كلينتون تعتبر استعداد إيران للحوار النووي «بادرة مهمة».. وأشتون تبدي «تفاؤلا حذرا»

عقوبات أميركية على وزارة الاستخبارات الإيرانية لاتهامها بتأييد القمع في سوريا

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وكاثرين اشتون في طريقهما إلى عقد مؤتمر صحافي في الخارجية الأميركية في واشنطن أمس (إ.ب.أ)
TT

وصفت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أمس، إرسال إيران ردا إلى وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون، أعلنت فيه استعدادها لاستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، بأنه «بادرة مهمة». وقالت كلينتون في حضور أشتون: «إنها بادرة مهمة».

وفي رسالة تسلمتها أشتون، أول من أمس، ردا على رسالة سابقة من وزيرة الخارجية الأوروبية، عرضت طهران استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي «في أسرع وقت ممكن».

بدورها، أبدت أشتون «تفاؤلا حذرا» بشأن استئناف المفاوضات بين إيران والقوى العظمى حول البرنامج النووي الإيراني المثير للشكوك. وقالت أشتون: «من الجيد أن تكون هذه الرسالة قد وصلت»، وذلك في مؤتمر صحافي مع كلينتون، متحدثة عن تلقي رسالة من كبير المفاوضين الإيرانيين، سعيد جليلي، تؤكد استعداد طهران للتباحث. وأضافت: «من الممكن أن تكون إيران مستعدة لإجراء محادثات. سنواصل التباحث للتأكد مما إذا كان ما نراه صحيحا حقا»، وتابعت: «أشعر بتفاؤل حذر في هذا الصدد».

وفي برقية بتاريخ 14 فبراير (شباط) موجهة إلى أشتون موفدة مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا + ألمانيا)، عرض جليلي استئناف المباحثات بشأن البرنامج النووي الإيراني «في أسرع وقت» وفي إطار «احترام حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية». وأضافت أن «موقفا بنَّاء وإيجابيا إزاء المبادرات الجديدة لجمهورية إيران الإسلامية في هذه المباحثات يمكن أن يفتح آفاقا إيجابية لمفاوضاتنا» من دون أن توضح صراحة هذه المبادرات.

وقالت في النهاية: «أقترح استئناف مباحثاتنا في أسرع وقت ممكن لتحقيق تقدم أساسي نحو تعاون دائم».

بينما شدد بان كي مون، أمين عام منظمة الأمم المتحدة، على ضرورة أن تسارع إيران بالعمل من أجل إثبات سلمية برنامجها النووي، وتبرئته من اتهامات تطاله بأهداف سرية عسكرية، كاشفا عن أنه حث كل أصحاب القرار من كبار رجالات الحكومة الإيرانية بأهمية العمل لإقناع المجتمع الدولي أن البرنامج النووي الإيراني لأغراض واستخدامات مدنية وليس أكثر. وأبدى المسؤول الأممي في ذات الوقت رفضه لأي تحركات قد تتخذها أي جهة من أجل حل عسكري لقضية الملف النووي الإيراني، مشددا على إمكانية حله حلا سلميا عبر الحوار والتفاوض. وجاءت تصريحات بان بعد يوم واحد من فرض عقوبات أميركية على وزارة الاستخبارات الإيرانية بعد اتهامها بدعم حملة القمع التي يشنها نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد المناهضين له، والمشاركة في القمع في إيران.

وأشار بان كي مون في مؤتمر صحافي عقده صباح أمس بمقر الأمم المتحدة بالعاصمة النمساوية فيينا لحتمية أن تجتهد إيران اجتهادا حثيثا للالتزام بكل القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن منذ أن أحالت الوكالة الملف النووي الإيراني 2006 شاكية إيران بعدم الالتزام بسبب أنشطتها النووية المحظورة. كما نبه إلى الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي من المقرر أن ترسل وفدا على مستوى عال إلى طهران الأسبوع القادم لبحث قضايا حساسة ما تزال عالقة وتحتاج فيها الوكالة لموقف إيراني واضح وشفاف وتقديم أجوبة كاملة ردا على كل ما جاء من تساؤلات وشكوك ضمنها مدير عام الوكالة في تقريره الذي رفعه نوفمبر (تشرين الأول) الماضي إلى مجلس أمناء الوكالة مما أثار قلقا واسعا.

