ممثلو طالبان «المزيفون» يتلاعبون بمفاوضيهم

بحثا عن مزايا مادية يمنحها برنامج حكومي يعنى بإعادة إدماج المتمردين

مقاتل سابق في طالبان يسلم سلاحه خلال حفل نظم في هراة في إطار المصالحة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

في وجود حالة تمرد، يبدو كل شخص محتالا، فالخصم لا يرتدي زيا موحدا ولا يحمل بطاقة هوية. وينطبق هذا على أحد الملالي في قندهار، يدعى نور العزيز. فبعد تخليه عن منصبه كقائد في حركة طالبان للعمل كمسؤول بالحكومة الأفغانية، مثلما ذكرت الرواية، تم اصطحابه الشهر الماضي من قبل التحالف العسكري في رحلة إلى قواعده العسكرية القديمة، حيث ألقى خطابات لإقناع السكان المحليين بعدم دعم حركة المتمردين. لكن بخلاف ذلك، يقول السكان المحليون إنهم لم يسمعوا به قط.

وبعدها، كان هناك «السيناتور» الأفغاني، الذي كان من الممكن أن يكون أحد عناصر حركة طالبان. وفي يناير (كانون الثاني)، قام بخدعة من أجل الحصول على رحلة خاصة بكبار الزوار إلى بعض أكثر المواقع سرية في قندهار، بتوجيهات من الحاكم الإقليمي المدعوم من الأميركيين، توريالي ويصا، الرئيس المحلي لجهاز الاستخبارات الأفغاني، وحاكم إقليم داند الاستراتيجي. ولم يكلف نفسه حتى عناء الاهتمام باختيار اسم حقيقي لسيناتور. ويقول بسم الله أفغانمال، وهو سيناتور حقيقي من قندهار: «لم يكن هناك أي سيناتور بهذا الاسم في مجلس الشيوخ بأكمله».

وهذه ليست حالات منفصلة؛ ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، سافر رجل ادعى أنه مبعوث سلام تابع لحركة طالبان من قندهار إلى كابل لمقابلة رئيس المجلس الأعلى للسلام، واستخدم قنبلة خبأها في عمامته لاغتياله. وقبل ذلك بعام، تم نقل محتال أقنع الأميركيين بأنه مسؤول رفيع المستوى بحركة طالبان يرغب في إجراء محادثات سلام، على متن طائرة مروحية تابعة لحلف شمال الأطلسي، من أجل مقابلة الرئيس حميد كرزاي، ودفع له مبلغا سخيا مقابل الفترة التي أمضاها. وفي أواخر عام 2009، قتل مخبر تابع لوكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، اتضح فيما بعد أنه جاسوس من تنظيم القاعدة، ثمانية أفراد في هجوم انتحاري على إحدى النقاط العسكرية.

وظهر عزيز، المفترض أنه قائد بحركة طالبان، في قندهار العام الماضي بصحبة 30 رجلا مسلحا ومعه خطاب من قيادة طالبان في باكستان يفيد بأنه قد تم تعيينه للتو كحاكم ظل لإقليم قندوز في الشمال. وكانت قصته أنه لم يرق له الوضع في الشمال، ومن ثم، قام بتسليم نفسه لبرنامج إعادة الاندماج التابع للحكومة، والذي مُنح فيه مقاتلو طالبان السابقون إمكانية الانضمام إلى البرامج المجتمعية وبرامج الوظائف. بدأ تنفيذ برنامج إعادة الاندماج متأخرا، ومن ثم كان دخول حاكم ظل لإقليم بمثابة مشكلة كبيرة. وقد قابله الحاكم ويصا ومسؤولون آخرون بحفاوة.

وفي جنوب أفغانستان، يقول مسؤولون إن أقل من 300 متمرد من حركة طالبان انضموا للبرنامج الذي أنشئ قبل عامين، ويعتقد أن كثيرا منهم انتهازيون يبحثون عن معونات حكومية. ويقول أمان الله هوتاكي، رئيس المجلس الإقليمي لولاية أورزوغان، عن هؤلاء الذين سلموا أنفسهم هناك: «لدينا نوعان من حركة طالبان، طالبان مزيفة وطالبان حقيقية. عدد المحتالين 60 أو 70 شخصا، لكن عدد الأفراد الحقيقيين المنتمين لحركة طالبان خمسة أعضاء فقط».

