عقيل المقطري أحد أبرز سلفيي اليمن: نقبل الحقوق السياسية للمرأة والدولة المدنية بمرجعية إسلامية

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: علاقتنا مع «الإخوان» تعاون وتكامل والحوثيون يسعون لإنشاء دولة شيعية في ثلاث محافظات

عقيل المقطري
TT

يعد الدكتور عقيل المقطري، عضو هيئة علماء اليمن وعضو رابطة علماء المسلمين، من أبرز وجو التيار السلفي الداعي للانخراط في العمل السياسي في اليمن، وتقترب آراؤه بشكل كبير من آراء رموز الإسلام السياسي ممثلا في حزب التجمع اليمني للإصلاح فيما يخص ضرورة المشاركة السياسية، وتكوين الأحزاب، وعمل المرأة، ودورها السياسي، ناخبة ومرشحة للبرلمان. وتعد آراؤه نقلة نوعية في هذا المضمار على مستوى التيارات السلفية في اليمن. يقول إن أغلب السلفيين مع الثورة، وإن أيد البعض النظام التزاما بفتاوى سابقة لبعض رموز التيار السلفي. يرى أن القول بـ«طاغوتية» الأحزاب والديمقراطية والبرلمانات كان نتيجة لقراءة خاطئة، وتقليدا لفتاوى بعض رموز التيار، ويدعو إلى التصويت لنائب الرئيس اليمني، ويدعمه في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 21 من الشهر الحالي. «الشرق الأوسط» التقت الدكتور المقطري وكان هذا الحوار.

* عُرف عنكم أنكم من أوائل الذين أيدوا الثورة وخطبتم عدة خطب في ساحة الحرية بتعز، والآن تتبنون مشاركة السلفيين في المعترك السياسي، كيف يخرّج الدكتور عقيل هذا الموقف مع ما أصبح يُعرف عن السلفيين من أنهم يرون هذا يتعارض مع أصل من أصولهم، ألا وهو طاعة ولي الأمر؟ كيف تركتم أنتم أصلا من أصول السلفية؟

- الحاكم أو ولي الأمر ليس له الطاعة المطلقة، بل يطاع في طاعة الله، فإذا خالف أمر الله فلا سمع وله ولا طاعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ثم إن الحاكم وكيل عن الشعب لإقامة الدين وسياسة الدنيا به، والشعب هو الذي ولاه فهو الأصل، بعبارة أخرى الشعب أصيل والحاكم وكيل وللأصيل أن يعزل الوكيل في حال إخلاله بالعقد أو عجزه عن إدارة دفة الأمور، ولا شك أن ما فعله الحكام من نهب للثروات والسماح للفاسدين بالعبث بالمال العام وتكبيد البلاد خسائر فادحة والعمل على تدهور التعليم والصحة والبنى التحتية والسماح لدول الغرب بانتهاك سيادة البلد وبناء جيوش لخدمة وحماية شخص الرئيس وعائلته أو حزبه وقتل الشعب وغير ذلك، كل هذا وغيره إخلال بالعقد الذي بين الأمة والحاكم، وعليه فإن ما حدث من الثورات السلمية ليس من الخروج على الحاكم في شيء، بل هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يؤجر صاحبه، بل يعتبر من الجهاد في سبيل الله، وهذا ما خلص إليه كثير من أهل العلم.

وبناء عليه، فإن أغلب السلفيين في اليمن مؤيدون للثورة، ولم يقولوا إن ذلك خروج على ولي الأمر، فهم يجيزون المظاهرات والاعتصامات، بل والإضراب، خاصة بعد أن قدموا النصح للحاكم من خلال مبادرة هيئة علماء اليمن، لكن لما لم يقبل النصح مالوا إلى مطالب الشعب، وهي مطالب شرعية وبطريقة سلمية حضارية، نعم هناك بعض السلفيين قالوا هذا القول ولا يزالون، لكنهم بدأوا يتراجعون، وذلك نتيجة تنزيل النصوص في غير محلها، فخلافنا معهم ليس على صحة النص ولكن على التنزيل، وقد اعترف بعضهم بالخطأ، وهناك بعض من السلفيين صمتوا؛ كون المسألة لم تتضح لهم، وهؤلاء لا شك أحسن حالا ممن ناصر الحاكم الجائر، وبالجملة هناك تراجعات من أكثر هؤلاء، خاصة بعد التوقيع على المبادرة الخليجية.

