جوبيه وداود أوغلو سيترأسان مؤتمر تونس لمجموعة أصدقاء الشعب السوري

ساركوزي وكاميرون يعدان بفرض عقوبات إضافية على النظام السوري ومساعدة المعارضة لتنظيم صفوفها

ساركوزي وكاميرون في «قمة الايليزيه» أمس (إ.ب.أ)
TT

لم تتمخض قمة الإليزيه الفرنسية - البريطانية عن جديد فيما يخص الوضع في سوريا الذي وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بـ«الفضيحة»، بل إن البيان الختامي المشترك الذي وزع في نهايتها لم يشر أبدا إلى مشروع باريس الداعي إلى إقامة «ممرات إنسانية» لإغاثة المناطق المنكوبة. والفكرة العملية الوحيدة التي خرجت من القمة تدعو إلى إنشاء «مجموعة العمل الإنساني لأصدقاء سوريا» بمناسبة انعقاد مؤتمر تونس في الـ24 من الشهر الجاري والتي يمكن أن تكلف بـ«تسهيل» إيصال المساعدة الإنسانية للسكان المنكوبين.

والأمر المدهش أن وزير الخارجية ألان جوبيه الذي حضر قمة الإليزيه «إلى جانب رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والصناعة ونظرائهم البريطانيين» كان أوحى أول من أمس عقب لقائه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في فيينا بأن هناك إمكانية للتوصل إلى «اتفاق الحد الأدنى» مع الروس حول نقطتين: وقف القتل وإيصال المساعدات الإنسانية ما يعني التخلي «مؤقتا» عن مطلب تنازل الرئيس السوري عن سلطاته لنائبه الأول وهو ما ترفضه موسكو قطعيا. ورغم ذلك غابت فكرة «الممرات الإنسانية» لصالح دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لـ«تقويم الحاجات الإنسانية في حمص والمناطق الأخرى التي يضربها العنف» وحث الحكومة السورية على وقف «فوري» لإطلاق النار لتسهيل هذه المهمة «من غير تأخير» وإتاحة الفرصة للعاملين في المجال الإنساني لإيصال المعدات والمواد الضرورية للإغاثة.

لكن غياب المقترحات العملية لم يمنع ساركوزي وكاميرون من استخدام لغة متشددة للتنديد بأعمال العنف «الرهيبة» التي يمارسها النظام والتي ترقى إلى مصاف «الجرائم ضد الإنسانية» والمطالبة بوقفها وبرحيل الأسد «لمصلحة سوريا ووحدتها الوطنية». وفيما طالب الزعيمان بتطبيق مضمون القرار الصادر عن الأمم المتحدة بشأن سوريا، أعربا عن أملهما بقيام «سوريا مستقرة، ديمقراطية وسلمية (قادرة) على لعب دور إيجابي ومسؤول في المنطقة». كما أكدا التزامهما العمل على دعم المعارضة السورية على توحيد صفوفها. وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب القمة، كشف ساركوزي أن مؤتمر تونس سيترأسه وزيرا خارجية فرنسا وتركيا ألان جوبيه وأحمد داود أوغلو. وأعرب رئيس الوزراء البريطاني، من جانبه، عن «عدم ارتياحه» لما قامت به الأسرة الدولية حتى الآن في الملف السوري التي «لم تفعل كل ما في وسعها»، واعدا باستمرار العمل «مع أصدقائنا وحلفائنا خاصة في المنطقة» لرؤية «ما يمكن فعله».

وفي هذا السياق، وعد ساركوزي بتشديد العقوبات الاقتصادية والمالية ضد النظام السوري ومن يدعمه، في إشارة إلى اجتماع المجلس الأوروبي بداية الشهر القادم حيث ستقر سلة العقوبات الـ12 على سوريا. وتدور مناقشات حامية بين الأوروبيين لتحديد مضمون العقوبات وما إذا كانت ستشمل الطيران التجاري وتجميد الودائع وشل التعامل تماما مع المصارف السورية. وأعلن الرئيس الفرنسي عن الاستعداد «لعمل المزيد» لصالح المعارضة السورية ولكن شرط أن تنظم نفسها وتجمع مكوناتها معتبرا أن «الثورة لن تأتي من الخارج بل تنبع من الداخل». ويبدو أن الغرب كأنه يرمي الكرة في ملعب المعارضة والمجلس الوطني السوري تحديدا، إذ المطلوب منه أن يبلور برنامج عمل سياسي متكامل وأن ينفتح على الأقليات المسيحية والكردية والعلوية وأن يعتمد التعددية حتى يستطيع الخارج مساعدته.

ولا تندرج مساعدة المعارضة عسكريا ضمن البرنامج الفرنسي ـ البريطاني لأن لندن وباريس تريان أن تسليحها يعني مزيدا من القتل والدفع باتجاه حرب أهلية وتوفير حجج للنظام لزيادة قمعه. غير أن هذا الخيار يبقى مفتوحا للمراحل اللاحقة وفي حال تبين أن «كل الطرق مقفلة» وفق تقديرات خبير عسكري فرنسي.

كذلك فإن هذه المساعدة لن تصل في الأمد المنظور إلى حد الاعتراف بالمجلس الوطني على أنه «الممثل الشرعي الوحيد» لسوريا على غرار ما حصل مع المجلس الليبي المؤقت. وقالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى إن باريس «لن تغلق في الوقت الحاضر سفارتها في دمشق ولن تقطع علاقاتها الدبلوماسية بسوريا» لا بل إن السفير الفرنسي في دمشق أريك شوفاليه الذي استدعي لباريس من أجل التشاور سيعود لاحقا إلى مقر عمله. وتعتبر فرنسا أن وجود سفارة مهم لأنه سيكون بمثابة «عين» لفرنسا على ما يجري ميدانيا ووسيلة تواصل مع المجتمع السوري.

وأمس، طالبت باريس بقوة سلطات دمشق بإطلاق سراح المعارضين مازن درويش ورزان غزاوي «فورا» والأول صحافي ومناضل معروف في ميدان حقوق الإنسان فيما الثانية مدونة تتمتع بشهرة واسعة. واعتبرت الخارجية الفرنسية القبض عليهما أول من أمس مع عدد من أعوانهما تعبيرا عن «الانتهاكات المنهجية» التي يرتكبها النظام ضد الحريات الأساسية ووعوده باحترام التزاماته الدولية الخاصة بحرية الرأي والتعبير.