عباس يصف مقتل 10 أطفال في حادث مرور بالكارثة الوطنية

جدل كبير حول المسؤول.. وحداد وتنكيس أعلام وغضب في فلسطين

حطام حافلة الأطفال في حادث المرور المروع بين القدس ورام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الحداد العام في الأراضي الفلسطينية لـ3 أيام، وأمر بتنكيس الأعلام في الداخل والخارج، بعد أن أفاقت فلسطين على كارثة وفاة 5 أطفال في عمر الزهور بين (4 و6 سنوات)، ومعلمتهم، على الأقل، في حادث سير مروع قرب رام الله.

وقال أبو مازن أمام اجتماع للمجلس الثوري لفتح: «نتيجة لحادث السير المؤسف في قرية جبع، الذي راح ضحيته نحو 10 أطفال شهداء والكثير من الجرحى الذي يتلقون العلاج، قررنا إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام في المؤسسات الفلسطينية في الداخل والخارج كافة. هذه كارثة وطنية، وعلى الجهات المعنية أن تقوم بكل ما يلزم لرعاية الجرحى وتقديم كل ما يلزم لعائلات الشهداء والجرحى، وقررنا اعتبار الضحايا شهداء الشعب الفلسطيني».

وكانت حافلة تابعة لـ«مدراس نور الهدى الإسلامية» في عناتا في القدس تقل أطفالا ومعلميهم اصطدمت على الطريق الواصل بين جبع ورام الله بشاحنة محملة بالوقود، ما أدى إلى انقلاب الحافلة ومن ثم اشتعال النيران فيها، وقد كانت السبب الرئيسي لوفاة الأطفال الذين وجدوا متفحمين.

ويستدل من التحقيق الأولي أن الشاحنة الإسرائيلية، وتعود إلى عربي من الداخل، انحرفت عن مسارها نظرا لرداءة الأحوال الجوية فاصطدمت بالحافلة.

وقال بيان للشرطة الفلسطينية التي حملت سائق الشاحنة المسؤولية: «إن حافلة لنقل الطلاب اصطدمت بالشاحنة بالقرب من مفرق جبع، ما أدى إلى انقلابها واشتعال النار فيها، وهو ما سبب مصرع عدد من الأطفال، ومن بين الضحايا معلمة، وإصابة 20 منهم، 8 جروحهم خطيرة».

ونقل المصابون إلى مجمع فلسطين الطبي ومستشفى في رام الله ومستشفى شيبا في تل هاشومير في إسرائيل، وناشدت المستشفيات الأهالي بالتبرع بالدم.

وتحولت مستشفيات رام الله إلى ما يشبه بيوت عزاء كبيرة بعدما هرع الأهالي إليها لمعرفة مصير أطفالهم.

ولم يخفف قرار الرئيس الفلسطيني وزيارة معظم المسؤولين للأطفال المصابين، وتشكيل وزارة التربية والتعليم ما قالت إنه لجنة لتقييم الوضع، من غضب الأهالي والفلسطينيين بشكل عام. وزاد الطين بلة أن شاحنة أخرى قتلت طالب مدرسة في العبيدية في بيت لحم، وفصلت جسده إلى نصفين بينما كان في طريقه إلى مدرسته.

وتفجر الغضب في وجه الجيش الإسرائيلي عند مفرق جبع، بعد اتهامات للجيش بتعطيل الإسعاف، وفي داخل وخارج المستشفيات عبر النحيب والبكاء والاتهامات المتبادلة.

وتحولت المسألة إلى قضية رأي عام. فحمل إبراهيم الرفاعي، رئيس مجلس عناتا، مديرة «مدرسة نور الهدى الإسلامية» المسؤولية عن الحادث، لتنظيمها رحلة للطلاب في هذه الأجواء الماطرة والباردة. وكتبت الصحافية ميرفت صادق على موقعها على «فيس بوك»: «وأخيرا وليس آخرا... وين عقول أمهات وآباء ببعتوا أولادهم (لرحلة علمية) في أجواء الشتاء والعواصف؟... كثير من الناس لا يستحقون شرف الأمومة والأبوة.. وبس (163) طفلا حسب الدفاع المدني كانوا في حافلتين متوجهين لرحلة تعليمية تنظمها (مدارس نور الهدى)».

وتساءل الصحافي بلال غيث أيضا: «من يتحمل مسؤوليتها؟ مديرة المدرسة التي أخرجت الطلاب في رحلة في أجواء جوية غاية في السوء، أو الأهالي الذين أرسلوا أبناءهم للرحلة دون أن يتساءلوا عن شروط السلامة، أم المرحوم سائق الباص (وإدارة المدرسة طبعا) الذي قبل أن يحمل 163 طفلا في حافلته التي على أعلى تقدير تتسع لخمسين شخصا، أم السلطة الفلسطينية التي ترخص لمدارس ورياض أطفال دونما إشراف كاف، أم الشارع من كفر عقب إلى حاجز جبع الاحتلالي الذي لا رقيب أو حسيب عليه، أم الاحتلال الذي أعفيناه غير مشكورين من جميع مهماته؟».

وتساءل الناشط الشبابي سليمان أبو عليا: «ماذا ستفعل صاحبة الجلالة لميس العلمي (وزيرة التربية والتعليم)؟».

وقال مسؤول الشبيبة حسن فرح: «في غالبية دول العالم تخصص حافلات مجهزة فقط لنقل الأطفال والطلبة، وهي تعتبر بمثابة إشارات مرور متنقلة.. تلزم السائقين بالمحافظة على مسافة معينة أثناء سيرها.. والأهم أن السائقين يحصلون على رخصة لها خصيصا بعد دورات مكثفة ولفترات طويلة.. إحنا نفس الباص يستخدم لنقل الأطفال والأجانب والرحلات المدرسية والأندية والأعراس، وأحيانا مش ضروري باص فورد بنحط فيها 30 طفلا على الروضة... يجب وضع حد لهذا الاستهتار وسن قوانين توقع أشد العقوبات على المخالفين والمستهترين.. الله يرحم أطفالنا ويصبر أهلهم، وإن شاء الله نستخلص العبر ونتعلم من هالأخطاء».

وفي إسرائيل، وبينما أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن أسفه للحادث المروع، وعرض على السلطة الفلسطينية أي مساعدة تحتاج إليها، راح إسرائيليون على مواقع التواصل الاجتماعي يهزأون من الحادث، بل منهم من احتفل، وتمنى حادثا آخر يقتل فيه أطفال فلسطينيين في كل يوم، ونشرت مواقع فلسطينية ترجمة للتعليقات الإسرائيلية التي لم تخل من الحقد والكراهية، وهو ما رد عليه فلسطينيون بالمثل.