* صدرت بعض الفتاوى من بعض المراجع السلفية تدعم النظام اليمني وترى الثوار من الخوارج. كيف تنظر إلى تحولات الفكر السلفي إزاء مثل هذه المقولات؟ وهل تعتقد أن أصحاب مثل هذه الفتاوى بصدد مراجعة لمثل هذه الآراء، وخاصة بعد تسليم الرئيس صلاحياته لنائبه؟

- هناك من كتب وريقات أصّل فيها وجوب طاعة ولي الأمر دون أن يذكر صفات ولي الأمر، ووصف الثوار بأنهم خوارج، ولا شك أن الحكومات تعرف ما معنى الخوارج وما حكم الخوارج خاصة، وعندها من علماء السوء من يمكنه أن يشرح لهم هذا، وهناك من خطب في ساحاتهم، وظهر على شاشات الفضائيات يتكلم بكلام مثل هذا أو أشد وأسوأ، وهناك من شارك في صياغة بيان ما يسمى بـ«جمعية علماء اليمن الرسمية»، التي لا تتحرك إلا بإذن من القصر الرئاسي، واطلع العالم كله على بيانهم الذي استفادت منه السلطة فقتلت ودمرت تحت غطاء ذلك البيان، لكن بعض هؤلاء، وخاصة بعد التوقيع على المبادرة، وأحداث حصار الحوثيين لطلبة العلم في دماج، وعدم قيام السلطة بواجبها نحو هؤلاء، ووقفت تتفرج حتى إنها لم تستنكر عبر وسائل إعلامها ولم تقدم أي دعم لهم، بدأوا يراجعون مواقفهم ويعرفون حقيقة هؤلاء الحكام، ونحن نتمنى من جميع السلفيين أن يبدأوا بمراجعات شاملة لكثير من القضايا التي ربما كانت سببا في تقوقعهم، وذلك من خلال الأبحاث الشرعية، وأنا لا أشك ولا أرتاب أن شرعنا مرن ويتعامل مع كل المستجدات، وفقه الموازنات من أهم أنواع الفقه، ولا شك أن مثل هذه المواقف التي ساندت الظالم على ظلمه وأعانته عليه أزرت بالدعوة السلفية، وهذا ما وقع فيه بعض الفصائل السلفية إبان الثورة المصرية، لكنهم سرعان ما تراجعوا عن تلك الفتاوى فحفظوا ماء وجوههم وحافظوا على سمعة دعوتهم.

‌* ما حقيقة الموقف السلفي من المظاهرات التي تعم بعض البلدان العربية مطالبة بإسقاط أنظمتها، وإقامة أنظمة ديمقراطية؟

للسلفيين موقفان؛ موقف رافض يعتقد أن ذلك خروج على الحكام، وأنه تقليد لأعداء الله، ويقولون الخروج على الحكام باللسان أعظم من الخروج عليه بالسنان؛ ناسين أو متناسين الكثير من الحوادث التي كان ربما بعض الصحابة ينكرون على الحكام في زمانهم على مرأى ومسمع من الناس.

والموقف الآخر يرى أصحابه أن المظاهرات والاعتصامات والإضرابات من المسائل التي سكت عنها الشرع، وهو ما يسمى بالمصالح المرسلة وتدور عليها الأحكام الفقهية الخمسة؛ فقد تكون واجبة وقد تكون محرمة وهكذا، والأصل فيها الإباحة، وقد كتبت بحثا في بداية الاحتجاجات والمظاهرات، وهو موجود في موقعي على الإنترنت ونقلته مواقع أخرى، وهناك أبحاث في هذا السياق لكثير من السلفيين، وهذا موقف أغلب السلفيين؛ يرون جواز المظاهرات والاعتصامات، وأنها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس من الخروج على الحكام بل هي من أفضل الوسائل لنيل الحقوق، ونحن مطلبنا أن نقيم أنظمة تقيم الشرع الحنيف الذي فيه عزنا ومجدنا وكرامتنا، والذي يحفظ حقوق كل الناس؛ مسلمهم وكافرهم، لكننا لا نستطيع في مثل هذه المراحل أن نقيم الحكم جملة واحدة، بل لا بد من التدرج، ولا شك أن الأنظمة الديمقراطية خير وأفضل من الأنظمة الديكتاتورية القمعية البوليسية، ونحن نفرق بين فقه التمكين وفقه الممكن، والتدرج سنة شرعية، والشعوب اليوم تحتاج من الإسلاميين أن يقدموا لهم الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وغيرهما مما يتطلعون إليه، ولا شك أنهم إذا نجحوا في ذلك فإنهم لن يرتضوا عنهم بديلا، خاصة وقد جربوا القوميين والليبراليين وعند إذ فالشعوب مسلمة ستقف كلها مع الإسلام، ونحن دستورنا في اليمن من أحسن الدساتير في البلاد العربية، والمحاكم الشرعية تحكم بالشريعة لكن المطلوب تصحيح القضاء من الناحية الإدارية، وجعله قضاء مستقلا.

