رئيس مجلس الشورى السعودي: قرار تاريخي للملك عبد الله بمشاركة المرأة في صناعة القرار بجانب الرجل

د. عبد الله آل الشيخ لـ «الشرق الأوسط»: عالجنا ملفات الإرهاب والفقر وغلاء المعيشة.. وقراراتنا استهدفت تطوير منظومة التعليم وتحسين الأداء

د. عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، أن استضافة المجلس للاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين، الذي تشهده الرياض يوم السبت المقبل، هو اعتراف دولي بنجاح المجلس في أداء دوره التشريعي والرقابي، معتبرا أن مبادرات المجلس لم تتجاوز اختصاصاته وصلاحياته، بل تنطلق من شعور أعضائه بالمسؤولية الوطنية، وأن من أولويات عمل المجالس التشريعية والبرلمانات أن تكون صوتا للوطن وللمواطن، مشددا على أن مجلس الشورى لم يكن يوما بساكن، ينتظر ما تقدمه الأجهزة الحكومية، بل ظل دوما مبادرا، في تفاعل متواصل مع الحراك الاجتماعي.

ولفت آل الشيخ في حوار مع «الشرق الأوسط» من الرياض، قبل أيام من استضافة الرياض لواحد من أهم الاجتماعات البرلمانية الدولية، إلى أن الاجتماع التشاوري لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين يعد من أهم الاجتماعات البرلمانية الدولية، مرجعا ذلك إلى أن المشاركين فيه يمثلون كبريات الدول اقتصاديا في العالم، حيث تمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم، ونحو 80 في المائة من إجمالي التبادل التجاري العالمي، كما يعادل الناتج القومي الإجمالي للأعضاء مجتمعين قرابة 90% من إجمالي الناتج العالمي.

واستبعد آل الشيخ أن تكون هناك نية لتعديل مسمى مجلس الشورى إلى البرلمان، موضحا أن «اسم (الشورى) لفظ أصيل في ديننا الحنيف وفي حضارتنا وثقافتنا الإسلامية، ولا أظن أن هناك نية في تعديل الاسم، فالمهم هو ما يقوم به المجلس وما يصدر عنه من قرارات، والأهم كذلك هو تعزيز دوره في المجتمع ومنحه مزيدا من الصلاحيات والاختصاصات». في ما يلي نص الحوار:

* يستضيف مجلس الشورى نهاية شهر فبراير (شباط) الحالي الاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين.. ما دلالات هذا الحدث، والانعكاسات الإيجابية على أداء المجلس وحضوره داخليا وخارجيا؟

- استضافة مجلس الشورى السعودي للاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين - اعتراف دولي بنجاح المجلس في أداء دوره التشريعي والرقابي ومشاركته في صناعة القرار لتحقيق التنمية الشاملة والمستديمة والاستقرار والأمن والعدل للوطن والمواطن، إضافة إلى دوره المهم على صعيد السياسية الخارجية للسعودية من خلال تكريس المجلس الدبلوماسية البرلمانية لتعزيز ودعم مواقف المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، تجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية.

وهذا الاجتماع هو من أهم الاجتماعات البرلمانية الدولية، لأن المشاركين فيه يمثلون كبريات الدول اقتصاديا في العالم، حيث تمثل الدول الأعضاء في مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم، ونحو 80 في المائة من إجمالي التبادل التجاري العالمي، كما يعادل الناتج القومي الإجمالي للأعضاء مجتمعين قرابة 90 في المائة من إجمالي الناتج العالمي.

ويسرني أن أرحب برؤساء وأعضاء وفود الدول المشاركة، متمنيا لهم طيب الإقامة في المملكة العربية السعودية، راجيا أن يخلص الاجتماع إلى نتائج مهمة تعين الحكومات في أدائها الاقتصادي.

كما سيكون هذا الاجتماع فرصة لإبراز نهج المملكة في الشورى، التي هي جزء من نظام الحكم في الإسلام الذي تسير عليه الدولة في شؤونها كافة.

* شارك مجلس الشورى في الاجتماعين التشاوريين السابقين في كندا وكوريا، كيف كان حضور المجلس في الاجتماعين، وما الإسهامات التي قدمها فيهما؟

- مجلس الشورى كان له حضور جيد في الاجتماعين ولله الحمد والمنة، فقد قدم ورقتي عمل تمحورتا حول الموضوع الرئيس في كل منهما، كما كانت لوفد المجلس مساهمات متميزة في المحاور الرئيسية للاجتماعين. وقد ترجمت مشاركة المجلس في الاجتماعين المكانة الاقتصادية المتميزة للمملكة وما تمثله من ركيزة مهمة في حفظ الاستقرار الاقتصادي العالمي.

