نواب البرلمان الأوروبي يطالبون بطرد سفراء سوريا من دول الاتحاد

المشروع الأوروبي لإنشاء ممرات إنسانية آمنة البديل الوحيد عن التدخل العسكري في سوريا

عناصر من «الجيش السوري الحر» في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

طالب البرلمان الأوروبي بضرورة تحريك كافة الوسائل الدبلوماسية الأوروبية لممارسة مزيد من الضغوط على النظام السوري، ومنها طرد السفراء والدبلوماسيين السوريين من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كما أيد البرلمان الأوروبي فكرة إقامة مناطق آمنة على الحدود التي تربط بين سوريا وكل من الأردن وتركيا.

وجاء ذلك في قرار صوت لصالحه نواب المؤسسة التشريعية الأوروبية في جلسة انعقدت أمس في ستراسبورغ، وتضمن القرار المطالبة بضرورة تأمين احتياجات الشعب السوري الضرورية، حيث طالبوا بإقامة ممرات إنسانية لتسهيل توصيل المعونات المختلفة للشعب السوري، «نطالب الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بالعمل دون إبطاء على إعداد مخطط يحقق هذا الهدف بالاشتراك مع كافة الأطراف الدولية».

ويدعم القرار، كافة الجهود الدولية، خاصة جهود الجامعة العربية الرامية إلى وضع حد للعنف في هذا البلد ويدعو النواب في قرارهم مجلس الأمن الدولي إلى إقرار تقديم المسؤولين عن العنف في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية، معلنين «دعم كافة الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف».

ورحب البرلمان الأوروبي بالعقوبات المفروضة على سوريا مطالبا بتشديدها لتطال كافة الشركات والأشخاص الذين يدعمون النظام السوري، وأشاروا إلى أنه «من الهام أيضا تطبيق العقوبات بحزم وإجراء تحقيقات حول أي انتهاك لها».

وقال بيان البرلمان الأوروبي إنه يريد أن يرى الممرات الإنسانية والأماكن المخصصة للاجئين في ظل تزايد أعداد النازحين وينبغي على الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي ككل أن يقدموا المساعدة لدول الجوار التي تتحمل الآن وطأة تصاعد العنف كما دعا إلى ضرورة المساعدة من جانب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على تعزيز وحدة الصف للمعارضة السورية في الداخل والخارج وأعرب شولتز عن ثقته من أن اجتماع «أصدقاء سوريا» المقرر في تونس الأسبوع القادم سيقدم أجوبة ملموسة لتسوية هذه الأزمة.

وقبل ساعات من التصويت على قرار البرلمان الأوروبي حول الشأن السوري انعقدت جلسة نقاش خصصها البرلمان الأوروبي للوضع في سوريا، شارك فيها وزير الخارجية الدانمركي فيلي سافندال، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي وتناولت تردي الوضع الأمني وحالة حقوق الإنسان في سوريا، وقال وزير الخارجية الدنماركي فيلي سافندال إن الاتحاد الأوروبي يلعب دوره في محاولة حل الأزمة في سوريا عبر إبقاء العقوبات المفروضة ضد دمشق وزيادتها في ظل استمرار العنف.

وخلال النقاشات اتفق نواب أوروبيون على ضرورة تضييق الخناق على الرئيس السوري ونظامه، وحذروا في المقابل من مغبة تصاعد الإرهاب والتطرف في سوريا، مشددين على ضرورة حماية كافة الأقليات في هذا البلد، وشدد برلمانيون على أولوية حماية المدنيين في سوريا، والعمل من أجل تفادي الحرب الأهلية في البلاد، فـ«هناك خطر من تسليح الجيش السوري الحر، لأننا لا نعرفهم بالضبط، حتى الآن، ويخشى أن يؤدي تسليحهم إلى انحراف الحركة الاحتجاجية نحو التشدد والانتقام».