* لفترة طويلة سادت فتاوى سلفية ترى أن الأحزاب السياسية والبرلمانات والديمقراطية ضرب من الطواغيت التي لا يجوز دخولها أو العمل بها؛ أين تقف السلفية اليوم بالنسبة لهذه المقولات؟

- هذا كلام صحيح، ولا يزال بعضهم إلى الآن يقول بهذه المقولات لكنني أعتقد أن ذلك كان نتيجة لقراءة خاطئة أو تقليد أعمى لبعض الشيوخ الذين لا يرون العمل السياسي، أو ليس عندهم فقه الموازنات ولا فقه المقاصد، لكنه حدث في الآونة المتأخرة مراجعات لهذه القضايا خاصة أن السلفيين قد صار كثير منهم من حملة الشهادات العلمية، كالماجستير والدكتوراه، ودرسوا كثيرا من التخصصات العلمية الأخرى، كالطب والهندسة والجيولوجيا وغيرها من العلوم، وصار لديهم قاعدة شعبية كبيرة، هذه المراجعات تمت على مراحل شتى كان العمل السياسي في بادئ الأمر «طاغوتية» ثم صار مسألة اجتهادية ثم انتقل إلى الجواز، واليوم يرى بعضهم أن العمل السياسي واجب وضرورة وهو قضية تعبدية مثل الصلاة والصيام، والعامل في هذا مأجور، وعلى كل حال فهذا دليل نضج التيار السلفي، وسنرى في الأيام المقبلة هذا التيار صاعدا بإذن الله تعالى.

* أدليت بتصريحات لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق قلت فيها إن السلفيين في اليمن يتشاورن لإنشاء حزب أو تكتل سياسي في القريب العاجل. في حال تشكيل هذا الحزب، ما دور المرأة فيه من ناحية حق الترشح والتصويت؟ وهل من الممكن أن ترشحوا امرأة لمقاعد البرلمان عن الحزب؟

- المرأة مكون عظيم في المجتمع ولها دور مهم في مسألة الترشيح، ومن المتفق عليه أن من حقوق المرأة السياسية أن تكون عضوا في الحزب، وفي تشكيلة الحزب دائرة خاصة بالمرأة، وعليه فإن المرأة يحق لها أن ترشح في الانتخابات بجميع أشكالها (رئاسية، برلمانية، محلية) وأما ترشيحها لتكون عضوا في البرلمان فهذه مسألة قيد الدراسة، ومعلوم أنها من مسائل الخلاف بين السلفيين، وأنا متأكد أننا سنتوصل لحل في هذه القضية، وهناك دراسات شرعية في هذه القضية وغيرها من القضايا التي تخص العمل السياسي، وبالجملة فهناك نضج وتقدم، فالسلفية بعد ثورات الربيع العربي غير ما كانت عليه من قبل.

* هل تدعو السلفيين إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة بالتصويت لنائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، الذي دشن حملته الانتخابية مرشحا توافقيا؟

- نعم، أدعو جميع السلفيين للمشاركة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية التوافقية، حتى تفوت الفرصة على من يريد إفشالها أو يظهرها بمظهر ضعيف، وقد اجتمع مجلس إدارة الائتلاف السلفي اليمني، وأنا أحد أعضائه، وأصدر بيانا لكل أبناء اليمن، ومنهم السلفيون، يدعوهم فيه للمشاركة في الانتخابات، فالانتخابات ليست شكلية، كما يروج البعض، بل أنا أفهم أنها تعني استفتاء على شرعية الثورة وعلى التغيير وعلى وحدة البلد وأمنه واستقراره، وقد أصدرنا كذلك بيانا في هيئة علماء اليمن يدعو الشعب اليمني بكل أطيافه للمشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات.

* دارت في اليمن مؤخرا، كما في غيره من بلدان الربيع العربي، نقاشات حول مصطلحي «الدولة الدينية» و«الدولة المدنية»، ما موقف السلفيين من الدولة المدنية الديمقراطية التي يدعو الشباب إلى قيامها؟

- إن كان المقصود بالدولة المدنية دولة المؤسسات والنظام والقانون والكفاءات وفصل السلطات الثلاث، وتكون مرجعية هذه الدولة إسلامية، كما هو الحال في دستور اليمن القائم، فهذا أمر مطلوب ونحن أول من ننادي به، وأما إن كان المقصود بالدولة المدنية العلمانية فهذا مرفوض وسيرفضه الشعب، فاليمنيون مسلمون ولله الحمد.

