روبرت فورد: لا توجد حلول أمنية في سوريا والقمع لن يكون حلا

السفير الأميركي في دمشق في حوار مع «الشرق الأوسط»: ضرورة الحل السياسي لمنع حرب أهلية

روبرت فورد
TT

أصبح السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، المسؤول الأميركي الأبرز في تنسيق جهود الإدارة الأميركية للتعامل مع الأزمة السورية، حيث باتت المساعي الأميركية تركز على بلورة حل دبلوماسي وسياسي في البلاد، ودعم المعارضة السورية التي تعتقد واشنطن أنها عامل أساسي في تحديد طبيعة هذا الحل وفرض تطبيقه. ومنذ أن غادر فورد سوريا، بعد إعلان الإدارة الأميركية قرارها يوم 6 فبراير (شباط) الحالي إغلاق سفارتها في دمشق وتعليق عملياتها هناك، يتواصل مع أطراف معارضة عدة، بالإضافة إلى المشاورات المستمرة مع مسؤولين من دول عدة معنية بالشأن السوري. ويشدد مسؤولون أميركيون على أن غلق السفارة لا يمثل قطيعة بالعلاقات الدبلوماسية مع دمشق، بل إجراء لضمان سلامة الدبلوماسيين الأميركيين وسحبهم من البلاد. وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حينها أن فورد سيبقى «السفير الأميركي لدى سوريا وشعبها»، وبذلك يترأس الفريق الأميركي الذي يتابع الشؤون السورية. ويؤكد فورد: «في النهاية الحل العسكري ليس ممكنا هناك، لذلك علينا أن نعمل على حل سياسي ودبلوماسي».

ولا يخفي فورد حيرته في التعامل مع ما يجري في سوريا، بعد أن كان أول سفير أميركي في دمشق منذ أن سحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش سفيرها من هناك عام 2005. وعند إعلان أوباما نيته إرسال سفير إلى دمشق بداية عام 2010، ووصول فورد إلى سوريا في يناير (كانون الثاني) 2011، كانت الإدارة الأميركية تبحث عن سبل لتوثيق العلاقات مع دمشق. إلا أنه بعد عام من إغلاق السفارة الأميركية في دمشق يظهر مدى تراجع العلاقات الأميركية - السورية إلى أدنى مستوياتها على خلفية الأزمة السورية.

ولقد عاش فورد في منطقة الشرق الأوسط وفي مواقع حساسة عدة، وكان سفيرا في الجزائر والعراق وهما دولتان عاشتا سنوات من الاقتتال الذي يخشى فورد انتقاله إلى سوريا. وهذه التجارب تجعله كثيرا ما يربط بين ما يحدث في سوريا وفي مناطق أخرى من العالم العربي، مع التأكيد دوما على الاعتراف بخصائص كل دولة.

وفي حوار مطول مع «الشرق الأوسط»، عبر فورد عن أهمية بلورة المعارضة لخطة انتقال سياسية تقدمها للشعب السوري وللمجتمع الدولي، موضحا: «الجامعة العربية وضعت إطارا من خلال خارطة طريق.. لكن في نهاية المطاف على السوريين أنفسهم أن يضعوا تفاصيل كيفية انتقال السلطة».

وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* هل من الممكن التوصل إلى حل دبلوماسي في سوريا؟

- الحل الدبلوماسي ليس سهلا وأظن الفيتو الروسي والصيني الذي استخدم في مجلس الأمن (التابع للأمم المتحدة) جعله أصعب، ولكنني أظن أنه ما زال ممكنا. ونحن سنعمل بشكل أوسع مع الدول الشريكة في المجتمع الدولي وهناك اجتماع الأسبوع المقبل في تونس لمجموعة الأصدقاء. وفي النهاية الحل العسكري ليس ممكنا هناك، لذلك علينا أن نعمل على حل سياسي ودبلوماسي، الحل العسكري سيؤدي فقط إلى دعم أنماط تنذر بإمكانية نشوب حرب أهلية.

* عندما تقولون حلا سياسيا ودبلوماسيا.. هل ذلك ضمن المبادرة العربية التي تطالب بتفويض الرئيس الأسد صلاحياته لنائبه؟

- دعمنا بشكل كبير جهود الجامعة العربية، من حيث إرسال مراقبين، ولم يكن هناك عدد كاف منهم لحماية المدنيين بل استطاعت البعثة إثبات من يقف وراء القتال وظهر أن في غالبية الأماكن كان الجيش السوري هو الذي يبادر بالقتال. وفي ما يخص خارطة الطريق التي وضعتها الجامعة العربية، هي بالفعل خارطة طريق ولا تشمل تفاصيل وهذا أمر منطقي، ففي نهاية المطاف على السوريين أنفسهم أن يضعوا تفاصيل كيفية انتقال السلطة. وهذه قضية نحن وغيرنا من أصدقاء سوريا قد بحثناها مع المعارضة السورية.. إذ قدمت الجامعة العربية الإطار العام وعلى السوريين أنفسهم أن يضعوا التفاصيل.

* هناك انقسامات عدة في صفوف المعارضة السورية، كيف يمكن تخطي ذلك وبلورة خطة للانتقال في السلطة في وقت تتصاعد فيه الأمور على واقع الأرض؟

- عامل الوقت ضروري، وعلى المعارضة السورية أن تتقدم بسرعة بطرح أفكار للسوريين في الداخل وتوضح لهم ما الخيارات الممكنة الأخرى. الرئيس الأسد وضع برنامج إصلاح بما فيه استفتاء على الدستور خلال 10 أيام، وهو وقت قصير جدا إذ لا نعلم إذا كان لديهم لوائح للتصويت أو إذا كانوا قد اتفقوا على نص بطاقات الاستفتاء، ولا نعلم إذا كان أمام الشعب السوري وقت متاح لدراسة الدستور المقترح، ولا أعتقد أن المختلفين مع النص لديهم الحق في التعبير عن اعتراضهم على القنوات السورية الرسمية أو قناة «الدنيا» أو غيرها. وعلى المعارضة أن تظهر أن هناك مسارا مختلفا يمكن سلكه، وكلما استطاعوا فعل ذلك في وقت مبكر، كان ذلك أفضل. ولكن لا يمكن لأي قوة خارجية، حتى أصدقاء سوريا، أن تفعل ذلك بالنيابة عنهم. ومن الدروس التي يجب أن نتعلمها من بلدان مثل العراق أن الناس في تلك الدول عليهم التوصل إلى الحلول بأنفسهم.

* ولكن إلى أية درجة أنتم منخرطون في هذه العلمية، حتى إن كان من حيث إعطاء الخبرة أو النصح للمعارضة؟

- نحن لا نكتب خطة انتقالية لسوريا، لنكن واضحين حول ذلك، وهذه ليست مهمة حكومة خارجية مثل الولايات المتحدة، ولكن نحن نتحدث إلى المعارضة السورية كثيرا، نحن نشاركهم تقييمنا لما يحدث على واقع الأرض، ونشاركهم تقييمنا للوضع السياسي والأمني. وأنا في محادثاتي داخل سوريا، كنت أشدد على أن العنف يضعف المعارضة وأنها تشكل خطرا حقيقيا، فحتى عندما زرت حماه في يوليو (تموز) الماضي كنت أشدد على أهمية الامتناع عن الأساليب العنيفة. ولكن مع الأسف، العنف الفظيع الذي مارسته الحكومة أدى إلى عنف مضاد وأنا مشغول بهذا التطور، العنف اليوم بات أكثر بكثير من العنف أمس. تحدثت إليهم عن تجربتي في العراق، وتجربة العراقيين في معالجة هذه الأمور. وعلى الرغم من اختلاف الوضع السوري عن الوضع العراقي، هناك تجارب يمكن التعلم منها.

* عندما تقول إنك تتحدث مع المعارضة، مع أي معارضة تقصد؟

- لن أفصح عن أسماء..

* بالطبع، ولكن السؤال حول الجهات المعنية التي تتحدث إليها، هل تقصد المجلس الوطني السوري أو الجيش السوري الحر؟

- نحن نتحدث مع فصائل عدة، نتحدث مع مجموعة كبيرة من الناس داخل سوريا، ومع أطراف المعارضة المعروفة والتي تعمل بالعلن بالإضافة إلى جهات مرتبطة بالمجالس والهيئات السورية. ورسالتنا واحدة: العنف سيجعل الحل السياسي أصعب، بينما لا توجد حلول أمنية فالقمع لن يكون حلا والحرب الأهلية ليست حلا. ولذلك يجب أن تعرف المعارضة كيف تنسق التحالفات وأن تقنع نظام الأسد بأن عليه التنحي كي يصبح من الممكن تحقيق الانتقال السلمي. وذلك سيكون من مصلحة كل السوريين، سواء كانوا علويين أم مسيحيين أم سنة أم دروزا أم من التجار أم من الجيش، فكل شرائح المجتمع السوري لها مصلحة في انتقال سلمي.

* عادة عندما يتم الحديث عن المعارضة، يكون ذلك حول المجلس الوطني السوري أو الجيش السوري الحر، ولكن القليل من الحديث هو عن قيادات معارضة داخل سوريا.. هل هناك مخاوف من الانقسام بين معارضة الخارج والداخل؟

- الناس داخل البلاد هم الذين يواجهون التحديات الأكثر على الأرض وفي النهاية هم الذين سيكون عليهم تطبيق (الانتقال).. المجلس السوري الوطني لديه علاقات داخل البلاد ولا أريد أن أقلل من شأن ذلك، ونحن سمعنا ذلك مرارا. ولكن هناك شعورا ببعض الحيرة من قبل البعض في سوريا بأن المجلس الوطني السوري لا يعمل بوتيرة أسرع، ونحن نتفهم ذلك، ولكن في النهاية المجلس الوطني السوري فصيل قيادي في المعارضة السورية وهو ينمو ويزداد قوة وهي عملية تدريجية والكثيرون يتمنون لو كانت تسير بشكل أسرع. هناك أيضا عناصر أخرى من المعارضة داخل سوريا لم تربط نفسها كليا بالمجلس الوطني السوري ولا أعلم إذا كان ذلك ضروريا. السؤال هو هل الجميع متفق على رؤية معينة أم خطة انتقال محددة؟ الأمر بالنسبة لي ضروري في ما يخص التوصل إلى خطة انتقال. ليس من الضروري أن يكون هناك صف موحد للمعارضة أو أن يتحدوا، ولكن يجب الاتفاق على خطة لأنه في حال نجحت الخطة في النهاية سيتنافسون بين بعضهم البعض على السلطة. ولكن عليهم الاتفاق على رؤية للبلاد ووضع المسار إلى الأمام. ففي تجربتنا نحن في الولايات المتحدة (خلال الثورة الأميركية لإخراج الحكم البريطاني)، لم تكن لدينا جبهة معارضة واحدة بل كونغرس مليء بالأفكار المختلفة ولكن كنا متفقين على أنه يجب إخراج الإدارة الاستعمارية البريطانية من البلاد.

* هل ستدعى المعارضة السورية إلى مؤتمر تونس لأصدقاء سوريا؟

- لا أعلم، لست الجهة الداعية أو المضيفة، يجب توجيه السؤال إلى التوانسة..

* هل تعتقد أن دعوتهم ستكون أمرا جيدا؟

- أعتقد سيكون من المفيد إذا كان هناك تمثيل من عناصر في المعارضة من خارج سوريا الذين يعرفون المجتمع الدولي بشكل جيد ولديهم علاقات معه ويمكنهم شرح المشاكل السورية للأجانب الذين كونوا علاقات معهم، ولكن في الوقت نفسه من الضروري دعوة أناس من داخل سوريا وسيكون من المفيد حضورهم لأن الاجتماع في تونس سيستفيد من الاستماع إلى أشخاص من الداخل. ولكن ليس من مهامي أن أوجه الدعوات.

