مسؤول استخبارات أميركي: طهران لن تبدأ صراعا.. وإسرائيل لم تتخذ قرارا بمهاجمتها

جوبيه: الخطاب الإيراني لأشتون غامض لكنه علامة إيجابية > واشنطن تشكك في العرض الإيراني

السناتور من ولاية ساوث كارولاينا ليندسي غراهام يشارك في مؤتمر صحافي مع عدد من اعضاء مجلس النواب الاميركي حول «منع ايران من الحصول على اسلحة نووية» (إ ب أ)
TT

قال مسؤول في المخابرات الأميركية أمس إن إيران سترد إذا تعرضت للهجوم لكن من غير المرجح أن تبدأ أو تثير صراعا، وإنه يعتقد أن إسرائيل لم تتخذ قرارا بمهاجمة إيران بسبب برنامجها النووي.

وقال مدير وكالة مخابرات الدفاع اللفتنانت جنرال رونالد بيرجس في جلسة لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ إنه بإمكان إيران إغلاق مضيق هرمز مؤقتا على الأقل وربما تطلق صواريخ ضد القوات الأميركية وعلى حلفائنا في المنطقة إذا تعرضت لهجوم. وأضاف «ويمكن لإيران أن تحاول أيضا استخدام إرهابيين في جميع أنحاء العالم، لكن في تقدير الوكالة من غير المرجح أن تبدأ إيران أو تتعمد إثارة صراع».

في غضون ذلك، رحب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، بالخطاب الذي بعث به سعيد جالليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين إلى كاثرين أشتون، مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، واصفا إياه بعلامة انفتاح في الموقف الإيراني، وإن استدرك مضيفا أن «بالخطاب شيء من الغموض».

جاء ذلك في رد للوزير الفرنسي على أسئلة صحافية بالعاصمة النمساوية فيينا، صباح أمس عقب جلسة الافتتاح للمؤتمر الوزاري الثالث لمبادرة باريس الخاصة ببحث موقف دولي موسع لعلاج قضية تهريب المخدرات من أفغانستان إلى أوروبا والتي حضرها مندوبو أكثر من 55 دولة منهم وزير الخارجية الروسي.

وكان جالليلي قد بعث أول من أمس بخطاب لكاثرين أشتون ردا على رسالة وصلت إليه منها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي تحث فيها إيران على العودة إلى مائدة التفاوض مع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، وكان ثاني لقاء جمعهم قد انفض وفشل بإسطنبول في يناير (كانون الثاني) 2011 بسبب إصرار إيران على رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن أولا ثم الدخول في تفاوض، متمسكة في ذات الوقت بعدم وقف تخصيب اليورانيوم أثناء أو بعد التفاوض.

الجدير بالذكر أن خطاب جالليلي لم يتضمن هذه المرة أي شروط مسبقة، مكتفيا بالتذكير بحق إيران في استخدامات نووية سلمية، مرحبا في هذا السياق بتصريحات سابقة لأشتون أمنت فيها على حق إيران في تقنية نووية سلمية، متجاهلا ما أكدت عليه أشتون من أن استئناف التفاوض يجيء لبحث أسس قضية الملف النووي الإيراني، ألا وهي طبيعة ونوعية ذلك النشاط الذي تلاحقه اتهامات بأهداف عسكرية.

إلى ذلك، أشارت مصادر غربية في تعليق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أشتون قد بعثت بصورة من الخطاب الإيراني لبقية الأطراف التي بدأت بدورها في دراسته وتقييمه ومن ثم التشاور حول الرد عليه. وجاء في الخطاب الإيراني وفقا لـ«رويترز» أن طهران تقترح استئنافا مبكرا للمحادثات النووية المتعثرة منذ فترة مع القوى العالمية ستكون لطهران فيها مبادرات جديدة.

وقال الخطاب الذي أرسله سعيد جالليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين «نبدي استعدادنا للحوار حول مجموعة من القضايا المختلفة والتي تمثل أساسا لتعاون بناء في المستقبل». وقال جوبيه إن صدق إيران سيختبر عندما يعقد فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة جولة ثانية من المحادثات.

من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمس إن إيران «تبالغ» في تصريحاتها غداة إعلان طهران عن إنجازات جديدة في برنامجها النووي عبر تشغيل آلات طرد مركزي أفضل أداء، وإنتاج الوقود المخصب بنسبة 20 في المائة.

وقال باراك الموجود حاليا بطوكيو في مقابلة مع الإذاعة العامة الإسرائيلية «يواصل الإيرانيون التقدم ولكن ما قدم الأمس كان عبارة عن استعراض وجزء منه لردع العالم عن ملاحقتهم».