* ما تأثير «الربيع العربي» على الحركة السلفية في اليمن خاصة؟ وهل للحركة السلفية في مصر والكويت أو للاتجاه «السروري» أثر في تطور الطروحات السلفية في اليمن؟

- لقد أثر الربيع العربي على الدعوة السلفية كتأثيره على بقية الحركات الإسلامية، بل أشد، فحدث عند السلفيين مراجعات في كثير من القضايا وصححت فيها مفاهيم، ورأينا حراكا قويا في كثير من المسائل خاصة السياسية منها، وحدث أيضا تقارب كبير بين فصائل الدعوة السلفية، ولما رأت الدعوة السلفية نجاح السلفيين في الانتخابات البرلمانية المصرية، أعطاهم ذلك دفعة نحو الأمام، وقد اعتبروا أن سقوط الأنظمة الديكتاتورية التي كانت تشوه بالدعوة السلفية ودعاتها، على وجه الخصوص، أعاد الاعتبار للدعوة ووضعهم في موضعهم الصحيح، لذلك وجدت القناعة لدى جمهورهم في المشاركة في العمل السياسي والانخراط في أجهزة الدولة.

وأما تأثر الدعوة السلفية في اليمن بمثيلاتها من الحركات خارج اليمن فهو تأثر معنوي، لكن له دور إيجابي في إعادة تشكيل الدعوة.

* غالبا ما يتم اتهامكم بأنكم تعيشون خارج العصر بطروحاتكم الفقهية وأنكم تتلقون دعما خارجيا يهدد التناغم المذهبي في البلاد؛ كيف ترد على ذلك؟

- الدعوة السلفية هي دعوة الإسلام الصافية، وهي دعوة محمدية، ونحن نتشرف بالانتساب إليها كون مرجعيتها القرآن والسنة والإجماع والقياس المعتبر، وهذا ما درج عليه الأئمة الأربعة، ولا يصلح لمسلم أن ينتسب إلى شخص أو إلى بشر يصيب ويخطئ، ثم إن الدعوة السلفية قديمة في اليمن، فالدعوة التي دخل بها معاذ بن جبل وعلي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري هي الدعوة السلفية ولم يدخل التصوف إلا في القرون المتأخرة، وهكذا التشيع، إنما دخل مع وصول الهادي يحيى بن الحسين، فاليمن الأصل أنه بلد سنة ونحن اليوم امتداد للإمام الشوكاني والصنعاني والمقبلي وابن الوزير؛ فكيف يقال إننا وافدون بل هم الوافدون، فالتصوف دخل من الحبشة والتشيع دخل من العراق.

وليس صحيحا أننا نعيش خارج العصر، بل نعيش عصرنا ونتفاعل مع كل القضايا والنوازل ونواكب الحضارة والتقدم، والسلفيون اليوم خريجو الجامعات بمختلف تخصصاتها، ويحملون أرفع الشهادات، ولديهم منابر إعلامية كثيرة كالجرائد والمجلات والقنوات الفضائية والإذاعات، كما أنشأوا جمعيات ومؤسسات تنموية وخيرية رفعت من معاناة كثير من الفقراء والأيتام والأسر المتعففة، وأهّلت الكثير من الأفراد فأصبحوا أعضاء نافعين، وقد أثبت الربيع العربي تفاعل السلفيين مع نبض الشارع، فكان السلفيون في اليمن من أوائل المنظمين للثورة، وتشكلت حركات سلفية عدة في الساحات، خاصة في المدن الكبرى، ومن ثم اجتمعت تحت رابطة النهضة والتغيير، وتم إشهارها في ساحة التغيير بصنعاء، ولنا عضوان في المجلس الوطني (عمر عبده قائد، ويحيى الوجيه)، وهناك أعضاء في المجالس الثورية المحلية، وفي المجالس الأهلية التي تشكلت أثناء الثورة.

أما طروحاتنا الفقهية، فهي تتواكب مع الواقع، ولا أنكر أنه يوجد مجموعة جامدة وتعيش في غير واقعها، لكنّ ثمة تحولا كبيرا لدى أغلب الفصائل السلفية.

وأما الدعم الخارجي فهذه أكذوبة أخرى، نعم هناك مؤسسات خيرية خارجية تدعم الجمعيات الخيرية السلفية وغيرها، وهذا الدعم يأتي عبر قنوات رسمية وعلى نظر الدولة.

