زوجة الأسير المضرب: عدنان وعد بناتي برحلات وكثير من الألعاب

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن زوجها يحتفظ في غرفته بماء وقرآن فقط.. أبو مازن يتبنى قضيته.. ومظاهرات في الضفة وغزة

عدنان موسى والد الأسير المضرب عن الطعام، يشارك في مظاهرة تضامنية مع نجله في بلدته عرابة قرب جنين، أمس (أ.ف.ب)
TT

لم تمنع القيود الحديدية التي تحيط بمعصمي وقدمي الأسير المضرب، خضر عدنان، من أن يحتضن ابنتيه الصغيرتين، بيسان (عام ونصف العام) ومعالي (4 أعوام)، في الغرفة الصغيرة المزودة بعشرات الحراس الإسرائيليين المسلحين، في مستشفى زيف بصفد في إسرائيل، وقد وعد كلا منهما برحلات جميلة وكثير من الألعاب.

وعلى الرغم من أن عدنان لا يقوى على الحراك وبدت عيناه غائرتين، وفقد من وزنه أكثر من 40 كيلوغراما، بعد 63 يوما على الإضراب المفتوح عن الطعام، ويقذف دما كل يوم، فإنه ما زال مؤمنا بالنصر.

وقالت زوجته، رندة عدنان، أم عبد الرحمن، التي زارته قبل يومين بعد تدخلات سياسية ومن الصليب الأحمر الدولي، إن «زوجي مؤمن بالنصر، ونحن معه نؤمن بأنه سينتصر على السجان». وروت رندة لـ«الشرق الأوسط» كيف وجدت زوجها عندما زارته للمرة الثانية في سجنه في مستشفى زيف في صفد، قائلة: «كان مقيدا في سريره في غرفة صغيرة مليئة بالحراسات، نحيلا بعد أن فقد نحو 40 كيلوغراما من وزنه، وكان وجه شاحبا وعيناه غائرتين، ولا يقوى على الحركة، لكن صوته ظل كما كان قويا جهوريا واثقا ومؤمنا». وأضافت: «ذاكرته أيضا كانت ممتازة، وقد سألني عن كل شيء تقريبا».

وزارت رندة زوجها مع ابنتيها ووالده الكبير في السن، الذي تمنى عليه أن يوقف إضرابه، لكنه رفض. وقالت أم عبد الرحمن: «أنا لم أطلب منه ذلك، لأني أعرف أنه لن يتراجع، وأثق في قراراته، أما والده فقد تمنى عليه ذلك، قال له: (نريدك حيا بيننا وأرجو أن توقف إضرابك، لقد وصلت رسالتك ويكفي)، فرد خضر عليه بعد أن قبل يديه ورأسه: (أستغرب أنك تطلب مني ذلك، لم أعهدك هكذا، وما ربيتني بهذه الطريقة)». وتريد رندة على غير المتوقع من زوجها أن يواصل إضرابه، وقالت: «كلي ثقة بالله، وكلي ثقة بأن الله سينصره وسيمكنه من كسر السجان».

وهذه الثقة يتحلى بها خضر أكثر من غيره، وعندما عانق ابنتيه، وعدهما برحلات كثيرة وألعاب في وقت قريب، وقال لابنته الكبرى معالي: «راح اجي يا بابا ونروح مع بعض رحلة حلوة وراح اشتريلك ألعاب، والسيارات اللي بتحبيها».

أما معالي فلم ترد على وعد والدها، بل اكتفت بالابتسامة له فقط، ولكنها لم تتوقف عن السؤال التقليدي لوالدتها: «ليش بابا هيك مربوط». وحاولت الأم جاهدة شرح الموقف، لكنه مشهد يعكس حالة من الصراع، استعصى على فهم الطفلة الصغيرة. ويعاني خضر الآن، حسب طبيبه الخاص، من ضعف في عضلة القلب وتآكل في عضلات المعدة، ويتقيأ بين الفينة والأخرى دما. أما زاده فهو الماء فقط. وقالت زوجته: «زاده المصحف والماء». وأضافت: «لا يوجد في غرفته سواء ماء ومصحف فقط».

ومنذ أسبوع لا يعرض السجانون على خضر أي طعام أو عصائر كما كان عليه الحال قبل ذلك، في محاولة لإغرائه. وتفسر زوجته ذلك على أنه يعكس رغبة حقيقية عند الإسرائيليين بموته. وقالت: «لو أرادوه حيا لأخرجوه، لكن القاضي قال في الجلسة الأخيرة إن كل شخص حر في ما يصنعه بجسده وروحه، وهم يترجمون ذلك، كمن يريد معاقبته، أي إذا أردت أن تموت فمت».

ويعرف خضر أنه قد يصل إلى هذه المرحلة، ولم يغفل أن يطمئن زوجته وبنتيه وأبيه: «إذا قضيت فأنتم في رعاية الله». وعقبت زوجته: «كنت أفتخر به كثيرا.. والآن أفتخر به أكثر».

ويخوض عدنان الإضراب منذ اعتقاله منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي من بيته في جنين، بعدما حول للاعتقال الإداري الذي يعود إلى زمن الانتداب البريطاني، وهو قانون يتيح للمحاكم الإسرائيلية تحويل المعتقلين إلى السجن من دون تهمة، ويحتج عدنان على هذه السياسة ويريد وقفها.

وتحول إضراب عدنان، وهو أطول إضراب فردي في تاريخ الحركة الأسيرة في فلسطين، إلى ملحمة بطولية في أعين الفلسطينيين. فحتى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) تبنى القضية، فأرسل الرسائل إلى الدول المختلفة من بينها الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا من أجل الضغط للإفراج عن خضر، بينما حمل رئيس الوزراء، سلام فياض، إسرائيل المسؤولية عن حياته.

ونقل صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أمس، طلبا عاجلا من أبو مازن لروسيا والصين وبريطانيا والاتحاد الأوروبي «للتدخل الفوري وإنقاذ حياة المناضل عدنان عبر الإفراج عنه من دون شروط.. وجاءت هذه الرسائل بعد أخرى وجهها أبو مازن للإدارة الأميركية والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وفرنسا، في هذا السياق».

وتواصلت مظاهرات الفلسطينيين ووقفاتهم التضامنية معه في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتظاهر أمس عشرات آلاف من الفلسطينيين في غزة، وآلاف في جنين في الضفة تضامنا مع عدنان، بينما يواصل العشرات إضرابا مفتوحا عن الطعام في خيام بساحات القطاع ورام الله نصرة له.

وقال نافذ عزام عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إن عدنان يقدم نموذجا في الصبر والصمود للأجيال المقبلة كي تتعلم طريق الجهاد والمقاومة.

وأضاف القيادي في حركة فتح، دياب اللوح، إن الشعب الفلسطيني وقيادته سيواصلان كل الجهود للإفراج عن الشيخ عدنان الذي وحد الفلسطينيين خلفه.

واعتبر خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أن «العدو الصهيوني الذي يضرب عرض الحائط بكل القيم والمواثيق الدولية يتحطم اليوم أمام صمود الشيخ خضر عدنان». وقال رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، إسماعيل هنية: «نحن نقف اليوم في خندق واحد وصف واحد ونقف خلفك.. نحن من خلفكم ونحن إلى جنبكم وأمامكم وسنتحمل مسؤولياتنا كاملة».