* فيما يخص إمكانية تسليح المعارضة، هناك من يؤمن بأن الوقت قد حان لتسليح المعارضة، ولكن هناك مخاوف من تبعات ذلك.. ما رأيكم في ذلك؟

- سؤالي هو بعد تسليح المعارضة، من أين يأتي الحل؟ نرى أناسا في عواصم عدة تفكر بهذا الخيار وهناك البعض في الحزب الجمهوري الأميركي وآخرون من معاهد فكرية في واشنطن يطرحون هذه الفكرة. ولكن وحدة الجيش السوري في الوقت الحالي تجعل من الصعب التفكير بإمكانية الجيش السوري الحر أو غيره من مجموعات مسلحة، حتى إذا زودوا بالمزيد من السلاح، إنهاء النظام السوري الحالي بالقوة. وعكس ذلك، كل ما سنحصل عليه هو المزيد من العنف. وبدلا من ذلك، يجب أن تنصب جهودنا على دفع الحكومة السورية من خلال الضغط الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي لوقف هجماتها على المدنيين ومع ضغط متواصل ومتصاعد جعل الرئيس (السوري) بشار الأسد يفهم أنه ليس بإمكانه مواصلة الحكم، ولا يمكنه أن يعود مرة أخرى إلى حضن المجتمع الدولي بل سيكون من الأفضل له ولعائلته المغادرة الآن والسماح لآخرين في الحكومة السورية أن يتفاوضوا على نقل السلطة.

* إبقاء الباب مفتوحا أمام القيادة السورية لمغادرة السلطة سلميا ما زال قائما، ولكن هل تتوقعون أن يقبل الرئيس السوري بذلك؟

- لا أريد أن أدخل في تقييم نفسي للرئيس السوري ولكنني أعتقد أن لديه استراتيجية وهي قمع المعارضة وتقديم برنامج إصلاح محدود جدا، إن لم يكن سطحيا، ومع الوقت يستعيد مكانته في المجتمع الدولي مثلما حصل عام 2005 بعد اغتيال (رئيس الوزراء اللبناني السابق) رفيق الحريري عندما واجهت سوريا عزلة دولية كبيرة. واستطاعت خلال سنوات عدة أن تعود إلى علاقات حسنة مع المجتمع الدولي. من الضروري أن يفهم أن الوضع الآن ليس مثل عامي 2005 و2006، عدد الضحايا والقتل أكثر بكثير مما حدث عام 2005 والقمع أكبر مما يمكن للمجتمع الدولي أن يقبله ولا توجد طريقة لهذه الحكومة بالشكل التي هي عليه، تمكنها من العودة إلى موقعها السابق أمام الشعب السوري. فمن الواضح أنه فقد الشرعية بين غالبية السوريين، ولا أقول كل السوريين، كما فقد المصداقية الدولية. ولذلك لا يمكن له العودة، إنها ليست عملية «اقمع وانتظر وعد»، الآن ليس أمامه خيار سوى أن يترك آجلا أم عاجلا. والضغط الاقتصادي، الذي هو الآن جدي وخطير، سيتصاعد ويزداد سوءًا بينما نحن نشدد العقوبات ونعمل مع شركاء آخرين لاستهداف الجهات التي تمول الماكينة الحكومية. ستزداد الأمور صعوبة ولن تتيسر. كلما بدأ التفاوض مبكرا، تكون الاحتمالات أفضل له. فيما يخص شرعية الرئيس الأسد، بكل تأكيد هناك أناس في سوريا، على سبيل المثال في دمشق وعلى الساحل الذين ما زالوا يدعمونه ولكن في مناطق شاسعة من البلاد من إدلب إلى درعا، إلى البوكمال ودير الزور والمناطق الكردية والشريط حول دمشق وفي مناطق داخل دمشق مثل الميدان وبرزة وغيرها ترفضه. ولو كانت الجهات الأمنية تسمح بالتظاهر لرأينا مظاهرات كبيرة في دمشق، ولكن من الواضح أن الحكومة نفسها تعلم أن الرئيس الأسد فقد الشرعية بسبب الإجراءات التي عليهم أن يتخذوها من القمع وغير ذلك. ولذلك سيكون قد قدم خدمة إلى بلده لو غادر وسمح بانتقال للسلطة.

