احتدام شيعي ـ شيعي.. وتعرض عدد من وكلاء السيستاني إلى هجمات منسقة جنوب العراق

مقرب من الحوزة لـ «الشرق الأوسط»: الصرخي مجرد زوبعة إعلامية.. ولا علاقة للمرجعية بإحراق مكاتبه

TT

كشف أستاذ في الحوزة العلمية في مدينة النجف عن أن «ما حدث من حرق لبعض مكاتب رجل الدين محمود الصرخي إنما هو رد فعل شعبي من قبل الناس ولا علاقة للمرجعية الدينية العليا، ممثلة بآية الله السيد علي السيستاني، أو أي مرجع آخر من المراجع الكبار، بالأمر، فضلا عن الجهات الرسمية».

وقال حيدر الغرابي، أستاذ الحوزة العلمية أحد المقربين من المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على خلفية ما حدث أمس وأول من أمس من احتدام شيعي - شيعي في بعض مدن الجنوب: «إن المرجعية الدينية العليا لا تعمل تحت أي عنوان من العناوين مهما كانت، وإنها راعية ومرشدة للجميع، وإن كل ما حصل على صعيد حرق مكاتب رجل الدين محمود الصرخي هو رد فعل شعبي من أهالي قضاء الرفاعي الذين وجدوا أن هناك تجاوزا من قبل الصرخي وأتباعه للمرجعية الدينية العليا وأن هناك تجاوزا وتعديا سافرا عليها»، مؤكدا أن «المرجعية لا علاقة لها بما حصل لا من قريب ولا من بعيد في مثل هذه الأمور؛ لأنها تعتبر نفسها أهم وأكبر من هذه المسائل تماما».

وردا على سؤال عن الأسباب التي تقف وراء ذلك، وما إذا كان هناك شكوك تدور حول رجل الدين الشيعي محمود الصرخي وما إذا كان يحمل مرتبة آية الله العظمى، قال الغرابي: «إن المراجع عناوين معروفة وهناك إثباتات وأدلة، وكلهم موجودون في النجف وأماكنهم معلومة وحضورهم كذلك، بينما الصرخي لا أحد يعرف له مكانا، وبالتالي فإنه من وجهة نظرنا مجرد زوبعة إعلامية لا أكثر». وأوضح أن «الصرخي درس فعلا في الحوزة العلمية في النجف، لكنه بات يدعي ما ليس له حق فيه»، مشيرا إلى أن «الصرخي كان قد ترشح للانتخابات الأخيرة ولم يحصل على كرسي واحد، مما يعني ألا تأثير له على الإطلاق». وحول ما إذا كان أتباعه هم من قاموا بتهديد ممثلي المرجعية الدينية، خاصة السيستاني، قال الغرابي: «من الصعب اتهام أحد بذلك؛ إذ ربما هناك جهات تسعى للتخريب لا أكثر».

كانت منازل ستة من معتمدي ومقلدي السيستاني في محافظتي الناصرية والديوانية جنوب العراق قد تعرضت إلى هجمات بقنابل يدوية لم تؤدِّ إلى سقوط ضحايا. ووقعت هذه الهجمات بعد أن هاجم مئات المتظاهرين في الناصرية (305 كم جنوب بغداد) مكتبا جديدا للصرخي الذي يتهم مقلدو السيستاني أتباعه بالتطرف والتعصب الديني. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد ذكر شهود عيان أن متظاهرين حاولوا، الجمعة، التحدث مع القائمين على مكتب الصرخي لإقناعهم بإغلاقه وإبعاد المدينة عن «التطرف الديني بكل أشكاله»، موضحين أنه «لم يستجب لمطلبهم، مما دفعهم لإحراق المكتب».

وتعرضت، إثر ذلك، منازل تابعة لممثلي ومقلدي السيستاني إلى سلسلة من الهجمات لكنها لم تصب أيا من ساكنيها بأذى.. ففي الديوانية، تعرض منزل الشيخ باسم الوائلي، ممثل السيستاني فيها، لهجوم بقنابل يدوية. كما تعرضت 3 منازل أخرى تابعة لأبرز مقلدي السيستاني لهجمات مماثلة، لكن من دون إصابات، وفقا لمصادر أمنية. وفي قلعة سكر، شمال الناصرية، أفادت مصادر أمنية بأن السلطات عثرت على عبوة ناسفة قرب منزل الحاج فليح حسن، ممثل السيستاني في المدينة، تمكن فريق من مديرية مكافحة المتفجرات من تفكيكها. وفي مدينة النصر، شمال المدينة أيضا، عثرت الشرطة على قنبلة صوتية في الساعة السابعة من صباح السبت قرب منزل السيد علي الغرابي، وكيل السيستاني هناك، وفقا للمصادر الأمنية ذاتها. وقبيل الهجمات، اتهم الشيخ بلال الخفاجي، المتحدث باسم الصرخي، ممثل المرجع السيستاني في منطقة الرفاعي شمال الناصرية بالوقوف وراء عملية إحراق المكتب في المنطقة. وبعد تعرض المكتب للإحراق، توجه عدد من أنصار الصرخي من الكوت (160 كم جنوب بغداد) والديوانية (180 كم جنوب بغداد) إلى الناصرية، للاحتجاج على ذلك، لكن السلطات الأمنية فرضت حظرا للتجوال واعتقلت عددا من أنصار الصرخي.

وقال قائد شرطة محافظة ذي قار، اللواء صباح الفتلاوي: «لدينا معلومات تفيد بأن عددا من أنصار الصرخي قدموا من الديوانية إلى الرفاعي في محاولة لإعادة فتح المكتب، وسنتعامل معهم بحزم». وأكد «إرسال قوة من مكافحة الشغب إلى قضاء الرفاعي».

على صعيد متصل، فقد واصلت الجهات الرسمية إغلاق مكاتب الصرخي في عدد من المدن والمحافظات، منها: مدينة الصدر ببغداد؛ حيث اعتقل 3 من أعضاء المكتب دون ذكر أسباب الاعتقال. وفي البصرة تم أيضا إغلاق مكتب آخر للصرخي، في وقت اعتبر فيه نجل المرجع الشيعي النجفي أن «ما جرى من استهداف لوكلاء المرجعية الدينية ليس بالأمر الجديد؛ فقد تم استهداف الكثير من وكلاء المرجعية الدينية في ما مضى». وأضاف أن «هذا الاستهداف يرنو إلى إعاقة عمل رجال الدين الفاعلين في المجتمع، وكذلك يهدف إلى خلق نوع من الفوضى والفتنة من خلال إلقاء التهم على جهات معينة».