وطلب مجلس الشورى في الاجتماع التشاوري الأول، الذي عقد في كندا 2010م، تشكيل فريق عمل مكون من خمس دول لدراسة الأفكار والمقترحات المقدمة من الدول المشاركة، بهدف وضع برنامج موحد ومتفق عليه ليكون ميثاق اجتماع برلمانات دول العشرين المنعقد في أوتاوا العاصمة الكندية، لتحقيق السلام والأمن الغذائي في العالم، كما دعا المجلس إلى أن يتحول اجتماع رؤساء برلمانات دول العشرين إلى اجتماع دوري يعقد كل سنة في إحدى دول الأعضاء، من أجل أن يستمر عطاء هذه الاجتماعات وتعم فائدتها على المستوى العالمي.

وتوجت مشاركة المجلس في الاجتماع الثاني في سيول 2011م بموافقة الدول الأعضاء على طلب مجلس الشورى استضافة الاجتماع التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات مجموعة الدول العشرين في المملكة، وقد ترجمت الموافقة على استضافة الاجتماع في المملكة التقدير الكبير للدور الرائد للمملكة العربية السعودية تجاه تحقيق السلم والأمن العالميين، وما تبذله من جهود للحيلولة دون دخول دول العالم في ظروف اقتصادية صعبة.

* ما أهم المحاور التي سيتركز عليها النقاش في الاجتماع التشاوري الثالث بالرياض الذي يستضيفه مجلس الشورى السبت المقبل؟

- المحاور الرئيسية للاجتماع تم اختيارها بعناية ولاعتبارات دولية، حيث سيتصدى الاجتماع لأهم ثلاثة مواضيع تحظى بقدر كبير من الاهتمام في مختلف أنحاء العالم، فالمحور الأول: هو الحوار بين أتباع الديانات والثقافات، ويتناول أهمية مؤسسية هذا الحوار في المجتمع الدولي، ونشر ثقافة الحوار واستخدامها وسيلة لتعزيز المحبة والإخاء بين الشعوب، وتقليل التوتر والصراع في المجتمع الدولي، وكما هو معلوم أن خادم الحرمين الشريفين هو صاحب المبادرة في هذا الشأن. والمحور الثاني: الطاقة لتنمية مستديمة، ويتركز على دور الطاقة في التنمية والنمو الاقتصادي العالميين، والتعاون الدولي لاستقرار وشفافية أسواق الطاقة، ودعم الأبحاث والاستثمارات لتنويع مصادر الطاقة والحد من آثارها البيئية، ومستقبل حركة التجارة والاستثمار الدولية في منتجات وقطاعات الطاقة.

في حين سيكون المحور الثالث الأزمة المالية وآثارها على الاقتصاد العالمي، وسيتناول الديون السيادية وتحديات السياسة المالية، وتقلبات أسعار صرف العملات، ومستقبل النظام المالي العالمي، وتحديات ارتفاع معدلات البطالة، وسياسات التنمية في الاقتصادات الناشئة ودورها في تحفيز النمو العالمي.

* عبر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمام مجلس الشورى عن تقديره للمجلس على ما قام به من جهود ومبادرات أسهمت في تحقيق الإنجازات وترشيد القرارات الوطنية، وشدد الملك على أن المجلس سيظل محل ثقة القيادة وتقدير الحكومة والمواطن.. كيف تثمنون هذا التقدير وهذه الثقة التي يحظى بها مجلسكم من القيادة السعودية؟

- مجلس الشورى، ولله الحمد، يحظى بثقة كبيرة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ويوليانه جل دعمهما واهتمامهما؛ لما يشكله المجلس من أهمية في صناعة القرار، فمنجزاته وقراراته طالت الكثير من أجهزة الدولة ومؤسساتها، وأسهمتا في تطوير منظومة الخدمات التي تقدم للمواطن، كما كان للمجلس دور كبير في ما تحقق من أنظمة جديدة أو تعديل أنظمة قائمة بما يستجيب للمرحلة الحالية والمستجدات والمتغيرات التي شهدتها المملكة، مما استوجب تحديث الأنظمة لتحقيق المزيد من الرفاهية للمواطن. والثقة التي يحظى بها المجلس من القيادة الرشيدة، تدفع أعضاء المجلس إلى بذل مزيد من الجهد لتعزيز منجزات المجلس، فهم نخبة من أهل الخبرة والاختصاص، يلامسون في طروحاتهم تحت القبة أو في اللجان المتخصصة هموم المواطنين وحاجاتهم، ويقدمون رؤاهم ومقترحاتهم بشأنها، إيمانا منهم بأن إيجاد الحلول والمعالجة لتلك الهموم والحاجات هي من أنجع السبل لتحقيق التنمية المستديمة والمتوازنة التي تسعى إليها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مختلف مناطق المملكة.

* صورة المجلس لدى شريحة كبيرة من المواطنين تكتنفها ضبابية، والكثير منهم يحمل مفهوما عن المجلس لم يتجاوز المفهوم الضيق عن أداء دور لا يتعدى إبداء الرأي.. كيف ترون علاج مثل هذه النظرة وتصحيح الصورة النمطية لدى هذه الشريحة عن المجلس، الذي تجاوز دوره إبداء الرأي إلى آفاق أوسع في صناعة قرارات لها قوتها وانعكاساتها على الوطن والمواطن؟

- ربما تكون هذه الصورة الذهنية التي ذكرتها في سؤالك، موجودة لدى بعض المواطنين وليس شريحة كبيرة منهم، وهذا يرجع إلى سببين: أولهما عدم الدقة في نقل ما يدور تحت قبة المجلس، وثانيهما قد يكون قصورا من المجلس ذاته. ولمزيد من الإيضاح، أقول إن وسائل الإعلام، وبخاصة البعض من مندوبي الصحف المعتمدين لدى المجلس لتغطية أعماله ونشاطاته، لا يلتزمون الدقة أحيانا في نقل ما يدور من نقاشات وما يطرحه الأعضاء من آراء ومقترحات، وتنسب على أنها رأي للمجلس، وهي في الحقيقة رأي لأحد الأعضاء، لأن رأي المجلس يتمثل في قراراته فقط، وبالتالي يعكس صورة سلبية عن المجلس، ومن ثم يأتي بعض الكتاب الصحافيين فيلتقط تلك المعلومة غير الدقيقة ومن ثم يتناولها بالتعليق، ويقلل من دور المجلس دون التثبت من صحة تلك المعلومة بالرجوع إلى الجهة المعنية في مجلس الشورى للحصول على المعلومة الصحيحة. وفي هذا المقام، أجد من واجبي الإشادة ببعض الكتاب الصحافيين المنصفين الذين يبادرون إلى الاعتذار عن ما كتبه عن المجلس - عن غير قصد - بسبب معلومة خاطئة نشرت في إحدى الصحف، وأنا هنا أؤكد أهمية توخي الدقة من قبل وسائل الإعلام المختلفة في ما تنشره عن المجلس وبما يساهم في تعزيز دورها وتحقيق أهدافها. فالإعلام شريك للمجلس في إيصال رسالته للرأي العام.

أما من جانبنا في المجلس وإيمانا منا بضرورة تفعيل الجانب الإعلامي في المجلس وبما يعالج أوجه القصور التي نعانيها في إعلامنا، فنحن نعمل حاليا على إعداد استراتيجية إعلامية واتصالية، وسيتم الانتهاء منها في غضون عدة أشهر، نأمل بإذن الله أن تكون نقلة نوعية في التواصل الإعلامي لمجلس الشورى مع جميع وسائل الإعلام وبما يحقق رسم صورة حقيقية لدى المواطنين عن دور المجلس في صناعة القرار وخدمة التنمية في المملكة بمختلف مجالاتها.

* إلى أي مدى نجح المجلس في تلمس قضايا الشأن العام وتفاعل معها؟ وما آليات المجلس في التواصل مع المواطن والتعرف على احتياجاته وآرائه، وهل لمستم من المواطن أنه استشعر من المجلس تعايشه مع نبضه وهمومه؟

- الشأن العام وهموم المواطن، كانا دوما على قمة أولويات أعضاء المجلس، الذين سعوا جادين لتلمس حاجات الناس الآنية والمستقبلية، وكذلك استشعار التحديات التي تواجه مقدرات الوطن وإنجازاته، فاتسعت دائرة اهتماماتهم لتشمل قضايا الوطن واحتياجات المواطن وهمومه، إلى جانب دراسة ومناقشة الأنظمة ومراجعة وإقرار خطط التنمية.

فقضايا الشأن العام تأخذ حيزا كبيرا في مناقشات المجلس، حيث تم تخصيص الساعة الأولى من جلسة يوم الأحد من كل أسبوع للاستماع لآراء أعضاء المجلس حول ما ينقلونه من مواضيع وأطروحات مهمة في هذا الشأن، وبعض ما يطرح تتم إحالته للجان المختصة التي تعمل على صياغة الفكرة أو تبنيها كتوصية، وتقديمها بالشكل النظامي للمجلس للمناقشة.

أما عن استشعار المواطن أهمية المجلس، فإننا نلمس تطورا في هذا المجال، حيث يردنا بشكل يومي المئات من العرائض التي تحمل آراء مهمة تناقشها لجنة حقوق الإنسان والعرائض وتحيلها للجنة المختصة، والآلية في ذلك واضحة، ومن الأمثلة القريبة على ذلك تبني المجلس عريضة للمواطن المهندس محمد الصالح تختص بتوحيد أرقام الطوارئ في المملكة، وقدمتها لجنة الشؤون الأمنية في شكل مشروع نظام جديد بموجب المادة الثالثة والعشرين من نظام المجلس، وتمت مناقشة مشروع النظام تحت القبة، وبانتظار رد اللجنة على ما أبداه الأعضاء من ملحوظات وآراء بشأن النظام للموافقة عليه.

* أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في خطابه السنوي الذي ألقاه في مجلس الشورى في السنة الثالثة من الدورة الخامسة، عن دخول المرأة السعودية في عضوية المجلس خلال الدورة المقبلة، بعد أن كانت تشارك في المجلس كمستشارة في أعمال اللجان والوفود الخارجية.. كيف تنظرون إلى هذه المبادرة التاريخية من الملك، وانعكاسات ذلك على رغبة القيادة السعودية في توسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار الوطني، وهل أقررتم آلية لتفعيل دخول المرأة السعودية للمجلس، وكيف ستكون الصورة لهذه المبادرة؟

- المرأة السعودية وصلت، ولله الحمد، إلى مرتبة عالية من الخبرة والكفاءة والتخصص في المجالات الطبية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، مما أهلها لتتبوأ مراكز مهمة في الدولة لتشارك في النهضة التنموية، وتوجها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بقراره التاريخي بتعيينها عضوا في مجلس الشورى في الدورة القادمة، لتشارك بذلك في صناعة القرار جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل، ومجلس الشورى ليس ببعيد عن المرأة، فهي موجودة فيه كمستشارة غير متفرغة، حيث يوجد لدى المجلس اثنتا عشرة مستشارة من ذوات الخبرة والتخصص في مجالات مختلفة، يثرين المجلس بآرائهن ومقترحاتهن في المواضيع التي يدرسها ويناقشها المجلس، وبخاصة المواضيع ذات الصلة بالمرأة والأسرة والطفل، كما يشاركن ضمن وفود المجلس في المحافل والمؤتمرات البرلمانية العربية والدولية ليبدين رأيهن في المواضيع التي تخص المرأة التي تطرح ضمن جدول أعمال المؤتمر، كما يشاركن ضمن وفود لجان الصداقة البرلمانية بالمجلس أثناء زياراتهم الخارجية.

* هل قام مجلس الشورى بمبادرات تتجاوز الاختصاصات المحددة في نظامه، التي تقتضيها المصلحة الوطنية أو تتطلبها المستجدات على الساحة المحلية والإقليمية والدولية؟

- لا أعتقد أن مبادرات المجلس تتجاوز اختصاصاته وصلاحياته، بل تنطلق من شعور أعضائه بالمسؤولية الوطنية، إذ من أولويات عمل المجالس التشريعية والبرلمانات أن تكون صوتا للوطن وللمواطن، فمجلس الشورى لم يكن يوما بساكن ينتظر ما تقدمه الأجهزة الحكومية، بل ظل دوما مبادرا في تفاعل متواصل مع الحراك الاجتماعي، تتصدر هموم الوطن والمواطن أولوياته، وقد عمل المجلس منذ انطلاقته الحديثة على طرح رؤيته لمعالجة الكثير من القضايا ذات الأهمية الوطنية، التي من أبرزها البطالة والإسكان والأمن المائي والغذائي، وعالج ملفات الإرهاب والفقر وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.

* شهد العامان الأخيران في مسيرة المجلس نقلة في أدائه، هل من قراءة سريعة لأبرز وأهم مضامين المواضيع التي تمت مناقشتها تحت قبة المجلس والقرارات والأنظمة الصادرة عنه؟

- لقد تجسد دور مجلس الشورى في خدمة الوطن وصيانة مقدراته، متجاوزا المفهوم الضيق لإبداء الرأي إلى آفاق أوسع، فما ينتهي إليه المجلس بعد المناقشة والمداولات والتصويت هو قرارات ترفع إلى الملك وفقا للمادة السابعة عشرة من نظام مجلس الشورى.

