قوات النظام لم تستثن مدينة تدمر الأثرية من عملياتها الأمنية.. وتضعها تحت الحصار

الطلقات الرشاشة تنهال كالمطر على أي شيء يتحرك بمجرد الشك بوجود منشقين

صورة أرشيفية للآثار الرومانية في مدينة تدمر التاريخية (أ.ف.ب)
TT

يعيش سكان مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا تحت حصار القوات النظامية منذ مطلع فبراير (شباط) الحالي، والخوف من تعرضهم لرصاص الجنود الذين «يطلقون النار على كل ما يتحرك»، كما يقولون.

ويقول أحد سكان مدينة تدمر إن «الجنود يحاصرون تدمر من كل الجهات، إذ ينتشرون من جهة القلعة العربية، وحقول الزيتون والنخيل، والصحراء، والمدينة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وانتشر الجيش السوري في الرابع من فبراير في محيط القلعة والآثار الرومانية، وفي محيط المدينة التي يصل عدد سكانها إلى نحو ستين ألف نسمة، بحسب هذا الرجل الذي طلب عدم كشف هويته.

وأضاف «الطلقات الرشاشة تنهال كالمطر على أي شيء يتحرك في منطقة الآثار لأنهم يعتقدون بوجود عناصر منشقين هناك».

وتقع مدينة تدمر بآثارها المدرجة على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي، إلى الشمال من العاصمة دمشق، وهي كانت الوجهة الأولى للسياحة في سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات فيها في منتصف مارس (آذار) الماضي.

وأفاد سكان آخرون في تدمر بأن مئات المقيمين في المدينة هربوا منها إثر أنباء سرت عن مقتل ثلاثة مدنيين بأيدي قوات الأمن. وأحد هؤلاء القتلى هو عدنان الكبير، الذي تملك عائلته فندق الواحة في وسط المدينة.

وأظهر مقطع بثه ناشطون على الإنترنت عدنان الكبير وهو مصاب برأسه في ما يرجح أنه طلق ناري. وتزامن حصار المدينة مع انقطاع الاتصالات عنها، ويتحدث الفارون منها عن إطلاق نار يومي من الرشاشات والمدرعات.

ويقول أحد هؤلاء الهاربين من تدمر «معظم الشباب رحلوا خوفا من الاعتقال، ولم يبق في المدينة سوى المسنين والموظفين». ويضيف أن النساء والفتيات جرى نقلهن إلى أماكن آمنة.

ويؤكد أحد السكان الذي لجأ مؤخرا إلى الأردن أنه شاهد عربات مدرعة ونقاط تفتيش حول المدينة، ويقول «الناس يهربون سواء كانوا معارضين أو لا خوفا من قوات الأمن التي تعتقل الناس عشوائيا».

ويقول أحد السكان إن القوى الأمنية تقيم حواجز داخل المدينة وتوقف الرجال بين سن العشرين والأربعين. ويضيف هذا الرجل الثلاثيني الذي تمكن من الخروج من تدمر قبل أيام «فقد الكثير من الناس، لا نعرف ما إذا كانوا ماتوا أم سجنوا».

وبحسب سكان، فإن الناشطين المعارضين للنظام يلجأون إلى الحقول ويتجمعون فيها، ما يدفع النظام إلى الانتقام من هذه المنطقة التي يعتاش معظم سكانها من زراعة الزيتون والنخيل.

ويقول أحد هؤلاء السكان «الحقول المجاورة للآثار هي الأكثر تضررا»، مضيفا «على الناس أن يزرعوا مجددا وينتظروا 10 سنوات حتى يحصدوا محصولا جيدا».

وكانت مدينة تدمر تعد حتى مطلع فبراير في منأى من الحركة الاحتجاجية التي أسفر قمعها عن مقتل أكثر من ستة آلاف شخص، بحسب ناشطين. ويوضح أحد السكان «كان هناك نوع من الاتفاق بين السكان والسلطات يقضي بأن تتجنب قوات الأمن دخول المدينة طالما لم تخرج فيها مظاهرات».

ويقول السكان إن الأمور تغيرت منذ جرى استبدال الضابط المسؤول عن أمن ال