فرحات الشرشاري لـ«الشرق الأوسط»: نحن ننشئ دولة جديدة واستمرار السلاح في يد الثوار يعد ضمانة لها

عضو المجلس الانتقال الليبي عن مدينة صرمان: أجلنا قانون الانتخابات حتى لا نكرر التجربة البرلمانية في مصر

TT

حذر رجل الأعمال الليبي فرحات عبد الحميد الشرشاري من سيطرة «الإخوان المسلمين» على مقاعد البرلمان في أول انتخابات نيابية ستخوضها البلاد، مثلما حدث في مصر بعد ثورة «25 يناير». واعتبر في حوار هاتفي معه لـ«الشرق الأوسط»، أن منصبه كعضو في المجلس الانتقالي الليبي بصفته ممثلا عن مدينة صرمان، لم يكن من أجل أن يتقلد أيا من المناصب المستقبلية، أو يمنحه الحق في الترشح للرئاسة هناك، إنما كان من أجل إعادة بناء موطنه، الذي يكن له الكثير من مشاعر الحب والوفاء مثله مثل باقي أبناء وطنه.

وحول انتقادات بعض المراقبين لإصدار قانون الانتخابات قبل قانون الأحزاب في ليبيا، أوضح الشرشاري أنهم بصدد إصدار قانون للأحزاب قريبا، وقال: «نحن مقيدون بمدة زمنية للإعلان الدستوري، حيث إننا قمنا بعد التحرير مباشرة بتشكيل الحكومة خلال شهر واحد فقط، وبعد شهرين من التحرير تم إصدار قانون الانتخابات، فنحن مقيدون بمدد معينة هي التي أجبرتنا على ذلك، وحتى الفترة الانتقالية محددة بمدة بعدها يتم انتخاب الرئيس الليبي الجديد خلال ستة أشهر، وخروج المجلس الانتقالي من الدور السياسي بشكل نهائي».

ولفت الشرشاري إلى أنه حرصا على تأكيد مناخ الحرية والديمقراطية تم الاتفاق على ألا يترشح أحد من أعضاء المجلس الانتقالي أو الحكومة الانتقالية المؤقتة للبلاد.

وحول تخفيض عدد القوائم لصالح الفردي، وهل سيؤدي هذا إلى هيمنة رجال الأعمال والقبلية على البرلمان الليبي المرتقب، قال الشرشاري: «إن هذا الوضع لم يتم اتخاذه بصورة جزافية كما يعتقد البعض، ولكن تم تحديد هذا العدد للقوائم لأن دور المرأة الليبية حاليا لا يجعلها مؤهلة بشكل كاف لتولي منصب سياسي، فقد كان عدد مقاعد القوائم هو 136 مقعدا، وكل قائمة تشتمل على اثنين من المرشحين (رجل وامرأة) ما يعني أنه سيتطلب أن يكون هناك 68 امرأة في هذه الانتخابات، وفي اعتقادي أن هذا العدد كبير نسبيا، وخصوصا في هذه المرحلة، هذا حدث أيضا في دولة الكويت، حيث إن تجربتهم البرلمانية هناك كبيرة ومنظمة جدا إلا أنه لم يكن في المجلس الكويتي أي امرأة، فما بالنا في ليبيا ونحن لأول مرة نخوض فيها تجربة انتخابية حرة منذ أيام العثمانيين، فلا يمكن أبدا أن تتحصل المرأة الليبية على عشرين إلى ثلاثين مقعدا، ونحن خصصنا لها بالفعل 40 مقعدا في هذه الانتخابات بعد أن تم الاتفاق أن يكون عدد مقاعد القوائم هو 80 مقعدا، ونتمنى ألا تحدث مشكلة ولا نجد هذا العدد من السيدات في البرلمان لتحقيق الهدف المنشود، وتخفيض عدد المقاعد بهذا الشكل يمكن أن يكون مقبولا رغم صعوبته».