وفي مقابلة أجريت معه العام الماضي، أكد عزيز أنه كان قائد حركة طالبان في ضاحية ناد علي بإقليم هلمند، التي كانت من قبل أحد أكثر الأماكن عنفا في أفغانستان. ومع ذلك، قال كبار السن هناك إنهم لم يسمعوا عنه من قبل مطلقا. وقال حاجي مرويس خان، أحد شيوخ القبائل: «نحن لا نعرف قائدا تابعا لحركة طالبان يدعى نور العزيز»، قبل أن يتساءل ما إذا كان ذلك اسما مستعارا. وقد شكك مسؤولون بالاستخبارات العسكرية في نوايا عزيز. وقال أحدهم: «نحن لا نعلم كينونته».

وعلى الرغم من ذلك، فبعد تسليم نفسه، نجح عزيز في أن يصبح المدير الإقليمي لإدارة الحج والشؤون الدينية، وهي وظيفة مربحة أصبحت في الكثير من أجزاء أفغانستان مصدرا للفساد. وتم تعيينه من قبل الحاكم ويصا، الذي رتب أيضا، حسبما ذكر، زيارة الشخص الغامض الذي ادعى أنه سيناتور.

وفي حالة السيناتور، قال شخص يشير إلى نفسه باسم محمد آصف سرهدي، إنه كان سيناتورا عن إقليم غور الذي أراد افتتاح متحف جديد وافتتاح فرع في قندهار. وبعدها، عرفه الحاكم، بحسب مسؤولين محليين، بمسؤولي مقاطعات، حيث التقى بضباط شرطة ومسؤولين استخباراتيين وحكوميين.

وقال زلماي أيوبي، الناطق باسم الحاكم ويصا: «لم يكن هنا بشكل رسمي ولم نتعامل معه رسميا». لكن مع ذلك، خلص إلى أن «سرهدي» تحدث مع المسؤولين حول قضايا أمنية، وأيضا عن المتاحف. وقام عزيز، عضو حركة طالبان السابق المزعوم، برحلة الأسبوع الماضي في إقليم هلمند، حيث زار المناطق التي أشار إلى أنها كانت قواعده العسكرية السابقة منذ أيام التمرد، والتقى بضباط من حلف الناتو هناك. وقال اللواء كايدو كيفستيك، رئيس شركة تابعة للجيش الإستوني: «إن مقابلتي وجها لوجه لقائد سابق بحركة طالبان بثت لدي مشاعر مختلطة».

ومن الشائع أن تنتاب الناس مشاعر مختلطة تجاه عزيز: «نحن لا نعرفه»، هذا ما قاله قاري يوسف أحمدي، المتحدث باسم حركة طالبان في جنوب أفغانستان. وأردف قائلا: «إنه رجل مريض ومحتال».

وقد رفضت إيما واتكينز، المتحدثة باسم القيادة الإقليمية الجنوبية الغربية للتحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي، والذي يشمل هلمند، التسليم بأن عزيز محتال. وأضافت واتكينز: «لقد تم إخطاري بأن عزيز ظل مديرا لإدارة الحج في قندهار، وألقى خطابا في مؤتمر السلام في قندهار في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي».

وقد بات الانقلاب ضد حركة طالبان، سواء بشكل حقيقي أو زائف، أشبه بتجارة بالنسبة لأسرة عزيز، الذي منح منزلا وحرسا وأموالا ووظيفة. فقد قام أربعة على الأقل من أشقائه وأبوه بتسليم أنفسهم - ادعى أحدهم، وهو عبد العزيز أغا، أنه كان قائدا لحركة طالبان في إقليم بانجواي، أحد معاقل حركة طالبان الواقعة على حدود قندهار. وفي بنجواي أيضا، لم يسمع أحد مطلقا عن أغا.

* أسهم في التقرير تيمور شاه من قندهار بأفغانستان وشريف الله ساهاك من كابل

* خدمة «نيويورك تايمز»