مفاوضات أميركا مع طالبان معادلات مليئة بالنقاط المجهولة

واشنطن قد تطلق سجناء كبادرة حسن نية.. لكنها تعاني من غموض نيات المتمردين

أفغانيات يعملن مع الشرطة، يقفن إلى جانب نظرائهن الرجال، بمناسبة عرض أسلحة وذخائر تمت مصادرتها، أمام وسائل الإعلام في ولاية هلمند الجنوبية أمس (أ.ب)
TT

بدأت واشنطن محادثات استكشافية مع طالبان تهدف إلى فتح مفاوضات سلام برعاية الحكومة الأفغانية، لكنها تصطدم بعدة عقبات، على رأسها غموض نيات الحركة الأفغانية.

وفي مؤشر على النشاط الدبلوماسي، أرسلت الولايات المتحدة مؤخرا مبعوثها الخاص إلى المنطقة مارك غروسمان، الذي التقى حسب مسؤول أفغاني ممثلين عن المتمردين في قطر، حيث تدرس إمكانية إقامة مكتب لطالبان ليكون قاعدة لمفاوضات. وقال محللون إن من الواضح أن الأميركيين يرغبون في ترك كابل تنظم المفاوضات وإنهاء انسحابهم من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014، لكن واشنطن ما زالت تجهل نيات طالبان.

فهل تبدو طالبان مستعدة لمحاورة الرئيس حميد كرزاي وهي التي تتهمه بأنه دمية بيد الأميركيين؟ أم أنها لا تسعى سوى إلى انسحاب سريع لكل القوات الأجنبية من أفغانستان؟ وبانتظار الحصول على ردود، تلتزم الولايات المتحدة «حذرا كبيرا وتبقى توقعاتها متواضعة»، على حد تعبير بروس ريدل العميل السابق في الـ«سي آي إيه» والخبير في شؤون جنوب آسيا. ويقول ريدل الخبير في معهد «بروكينغز» (مركز أبحاث بارز في واشنطن) إن «الأهم من ذلك هو أنهم لا يستطيعون الحصول على ردود قبل بعض الوقت». والقضية الأخرى التي يجب تسويتها برأيه هي: هل الجيش الباكستاني الذي يتمتع بنفوذ «هائل» على قادة طالبان «مهتم» فعلا «بعملية تفاوض سياسي حقيقية»؟

وتلاحظ وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها، نقلا عن محليين، أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ترغب من أجل اختبار حسن نية طالبان في الحصول على «وقف لإطلاق النار في مناطقهم»، وتدرس إمكانية الإفراج عن خمسة معتقلين أفغان من سجن غوانتانامو للبرهنة على حسن نيتها. لكن ريدل أكد أن هذه النقطة الأخيرة «قضية سياسية داخلية حساسة جدا في الولايات المتحدة قبل سنة من الانتخابات»، التي يسعى فيها الرئيس باراك أوباما لشغل المنصب لولاية ثانية.

وصرح أشلي تيليس المحلل في مؤسسة «كارنيغي» للسلام بأنه «سيكون من السابق لأوانه» نقل هؤلاء المعتقلين قبل أن تعبر طالبان بوضوح عن اهتمامها بمفاوضات سلام. وأضاف أن الولايات المتحدة تريد التوصل إلى اتفاق مع طالبان قبل نهاية عام 2014، «لكني لا أعرف إذا كان هناك أي شخص في الحكومة يعتقد أن اتفاقا من هذا النوع ممكن خلال هذه الفترة». وتابع أن «إحدى القضايا الأساسية هي معرفة ما إذا كانت طالبان مستعدة لقبول الدستور الأفغاني» وحقوق النساء التي ينص عليها.

وقال الخبير نفسه إن الصعوبة الأخرى تكمن في السؤال: «كيف يمكن تطبيق» وقف لإطلاق النار من قبل طالبان إذا كانت تضم هذا العدد الكبير من الفصائل؟ وأضاف: «كيف يمكن لطالبان أن تقبل بعملية مصالحة تقضي بقبول بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان عبر وجود عسكري (لما يتبقى من القوات) بعد عام 2014؟». إلا أن ستيف كول رئيس مؤسسة «نيو أميركا»، المركز الفكري الأميركي، قال إنه على الرغم من كل هذه النقاط المجهولة «فمن الممكن أن يقتنع جزء من طالبان». وأضاف أن المتمردين قد يقبلون مثلا بتقاسم السلطة في الإدارات المركزية والولايات.

ولهذه المحادثات جانب إيجابي آخر. ويقول تيليس إن «الإدارة (الأميركية) تعتقد للمرة الأولى أنها تناقش مع الأشخاص المناسبين»، أي مع ممثلي الملا محمد عمر زعيم طالبان.