إيران: انطلاق المحاكمة في أكبر فضيحة اختلاس تورط فيها مقربون من نجاد

32 متهما يواجهون عقوبة الإعدام بعد أن تعهد خامنئي بعدم الرحمة معهم

متهمات في الفضيحة المالية خلال جلسة محكمة الثورة التي عقدت في طهران أمس للحكم في القضية (أ.ب)
TT

بعد نحو 6 أشهر من التحقيقات المكثفة وصراع سياسي داخل النخبة الحاكمة في إيران، انطلقت في العاصمة الإيرانية طهران أمس أولى جلسات المحاكمة في أكبر فضيحة مالية هزت الجمهورية الإسلامية تقدر بـ2.6 مليار دولار قد يواجه فيها 32 متهما عقوبة الإعدام، بعضهم على صلة بالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

ويتهم معظم المتورطين بالاختلاس والفساد بهدف الإثراء الشخصي وفق قرار الاتهام الذي تلاه رئيس المحكمة الثورية في طهران لدى افتتاح الجلسة الأولى.

وتم التعريف عن أحد المتهمين بحرفي «م.أ» واعتبر العقل المدبر للعملية وفق تقارير عدة نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية أمس.

وهذه الفضيحة غير المسبوقة في إيران وفق مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) شهدت حصول مجموعة خاصة محدودة، بفضل طلبات قروض مزورة عن طريق الفساد أو استخدام النفوذ، على قروض ضخمة من مصارف رسمية لشراء الكثير من الشركات الكبرى. وقدر البرلمان القيمة الإجمالية لعملية الاختلاس هذه بـ2.6 مليار دولار.

ووفق الاتهامات فإن مديري شركة «أمير منصور للاستثمار» استخدموا وثائق مزورة لضمان الحصول على قروض بنحو 2.6 مليار دولار لشراء شركات مملوكة للدولة بموجب مشروع خصخصة حكومي.

وحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) فإن المتهمين مثلوا أمام إحدى المحاكم الثورية في طهران مع محاميهم أمس في جلسة سمح للصحافة بحضورها.

وقال المدعي العام لطهران عباس جعفري دولت آبادي وهو يتلو لائحة اتهام تقع في 200 صفحة «أنشطة شركة أمير منصور (خسروي) مثال لعصابة منظمة قوضت الأمن الاقتصادي للمجتمع».

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية أن المتهم الرئيسي هو ماه افارين أمير خسروي الذي يواجه تهمة «الإفساد في الأرض» التي تستوجب عقوبة الإعدام. ونقلت الوكالة عن دولت آبادي قوله «كان أفراد أسرة خسروي يعيشون نمط حياة متواضعا لكن قبل عدة سنوات قرروا الحصول على قروض.. من أجل تسريع العملية أقاموا علاقات مع بعض المديرين التنفيذيين والسياسيين وبدأوا تقديم رشى».

ورفض الرئيس أحمدي نجاد اتهامات من خصومه المتشددين بأن خسروي له روابط برئيس مكتب الرئاسة أسفنديار رحيم مشائي.

ولم تنشر أسماء المتهمين الآخرين، لكن أثناء الجلسة أشار دولت آبادي إلى أن أبناء خسروي الأربعة ضالعون في عملية الاحتيال. كما وجهت أيضا اتهامات إلى محمود رضا خاوري الرئيس السابق لبنك ملي الذي هرب إلى كندا بعد الكشف عن الفضيحة العام الماضي.

وتورطت سبعة بنوك في الفضيحة التي بدأت عام 2007 ولم يكشف النقاب عنها إلا في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأثارت هذه القضية عدة معارك سياسية بين التيار المحافظ المتشدد داخل النظام الذي يسيطر على البرلمان والنظام القضائي المدعوم من المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي من جهة، وحكومة الرئيس أحمدي نجاد من جهة أخرى.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني من البقاء في منصبه بعدما اتهم بالتساهل في هذه القضية، فيما اتهم نواب ووسائل إعلام مناهضون لأحمدي نجاد كبير مستشاريه رحيم أسفنديار مشائي بالضلوع في الفضيحة.

وتدخل خامنئي ورئيس البرلمان علي لاريجاني لاحتواء التوتر وطلبا وقف الجدل الذي «لا يصب في مصلحة البلاد». ولم يصدر أي مؤشر عن الفترة التي ستستغرقها المحاكمة.

ومن المرجح أن تعقد هذه المحاكمة الصراع على السلطة بين الرئيس أحمدي نجاد والزعيم الأعلى علي خامنئي الذي ظهر في العلن العام الماضي. وبعد مشاحنات بشأن عزل وزير الاستخبارات، شن المحافظون الموالون لآية الله خامنئي حملة لترهيب الرئيس باعتقال مستشاريه المقربين واتهامه بتحدي سلطة الزعيم الأعلى.

وهم يتهمون رحيم مشائي بنشر «تيار منحرف» في الرئاسة من خلال محاولة النيل من شخصية إيران الإسلامية وتقويض دور رجال الدين.

وكان خامنئي قد تعهد في محاولة منه لإرضاء الرأي العام الساخط على الفساد السائد في مؤسسات وشركات الدولة، بألا تكون هناك أي رحمة في محاسبة أي شخص متورط في ما يوصف بأكبر فضيحة مالية في البلاد. وقال «يعين أن يعلم الجميع أن الدولة ستحقق في مثل هذه المسائل بمنتهى الشفافية، ولن تأخذها الرحمة في محاسبة المخربين والفاسدين».

ووفقا لموقعها على الإنترنت تمتلك شركة «أمير منصور الاستثمارية» 20 شركة في أنحاء إيران تتراوح بين شركات لإنتاج الصلب وأخرى لإنتاج السلع الغذائية. ونقلت الحكومة أصول الشركة التي تزيد قيمتها على أربعة مليارات دولار إلى حيازتها.

والتصنيف السنوي الأخير لمنظمة «الشفافية الدولية»، الهيئة التي مقرها ألمانيا وتلاحق الفساد في العالم، يضع إيران في المرتبة الـ146 بين 178 دولة قيد المراقبة.