وحول رؤيته لإطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية في ليبيا، لمح الشرشاوي إلى تخوفه من سيطرة «الإخوان المسلمين» في ليبيا على مجريات اللعبة السياسية، مثلما حدث في مصر، حيث حصدوا أكبر عدد من المقاعد في مجلس الشعب لأنهم أكبر مجموعة منظمة هناك، ولن يعطوا فرصة للأحزاب الأخرى كي تنافسهم. وقال عضو المجلس الانتقالي: «لنكن واقعيين في حديثنا عن الأحزاب السياسية في ليبيا، فلن تجد الكثير من القوى الحزبية، وسنجد أيضا أن (الإخوان) في ليبيا هم الوحيدون الموجودون بالفعل، وحتى لو تم تأسيس أحزاب جديدة، فهل تأسيس هذه الأحزاب وتفعيل دورها سيتم بين عشية وضحاها؟ وهل سيصبح لهذه الأحزاب الجديدة الشعبية والقاعدة العريضة، وهذا ما جعلنا مضطرين لتخفيض مقاعد القوائم وجعل مقاعد الفردي أكبر منها، لأن الوضع في ليبيا في هذه المرحلة لا يحتمل ذلك، ومن الممكن أن يتم تغيير هذا العدد مستقبلا عند ظهور أحزاب سياسية قوية قد تنافس (الإخوان) في ليبيا، وحتى لا يسيطر (الإخوان) على المجلس الليبي، فهم يحاربوننا من هذه الزاوية».

وقلل الشرشاري من مخاطر مشكلة انتشار السلاح في أيدي الثوار، والنوازع القبلية والجهوية التي ظهرت في ليبيا بعد التحرير، لافتا إلى أن ما حدث في ليبيا كان ثورة شعبية، فمن الطبيعي أن تجد فيها أعدادا كبيرة من الثوار والسلاح أيضا، فهي مختلفة عن الثورة التونسية أو الثورة المصرية، فقد قامت الثورة الليبية من داخل الشعب الذي قام بتسليح نفسه سواء كان من الجيش الليبي أو من «الناتو» أو من أي مساعدات خارجية أتت إليه، ولكن الشعب هو من ثار وقام بهذا، فاليوم وفي ظل عدم وجود أي مؤسسات أو جهات أمنية، فلا وجود للشرطة أو الوزارات في ليبيا، لأننا نبدأ إنشاء الدولة من الصفر، وهذا يستغرق وقتا كي تعود الأوضاع لشكلها الطبيعي، قد تستغرق سنتين أو أكثر، وتتم السيطرة على الثوار وجمع السلاح من الأفراد، في ظل عدم وجود الجيش والشرطة.

وأكد الشرشاري أنه في ظل هذا المشهد أصبح الثوار هم من يقومون بحماية البلد من أي عدوان عليها، مشيرا إلى معارك جرت مؤخرا في الكفرة والمشاشية والأصابعة، وغيرها من المناطق الليبية، وأنه ما كان ليصدها هناك غير الثوار في ظل هذا الانفلات الأمني.

وتساءل الشرشاري: «فلو نزعنا منهم السلاح من الذي سوف يحمي البلاد، ونحن غير مستعدين لتكوين مخازن لهذا السلاح في الوقت الحالي. إننا مضطرون لقبول هذا الوضع ولكن بتحجيمهم ومحاولة تقليل دورهم بقدر الإمكان، فالثائر حتى يرجع إنسانا عاديا قد يستغرق ذلك سنتين أو أكثر، ويجب على الدولة أن تقوم بتأهيله، ففي الخارج يتم تأهيل المحارب في مؤسسات نفسية حتى ينسى ما شاهده من قتل ودم.

وأفاد الشرشاري بأن هناك تعاونا للمجلس الانتقالي مع الثوار والعائلات والقبائل الليبية في حل معظم المشكلات التي تواجهها، فالقبيلة الليبية هي منظومة اجتماعية لها احترامها، ولا علاقة لها بالتعصب والعنف، فهي ليست مصدر خطر بالنسبة لنا في ليبيا بل على العكس، فهي موجودة لحماية الثورة.

ونفى الشرشاري وجود أي تدخل من المجلس الانتقالي في ممارسة مهام تنفيذية تتعارض مع الحكومة الانتقالية الحالية للسيد عبد الرحمن الكيب، وقال: «على العكس، هناك تقارب شديد بين المجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية، كل ما نهتم به هو التوصيات والمراقبة والمتابعة معهم بشكل أسبوعي تقريبا، لأننا ما زلنا ننشئ الدولة من جديد، وتوقع الأخطاء وارد، كما نحاول مصالحة كل من كانوا مع النظام السابق ونصفح عنهم، إذا لم يكونوا متهمين في قضايا القتل والتعذيب، لنبدأ من جديد بناء مستقبل جديد».