وأضاف «تباهى الإيرانيون بنجاح لم يحققوه، فلا يزال أمامهم الكثير لفعله للوصول إلى الجيل الثاني أو الثالث من آلات الطرد المركزي»، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال تعليقا على إعلان طهران عن إحراز تقدم كبير في برنامجها النووي، إن العقوبات الاقتصادية والمالية على إيران لم تعط نتائج.

وأعلن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أول من أمس أن بلاده شغلت ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي إضافي في منشأة «نطنز» (وسط).

في غضون ذلك، أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن رد فعل المسؤولين الأميركيين جاء حذرا تجاه العرض الإيراني بالمحادثات، وقالوا إنهم لا يجدون محتوى ذا أهمية سواء في التهديد النفطي أو تصريح أحمدي نجاد بأن إيران حصلت على أجهزة طرد مركزي جديدة قادرة على تخصيب اليورانيوم بسرعة أكبر. وقد ظهر الرئيس الإيراني على شاشة التلفزيون التابع للدولة وهو يشرف على تحميل ما وصفت بأنها قضبان وقود نووي إيرانية الصنع في مفاعل نووي، والتصريح بأن «القوى المتغطرسة لا يمكنها أن تحتكر التكنولوجيا النووية. لقد حاولوا منعنا عبر تطبيق عقوبات وقرارات لكنهم فشلوا».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند، إن «تصريحات نجاد تبدو موجهة على الأغلب للاستهلاك المحلي».

وأضافت: «يحاول الإيرانيون على مدى عدة شهور الإعلان عن رزنامه الإنجازات، ووفق رزنامتهم، فهم متأخرون للغاية».

ولم يكن للتهديد بخفض مبيعات النفط إلى ست دول أوروبية - الذي أعلن خطأ في البداية عبر قناة «تي في برس» الإيرانية أنه سار بالفعل - أي تأثير يذكر. وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، إلى أن الاتحاد الأوروبي منع عقود النفط الجديدة مع إيران الشهر الماضي، وقال إنه سيوقف كل واردات النفط الإيراني في 1 يوليو (تموز). وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بنسبة 1.06 دولار للبرميل ليرتفع إلى 101.80 دولار في بورصة نيويورك التجارية نتيجة التحذيرات الإيرانية.

ويرى كريم ساجادبور، خبير الشؤون الإيرانية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن التحركات العدائية التي تقوم بها الحكومة الإيرانية تؤكد على الضعف الذي يعانيه النظام.

وأضاف: «إذا كان هناك تضارب في التصريحات، فإن ذلك يرجع إلى أن إيران تميل إلى الحديث بصوت عال لكنها تحمل عصا قصيرة.. فهجماتهم الإرهابية المزعومة تظهر عجزا أكثر منه خوفا، وإعلانهم عن إحراز تقدم يتوقع أن يكون مبالغا فيه، وتهديدهم الاستباقي بوقف صادرات النفط إلى أوروبا تبين أنه ادعاء آخر». وأضاف «يمكن لإيران أن تحاول أيضا استخدام إرهابيين في جميع أنحاء العالم، لكن في تقدير الوكالة من غير المرجح أن تبدأ إيران أو تتعمد إثارة صراع». وفي رد على سؤال واضح عما إذا كانت أجهزة المخابرات تعتقد أن إسرائيل اتخذت قرارا بمهاجمة إيران قال بيرجس «في حدود معلوماتنا إسرائيل لم تقرر مهاجمة إيران». وأضاف أنه على الرغم من تعزيز العقوبات على إيران فإنها من غير المرجح أن تتخلى عن برنامجها النووي. وقال «إيران تمتلك اليوم القدرة الفنية والعلمية والصناعية كي تنتج أسلحة نووية في وقت لاحق. وبينما يتزايد الضغط الدولي على إيران بما في ذلك العقوبات فإن تقييمنا هو أن طهران ليست على وشك الموافقة على التخلي عن برنامجها النووي».

وأكد جيمس كلابر، مدير المخابرات القومية، في الجلسة ذاتها من جديد أن أجهزة المخابرات تعتقد أن إيران لم تتخذ قرارا بإنتاج أسلحة نووية. وقال بيرجس كذلك إن الصواريخ الإيرانية ذاتية الدفع يجري تطويرها الآن كي تكون قادرة على الوصول إلى المنطقة كلها ووسط أوروبا، وأن إطلاق مركبة فضاء يظهر تقدما في القدرة على إنتاج صاروخ عابر للقارات.