قوات الأمن تداهم أحياء دمشق وتطلق النار عشوائيا في حلب

القصف العنيف مستمر في حمص ودرعا وحماه.. والعثور على 19 جثة في إدلب

صورة لسيارة تحترق أمس بعد قصف حمص من طرف النظام السوري (أ.ف.ب)
TT

استكملت قوات النظام السورية أمس حملتها الأمنية في حي برزة في العاصمة دمشق، لليوم الثاني على التوالي، لتشمل حي القابون المجاور، وتمركزت منذ ساعات الصباح ناقلات جند وآليات عسكرية مدرعة في ظل حملة مداهمات نفذتها قوات الأمن داخل الحي ورافقتها سيارات رباعية الدفع.

وذكرت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا أن «قوات الأمن والشبيحة هاجمت المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرة تشييع في حي المزة، وقطعت الشرطة العسكرية اتوستراد المزة عند طلعة الإسكان، فيما تمركزت أربع سيارات مسلحة عند مشفى الرازي ولاحقت المتظاهرين».

وفي حلب، أفادت «لجان التنسيق» بأن «قوات الأمن والشبيحة أطلقت النار بشكل عشوائي في المدينة عقب صلاة الفجر لترويع الأهالي، وقامت بنهب محال غذائية وأجهزة هواتف جوالة، كما اقتحمت عددا من المنازل وفرضت حالة منع تجول، في ظل إطلاق القناصة النار على كل من يخالف ذلك».

كما استمرت حملات المداهمة والاعتقال في العاصمة السورية دمشق وريفها، في وقت قال فيه ناشطون إن أكثر من 46 قتيلا سقطوا في مناطق عدة من البلاد، مع استمرار القصف على حيي بابا عمرو والإنشاءات في مدينة حمص لليوم الثالث عشر على التوالي، واشتداد حملات العمليات الأمنية على مدينة درعا وقراها، وتصاعد توتر الأوضاع في محافظتي حماه وإدلب اللتين شهدتا عمليات عسكرية عنيفة خلال اليومين الماضيين.

ودعا الناشطون السوريون إلى التظاهر تحت شعار «جمعة المقاومة الشعبية.. بداية مرحلة»، وكتبوا على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على موقع «فيس بوك»: «جمعة المقاومة الشعبية.. جمعة تنتقل فيها الثورة لمرحلة جديدة مرحلة لن نهدأ ولن نستكين فيها، ولن نسمح لأي شخص كان من عصابات الأمن والشبيحة ومرتزقة النظام أن يمسنا دون عقاب.. منذ اليوم سنرد على اليد التي تتجرأ على حرماتنا».

وفي العاصمة دمشق وبعد تصاعد الحراك الشعبي والطلابي في عدد من الأحياء، شنت السلطات الأمنية أمس حملة اعتقالات واسعة، طالت شبابا متطوعين لإيصال المعونات إلى المناطق المنكوبة مع استمرار حملات المداهمات والتمشيط والاعتقالات في أحياء برزة وبساتين برزة والقابون وركن الدين لليوم الثاني على التوالي.

في غضون ذلك خرجت مظاهرة حاشدة في حي المزة، بعد تحول تشييع شاب قضى متأثرا بإصابته برصاص قوات الأمن يوم الجمعة الماضي، وقال ناشطون إن الآلاف تجمهروا عند الجامع للمشاركة في تشييع أسامة محمد شعبان، وتحول التشييع إلى مظاهرة تطالب بإعدام الرئيس انتهت بإطلاق نار واعتقال العشرات، وخرجت أمس أيضا عدة مظاهرات طلابية في دمشق وريفها، ففي حي الميدان تظاهر طلاب الثانوية الشرعية، رغم الوجود الأمني الكثيف في الميدان والذي تجمهر أمام ثانوية بهجت بيطار للإناث، ودخل بعضهم المدرسة قبل ظهر أمس بحثا عن طالبات ناشطات في التظاهر، كما خرجت مظاهرة في مدرسة بورسعيد في حي المهاجرين. وفي ريف دمشق خرجت في مدينة التل مظاهرة لطالبات ثانوية منطقة بيدر السلطاني جرى خلالها إطلاق العبارات الثورية في الشارع دون أن تتدخل قوات الأمن التي قامت بمهاجمة طلاب خرجوا من مدرسة في منطقة وادي حنونة وقامت بإطلاق غاز مسيل للدموع والرصاص لتفريق الطلاب. كما شهدت كل من قدسيا والهامة مظاهرات طلابية.

وفي إدلب، أعلن ناشطون «العثور على 19 جثة على سكة القطار قرب محميل، تعود لأشخاص حاولوا الهرب إلى تركيا وتم إعدامهم بعد اعتقالهم من قبل قوى الأمن، ولم يتمكن الأهالي من انتشال كل الجثث بسبب إطلاق النار الكثيف من الدبابات». وكانت لجان التنسيق المحلية أفادت في محصلة أولية إلى مقتل 40 شخصا عصر أمس، بينهم 19 جثة مجهولة الهوية و10 عسكريين، ومنهم 21 قتيلا في إدلب و13 آخرون في حماه. وفي ريف حماه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «14 شخصا قتلوا على الأقل في قصف للقوات السورية، بينهم 10 منشقين على الأقل إثر استهداف القوات النظامية لهم خلال القصف الذي تعرضت له بلدة كفرنبودة، كما قتل 4 مدنيين خلال القصف العشوائي للبلدة».