والآمال والتطلعات المعقودة على المجلس من قبل القيادة الرشيدة والمواطنين كبيرة، ولعلي أستشهد هنا بما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في خطابه السنوي بالمجلس: «لا نريد لمجلس الشورى أن يتوقف عند هذا القدر من المسؤوليات، بل نتوقع منه أن يستمر في عطائه، وأن يقترح من الأنظمة واللوائح ابتكارا وتعديلا ما يرى فيه مواكبة للمستجدات المعاصرة ومصلحة راجحة في هذه الأمة، التي تتطلع إلى المجلس على أنه عضد قوي للدولة بجميع أجهزتها المختلفة».

إن قراءة سريعة لمضامين المواضيع التي نوقشت تحت القبة والقرارات والأنظمة الصادرة من المجلس، تجسد حجم النقلة التي شهدها أداء المجلس، والثقة التي يحظى بها من القيادة والمواطن من جهة أخرى، فقد أسهم المجلس في تطوير منظومة التعليم بتصديه لمشكلة القبول في الجامعات، وإقراره صيغة أخذت طريقها للتنفيذ، حيث يقوم المجلس الأعلى للتعليم العالي بوضع خطة بعيدة المدى عن الاحتياجات ومخرجات التعليم المطلوبة، وفتح مسارات تطبيقية جديدة في تعليم البنات الجامعي، وإنشاء لجنة في وزارة التعليم العالي لتنظيم المنح الدراسية.

ومن بين القضايا المجتمعية التي حظيت باهتمام المجلس واتخذ حيالها قرارات عدة تستهدف تحسين الأداء وتلبية احتياجات الناس، تحسين أوضاع المستفيدين من الضمان الاجتماعي، ورفع الحد الأقصى لمعاشات الضمان المخصصة لكل أسرة، ووضع حد أدنى لرواتب المتقاعدين إلى 4000 ريال، ورفع رواتب وحوافز أعضاء هيئة التدريس ومن في حكمهم، بما يمكن الجامعات من استقطاب الكفاءات المتميزة، ودراسة زيادة مكافآت طلاب الجامعات إلى (30 في المائة) من مكافآتهم الحالية.

وفي هذا المقام، سأذكر على سبيل المثال لا الحصر أبرز القرارات التي أصدرها مجلس الشورى خلال السنوات الثلاث التي مضت من الدورة الخامسة للمجلس، فقد وافق على مشروع نظام النقل بالخطوط الحديدية، ومشروع اللائحة التنظيمية لمراكز التأهيل الأهلية للمعوقين، وتوحيد مبلغ القرض المقدم من صندوق التنمية العقارية للمواطنين وزيادته إلى 500 ألف ريال، وإلغاء شرط تملك الأرض، ورفع رأسمال الصندوق المدفوع ليصبح مائتي ألف مليون ريال، ومشروع نظام الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، وأنظمة المرافعات الشرعية، والإجراءات الجزائية، والمرافعات أمام ديوان المظالم.

كما وافق المجلس على مشروع الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية، والتقرير النهائي للاستراتيجية الوطنية للنقل، ومشروع نظام حماية الطفل، ونظام الشركات، ومشاريع أنظمة التمويل (نظام التمويل العقاري، ونظام مراقبة الشركات، ونظام الإيجار التمويلي، ونظام الرهن العقاري المسجل)، واقتراح تعديل نظام السوق المالية، ونظام الجودة وسلامة المريض في الخدمات الصحية، والموافقة على نظام التحكيم.

* مع القناعة التامة لدى الجميع بأن مجلس الشورى السعودي يمارس الدور ذاته الذي تمارسه البرلمانات في العالم، هل هناك نية لتعديل اسم المجلس إلى «البرلمان السعودي» ليتماشى ذلك مع الاسم الشائع في أغلب دول العالم؟

- «الشورى» لفظ أصيل في ديننا الحنيف وفي حضارتنا وثقافتنا الإسلامية، ولا أظن أن هناك نية في تعديل الاسم، فالمهم هو ما يقوم به المجلس وما يصدر عنه من قرارات، والأهم كذلك هو تعزيز دوره في المجتمع ومنحه مزيدا من الصلاحيات والاختصاصات.