* فيما يخص إمكانية فرض ممرات إنسانية أو فرض منطقة عازلة، هل تدعمون ذلك وهل ذلك أساسا ممكن من دون تدخل عسكري لحماية مثل هذه المناطق؟

- لم أقرأ بتفصيل ما يقترحه الفرنسيون، ولكن مع هذا التصعيد من حيث القصف واستخدام الدبابات على مناطق مثل الرستن ودرعا والزبداني وحمص، هناك تصاعد هائل في عدد النازحين السوريين. ويقدر الهلال الأحمر السوري عدد النازحين بنحو 65 ألفا داخل سوريا، وهذه طفرة من نحو عدد ما بين 10 و15 ألفا قبل شهرين فقط. وهناك موجات جديدة من اللاجئين المتدفقين إلى لبنان وتركيا، فالجانب الإنساني لما يحدث في سوريا أصبح أكثر خطورة في الشهر الماضي، والحكومة مسؤولة عن ذلك. الحكومة هي التي صعدت، فهناك جانب واحد فقط يستخدم الدبابات. ونحن كأميركيين، نبحث عن طرق لرصد المصادر لمساعدة النازحين واللاجئين. وهذا خطر متنام ويشكل تهديدا على الاستقرار الإقليمي وهو أيضا كارثة إنسانية فسنبحث عن طرق سريعة لمساعدة النازحين واللاجئين وسيتم بحث ذلك في تونس أيضا.

* ولكن ذلك يختلف عن الحديث عن ممرات آمنة؟

- إنني لا أعلم ماذا ينوي الفرنسيون طرحه، ولكننا نفهم أن هناك كارثة إنسانية متفاقمة في سوريا وعلينا التفكير بكيفية رصد المساعدات من المواد الطبية والغذائية، وكيفية إيصالها للسوريين داخل سوريا وذلك سيشكل تحديا. وسيتوجب على الحكومة السورية ألا تمنع المساعدات الإنسانية.

* هل يمكن للروس والصينيين المساعدة في هذا المسعى؟

- أعتقد أنه سيكون من المفاجئ إذا اعترض الروس والصينيون على تقديم المساعدة للسوريين الذين فقدوا منازلهم بسبب قصف الدبابات. فكيف يمكنهم تفسير مثل هذا الاعتراض؟

* هل باتت العودة إلى مجلس الأمن لبحث قرار جديد غير واردة حاليا؟

- في الوقت الراهن، اهتمامنا متركز على العمل خارج قنوات الأمم المتحدة؛ على سبيل المثال مجموعة الأصدقاء التي ستجتمع في تونس. سننظر إلى كيفية استخدام مجموعة الأصدقاء لتقوية الضغط الاقتصادي والدبلوماسي (على الحكومة السورية) وتقديم الدعم للمعارضة السورية التي لديها دور أساسي عليها أن تلعبه. وستقوم المجموعة في النظر بزيادة الضغط الاقتصادي، فعلى سبيل المثال الجامعة العربية تحدثت عن العقوبات الاقتصادية ولكن الآن نريد أن نبحث ذلك وكيفية تطبيق العقوبات. لدى وزارة الخزانة الأميركية خبرة طويلة في فرض عقوبات على دول مثل إيران وربما يمكننا تقديم خبرة تقنية لدول عربية لفرض العقوبات. وسنبحث الضغط السياسي والدبلوماسي بالإضافة إلى مساعدة المعارضة. ولكن ذلك لا يعني أننا لن نرى مستقبلا سببا للعودة مجددا إلى مجلس الأمن.

