بريطانيا: محاولات سياسية لاحتواء العنصرية في الملاعب

مخاوف من تأثيرها على سمعة الألعاب الأولمبية التي تحتضنها لندن

لاعب «مانتشستر يونايتد» ايفرا (اليمين) يحاول مصافحة سوارز السبت الماضي (أ.ب)
TT

يسعى السياسيون في بريطانيا تطهير سمعة الرياضة خوفا من أن تؤثر حوادث العنصرية على صورة اللعبة، لا سيما خلال هذه الفترة التي تسبق انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في لندن، المنتظرة في يوليو (تموز) المقبل. وسيقوم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير الرياضة جيرمي هانت بعقد اجتماع الأسبوع القادم مع عدد من الشخصيات الرياضية البارزة لمناقشة ظاهرة العنصرية. وتأتي هذه الخطوة على خلفية تزايد حوادث العنصرية في الملاعب الإنجليزية التي أججتها حادثة لاعب ليفربول لويس سواريز، بعد رفضه مصافحة لاعب مانشستر يونايتد الأسود باتريك إيفرا قبل مباراة متلفزة على ملعب «أولد ترافورد»، بمدينة مانشستر.

وكانت لجنة الانضباط في الاتحاد الإنجليزي قد أوقفت اللاعب سواريز 8 مباريات، وغرم بمبلغ 40 ألف جنيه، على أعقاب توجيهه ألفاظا عنصرية ضد مدافع فريق مانشستر يونايتد، الفرنسي إيفرا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ورغم أن سواريز الذي يبلغ (25 عاما) عبر عن استعداده لمصافحة إيفرا بعد عودته من الإيقاف، فإنه رفض ذلك خلال المباراة التي جمعتهما يوم الأحد الماضي مما شكل صدمة لدى المشاهدين.

يمكن القول بأن الحادثة لا تعد الأولى التي يتعرض لها لاعب لسلوك عنصري، فقبل أسابيع جرد قائد فريق تشيلسي اللاعب جون تيري من شارة قيادة المنتخب لاتهامه من قبل النيابة العامة في بريطانيا بـ«الإضرار بالأمن العام بسبب توجيهه لعبارات عنصرية صارخة» ضد مدافع كوينز بارك رينجرز أنتون فرديناند في إحدى مباريات الدوري الإنجليزي.

وفي هذا الصدد عبر رئيس الوزراء البريطاني كاميرون عن قلقه من الأحداث الأخيرة قائلا: «لن نتسامح مع العنصرية في بريطانيا. فليس لها مكان في مجتمعنا. وحيثما وجدت، سنطردها» بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، مضيفا بأنه يريد أن يرى المزيد من الرياضيين السود يمارسون اللعبة على أعلى مستوى. في حين حذر وزير الثقافة جيرمي هانت، أن كرة القدم لا يجب أن تعود إلى «الأيام القديمة السيئة» - يقصد حقبة الثمانينات التي استشرت خلالها جذور العنصرية.

هذا وينتظر أن تلعب قمة داونينغ ستريت، التي ستضم مسؤولين وملاك أندية وممثلين عن لاعبين، دورا في الحد من مظاهر العنصرية على ملاعب كرة القدم.

من جانب آخر، تقوم بريطانيا بخطوات كبيرة في تغيير مواقف التمييز العنصري، وخصوصا على صعيد الرياضة، الذي بدأت فيه هذه الظاهرة منذ الثلاثينات من القرن الماضي إذ ينظر للرياضيين كعوامل مؤثرة في المجتمع، فمثلا، قامت جمعية أنصار كرة القدم (FSA) بإطلاق مبادرة في محاولة لتشجيع المزيد من الناس من الأقليات العرقية لحضور المباريات. هذا من جانب، أما من جانب آخر، فالأحداث العنصرية لا تحظى بالتعاطف من الصحافة والمجتمع بشكل عام. ووصف المدير الفني لـ«مانشستر يونايتد»، أليكس فيرجسون اللاعب سواريز، بأنه «عار» على تاريخ ليفربول. أما الصحافة فيظهر استهجانها واضحا للسلوك العنصري في الملاعب. وصورت صحيفة «ديلي ميرور» البريطانية اللاعب في صدر صفحتها الأولى وكتبت عنوان «مذنب»، بالمقابل، اختارت صحيفة «ديلي اكسبريس» كلمة «محظور» لوصفه.

ولكن، ورغم الجهود الرامية إلى استئصال العنصرية فقد تورط لاعبون كثر بها على مر التاريخ في بريطانيا، كما اختلفت حدتها بين عقد وآخر. وغالبا ما يتعرض اللاعبون ذوو البشرة الداكنة لأشكال العنصرية. ففي عام 1930 تعرض لاعب إيفرتون إف سي، ديكسي دين، إلى تعليقات عنصرية تلفظ بها أحد الجمهور فيما كان مغادرا المعلب حيث قام اللاعب بركله بعد أن استشاط غضبا. أما اللاعب روجر فيردي، وهو من أصول هندية فقد اضطر لتغيير اسمه من راجندر فيردي بسبب العنصرية. وفي السبعينات، عانى ظهير فريق نوتينغهام فوريست، فيف فوريست، من التمييز بسبب لونه حتى أنه تعرض للرشق بالتفاح والكمثرى من أنصار فريق نيوكاسيل.

وتعد فترة الثمانينات من أكثر الفترات التي شهدت تأججا للسلوك العنصري. حيث تعرض لاعب فريق وست بروميتش البيون كيرل ريغز، مرارا لهتافات من قبل مشجعي فيرق نيوكاسيل تصفه بأنه «قرد». كما أرسلت إليه رصاصة بالبريد حينما علم بأنه استدعي للانضمام إلى صفوف المنتخب.