الإضراب يعم أحياء بدمشق.. والمزة تشيع قتيلها وسط دوريات الشبيحة وانتشار الشرطة السرية

تجدد القصف على بابا عمرو والنظام يمطر أحياء حمص بالقذائف.. ويقصف الرنكوس عشوائيا

تشييع ضحايا حي المزة بدمشق أمس تحول إلى مظاهرة أخرى مناهضة للنظام السوري (إ.ب.أ)
TT

لم يمنع انخفاض درجات الحرارة التي لامست الصفر وتساقط الثلوج التي غطت المناطق السورية قوات الأمن السورية وآلياتها العسكرية من مواصلة حصارها وقصفها مدنا وأحياء عدة، لا سيما في مدينة حمص، التي لا تزال تعيش أوضاعا مأساوية مع تجدد القصف العنيف أمس بالصواريخ والمدافع على حي بابا عمرو، في ظل استمرار قوات الأمن في حصار الحي وقطع كافة مقومات الحياة عنه، وحسب إحصائيات لجان التنسيق السورية، فقد سقط 20 قتيلا أمس برصاص قوات الأمن في أنحاء البلاد. وفي موازاة ذلك، لا تزال أحياء عدة في العاصمة دمشق تغلي، حيث شيع حي المزة في الصباح الباكر أمس الشاب سامر الخطيب، الذي قضى برصاص قوات الأمن أول من أمس، وتم التشييع وسط وجود أمني كثيف، وذلك بضغط من قوات أمن النظام على ذويه، خشية من أن يتحول التشييع إلى مظاهرة. وفيما أفاد ناشطون بدوي انفجارات في حي كرم الزيتون بحمص، الذي شهد إطلاق نار في أنحاء عدة منه، بات حي الإنشاءات شبه خاو، في ظل تخوف من اقتحام قوات الأمن حي السباع، حيث قضى عسكري منشق يدعى محمد تركماني برصاص الشبيحة. وأفادت لجان التنسيق بسقوط عدد من الإصابات في حي الخالدية، جراء سقوط قذائف عدة على الحي من قبل قوات النظام الموجودة في مبنى المخابرات الجوية.

وأدى قصف عنيف بقذائف الـ«آر بي جي» من حاجز العدوية إلى إصابة سبعة أشخاص، بينهم طفلان، إضافة إلى تدمير منازل عدة. واقتحمت قوات الأمن والشبيحة حي الخضر، حيث أقدمت على تحطيم أبواب المنازل وتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية واسعة مع إطلاق الرصاص على السيارات وسرقة المحلات التجارية والمنازل.

وذكرت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن «قوات الجيش والأمن وعناصر الشبيحة اقتحمت مدينة السخنة في حمص، وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي باتجاه المنازل، مما أدى إلى مقتل سيدة وسقوط الكثير من الجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال، في موازاة تنفيذ قوات الأمن حملة اعتقالات عشوائية طالت الكثير من أبناء المدينة».

وكانت لجان التنسيق المحلية قد أعلنت في وقت مبكر أمس أن 14 شخصا، بينهم سيدتان، قضوا أمس، 9 منهم في إدلب، التي حاصرتها قوات الأمن من كافة محاورها، في ظل انتشار كثيف للدبابات على طريق الكورنيش المحيط به وإطلاق نار كثيف، وسط مخاوف من اقتحامها. وذكر ناشطون أن «ثلاثة قتلى سقطوا من أسرة واحدة في الرامية في جبل الزاوية»، متحدثين عن «استنفار أمني كامل في إدلب وجسر الشغور، كما حاصرت 40 دبابة المستشفى المركزي في إدلب».

وفي مدينة دركوش، أكد ناشطون أن السلطات السورية قامت بفتح سدين على نهر العاصي، مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه في النهر بشكل كبير، مبدين تخوفهم من أن يهدد ذلك بفيضانات تطال المدينة.

وفي موازاة ذلك، لا تزال أحياء عدة في العاصمة دمشق تغلي، حيث شيع حي المزة في الصباح الباكر أمس الشاب سامر الخطيب، الذي قضى برصاص قوات الأمن أول من أمس، وخرج ذوو القتيل من جامع الزهراء لتشييعه من دون إعلان مسبق ووسط وجود أمني كثيف، وذلك بضغط من قوات أمن النظام على ذويه، خشية من أن يتحول التشييع إلى مظاهرة، إذ كان من المفترض تشييعه من جامع المزة الكبير عند العاشرة من صباح أمس.

وقال ناشطون إن 15 شاحنة خفيفة تقل قوات الأمن والشبيحة طوقت الجنازة حيث دفن الخطيب في هدوء. وأضافوا أن سيارات الشرطة وعربات «جيب» تقل أفرادا من ميليشيا الشبيحة قامت بدوريات في المزة في حين انتشر أفراد الشرطة السرية وقاموا بإيقاف الرجال عشوائيا والتحقق من بطاقات هويتهم.

وقال الناشط معاذ الشامي في إشارة إلى الشارع الرئيسي «السير في المزة الآن ينطوي على خطر الاعتقال. المنطقة هادئة وحتى متاجر الطعام المشهورة في الشيخ سعد خالية».

