باكستان تلعب ورقة التهدئة وتقترح وساطة في النزاع الأفغاني

زرداري يرأس قمة مع نظيريه الأفغاني والإيراني في إسلام آباد اليوم

رجل يتحدث عبر هاتفه الجوال أمام صور عملاقة للرؤساء (من اليمين) زرداري ونجاد وكرزاي ورئيس الوزراء جيلاني، بإسلام آباد أمس، عشية القمة الثلاثية المرتقبة اليوم (رويترز)
TT

بعد سنة من التوتر الشديد مع واشنطن وكابل، ضاعفت باكستان مؤشرات التهدئة والمبادرات الدبلوماسية لضمان موقع مركزي في عملية السلام مع حركة طالبان الأفغانية. وتحاول إسلام آباد اليوم استعادة المبادرة، عازمة على طي صفحة عام 2011 التي أضرت إلى حد كبير بسمعتها، خصوصا بعد اكتشاف أن أسامة بن لادن كان يختبئ على أراضيها لسنوات طويلة قبل أن تقتله القوات الأميركية الخاصة في مايو (أيار) الماضي.

ويبدو أن باكستان مصممة خصوصا على لعب دور في عملية السلام في أفغانستان، مغتنمة فرصة الانفتاح الدبلوماسي الذي أعلنته طالبان التي أعربت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن موافقتها التفاوض بشروط في قطر مع الأميركيين الذين يقودون القوة الدولية المساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان لحلف الأطلسي ويدعمون حكومة كابل الموالية للغرب.

شكل ذلك أول خطوة انفتاح خلال عشر سنوات من نزاع دامٍ، ساهم أيضا في زعزعة استقرار باكستان التي تتقاسم حدودا مع جارتها الأفغانية يبلغ طولها ألفي كيلومتر. وبعد الاجتياح الغربي الذي أطاح بنظام طالبان نهاية 2001، فر الآلاف من مقاتلي طالبان و«القاعدة» من أفغانستان إلى باكستان حيث ساهموا في إنشاء حركة تمرد أسفرت هجماتها عن سقوط أكثر من خمسة آلاف قتيل.

ورغم أنه يتخبط في بلاده في مشاكل قضائية قد تكلفه منصبه كرئيس وزراء، قضى يوسف رضا جيلاني الأسبوع الماضي ثلاثة أيام في قطر. وسيرأس الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري اليوم (الخميس) في إسلام آباد قمة بين أفغانستان وإيران وباكستان تدوم ثلاثة أيام.

كما أرسلت باكستان إشارات إيجابية إلى الولايات المتحدة، المتدهورة علاقاتهما أصلا، حتى بلغت أدنى مستوى في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد قصف أطلسي أسفر عن سقوط 24 جنديا باكستانيا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها حول الموضوع أمس، عن قائد عسكري باكستاني كبير طلب عدم ذكر اسمه قوله إن «هناك شعورا مشتركا مع الأميركيين حول ضرورة تحسن الوضع. كل طرف أدرك أنه في حاجة إلى الآخر من أجل استقرار المنطقة».

ويشتبه في أن باكستان التي كانت من أقرب حلفاء طالبان القلائل عندما كانت تحكم كابل (1996-2001)، تدعم منذ زمن طويل حركة التمرد الأفغانية وتعد لعودتها إلى الحكم بعد رحيل القوات الأطلسية المقاتلة المقررة نهاية 2014. لكن المسؤول العسكري الباكستاني يرى أن إسلام آباد أصبحت تتطلع اليوم إلى «اتفاق سلام يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في أفغانستان، تمثل بشكل نسبي مختلف العرقيات وتشمل طالبان». وأكد أن «حكومة تشكلها طالبان وحدها قد تتسبب في حرب أهلية وتصدر العنف إلينا، وهذا ما نريد تفاديه».

وأصبحت إسلام آباد لا توافق على انسحاب غربي كامل وسريع من أفغانستان حتى أن سفير باكستان في أفغانستان رستم شاه محمد أكد أنه «يخشى أن تعم الفوضى في أفغانستان».

إلا أن بعضهم يشكك في صدق الجيش الباكستاني رغم أن باكستان هي الطرف الأكثر نفوذا في البلاد. وقال مسؤول كبير في ولاية خيبر بختونخوا (شمال غرب) المجاورة لأفغانستان: «إنه مجرد تجميل. الوقت يلعب لصالح طالبان مع اقتراب الانسحاب الغربي، وسياسة باكستان تدعم دائما عودتهم إلى الحكم».

لكن الصحافي الباكستاني رحيم الله يوسف زاي المتخصص في النزاع الأفغاني لا يشك في صدق باكستان بقدر ما يشك في موافقة طالبان على تقاسم السلطة فعلا في أفغانستان. ويقول: «لا أتوقع أن تقبله طالبان». وأكد القائد العسكري الباكستاني أن إسلام آباد مستعدة أن تلعب دور الوسيط «وتمرر رسائل» إلى المتمردين الأفغان تدعو إلى السلام وخصوصا إلى شبكة حقاني القريبة منها تاريخيا لكنه لا يتصور التوصل إلى نتيجة قبل «سنتين أو ثلاث علما بأنه لم ينجز أي شيء اليوم».