هذا وكان سكرتير عام الأمم المتحدة قد وصل إلى فيينا للمشاركة في المؤتمر الوزاري الثالث لمبادرة باريس لوضع أسس علاج ناجع لقضية تهريب المخدرات من أفغانستان إلى بقية أنحاء العالم لا سيما الدول الغربية. كما شارك صباح أمس في الاحتفال بالذكرى الـ15 لمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية بمقر المنظمة بالعاصمة النمساوية فيينا.

وجاء تصريحات بان في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية في وقت متأخر من مساء أول من أمس عقوبات على وزارة الاستخبارات الإيرانية بعد اتهامها بدعم حملة القمع التي يشنها نظام الأسد ضد المناهضين له، والمشاركة في القمع في إيران.

وقالت الخزانة الأميركية إن وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية دعمت النظام السوري «الذي يواصل ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان» ولعبت «دورا رئيسيا» في حملة القمع في إيران.

وتعني العقوبات مصادرة أي عقارات تملكها الوزارة في الولايات المتحدة أو في أي منطقة خاضعة للسيطرة الأميركية، كما يحظر على مسؤولي الوزارة السفر إلى الولايات المتحدة.

ورغم أنه لا يرجح أن يكون للعقوبات سوى تأثير مادي محدود، فإنها تمثل تصعيدا كبيرا في رد فعل واشنطن على دور إيران المحتمل في حملة القمع التي يشنها النظام السوري.

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فإنه حتى الآن كان رد الفعل الأميركي محدودا على اتهامات بان إيران تزود سوريا بالأسلحة. إلا أنه من المرجح أن تزيد هذه الخطوة من التوتر بين واشنطن وطهران.

وصرح مسؤول شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة ديفيد كوهن «اليوم قررنا فرض عقوبات على وزارة الاستخبارات لانتهاكاتها حقوق الإنسان الأساسية للمواطنين الإيرانيين وتصدير ممارستها الشرسة لدعم الحملة المقيتة التي يشنها النظام السوري ضد شعبه».

وقال «وإضافة إلى ذلك فإننا نستهدف الوزارة لدعمها جماعات إرهابية ومن بينها تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في العراق، وحزب الله وحماس، مما يكشف مرة أخرى مدى رعاية إيران للإرهاب بوصفها سياسة للدولة الإيرانية».

إلى ذلك، وحول تأثير العقوبات على حياة الإيرانيين، شكا وزير خارجية السويد أمس من أن تشديد العقوبات المالية على إيران يصعب على بلاده دفع معاشات تقاعد مواطنين لديهم جنسية مزدوجة تقاعدوا في الجمهورية الإسلامية.

وتصريحات كارل بيلت هي أحدث إشارة على مدى الأثر الذي تحدثه الخطوات العقابية التي ينتهجها الغرب لإجبار إيران على التراجع عن برنامجها النووي المثير للجدل على الأشخاص العاديين وهم في هذه الحالة الإيرانيون الذين يحملون الجنسية السويدية.

ويقيم عشرات الألوف من السويديين من أصول إيرانية في السويد التي انتقلوا إليها أثناء حكم الشاه أو بعد الإطاحة به بقيام الثورة الإسلامية عام 1979. وبعد تقاعدهم قد يواجه الذين عادوا لديارهم مشكلات في تسلم معاشاتهم السويدية والتي تمثل مبلغا كبيرا في إيران.

وقال بيلت لوكالة رويترز خلال زيارة لفيينا «نواجه صعوبات في إدارة أموال المعاشات للمواطنين السويديين الذين يقيمون في إيران وهذا أمر ليس طيبا حقيقة». ولم يورد المزيد عن تفاصيل المشكلة لكن بدا أنه يشير إلى مشكلات متزايدة في تحويل الأموال من إيران وإليها.