وبينما تراجعت الحركة في عموم العاصمة، خرجت مظاهرة حاشدة في حي الميدان، أمس، لنصرة المزة وقام خلالها المتظاهرون بحرق العملة الإيرانية، تعبيرا عن الغضب من سياسة إيران الضالعة مع النظام السوري في قمع المظاهرات.

وقال ناشطون إن كثافة أمنية كبيرة لوحظت أمس في عدة مناطق في المزة، فعدا حملة المداهمات والاعتقالات التي جرت في منطقتي الفاروق والمصطفى، انتشر عناصر الأمن والشبيحة في كلية الصيدلة وفي منطقة الشيخ سعد والأتوستراد وأمام السفارة الإيرانية.

وشهدت مناطق في دمشق أمس انتشارا أمنيا وإقفالا للمتاجر غداة مظاهرة حاشدة وسط العاصمة. وقال المتحدث باسم تنسيقية دمشق وريفها محمد الشامي في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية «هناك انتشار أمني في دمشق وهذا ليس جديدا، ولكن الانتشار في المزة هو الكثيف. هناك حواجز أقيمت أمس في محيط المزة لفصل المناطق بعضها عن بعض». وأضاف الشامي أن «الكثير من المحلات مغلق في برزة والقابون وجوبر وكفر سوسة» التزاما بالإضراب العام والعصيان المدني «رغم الخوف من انتقام الأجهزة الأمنية».

وأفادت «صفحة الثورة السورية» على «فيس بوك»، بأن الإضراب عم بصورة شبه كاملة في حي برزة في دمشق، حيث أقفلت جميع المحلات التجارية أبوابها. وذكرت أن مجموعة من شبان الحي قاموا بتجميع أنفسهم وتوجهوا إلى مشفى تشرين العسكري، حيث قطعوا الطريق بالإطارات المشتعلة، مطالبين بتسليمهم جثث 3 قتلى من الحي سقطوا برصاص الأمن الثلاثاء الفائت، لكن قوات الأمن أطلقت الرصاص عليهم، مما أدى إلى إصابة شاب اختطفته قوات الأمن.

وقال أحد الناشطين في إطار «لجان التنسيق المحلية» في سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «أحياء بأكملها في دمشق تضامنت، أمس، مع الدعوة للإضراب، تأكيدا على مطالب الثورة السورية وتضامنا مع المدن المنكوبة، ووفاء لأرواح الشهداء الذين سقطوا برصاص الأمن في العاصمة دمشق».

ولفت الناشط المعارض إلى أن «الدعوة لأحد عصيان دمشق تأتي في إطار عصيان الكرامة الذي أطلقته (لجان التنسيق) في السابع من الشهر الجاري، وقوامه إلى جانب حداد عام على ضحايا المجزرة، عصيان اقتصادي وتشكيل (جمعيات شراء) ترمي إلى (تأسيس دورة اقتصادية بمعزل عن النظام)، وصولا إلى إعلان العصيان في دمشق وحلب».

وفي كفر سوسة، لم يتجاوز عدد الطلاب الـ50 طالبا في ثانوية عباس محمود العقاد، استجابة للدعوة إلى الإضراب في دمشق.

وأفادت «لجان التنسيق المحلية» برصد «أرتال عسكرية على الطريق الدولي بين حمص ودمشق، معززة بحماية عسكرية ومراقبة من الحوامات، يتقدمها 10 باصات مليئة بالعناصر والأسلحة وبعض السيارات العسكرية وسيارات الإسعاف، وتبعها رتل آخر مكون من 15 باصا و5 سيارات عسكرية وعدد من سيارات الـ(بيك آب) المحملة بالعناصر المسلحة يليهم رتل دبابات توجهت شمالا».

وفي ريف دمشق، تحدث ناشطون عن انتشار أمني غير مسبوق وإقامة حواجز في صحنايا وجديدة عرطوز وقطنا، مع تفتيش للسيارات لمنع الناس من الوصول إلى دمشق ومنع حافلات النقل العام المتجهة إلى العاصمة من مغادرة قطنا والضمير.

وفي الرنكوس، ذكر ناشطون أن 25 دبابة ومدرعة و10 شاحنات عسكرية محملة بالجنود احتشدوا في مزرعة سنعور. ونقلت صفحة «الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» عن ناشطين قولهم إن «قوات الاحتلال الأسدي أجرت بعد ظهر أمس، عمليات قصف مكثف وإطلاق نار عشوائي على منطقة المزارع، وصلت أصداؤها إلى القرى المجاورة، وترافقت مع تهديم للمنازل وتخريب لآبار الفلاحين».

وشهدت دير الزور حملة مداهمات واقتحامات لمنازل المدينة منذ ساعات الصباح الباكر، وتحديدا في حي الصناعة. وتعرضت القورية لحملة مداهمات أسفرت عن اعتقال 8 أشخاص وسرقة وتكسير بعض المنازل. وأفادت «لجان التنسيق المحلية» بمقتل المحامي داود خلف الصالح العلو بعد اقتحام قوات الأمن العسكري مزرعته في العشارة، بعد رفضه الاستجابة لاستدعاءاتهم المتكررة للمراجعة في الفرع.

منطقة، وهو من الطائفة السنية، بضابط آخر من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد.