مجاميع مسلحة عراقية تتعهد بالقتال إلى جانب السوريين إذا تبين أن بغداد ترسل مقاتلين لدعم نظام الأسد

أحد وجهاء القائم: السوريون وقفوا إلى جانبنا عندما حاصرنا الأميركيون في 2005

مسلحان من «جيش أحرار العراق» في مدينة القائم قرب الحدود السورية. وتهدد المجموعة بدعم الثوار السوريين (أ.ف.ب)
TT

ينشغل سكان في مدينة القائم العراقية الحدودية بالعمل على «رد الدين والجميل» لجيرانهم السوريين الذين ساعدوهم في الماضي على محاربة الأميركيين وباتوا يتعرضون اليوم للقمع في بلدهم. ويقول الشيخ محمد الكربولي (53 عاما)، وهو أحد شيوخ ووجهاء القائم، إن «الإخوة في سوريا وقفوا مع العراقيين وقفة مشرفة عند محاصرة القوات الأميركية لنا عام 2005، ففتحوا حدودهم وقلوبهم لنا».

ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية «لقد أوصلوا لنا كل ما نحتاجه من الدواء والغذاء والرجال والسلاح (..) ومن أماكن متعددة في سوريا، لذا فإنه من باب الوفاء أن نرد لهم الجميل والخير في محنتهم هذه». ويوضح من جهته عبد الناصر محمد القرة غولي (39 عاما)، الذي يسكن في المنطقة الفاصلة بين القائم والحدود مع سوريا، «ننقل لهم حاليا المواد الطبية البسيطة، ونجمع التبرعات المالية من الميسورين ونرسلها إليهم». وتقع القائم في محافظة الأنبار على بعد نحو 340 كلم غرب بغداد، وتفصلها منطقة صغيرة تسمى الربط والباغوز عن مدينة البوكمال السورية، حيث يمكن بالعين المجردة مشاهدة المزارعين السوريين وهم يعملون في أراضيهم. وتسكن مدينة القائم عشائر تجمعها علاقات عمومة ومصاهرة مع عشائر أخرى في الجانب السوري، وبينها عشائر كبيرة مثل الراويين، والعانيين، والكرابلة، والبومحل، وعشيرة السلمان. ويشير شيوخ عشائر في القائم إلى أن صلة القرابة مع السوريين تمتد إلى مدن دير الزور وحمص وإدلب في سوريا.

ويقول أبو مجاهد اللهيبي، وهو أحد وجهاء عشيرة اللهيب، «أرسلت حتى الآن ألفي دولار لمساعدة المصابين في سوريا، وهذا المبلغ أعتبره مبلغا بسيطا وهو على كل حال جل ما استطعت أن أقدمه».

ويضيف «نرسل الأموال للعشائر التي نعرفها عبر وسطاء، وذلك كلما توفر لدينا مبلغ من المال بحدود ثلاثة إلى أربعة آلاف دولار، وسنعلن قريبا عن صندوق علني لجمع التبرعات».

وتعرضت القائم عام 2005 إلى هجمات متلاحقة شنتها القوات الأميركية واستهدفت جماعات مسلحة فيها، ويؤكد أهالي المدينة أن السوريين في حينها «كانوا يقدمون كافة أشكال المساعدة، الغذائية والطبية وحتى السلاح». ويرى الكربولي أن «ما يمر به الشعب السوري الآن في حمص والشام ودير الزور وغيرها من مدن سوريا البطلة فيه إهانة للأعراض وسفك للدماء فيجب على شيوخ العشائر، وخصوصا في الأنبار، أن يتحلوا بالنخوة لمساعدة إخواننا في سوريا»، وتابع «لن نصمت على إهانة الأعراض».

وكان المسؤول الأكبر في وزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي قد قال الأسبوع الماضي إن هناك حركة تهريب للسلاح والمقاتلين باتجاه سوريا، التي كانت تتهم في السابق بأنها قدمت دعما ماليا وعسكريا ولوجيستيا لجماعات «جهادية» متمردة في العراق. وأعلنت مجموعة مسلحة في القائم، الأسبوع الماضي، عن تشكيل «جيش أحرار العراق»، بهدف «رد الدين ومساعدة من يحتاج المساعدة في سوريا». وأكدت في بيان أن عملها سيتركز على «مراقبة الحدود، وعن طريق متطوعين، للبحث عن أية تحركات غريبة أو مشبوهة من قبل الحكومة العراقية باتجاه مساعدة الحكومة» السورية. وتشير هذه الجماعة بذلك إلى تقارير نشرت في وسائل إعلام عراقية وتحدثت عن إرسال مقاتلين بتسهيل من الحكومة العراقية إلى سوريا للقتال في جانب قوات النظام السوري، وخصوصا عناصر جيش المهدي بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وقال قائد المجموعة أبو ياسر عند المنطقة الفاصلة بين الحدود العراقية والسورية «سنذهب فورا للقتال في سوريا إذا تبين أن الحكومة العراقية ترسل مقاتلين للقتال مع النظام هناك».

وتابع أبو ياسر، الملثم، فيما كان يتنقل داخل سيارة ضمن موكب مكون من ثلاث سيارات تحمل على متنها 12 رجلا مدججين بالرشاشات «نحن مستعدون لمدهم بالسلاح أيضا إذا تأكدت هذه التقارير».

في موازاة ذلك، تستعد القائم لاحتمال استقبال لاجئين سوريين. ويقول رئيس الجمعية الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان، بلال العاني إنه «في حالة حصل لجوء إلى القائم، فنستقبلهم ونوفر لهم كل ما هو ضروري وكل ما يريدونه إذ إننا لن ننسى فضلهم علينا في محنتنا». ويشدد الكربولي من جهته على أنه «إذا منعت الحكومة فتح المخيمات، فبيوتنا مفتوحة لهم».

وكانت الحكومة العراقية أعلنت، أول من أمس، أنها اتخذت «التدابير اللازمة» لتعزيز السيطرة على الحدود مع سوريا، لافتة إلى أنها تشهد «أحداثا واضطرابات» تنشط معها عمليات التسلل والتهريب و«خصوصا الأسلحة».

وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة نوري المالكي ونشر على موقع رئاسة الوزراء، أن المالكي ترأس «اجتماعا لخلية الأزمة بحضور كبار المسؤولين الأمنيين، حيث تركز البحث على أمن الحدود». وأوضح البيان أن المجتمعين ناقشوا «كيفية العمل على سد جميع الثغرات التي يتسلل منها الإرهابيون وبعض العصابات الإجرامية».

وأعلن البيان أنه «تم اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز السيطرة على الحدود مع سوريا التي تشهد أحداثا واضطرابات تنشط معها عمليات التسلل والتهريب بكل أنواعها، خصوصا الأسلحة».

كما تقرر بحسب البيان «تشكيل لجنة لمراقبة هذه الحدود وإجراء تقييم شامل لها وتقديم رؤية بالإجراءات التي يجب اتخاذها لمنع أي حركة على هذه الحدود، لا سيما في مجال تهريب السلاح». وقد أكد المالكي خلال الاجتماع أن «المعلومات الأمنية يجب أن تأخذ على محمل الجد مهما كانت ضعيفة، لأن الموضوع الأمني أمر احترازي».