أما قضية تهديد التناغم المذهبي في البلد، فالعكس هو الصحيح، فمن الذي يحرك اليوم الورقة الطائفية؛ أليسوا هم الحوثية؟ من الذي يشعل الحروب؛ أليسوا هم الحوثية؟ أما السلفيون فمتعايشون بوئام مع كل المذاهب منذ مئات السنين.

* من إشكالات الحركة السلفية في اليمن أنها تقوم على «نفي الآخر»، وإحداث القطيعة معه. ألا تؤمن بأن هناك بعض المشتركات التي يمكن أن تشكل أرضية مشتركة بينكم والآخرين؛ سواء أكان هذا الآخر إسلاميا أم ليبراليا؟

- الدعوة السلفية تدعو للتعايش مع الآخر، لكن أعداء الدعوة يتهمونها بهذا، بل أكاد أجزم بأن للأنظمة دورا في هذا التشويه، لكنني أؤكد أن الدعوة السلفية تتعايش مع الآخر وتدعو إلى ذلك، فالأمر كما قلت هناك بعض المشتركات التي تجعلنا نتعايش مع الآخر.

* ما حقيقة الخلاف بينكم والحوثيين الذين شنوا حربا لا هوادة فيها، وضربوا حصارا شاملا على أتباع السلفية في منطقة دماج بمحافظة صعدة، ويشنون حربا على قبائل محافظة حجة؟

- الحوثية يرون أنهم صاروا دولة خاصة، وقد سحب النظام السابق أكثر المعسكرات وتركها لهم بما فيها من المعدات، فعندهم اليوم أكثر من ثمانين دبابة وعندهم مدافع وغيرها، ولما كان الحوثيون إقصائيين ويسعون لبناء دولة مستقلة في صعدة وحجة بإيعاز من إيران، ونظرا لوقوف السلفيين في صعدة مع النظام، اتخذوا هذه القضية ذريعة لإخراج السلفيين من دماج، وكان إخراج أهل السنة من صعدة من أوائل مطالب الحوثيين التي قدموها للدولة، وقد هجروا مئات من الأسر السنية من أهالي صعدة الأصليين، ولما رأى الحوثيون أن الفرصة صارت مواتية قاموا بمحاصرة مركز دماج ومنعوا دخول الغذاء والدواء لمدة ثلاثة شهور حتى شنوا حربا شاملة وقتلوا الأبرياء المسالمين.

إن مقصود الحوثيين إقامة دولة شيعية تتكون من عدة محافظات (صعدة، حجة، الجوف) وتمتد إلى البحر الأحمر على الحدود مع السعودية، لذلك هم يقومون اليوم بحرب في حجة، لكن القبائل تنبهوا لخطرهم وتصدوا لهم، بل وطردوهم، وهكذا قد صدهم تحالف القبائل في مناطق كتاف وهم مندحرون بإذن الله، بل صار أبناء صعدة في غاية التبرم منهم، فلقد أدخلوا الشر والبلاء على محافظة صعدة، وما من بيت إلا وهو متضرر منهم.

* هل لك أن تحدثنا عن طبيعة العلاقة التي ستكون بينكم والتجمع اليمني للإصلاح، بعد أن تنضووا تحت مظلة سياسية معينة؟ وماذا عن علاقاتكم مع الأحزاب الأخرى على الساحة؟

- ستكون علاقتنا مع التجمع اليمني للإصلاح علاقة تكامل وتعاون بإذن الله، من أجل بناء اليمن وتقديم الخدمات لأبناء هذا الشعب الذي حرم من كثير من ضروريات الحياة، وأما علاقاتنا مع الأحزاب الأخرى فنحن سنتعاون معهم في كل ما فيه خير للبلاد والعباد، لكننا لا يمكن أن نتعاون معهم ولا نمد أيدينا إليهم إذا كانوا يسعون للخراب أو يسيئون للدين والشرع.

* في حال تشكيل حزب سياسي، ما أهم المعالم الرئيسية التي سيحتوي عليها برنامج عملكم السياسي؟

- من المعالم أننا سنسعى لتقديم الخدمات وإصلاح التعليم والصحة وإصلاح القوانين، وسنعمل جاهدين للفصل بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، وسنعمل جاهدين لأن تكون الحكومة حكومة كفاءات وليكون الناس سواسية أمام القانون، وسنعمل على الحفاظ على ثروات البلاد ومحاسبة كل فاسد، وسنسعى لبناء الجيش بناء صحيحا بحيث يكون مؤسسة وطنية محايدة.