الكويت: الأمير يدعو للوحدة.. وانتخاب السعدون رئيسا للمجلس

جابر المبارك: حزمة تشريعات مقبلة لحماية الوحدة الوطنية.. وإجراءات لمكافحة الفساد

أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح لدى وصوله لمبنى البرلمان أمس (أ.ب)
TT

دعا الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت، أمس، أعضاء مجلس الأمة، الذي تهيمن عليه المعارضة، للتعاون مع الحكومة من أجل تجاوز التحديات التي تواجهها الكويت، في حين أعلن الشيخ جابر المبارك الصباح أن يد حكومته «ممدودة للتعاون الإيجابي مع مجلس الأمة».

كما شدد أمير الكويت، ورئيس الحكومة على حماية الوحدة الوطنية. وقال الشيخ صباح الأحمد إن الكويت تعرضت في الآونة الأخيرة لأعمال غير مسبوقة «تشكل انتهاكا صارخا للقانون»، في حين أعلن الشيخ جابر المبارك أن «الحكومة تعكف على إعداد حزمة من التشريعات والإجراءات بهدف حماية وحدتنا الوطنية».

وكما كان متوقعا، انتُخب البرلماني الكويتي المخضرم، أحمد السعدون، أحد أعضاء التكتل الشعبي المعارض، رئيسا لمجلس الأمة، بحصوله على 38 صوتا مقابل 26 لمنافسه الوحيد محمد جاسم الصقر الذي يمثل التيار الليبرالي. وشارك في التصويت 64 عضوا هم مجموع أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يعتبر وزراء الحكومة أعضاء في المجلس بحكم وظائفهم، وبدون وجود ورقة باطلة.

كما انتخب النائب خالد السلطان (سلفي) نائبا لرئيس مجلس الأمة بعد حصوله على 35 صوتا، مقابل 24 صوتا حصل عليها منافسه النائب عدنان عبد الصمد، ومنافسه الآخر النائب عبيد الوسمي الذي حاز على 6 أصوات. وانتخب النائب عبد الله البرغش لمنصب أمين سر المجلس بعد حصوله على 34 صوتا مقابل 30 صوتا حصل عليها النائب رياض العدساني، وحصل النائب فيصل اليحيى على منصب مراقب المجلس بالتزكية.

وافتتح أمس دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة، الذي حققت فيه المعارضة التي يقودها الإسلاميون فوزا ساحقا، ليرتفع رصيدها إلى 34 مقعدا بعد أن كانت تهيمن في المجلس السابق على نحو 20 مقعدا. وحققت المعارضة هذه النتيجة غير المسبوقة في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية بعد صراع مرير مع الحكومة، وعلى وقع اتهامات بالفساد.

وقد أسفرت الأزمات السياسية المتتالية، لا سيما الخلافات بين البرلمان والحكومة، منذ العام 2006، عن حل البرلمان أربع مرات وتشكيل ثماني حكومات مختلفة. وفي كلمته في افتتاح الدورة البرلمانية، دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مجلس الأمة إلى التعاون مع الحكومة من أجل تجاوز التحديات التي تواجهها الكويت. كما أعلن الدعوة إلى مؤتمر شبابي وطني، الأمر الذي يأتي في أعقاب حراك سياسي شبابي غير مسبوق.

وقال الشيخ صباح الأحمد إن الكويت تواجه «جملة من التحديات الداخلية والأخطار الخارجية التي تعرقل مسيرتها»، وقال مخاطبا النواب «إن التصدي لهذه التحديات والأخطار يجب أن يتصدر أولويات أعمالكم ويأخذ جل اهتمامكم، فالوحدة الوطنية وتعزيزها وترسيخ مقوماتها ومحاربة الفتنة والفرقة وتسخير وسائل الإعلام المختلفة للقيام برسالتها السامية بدون انحراف أو تأجيج مع الحرص على عدم المساس بالحقوق الأساسية والحريات العامة، يجب أن يكون شغلكم الشاغل على الدوام وكذلك تأكيد حرمة المال العام ومبدأ النزاهة والأمانة والشفافية ومكافحة الفساد».