وشدد النواب على ضرورة تضييق الخناق على الرئيس السوري ونظامه عبر مزيد من العقوبات، «التي يجب أن تطبق جيدا وبشكل حازم»، وركزت البرلمانية الأوروبية فيرونيك دو كيزر، عن المجموعة الاشتراكية البلجيكية، على ضرورة العمل على تقديم الرئيس السوري بشار الأسد إلى محكمة الجنايات الدولية، «ليتم معاقبته على ما ارتكبه نظامه من جرائم ضد شعبه»، وتوافق نواب على ضرورة العمل من أجل تكثيف الحوار مع المعارضة السورية والعمل على مساعدات إنسانية للشعب السوري، «عبر تأمين ممرات آمنة وفرض حظر جوي»، حسب كلام البرلماني الأوروبي غي فيرهوفشتات، رئيس مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي في الجهاز التشريعي الأوروبي - بلجيكا، ووجه فيرهوفشتات انتقادات لاذعة للممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، متهما إياها بالسلبية، وقال «يجب علينا في أوروبا تحضير استراتيجية موحدة حول الوضع السوري، وهو أمر لم يحصل حتى الآن، مما يعتبر قصورا في السياسة الخارجية الأوروبية».

وفي ظلّ تفاقم الأوضاع الأمنية واشتداد الحصار العسكري على عدد من المناطق التي باتت منكوبة، ومع استبعاد خيار التدخل العسكري في سوريا، عادت فكرة إنشاء ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الكثير من المدن والمناطق السورية التي تحتاج إلى هذه المساعدات، لتناقش جديا من قبل فرنسا والاتحاد الأوروبي، على أن تكون هذه المسألة في أولويات القضايا المطروحة على جدول أعمال مؤتمر «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» المقرر انعقاده في تونس في 24 الحالي. وهو ما عبّر عنه بوضوح رئيس الوزراء الفرنسي آلان جوبيه، الذي شدد على «وقف العنف وحماية المدنيين ومعالجة البعد الإنساني للأزمة (السورية)، من خلال توفير الممرات الآمنة وتمكين المنظمات الناشطة في الحقل الإنساني من الوصول إلى المناطق المنكوبة».

وفي وقت لم تبحث هذه المسألة مع الدول المحيطة بسوريا قبل بتها في مؤتمر تونس، سارع لبنان إلى التحفظ على هذا المشروع، وأعلن وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن «هذا الموضوع لم يطرح حتى الآن بشكل جدي، ويجب أن نرى المشروع بكامله ومعرفة ما إذا كان سيستخدم لغايات سياسية». وأكد منصور لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان لهذا المشروع غاية سياسية بعيدة المدى أو تحوير عن أهدافه المعلنة لن نتعاطى معه». وسأل «إذا كان هناك حاجة لإيصال الأدوية والمستلزمات الطبية هل تحجبها الحكومة السورية عن شعبها؟ ألا يوجد مؤسسات للهلال الأحمر والصليب الأحمر وهيئات إنسانية داخل سوريا لتقوم بواجبها بدل أن نأتي بهذه المساعدات من الخارج؟». وقال «نحن لسنا بوارد الدخول في هذه الأمور حاليا، وعندما كنا في حرب أهلية في لبنان كان الصليب الأحمر والمؤسسات اللبنانية هي من يتولى تقديم المساعدات والإسعافات للمحتاجين ولم تأت هيئات دولية، ولذلك نحن لا نقبل بهذا الطرح حتى لا تحرّف الأمور عن غاياتها».

إلى ذلك أعرب عضو المجلس الوطني السوري أديب الشيشكلي، عن أمله في «التوصل إلى قرار دولي يفكّ الحصار المفروض على الشعب السوري». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوع تأمين الممرات الإنسانية الآمنة مسألة ضرورية، ولو نفذ هذا المطلب الذي قدمناه منذ أكثر من ثلاثة أشهر لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم». مشددا على ضرورة «إيصال الأدوية والخبز والمواد الغذائية إلى المحاصرين، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا بفرض إجراءات على النظام السوري تجبره على فك الحصار عن المدن والأحياء المنكوبة». وقال «ليست المشكلة في اختراق الحدود السورية، فلدينا ممرات آمنة سرية من لبنان وتركيا والأردن ندخل عبرها بعض الأدوية والمواد الغذائية والأموال وأجهزة اتصال، لكن المشكلة التي نواجهها هي دخول المناطق التي يطوقها جيش النظام السوري في حمص وحماه والزبداني وغيرها، ومن المؤكد أنه يصعب اختراق هذه المناطق إلا بالقوة». مشيرا إلى أن «هذا النظام لن يقبل بممرات آمنة لأن هدفه من حصار بعض المناطق هو قتل سكانها وتجويعهم وكسر إرادتهم، كما أن هذا النظام هو من يمنع وصول المواد الغذائية والطحين وأكياس الدم إلى الجرحى ووصول الأطباء إلى المستشفيات، لذلك فإن الطريقة الوحيدة لإجبار النظام على قبول الممرات الإنسانية هي القوّة».