الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي: المحاصصة الطائفية أغرقت البلاد في أزمات مستعصية

موسى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ينتقد غياب الإرادة لدى الكتل المتنفذة

TT

اعتبر الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي، حميد مجيد موسى، أن «العراق يمر اليوم بفترة عصيبة وأزمات مستعصية أساسها المحاصصة الطائفية والإثنية وما خلفته من نتائج سيئة وخطيرة على كل المستويات». وقال موسى في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «العلاقات الآن بين القوى السياسية المتنفذة هي على أسوأ ما يكون، كما أن الأوضاع الأمنية في البلاد هي الأخرى ليست بالمستوى المطلوب، حيث إن الأجهزة المعنية بالأمن تعاني مظاهر خلل جدية، ومن ضمنها الاختراقات، فضلا عن شيوع أشكال جديدة من الاغتيالات وتصاعد الجريمة المنظمة مع تورط أجهزة أمنية فيها».

وأضاف موسى أن «الاقتصاد العراقي يعاني هو الآخر من مظاهر خلل واضحة، حيث إن هناك فقط مشاريع على الورق، وبالتالي فإنه يقع في خانة الاقتصاد المشلول، بينما الاستثمار متردد وخائف، والمشاريع التي يجري تنفيذها تعاني هي الأخرى من التلكؤ، والعلاقات الخارجية ليست على ما يرام».

وردا على سؤال بشأن طبيعة تدخلات دول الجوار والموازنة مع الدور العربي في العراق قال موسى إن «المشكلة التي نعانيها في البلاد الآن هي أن الوضع السياسي الداخلي يعاني من ضعف المناعة حيال التدخلات الخارجية، فضلا عن أن الأطراف السياسية تستقوي على بعضها بعضا بدول الجوار من أجل حسم الخلافات»، معتبرا أن «هذا الأمر منح الأطراف الخارجية المتنفذة الفرصة لأن تحسم خلافاتها على الأرض العراقية في غياب واضح للإرادة الوطنية».

وبشأن الكيفية التي يمكن من خلالها الخروج من هذه الأزمة، قال موسى إن «الكتل السياسية الرئيسية التي فازت في الانتخابات في ظل القانون الذي منحها فرصا للفوز على حساب الآخرين في تواطؤ مفضوح من قبل السلطة القضائية، عليها أن تعيد النظر في نمط التفكير مع وجود إرادة وطنية حقيقية، لكي نتمكن من وضع العراق على السكة، ومن أجل أن نحفظ مصالح البلاد فإن ذلك يرتب مسؤوليات كبيرة على الجميع حيث إن الجميع يتحمل جانبا من الأزمة ومستوياتها».

وحول الجدل السياسي الدائر حاليا بشأن المؤتمر الوطني، قال موسى إن «المؤتمر الوطني ضرورة حياتية لإنقاذ العملية السياسية من مسارها المتلكئ»، مشيرا إلى أن «القوى الليبرالية والديمقراطية في العراق ومنها الحزب الشيوعي كانت قد أعلنت منذ البداية أنه من الضروري عقد مؤتمر وطني عام يتسع للجميع، حيث إن العملية السياسية ليست ملكا للمتنفذين فقط، لا سيما أن هناك قوى أساسية كانت قد قاست من الوضع السابق قبل سقوط الديكتاتورية، وسعت بكل قوة إلى تأسيس بديل وطني، لكن ما نواجهه الآن وبعد 9 سنوات من سقوط النظام السابق أن العراقيين لم يشهدوا بديلا ديمقراطيا حقيقيا وواضح المعالم، حيث إن هناك فشلا في منهج إدارة العملية السياسية، وهناك عناصر خلل واضحة فيها استحقت وتستحق المراجعة فعلا». وأوضح أن «الطبقة السياسية العراقية الحالية بحاجة إلى عملية تقييم نقدي قاس لمسار هذه العملية وتشخيص عناصر الخلل بشكل شجاعة وجرأة بما في ذلك رسم برنامج جديد يخرج البلاد من أزماتها». وأشار موسى إلى أن «الأزمة التي تمر بها البلاد ليست جديدة، لكن المتنفذين والمتصدين للقيادة فشلوا في حلها بالطرق القديمة التي يتبعونها، ولذلك بات من الضروري عقد مؤتمر لا بد أن تتوافر مستلزمات نجاحه بالدرجة الأولى، وهي تتمثل بالأساس في توافر القناعة في تجاوز الأزمة من خلال إرادة سياسية قادرة على اجتراح الحلول والوصول إلى نتائج حقيقية، ولا بد في هذه الحالة من تنازلات متبادلة».

وحول ما إذا كانت هناك إمكانية لذلك قال موسى إن «المشكلة التي نعانيها فعلا هي أنه ليس الجميع يمتلكون القناعة نفسها بتخطي الأزمة وتجاوز العثرات»، مبديا في الوقت نفسه شكوكه في «إمكانية التوصل إلى حلول ما دامت الشروط المتقابلة المطروحة بين الفرقاء السياسيين لا تتعدى حتى الآن الصفقات السياسية التي تتمثل في توزيع المناصب وما يتبعها من مغانم، وبالتالي فإن الجو العام هو جو ترضيات». وانتقد موسى مساعي الكتل السياسية الكبيرة في عدم إشراك القوى الأخرى ومنها الليبرالية والديمقراطية والعلمانية في المؤتمر، كاشفا أنهم «وبمشاركة العديد من القوى السياسية التي أقصاها قانون الانتخابات وعدم انتصار القضاء لهم يعملون حاليا على عقد مؤتمرات شعبية في كل أنحاء العراق لوضع القادة السياسيين أمام مسؤولياتهم الحقيقية»، معتبرا أن «الديمقراطية في العراق اليوم على المحك، لذلك فنحن بحاجة إلى عمل دؤوب من أجل إنقاذها، ولعل أحد عوامل ذلك هو المؤتمرات الشعبية والمؤتمر الوطني العام حيث إننا نواجه الآن ملامح استبداد جديد مخالفة لكل ما آمنا به وعملنا عليه وضحينا من أجله». وحول الدعوات الحالية للفيدرالية قال موسى إن «اللامركزية المتطورة تعني الفيدرالية، ولذلك نحن لا نريد أن نقفز على الحقائق ونحرف الهدف عن مساره الصحيح بما يؤدي إلى عدم الانسجام مع مصالح الشعب، ومع ذلك فإن الدستور تبنى الفيدرالية كما تبنى الديمقراطية، لكن هناك اليوم من يحاول الالتفاف على هذه والقفز على تلك، وبالتالي فإن ما نريد قوله هو أن الفيدرالية ليست لعبة سياسية، وإنما يجب أن تكون نابعة من ضرورات حياتية فعلية وليست على أساس طائفي».