ودعا النواب للاهتمام بإصلاح «الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني وذلك بتنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل منتجة لأبنائنا». وقال أمير الكويت مخاطبا النواب «تعرض وطننا وأمننا في الآونة الأخيرة لأعمال غير مسبوقة ليست من الحرية ولا تمت للديمقراطية بصلة وإنما تشكل انتهاكا صارخا للقانون وتنافي قيم الكويت وطبائع أهلها وتنذر بشر كبير وتهدد بإحراق ديرتنا».

وأضاف: «نرفض رفضا قاطعا المس بكرامة الناس أو تجريحهم أو الإساءة إليهم، فليس هذا من الحرية أو الشجاعة، كما نرفض رفضا قاطعا أي خروج على القانون أو محاولة لأن يأخذ أحد حقه بيده أو يضع القانون بين يديه مهما ظن أنه صاحب حق أو أن قضيته عادلة». وقال الأمير «لقد وجهت الحكومة لاتخاذ كافة الاستعدادات والتدابير اللازمة للحفاظ على أمن الوطن وصيانة ثوابته وحماية استقراره».

ودعا أمير الكويت السلطتين التشريعية والتنفيذية للتعاون في المرحلة المقبلة وقال «ندعوكم أن تقوموا بدور إيجابي فعال لمسؤولية التشريع لها والرقابة الجادة على تنفيذها، متعاونين مع إخوانكم في السلطة التنفيذية، مخلصين التفكير والعمل لمصلحة الكويت، تحترمون الدستور والقانون وتحافظون على المال العام وتقبلون حق الاختلاف وتفضلون قوة الحجة على علو الصوت، بعيدين عن الشطط والانفعال».

من جانبه، أكد الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس الحكومة الكويتية في كلمته أمام مجلس الأمة أمس أن «يد الحكومة ممدودة للتعاون الإيجابي مع مجلس الأمة للتصدي للقضايا الجوهرية ومعالجة القضايا والمشكلات القائمة والنهوض بالكويت وتحقيق رفعتها وتقدمها».

وقال الشيخ جابر المبارك إن حكومته عازمة على «بذل قصارى الجهد بالتعاون مع أعضاء مجلس الأمة من أجل ترجمة توجيهات أمير البلاد».

ودعا رئيس الحكومة النواب لحماية الوحدة الوطنية، مبديا أسفه على «ما شهدته الساحة المحلية مؤخرا من مظاهر وممارسات مؤسفة تنطوي على مساس مرفوض بنسيج مجتمعنا الكويتي ومكوناته». وقال إن «الحكومة تعكف على إعداد حزمة من التشريعات والإجراءات بهدف حماية وحدتنا الوطنية». وقال الشيخ جابر إنه سيتقدم قريبا للمجلس ببرنامج حكومته، معلنا أن هذا البرنامج سيكون «متوافقا مع خطة التنمية المعتمدة ومشتملا على الأدوات والبرامج التنفيذية والزمنية لتنفيذ رؤى الحكومة». وقال إن من ملامح هذا البرنامج «إعداد مشروعات القوانين اللازمة للمحافظة على مقومات الوحدة الوطنية ولضمان نزاهة العملية الانتخابية وتنظيم الحملات الانتخابية». وأعلن الشيخ جابر المبارك التزام حكومته «بمكافحة الفساد ومنعه ودرء مخاطره وملاحقة مرتكبيه واسترداد الأموال والعائدات الناتجة عنه وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية وإرساء مبدأ الشفافية والنزاهة في المعاملات الاقتصادية والمالية والإدارية وتحقيق المساواة وتعزيز الدور الرقابي».

كما أعلن عن نية حكومته إعادة النظر في مشروع القانون الذي قدمته الحكومة إلى مجلس الأمة في شأن إنشاء هيئة مكافحة الفساد بما يهدف إلى استيعابه للنصوص القانونية التي تتيح الكشف عن الذمة المالية، استكمالا لمنظومة الشفافية ومكافحة الفساد ومعالجة تعارض المصالح وحماية المبلغ، وأيضا العقوبات المقررة على مخالفة أحكامه.