عناصر «مجاهدين خلق» ينتقلون على مضض إلى معسكرهم الجديد قرب بغداد

امرأة انتقلت مع الدفعة الأولى لـ «الشرق الأوسط»: خدعونا بالمكان الجديد

جندي عراقي يتولى الحراسة في محيط معسكر «ليبرتي» قرب بغداد حيث حلت أمس الدفعة الأولى من عناصر منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة المنقولين من معسكر أشرف (رويترز)
TT

انتقلت على مضض أول دفعة من عناصر منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة أمس من معسكرها في مدينة أشرف بمحافظة ديالى إلى مقر جديد قرب بغداد، في خطوة أملتها الأمم المتحدة تمهيدا لتوطين عناصر المنظمة خارج العراق.

ووصلت صباح أمس مجموعة تضم 397 معارضا إيرانيا من بين 3400 لاجئ من معسكر أشرف على بعد حوالي 80 كلم شمال بغداد، إلى معسكر ليبرتي (الحرية) قرب مطار بغداد، على أن ينقل الباقون إلى المعسكر الجديد تباعا. وقال المستشار القانوني لحركة مجاهدين خلق، بهزاد سفاري، لوكالة الصحافة الفرنسية في اتصال هاتفي قرابة الساعة السادسة بالتوقيت المحلي (03:00 تغ): «نحن عند مدخل (معسكر) ليبرتي والحافلات تخضع للتفتيش». وتندرج هذه العملية في إطار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأمم المتحدة والعراق في 25 ديسمبر (كانون الأول) بعد مفاوضات مكثفة. وينص الاتفاق على نقل 3400 معارض للنظام الإيراني إلى معسكر ليبرتي، القاعدة الأميركية السابقة قرب بغداد، في إطار عملية من المفترض أن تنتهي بمغادرتهم البلاد. وقال سفاري المقيم في معسكر أشرف منذ 2003 «فتشوا كل الأمتعة»، لافتا إلى أن القوات العراقية منعت نقل بعض الأغراض مثل الكاميرات وسكاكين المطبخ.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق عن ترحيبها «بالعملية الآمنة التي تمت اليوم لنقل نحو 400 من سكان مخيم العراق الجديد (مخيم أشرف سابقا) إلى الموقع الانتقالي المؤقت الجديد للسكان، وهو مخيم الحرية».

وصرح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن كوبلر، الذي قال إنه كان حاضرا عند وصول السكان إلى مخيم الحرية، بأن «هذه هي الخطوة الأولى إزاء تحقيق مستقبل أفضل لهم خارج العراق». وأضاف بحسب البيان «أشيد بالسلطات العراقية لقيامها بضمان سلامة وأمن عملية نقل أول مجموعة من السكان». واعتبر أنه «حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يؤكد علنا استعداده لاستقبال المتقدمين المؤهلين لإعادة التوطين». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع مستشار الأمن الوطني العراقي، فالح الفياض، ناشد كوبلر «المجتمع الدولي أن يفكر جديا بأخذ هؤلاء السكان لتلك البلدان». من جهته، أكد الفياض أن منظمة شؤون اللاجئين ستبدأ اليوم أو غدا «بإجراء مقابلة مع أعضاء المنظمة لتحديد من يرغب منهم في الذهاب إلى إيران»، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية ستكون «جهة تنفيذية».

وفي ما يتعلق بالمدة اللازمة لاستكمال رحيل كل عناصر المنظمة عن العراق، اكتفى الفياض بالقول «نتكلم عن فترة بسيطة من خلال إجراءات تقوم بها مفوضية شؤون اللاجئين لتحديد وجهة كل فرد».

وكان نظام صدام حسين سمح للمنظمة التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية منذ 1997، بالإقامة في الموقع لحملها على مساندته في محاربة النظام الإيراني خلال الحرب (1980 - 1988). وجرد المعسكر من أسلحته بعد اجتياح الولايات المتحدة وحلفائها العراق في 2003، وتولى الأميركيون آنذاك أمن المعسكر، قبل أن يسلموا العراقيين هذه المهمة في عام 2010. وفي أبريل (نيسان) الماضي، شن الجيش العراقي هجوما على المعسكر أسفر عن مقتل 34 شخصا وأكثر من 300 جريح.

من جهتها اعتبرت رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مريم رجوي، أن «عملية نقل الدفعة الأولى من سكان أشرف إلى المكان الجديد إنما تمت بناء على توصيات وتطمينات من وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون». وقالت في بيان إن «الدفعات اللاحقة ستنطلق بعد الحصول على تطمينات دنيا بخروج الشرطة العراقية من داخل ليبرتي».

من جهتها شككت إحدى سكان المعسكر الجديد «ليبرتي» بإمكانية تنفيذ الوعود التي قطعتها الحكومة العراقية على نفسها أمام الجهات الدولية لتحقيق المعايير الإنسانية المطلوبة في المعسكر الجديد. وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من أمام باب المعسكر قالت معصومة هادي إن «بإمكاني القول، بكل وضوح، إننا خدعنا بالمكان الجديد، وإن ما نواجهه اليوم ونحن نقف أمام بوابة هذا المعسكر أننا داخلون إلى سجن لا تتوفر فيه أبسط شروط ومواصفات حقوق الإنسان»، قائلة إن «الكثير من المفاجآت واجهتنا، الأولى هي أن هذا المعسكر هو عبارة عن مكان صغير وقذر بينما كنا نعيش في معسكر كامل هو عبارة عن مدينة جميلة هي أشرف، والثانية أن ممثل اللجنة الوزارية التي استقبلتنا هنا هو أحد الأشخاص الذين كانوا قد ساهموا في المجزرة التي وقعت العام الماضي لمعسكر أشرف». وأشارت إلى «أنه في الوقت الذي كان يقضي الاتفاق مع الحكومة العراقية والأمم المتحدة بعدم وجود شرطة داخل ليبرتي، فوجئنا بوجود نقاط تفتيش في الداخل أيضا».

إلى ذلك، أشاد الاتحاد الأوروبي بما أظهرته الحكومة العراقية وسكان معسكر أشرف من مرونة والتزام لتنفيذ اتفاق نقل سكان أشرف. وهنأت منسقة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، في بيان الأمم المتحدة، وبالأخص الممثل الخاص للسكرتير العام للمنظمة الدولية في العراق، مارتن كوبلر، على جهوده المتواصلة التي بذلها لعدة أسابيع لتسهيل هذه الخطوة الحاسمة، الأولى نحو إيجاد حل سلمي للوضع في المعسكر. وأكدت آشتون أنها «ستواصل مع وزراء الاتحاد الأوروبي مناقشة أفضل السبل التي تمكن الاتحاد الأوروبي من الاستمرار بدعم التوصل إلى حل سلمي ودائم لهذا القلق الإنساني بشكل أفضل».