وزراء الاتحاد المغاربي يجتمعون غدا في الرباط.. وقمة تونس على جدول الأعمال

وفد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي يجري اتصالات في العاصمة المغربية

صبي ينظر إلى صور منوعة عن الثورة الليبية خلال التحضيرات التي تسبق احتفالات الثورة في 17 فبراير الجاري (رويترز)
TT

تعتزم تونس التقدطلب رسمي لعقد قمة مغاربية على أراضيها، وذلك خلال الدورة 18 لاجتماع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، الذي سيعقد غدا (السبت) بالرباط، بتواز مع حلول ذكرى تأسيس الاتحاد المغاربي يوم 17 فبراير (شباط) 1989 بمراكش، لكن الاتحاد الذي توجد أمانته العامة في الرباط ظل متعثرا منذ تأسيسه، ولم ينجح في تحقيق أي قدر من التكامل والانسجام السياسي بين دول المنطقة.

ورجحت مصادر مطلعة أن تعقد القمة المغاربية في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) المقبلين في تونس، وسيتحدد ذلك على ضوء المشاورات الأولية بشأنها بين وزراء خارجية الدول الخمس.

وكان الرئيس التونسي، محمد المنصف المرزوقي، قد أعلن، الأحد الماضي، خلال زيارته للجزائر، أنه حصل على موافقة من قادة دول المغرب العربي على عقد قمة مغاربية العام الحالي، وأكد أن هذه القمة ستكون «جدية ونتائجها ملموسة لشعوب المنطقة». وقام المرزوقي بجولة مغاربية شملت المغرب وموريتانيا ثم الجزائر، بهدف إحياء اتحاد المغرب العربي. ونسب إليه قوله: «آمل أن يكون عام 2012 سنة اتحاد المغرب العربي».

بدوره، زار سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، الجزائر في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) الماضي، واستقبل خلال الزيارة من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وذلك بهدف إعطاء دفعة للعلاقات الثنائية بين البلدين التي عرفت تقاربا ملحوظا في الآونة الأخيرة على مستوى التعاون في عدد من القطاعات الوزارية.

كما زار العثماني الثلاثاء الماضي نواكشوط، حاملا رسالة من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، تتضمن دعوة له لزيارة المغرب يحدد موعدها في وقت لاحق. وقال العثماني إن زيارته إلى موريتانيا «تندرج في سياق ديناميكية جديدة تم اعتمادها على صعيد المنطقة المغاربية».

وظل المغرب متشبثا بمشروع اتحاد المغرب العربي الذي بقي معطلا لعدة سنوات، ولم يعقد أي قمة له منذ 1994 باعتباره «أولوية وخيارا استراتيجيا»، وبقي يدافع عن المشروع حتى عندما تلقى دعوة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي في مايو (أيار) الماضي، حيث رحب بالدعوة، إلا أنه أكد في المقابل «تشبثه الطبيعي والثابت بالطموح المغاربي، وبناء اتحاد المغرب العربي الذي يعتبر خيارا استراتيجيا أساسيا للأمة المغربية».

ويعتبر الخلاف بين الرباط والجزائر حول نزاع الصحراء السبب الرئيسي في تعطيل هذا المشروع السياسي والاقتصادي الطموح في المنطقة، حيث تقترح الرباط حكما ذاتيا في الصحراء، تحت سيادتها، في حين تؤيد الجزائر تنظيم استفتاء لتقرير مصير الصحراويين. كما يعاني البلدان من تداعيات إغلاق الحدود بينهما منذ 1994.

واقترح الرئيس التونسي وضع نزاع الصحراء بين البلدين جانبا و«المضي في مسيرة تفعيل الاتحاد عبر تحقيق الحريات الخمس (التنقل، والإقامة، والعمل، والاستثمار، وحق المشاركة في الانتخابات المحلية)، وإقامة هياكل الاتحاد، وتجاوز المناخ النفسي القائم حاليا بما يعين على إيجاد حل للإشكالات الحالية ويحفظ حقوق جميع الأطراف».

وكان سقوط النظامين الديكتاتوريين التونسي والليبي على أثر اندلاع الثورة في البلدين العام الماضي، قد أعاد الحديث مجددا عن إمكانية بعث الروح في اتحاد المغرب العربي. وإذا ما نجحت المساعي الحالية لعقد قمة مغاربية ستكون المرة الأولى التي يغيب عنها جميع القادة المغاربيين الذين شاركوا في تأسيسها، وهم الملك الحسن الثاني الذي توفي عام 1999، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد الذي اعتزل الحياة السياسية، ومعاوية ولد الطايع، الذي أطاح به انقلاب عسكري، عام 2005، والعقيد الليبي معمر القذافي، الذي قتل على أيدي الثوار في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ثم الرئيس التونسي الذي فر إلى المنفى، إثر قيام الثورة ضد نظامه في 14 يناير (كانون الثاني) 2011.

وقدر صندوق النقد الدولي خسائر دول اتحاد المغرب العربي بسبب وقف العمل بمعاهدة الاتحاد بنحو 16 مليار دولار سنويا. ومعظم الخسائر المسجلة تلحق الاقتصادين المغربي والجزائري. ويعاني سكان المناطق الحدودية على الجانبين من هذه الوضعية التي يستفيد منها المهربون. وأشار الصندوق إلى أن غياب الاندماج الاقتصادي، واستمرار الحواجز الجمركية بين دول المغرب العربي، يضيع على المنطقة فرصا هائلة للاستثمار الدولي، موضحا أن هذه العوائق تحول دون تنقل السلع ورؤوس الأموال بين المنطقة، نتيجة إغلاق الحدود البرية، وتناقض التشريعات في مجال الاستثمارات. ولا تتجاوز المبادلات التجارية البينية نسبة 2 في المائة بين دول اتحاد المغرب العربي.

إلى ذلك، يزور وفد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي حاليا المغرب، حيث التقى أعضاؤه بعدد من المسؤولين المغاربة بهدف ترتيب زيارة رئيس الحكومة الليبي عبد الرحيم الكيب، إلى الرباط، تعقبها زيارة لرئيس الحكومة المغربي عبد الإله بن كيران إلى طرابلس.

وفي غضون ذلك، قالت مصادر الوفد إن الأوضاع الأمنية راحت تستتب في ليبيا، خاصة في طرابلس. وأشارت المصادر إلى وجود موالين للعقيد معمر القذافي في كل من تونس والجزائر والمغرب.

وأفادت مصادر الوفد بأن بعض رموز النظام السابق، وعلى رأسهم الخويلدي الحميدي، فروا إلى الخارج، في حين أشارت إلى أن بعضهم، مثل الفريق عبد الرحمن الصيد، ومحمد أبو القاسم الزوي، السفير الليبي السابق في الرباط، الذي كان يرأس المؤتمر الشعبي العام في عهد القذافي، يوجدان رهن الاعتقال في طرابلس، وأنهما سيقدمان للمحاكمة.