قوات إسرائيلية تقتحم الأقصى ومتطرفون يشعلون النار في مسجد آخر

150 اعتداء خلال عام 2011 وانتهاكات أخرى ومخططات تعرضه للخطر

TT

اقتحمت قوة من 40 عنصرا من قوات حرس الحدود الإسرائيلية، أمس، باحة المسجد الأقصى المبارك لملاحقة مصلين بدعوى قذف حجارة على سياح أجانب. وفي الوقت نفسه، كشف النقاب عن إشعال النيران في مسجد آخر في إحدى البلدات العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48)، تدعى مصمص.

ففي صباح أمس، وضمن الاستعدادات لمواجهة خطر اعتداء من متطرفين يهود على المسجد الأقصى في القدس، تجمع عدد من المصلين المرابطين في باحات المسجد، يرصدون باب المغاربة الذي يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي عادة لإدخال المصلين اليهود والسياح الأجانب. فاقتحم باحة الأقصى نحو أربعين عنصرا من القوات الخاصة لحرس الحدود الإسرائيلي، من جهة باب المغاربة، ومن ثم اعتدوا على الفلسطينيين الذين وجدوا، قبالة الجامع القبلي المسقوف، واعتقلوا ثلاثة مصلين.

وبحسب شهود عيان، فإن الاحتلال الإسرائيلي أدخل صباح أمس، عددا من السياح والمصلين اليهود، وبعضهم أخذ باستفزاز المصلين فردوا عليهم، وتعالت أصوات التكبير والتهليل من المصلين. وعندها اقتحم الباحة عدد من القوات الخاصة، وأخذوا بالاعتداء على المصلين بالهراوات والأيدي، مما اضطر عددا من المصلين إلى الدخول إلى الجامع القبلي المسقوف، وعند أبوابه من الخارج وخاصة عند مصلى الجنائز، وقع اعتداء آخر على المصلين. واستمرت الأحداث نحو 50 دقيقة، انسحب بعدها، أغلب عناصر قوات الاحتلال إلى منطقة باب المغاربة، وبقي عدد محدود عند منطقة الكأس.

وحضر قادة دائرة الأوقاف في القدس، وعلى رأسهم الشيخ عبد العظيم سلهب، رئيس مجلس الأوقاف وتمكن من تطويق الأحداث.

وقد صرح الصحافي محمود أبو عطا، من مؤسسة الأقصى للوقف والتراث، أن عدد الاعتداءات التي وقعت على يد الاحتلال الإسرائيلي وأذرعه التنفيذية، خلال سنة 2011 بلغ 150 اعتداء، تراوحت ما بين اعتداء وانتهاك عيني ميداني ملموس، وبين مخططات تهدد وتعرض المسجد الأقصى لخطر آني أو مستقبلي قريب أو بعيد، بالإضافة إلى رصد التصريحات التي تشكل نوعا من أنواع الحث الاحتلالي على إيقاع الأذى بالمسجد الأقصى المبارك.

ويبين التقرير أن نحو 5000 شخص من المستوطنين والجماعات اليهودية اقتحموا المسجد الأقصى خلال عام 2011، ترافقت اقتحاماتهم مع تأدية شعائر وصلوات دينية يهودية وأخرى تلمودية داخل الأقصى بشكل علني وأخرى بشكل خفي، منها إدخال وحمل سفر «التوراة» أو أجزاء منه. وبرز تصعيد في وتيرة اقتحامات مجموعات من المخابرات الإسرائيلية والشخصيات السياسية والرسمية الاحتلالية. وفي المقابل، شهد الأقصى حملة من التشديد والوجود العسكري والتضييق غير المسبوق على المسلمين الوافدين إليه، وتنفيذ ممارسات يراد منها تقليل الوجود الإسلامي المتواصل في المسجد كأوامر المنع وتحديد الأعمار، وعبر عزله عن امتداده الفلسطيني، حرم الاحتلال نحو 3.7 مليون فلسطيني من أهل الضفة الغربية وقطاع غزة، من الوصول إلى مدينة القدس المحتلة، بالإضافة إلى التدخل في صلاحيات الأوقاف الإسلامية ومنعها من تنفيذ مشاريع الصيانة والإعمار اللازمة والضرورية، وبالتوازي مع ذلك كثرت فعاليات المنظمات اليهودية الداعية إلى تسريع بناء الهيكل المزعوم، معتبرين أن الوجود اليهودي شبه اليومي في الأقصى وأداء الصلوات اليهودية فيه، هو الخطوة الأولى في تنفيذ مخطط تقسيم المسجد بين المسلمين واليهود، باعتباره المقدمة الميدانية لإقامة الهيكل.

وأظهر تقرير مؤسسة الأقصى أن عام 2011 شهد حملة حفريات وتفريغات ترابية وإنشاء أنفاق طويلة ومتشابكة أسفل المسجد وفي محيطه من جميع الجهات، حيث يسعى الاحتلال إلى تحقيق وجود شبكة من الأنفاق والفراغات الأرضية تصل أطوالها بشكل تراكمي لنحو 3000م، يتخللها كنس يهودية ومراكز تهويدية. وما ميز هذا العام عن غيره هو المبادرة إلى الإعلان عن هذه الحفريات والأنفاق، التي كانت تأخذ طابع السرية بشكل عام. ولعل أخطر وأبرز ما في هذا المحور هو اعتراف الاحتلال بشكل شبه رسمي، عبر أذرعه التنفيذية والإعلامية، بوصول هذه الحفريات إلى أساسات المسجد الأقصى المبارك، خاصة في الزاوية الجنوبية الغربية.

أما المحور الثالث، الذي ركز الاحتلال العمل على تنفيذه خلال 2011، بسرعة قياسية، فهو محور تهويد محيط المسجد الأقصى المبارك. ولعل أبرزه مخطط التهويد الشامل لمنطقة البراق، وكان ملف «استكمال هدم طريق باب المغاربة وبناء جسر عسكري يوصل إلى الأقصى»، هو الملف الأكثر سخونة، خاصة في نهايته، حيث وصل الأمر لنقطة الحسم النهائية نحو التنفيذ الفعلي، لكن لطف الله أولا وأخيرا، ثم أجواء ومناخات الربيع العربي - الإسلامي حالت دون ذلك، ودفعت في اللحظات الأخيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى تأجيل التنفيذ.

وكانت قرية مصمص قرب أم الفحم، قد أفاقت أمس على حريق في مسجد عمر بن الخطاب فيها. وقد أتت النيران على محتوياته بعد أن أجهزت على الطابق الأول منه بشكل كامل، وتسببت بأضرار جسيمة لعشر مركبات كانت مركونة بمحيط المسجد. وقد حضرت قوات كبيرة من الشرطة والتحقيق الجنائي إلى المنطقة، بعد أن غادرتها طواقم الإطفاء التي عملت على إخماد الحريق في وقت سابق، ووصلت كذلك طواقم من شركة الكهرباء لفحص احتمالات وجود خلل كهربائي ما سبق الحريق ولإعادة التيار الكهربائي.