصر من الشرطة والقوات المساعدة (حرس بلدي) وعددا من الأشخاص أصيبوا بجروح مختلفة جراء المصادمات التي وقعت بين قوات الأمن والمتظاهرين، نقلوا على أثرها إلى المستشفى الإقليمي بالمدينة. كما أعلن عن إيقاف عدد من المتورطين في الأحداث، وشهد أحد أحياء مدينة سلا المجاورة للرباط أول من أمس مناوشات بين قوات الأمن ومحتجين بسبب هدم السلطات لمساكن عشوائية.

إلى ذلك، أصدرت المحكمة الابتدائية بتازة صباح أمس أحكاما ضد 13 متهما متابعين لتورطهم في أعمال الشغب التي وقعت بمنطقة الكوشة في المدينة، بلغ مجموعها 95 شهرا سجنا، وتراوحت بين السجن النافذ وعقوبة السجن موقوفة التنفيذ، حيث قضت هيئة المحكمة بالسجن موقوف التنفيذ لمدة خمسة أشهر في حق سبعة متابعين في هذا الملف مع أداء غرامة مالية قدرها 3000 درهم (375 دولارا) لكل واحد منهم، بينما قضت في حق ستة متهمين آخرين بالسجن النافذ لمدة 10 أشهر مع أداء غرامة مالية تصل إلى 1000 درهم (125 دولارا) لكل واحد منهم.

وتابعت المحكمة المتهمين الذين كانوا يدافع عنهم 20 محاميا بعدة تهم، من بينها رشق قوات الأمن بالحجارة وتخريب ممتلكات عامة وتهديد الأمن العام وإهانة موظفين حكوميين أثناء أدائهم لواجبهم، بالإضافة إلى الضرب والجرح واستغلال قاصرين واستعمال السلاح الأبيض.

وأوضح العنصر، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية في مجلس النواب، في أول جلسة يعقدها خصصت للرد على أسئلة نواب الأغلبية والمعارضة حول عدد من القضايا، أن طرق معالجة هذا النوع من الاحتجاجات ينبغي أن تتم على أساس أن مبدأ التظاهر السلمي هو حق مكفول للجميع، وعن طريق الحوار المستمر والمسؤول، مبرزا أن المدن المغربية تعرف يوميا احتجاجات ومطالب، غير أن تدخل قوات الأمن يتم لتطبيق القانون في حالات احتلال الأمكنة العامة، وتخريب الممتلكات، والمس برموز الدولة.

وانتقد العنصر مواقع إلكترونية محلية، وقال إنها سعت إلى تضخيم تلك الأحداث التي لم تتجاوز حي الكوشة وبعض الأحياء المجاورة له، موضحا أن الأحداث أسفرت عن إصابة 94 رجل أمن و18 متظاهرا تلقوا العلاج، مشيرا إلى أنه لم تحدث وفيات خلال الأحداث.

وأعلن العنصر أن الحكومة شكلت لجنة تضم مسؤولين حكوميين ونوابا برلمانيين يمثلون السكان وأعضاء مجالس بلدية من أجل إيجاد الحلول لبعض المشاكل الاجتماعية الملحة، والتفكير في حلول ملائمة للقضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى مزيد من الوقت، موضحا أن الدولة «لا تؤمن بالمقاربة الأمنية».

بدوره، قال الرميد في الجلسة نفسها، إن العنف يعرقل مسار التنمية، ولا يمكن أن تكون هناك استثمارات توفر مناصب عمل في مناخ يطبعه الاضطراب، مشيرا إلى أن السلطات القضائية أجرت تحرياتها بهدوء وروية بشأن أحداث تازة ولم تباشر الاعتقالات التي كانت محدودة إلا بعد مدة وبعد توافر معطيات كافية لتوجيه الاتهام للمتورطين بناء على شهادات الشهود والتسجيلات المصورة، وذلك حرصا على توفير جميع ضمانات المحاكمة العادلة.

وأوضح الرميد أنه تم إيقاف أربعة أشخاص بسبب أحداث تازة بتهمة إهانة موظفين حكوميين أثناء قيامهم بمهامهم، والسرقة، كما تم توقيف شخص آخر بجناية المشاركة في إضرام النار في سيارة شرطة وعرقلة الطريق العام، إلى جانب 13 شخصا بتهمة العصيان وإهانة موظفين. فيما تم الحكم على خمسة أشخاص بمدد تتراوح ما بين ثلاثة وأربعة أشهر سجنا موقوفة التنفيذ، وذلك بتهمة إهانة هيئة منظمة وموظفين حكوميين وعرقلة الطريق العام.