وكانت بلدة كفرنبودة تعرضت أمس لقصف وإطلاق نار من رشاشات ثقيلة، ولقي أربعة عناصر من القوات السورية حتفهم إثر استهداف مجموعة منشقة لحاجز أمني عسكري مشترك على الطريق الواصل بين بلدتي طيبة الإمام وصوران، وفق ما أعلنه المرصد السوري. واقتحمت قوات عسكرية أمنية مشتركة حي الأربعين في مدينة حماه، بعد تعرضه لقصف أول من أمس وقيامها بحملة مداهمات واعتقالات عشوائية.

وذكرت لجان التنسيق المحلية أن «قوات الأمن قامت بتفجير ميكروباص في نزلة الجرذان، بعد أن أغلقت الطريق لمدة نصف ساعة»، ولفتت إلى أن «عددا من الجثث شوهد على الأرض ومن المرجح أنها تعود لمعتقلين تمت تصفيتهم».

وفي حمص، جددت القوات السورية قصفها للمدينة وتحديدا أحياء بابا عمرو والخالدية والبياضة. وقال أحد الناشطين، ويدعى أبو بكر لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «حي بابا عمرو يتعرض للقصف منذ أكثر من 13 يوما، بحيث يبدأ القصف عند الخامسة فجرا وتشتد وتيرته تدريجيا مع إطلاق القذائف وراجمات الصواريخ خلال ساعات النهار، ويصل معدل القذائف إلى أكثر من ثلاث في الدقيقة الواحدة، تحديدا خلال مطلع الأسبوع الحالي».

وذكر أن «صاروخا هو الأول من نوعه سقط أمس على أحد أبنية بابا عمرو، يزن قرابة الـ25 كلغ، ودمر المبنى المؤلف من طابقين بالكامل»، في حين أن «الراجمات والقذائف السابقة كانت تؤدي إلى انهيار شقة أو طابق بأكثر تقدير»، مبديا تخوفه من أن «يكون سقوط هذا الصاروخ مقدمة لعمليات عسكرية أشد ضراوة على الحي».

وجدد أبو بكر الإشارة إلى أن «الحي يعيش والأحياء المجاورة ظروفا مأساوية مع انقطاع الخدمات الأساسية وعجز الأهالي عن الخروج من منازلهم». وقال: «نحن عاجزون عن الخروج في ساعات النهار لشراء الخبز، فننتظر حلول منتصف الليل للخروج وشراء ما نحتاجه، علما بأن الخبز نفد من المحال التجارية وبات صعبا الحصول على علبة سردين حتى ونحن نأكل وجبة واحدة في النهار إذا وجدت». ولفت إلى أن «قناصة يتمركزون على الأبنية ويستهدفون كل ما يتحرك، الأمر الذي يجعل عملية نقل المصابين وانتشال الجثث أمرا صعبا».

وفي ريف دمشق، استهدفت قوات الأمن للمرة الأولى بلدة بلودان، التي نزح إليها قسم كبير من أهالي الزبداني. وقال ناشطون إن «قوات الأمن مدعومة بالشبيحة شنت حملة مداهمات للمنازل واعتقالات واسعة في المدينة».

وفي معظمية الشام، ذكرت «لجان التنسيق» أن «وزارة التربية فصلت عددا من المعلمين والمعلمات من وظائفهم بعد أن استدعتهم لأكثر من مرة لمكتب التحقيق الأمني التابع لمديرية التربية».

في موازاة ذلك، استمرت حملة التفتيش التي تشنها قوات الأمن في درعا البلد وسط انتشار أمني كثيف وإطلاق نار مستمر من قبل القناصة المتمركزين على الأسطح العالية، وذكرت «لجان التنسيق» أن «مدرعات جيش النظام انتشرت في شوارع المدينة كافة، فيما أطلق قناصة النار في درعا البلد ودرعا المحطة منذ ساعات الصباح الأولى على المنازل والمارة بشكل عشوائي».

وكذلك كان الوضع في مدينة معظمية الشام، حيث تم اعتقال العشرات من الشباب بعد مداهمات شرسة للمنازل وانتشار أمني مكثف.

وفي الزبداني قال ناشطون لا تزال قوات الجيش النظامي تحتل مداخل المدينة ومداخل الأحياء وتقوم باعتقالات عشوائية، مع حملة مداهمات شرسة للمنازل، وفي مضايا قتلت امرأتان وشخص آخر لدى اعتراض سيارتهم من قبل قوات الجيش النظامي واصطدام السيارة بدبابة كانت هناك.