* تحدثت عن التداعيات الإقليمية من نزوح اللاجئين السوريين، ولكن هناك تداعيات أخرى من بينها إمكانية انتقال العنف في سوريا إلى مناطق أخرى، مثلما رأينا في طرابلس في لبنان الأسبوع الماضي. إلى أية درجة يمكن أن تتسع رقعة المواجهات إلى خارج سوريا؟

- أظن على الجميع في المجتمع الدولي أن يعي أن التطورات في سوريا تتجه باتجاه سيئ، هناك مستويات العنف الآن أعلى بكثير مما كانت عليه في مايو (أيار) 2011 أو حتى سبتمبر (أيلول) 2011. وهناك عوامل متطرفة تؤثر على الساحة، هناك سيارات مفخخة تنفجر وسط دمشق ومن المرجح أن يكون وراءها متطرفون إسلاميون. وعدد القتلى من جانب الحكومة السورية، من حيث قواتها الأمنية تتصاعد، ويتوقع أن القتلى بين 20 و25 يوميا، بينما أعداد الضحايا المدنيين أكثر بكثير من السابق، بدأت بنحو 10 في اليوم والآن تصل إلى 70 في اليوم. وهذا أمر مروع. هناك عائلات علوية تترك دمشق وتذهب إلى المناطق الساحلية خوفا مما قد يحدث، والعائلات المسيحية تشعر بخوف على مستقبلها، الظروف سيئة جدا. وبدورها هذه العوامل ستؤثر على لبنان وتركيا بالإضافة إلى الأردن والعراق، الأزمة السورية تشكل تهديدا على الأمن الإقليمي ولذلك نحن نشعر بإحباط من فشل مجلس الأمن في التحرك بشكل أفضل.

* لقد تم إغلاق السفارة الأميركية في دمشق ولكن ما زالت السفارة السورية لدى واشنطن مفتوحة، على الرغم من سحب السفير منها. هل تنوون الطلب من السوريين إغلاق سفارتهم؟

- ذهبت إلى وزارة الخارجية السورية لإبلاغهم بقرارنا بتعليق عمليات السفارة في دمشق، وذلك بعد انتظارنا فترة طويلة ليقوموا بالرد على مخاوفنا الأمنية، وقررنا في النهاية أنه من غير الممكن أن نواصل الانتظار. وعندها كان أول سؤال طرحه علي مسؤول في وزارة الخارجية السورية: هل تقطعون العلاقات الدبلوماسية؟ وأجبت: كلا، نحن لا نعلق العمليات في سفارتنا لأسباب سياسية بل نقوم بذلك بسبب مخاوف أمنية ونحن واضحون جدا حول ذلك. ولم نغلق السفارة في واشنطن وهي ما زالت تواصل عملياتها وهناك قائم بالأعمال يديرها.

* عندما تم الإعلان عن مغادرتك سوريا، قيل إنك ستبقى سفيرا لدى سوريا، ما هو عملك الأساسي الآن؟

- لدينا فريق كبير يتابع الشؤون السورية بسبب أهميتها، من حيث الكارثة الإنسانية للشعب السوري بالإضافة إلى تهديد الأمن الإقليمي، وأنا أقدر أن وزيرة الخارجية والوزارة قررت أن علي أن أقود الفريق في واشنطن. وأجريت لقاءات عدة في باريس وسأعود قريبا إلى واشنطن وسنعمل على مبادرات عدة منها زيادة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وكيفية رصد المصادر لتقديم المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى مساعدة المعارضة السورية. ومن المهم أن نبحث عن طرق للتواصل مع السوريين داخل سوريا، وذلك سيكون أصعب بكثير بعد أن علقنا أعمال السفارة ولكن سنبحث عن طرق للتواصل مع السوريين بطرق مبتكرة، وسنحاول العمل مع الشركاء لتحقيق الانتقال السياسي السلمي وهو هدف سياساتنا الآن.

* هل لديك أية اتصالات مع الحكومة السورية منذ أن تركت دمشق؟

- لا، لا توجد لدي اتصالات ولكن هناك سفارة سورية في واشنطن ومن خلالها يمكننا التواصل مع الحكومة السورية.