تفاوت تطلعات وآمال الناخبين اليمنيين.. وتعدد أسباب مقاطعة البعض

قوى «الحراك الجنوبي» والحوثيون يطالبون بعصيان مدني اليوم لعرقلة الانتخابات

طفل يحمل صورة نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال حشد انتخابي عشية الانتخابات في صنعاء أمس (رويترز)
TT

تتفاوت مواقف المواطنين اليمنيين من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، كما تتفاوت مطالبهم من نظام الحكم المقبل، خصوصا في ظل تعامل المواطن اليمني من ظهور شخص جديد على المسرح السياسي، بخلاف الرئيس علي عبد الله صالح الذي اعتاد اليمنيون على وجوده في سدة الحكم وفي وسائل الإعلام لأكثر من 3 عقود.

وتتوزع مواقف المواطنين اليمنيين إلى عدة أجزاء، فهناك من يرفض المشاركة في الانتخابات الرئاسية كونه مؤيدا للرئيس علي عبد الله صالح ويرفض رحيله عن الحكم، وهناك من يرفض المشاركة لأنه يطالب بحسم ثوري، وآخرون في الجنوب يعتبرون المشاركة نوعا من الاستفتاء على بقاء الوحدة اليمنية التي يطالبون بفك ارتباطها بين الشمال والجنوب، وفي أقصى الشمال للحوثيين أجندة خاصة لا تقبل بالشخصيات العسكرية التي انضمت إلى الثورة، وهناك من يطالب بمحاكمة الرئيس صالح وأركان نظامه وبعدم منحه الحصانة من الملاحقة القضائية والقانونية على فترة حكمه. وللمرة الأولى تجمع أطراف السلطة والمعارضة على خوض عملية سياسية أو انتخابية، عبر التوافق على مرشح التوافق الوطني، المشير الركن عبد ربه منصور هادي، وتزكيته والتصويت له في العملية الانتخابية التي تعد استفتاء أكثر منها عملية انتخابية، في نظر المراقبين.

وفي الشارع اليمني تنظر الشرائح الاجتماعية البسيطة إلى العملية الانتخابية على أنها المخرج الحقيقي من الأزمة السياسية والاقتصادية التي عصفت بالبلاد لأكثر من عام وأدت إلى أزمات خانقة وغير مسبوقة في النفط ومشتقاته والغاز المنزلي والمواد الغذائية وغيرها، ويقول الشاب محمد الصنعاني، أحد سكان شارع النصر في شمال صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إن المطلوب هو أن يخرج البلد من الأزمة الراهنة وأن تستعيد العاصمة والمدن الأخرى الأمن الذي افتقرت إليه طوال الأشهر الماضية، وتحدث إلى «الشرق الأوسط» أحد المواطنين القاطنين بحي سعوان في شرق العاصمة، معربا عن رغبته في أن تجرى الانتخابات الرئاسية بصورة سلسة وآمنة كي يتم الالتفات إلى معاناة المواطنين اليومية المتمثلة في الغلاء وانعدام الخدمات الأساسية كالكهرباء والمحروقات وغيرها، في حين يرى يوسف الشوافي، مدير المراجعة في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، أن عهد صالح انتهى بقبوله مغادرة الحكم، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن رجل المرحلة حاليا هو عبد ربه منصور هادي، بعد التوافق عليه لكي يكون رئيسا للفترة الانتقالية حتى يتم إعادة ترتيب وضع البلاد سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا.

وضمن الطروحات التي تطرق إليها من تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» ما يتعلق بالمخاوف المستقبلية من العودة إلى الاقتتال والاحتراب الأهلي، خصوصا في ظل انقسام المؤسسة العسكرية بين مؤيدة للثورة الشبابية، ومدينة بالولاء للرئيس علي عبد الله صالح ونجله العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح وبقية أفراد أسرته الممسكين بمفاصل ومؤسسات أمنية وعسكرية هامة، ويتضح من تلك الطروحات مخاوف من أن لا تنجح المساعي الأميركية والخليجية لإعادة هيكلة الجيش والأمن.

ودعت قوى «الحراك الجنوبي» وجماعة الحوثي في الشمال إلى مقاطعة الانتخابات بالإضافة إلى العصيان المدني. غير أن موجة عنف شهدتها بعض المناطق لمنع اللجان الانتخابية من العمل أو الوصول إلى الدوائر الانتخابية، وينقسم الشارع الجنوبي في اليمن بشأن مسألة المشاركة في الانتخابات، ففي حين تدعو معظم قوى «الحراك الجنوبي» إلى المقاطعة، هناك شخصيات قيادية في الحراك التي تتبنى خيار الفيدرالية في اليمن إلى المشاركة في الانتخابات باعتبارها بوابة لحل «القضية الجنوبية».

وقال عبد الله حسن الناخبي، أمين عام المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي، إن المواقف التي تبرز ضد الانتخابات في الجنوب ترجع إلى «تعبئة خاطئة وما نريد توضيحه أن رئاسة المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب، لم تتخذ قرارا بمقاطعة الانتخابات»، وإن ما يجري هو «اجتهاد من البعض في المديريات ونعتبر ذلك خروجا عن العمل السياسي والتنظيمي للحراك ومفهوما خاطئا، ونحن لا نريد أن نعمم المفاهيم الخاطئة في الحراك الجنوبي لأنها ستضر بنا لأننا نعمل في وسط شعب ونتبنى قضيته». وقال الناخبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اعتقادا خاطئا لدى بعض الحراكيين بأن «الانتخابات إذا نجحت سوف تسقط القضية الجنوبية، وهذا مفهوم خاطئ وحديث غير صحيح، لأننا قد جربنا مثل هذه الدعايات التي كانت تطرح، فقد كان يقال إنه إذا نجح (خليجي 20) سوف تنتهي القضية الجنوبية، ونجحت البطولة وظلت القضية الجنوبية».

ووصف القيادي البارز في الحراك الجنوبي الانتخابات الرئاسية اليمنية بأنها «نهاية لعهد علي عبد الله صالح الذي ظلمنا وأخرج الجنوبيين من أعمالهم، وهو الذي قتل المسالمين في الحراك الجنوبي». وأضاف أن اليمن «يشهد اليوم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه عملية دفن عهد صالح وبداية عهد جديد، وكان يفترض بإخواننا في الحراك أن يسهموا في نهاية هذا العهد ورحيله عن السلطة لأنه هو من افتعل المشكلات في اليمن وفي الجنوب خاصة».

وتطرق الناخبي إلى موقف الجناح المؤيد للفيدرالية في اليمن الذي يمثله هو، وقال: «نحن مقتنعون بالفيدرالية كحل لمشكلات اليمن، فإنها لن تأتي إلا بحوار وطني مع الشريك الذي هو الشمال، لذلك فإن انتخابات الرئاسة سوف تشكل مفتاحا حقيقيا لنجاح القضية الجنوبية من خلال المؤتمر الوطني الشامل، وعلى الجميع التمسك بالعمل السلمي وتقديم رؤى صحيحة وأن لا نشوه قضيتنا أمام المجتمع الدولي وأمام شعبنا، وأنا شخصيا لست موافقا على أعمال العنف أينما كانت».