في وقت أعلنت فيه طهران أمس أنها ستوقف مبيعات النفط إلى دول أوروبية أخرى غير فرنسا وبريطانيا، قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية إن بلجيكا وجمهورية التشيك وهولندا توقفت عن شراء النفط الإيراني بينما خفضت اليونان وإسبانيا وإيطاليا مشترياتها من الخام الإيراني. وقالت وكالة الطاقة الدولية أمس إن دول الاتحاد الأوروبي يمكنها التأقلم مع أي انقطاع مفاجئ لصادرات إيران النفطية إلى المنطقة إذ يستعد المشترون الأوروبيون للخام الإيراني بالفعل لحظر من جانب الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق وبخت الصين إيران أمس لوقفها بيع النفط الإيراني لشركات بريطانية وفرنسية داعية لبذل جهود جديدة للحوار لإنهاء المواجهة المتصاعدة بشأن برنامج طهران النووي المثير للجدل. وقالت مصادر تجارية في بكين أمس، إن شركة «يونيبك» الصينية ستقلل مشترياتها من النفط الإيراني هذا العام إلا أنه لم يتضح بعد حجم الخفض وذلك بعد توقعات بأن تكون الصين الملاذ الأخير لصادرات النفط الإيرانية التي تضررت بفعل عقوبات.
وأعلن رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية أحمد قالباني أمس أن إيران ستوقف مبيعات النفط إلى دول أوروبية أخرى غير فرنسا وبريطانيا إذا واصلت أوروبا «أعمالها العدائية» ضد طهران. ونقلت وكالة مهر عن قالباني إشارته خصوصا إلى ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال وهولندا على أنها الدول التي قد يشملها هذا الإجراء. وكانت طهران أعلنت أول من أمس، أنها ستوقف كل مبيعات النفط إلى فرنسا وبريطانيا، الدولتين اللتين كانتا في مقدمة البلدان الداعية لتشديد العقوبات على إيران. وهذا الإجراء يعتبر رمزيا إلى حد كبير حيث إن لندن وباريس قد أوقفتا تقريبا أي واردات من النفط الإيراني تمهيدا لدخول حظر الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في الأول من يوليو (تموز) المقبل. وفي المقابل فإن إيطاليا وإسبانيا واليونان التي تتسلم القسم الأكبر من صادرات النفط الإيرانية إلى أوروبا، يمكن أن تتضرر إذا نفذت طهران تهديدها.
ويمثل النفط الإيراني 30 في المائة من الواردات اليونانية و13 في المائة من الواردات الإيطالية بحسب الوكالة الدولية للطاقة. وقال قالباني «بالتأكيد، إذا استمرت الأعمال العدائية (الأوروبية تجاه إيران) فإن صادرات النفط إلى هذه الدول سيتم وقفها». وأضاف قالباني أن «هذا المستوى انخفض حاليا» من دون أن يحدد النسبة. وأكد قالباني أن «سعر النفط الإيراني ارتفع من 102 إلى 123 دولارا للبرميل منذ بدأت أوروبا الحديث عن فرض حظر على النفط الإيراني» في نهاية 2011.
من جهتها قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية أمس إن بلجيكا وجمهورية التشيك وهولندا توقفت عن شراء النفط الإيراني بينما تخفض اليونان وإسبانيا وإيطاليا مشترياتها من الخام. وقالت المتحدثة مارلين هولزنر إن المفوضية ليس لديها تأكيد رسمي بشأن المشتريات الفرنسية، لكنها أضافت أن شركة توتال قالت إنها توقفت عن الاستيراد من إيران بينما توقفت بريطانيا والنمسا والبرتغال عن شراء الوقود الإيراني منذ فترة طويلة.
وقال ديديه حسين مدير أسواق الطاقة وأمن الإمدادات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ«رويترز»: «لا نعتقد أن إعلان طهران وقف صادراتها إلى باريس ولندن، سيكون له تأثير حقيقي على السوق لأن فرنسا وبريطانيا توقفتا بالفعل عن شراء الخام من إيران». وقال حسين «إذا اتخذت إيران هذه الخطوة لوقف الصادرات فورا فإننا لا نعتقد أنه سيكون لذلك تأثير ملموس على السوق. لأن المشترين يستعدون بالفعل للأجواء الجديدة.. وثانيا لأننا نقترب من نهاية الشتاء وشركات التكرير الأوروبية عادة ما تجري عمليات الصيانة في الربع الثاني». وقال إن الوكالة مستعدة للسحب من المخزونات النفطية الاستراتيجية لو لزم الأمر. وأضاف «نتابع الوضع عن كثب كما نفعل عادة.. مستعدون للتدخل لو لزم الأمر».
وفي بكين قالت مصادر تجارية أمس إن شركة يونيبك الصينية ستقلل مشترياتها من النفط الإيراني هذا العام إلا أنه لم يتضح بعد حجم الخفض وذلك بعد توقعات بأن تكون الصين الملاذ الأخير لصادرات النفط الإيرانية التي تضررت بفعل عقوبات.
وستبيع شركة النفط الوطنية الإيرانية 240 ألف برميل يوميا من النفط لشركة تجارة النفط الصينية تشوهاي تشن رونغ في 2012 دون تغيير عن عام 2011 لكن سيجري خفض الكمية المبيعة إلى «يونيبك» الذراع التجارية لشركة التكرير الصينية الكبرى «سينوبك». وقال مصدر تجاري مطلع لـ«رويترز»: «إمدادات تشن رونغ ستبقى كما هي لكن سيكون هناك بعض الخفض في إمدادات يونيبك».
والصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم وهي أكبر شريك تجاري لإيران وأكبر عملائها النفطيين إذ تشتري بكين ما يصل إلى 20 في المائة من إجمالي صادرات الجمهورية الإسلامية من النفط الخام.
ووبخت الصين إيران أمس لوقفها بيع النفط الإيراني لشركات بريطانية وفرنسية داعية لبذل جهود جديدة للحوار لإنهاء المواجهة المتصاعدة بشأن برنامج طهران النووي المثير للجدل. وقال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية حين طلب منه التعليق على قرار إيران منع بيع النفط لشركات بريطانية وفرنسية «دعونا دوما للحوار والمفاوضات كسبيل لحسم النزاعات بين الدول ولا نؤيد ممارسة الضغوط أو اللجوء إلى المواجهة لحسم القضايا». وقال هونغ في إفادة صحافية يومية إن الصين «تأمل أن تعود كل الأطراف إلى المسار الصحيح للحوار في أسرع وقت ممكن».
إلى ذلك ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» أمس أن إيران تجد صعوبة في العثور على مشترين لنفطها فيما بدأت العقوبات تؤثر عليها. وذكرت الصحيفة مستندة لمسؤولين تنفيذيين مطلعين على المحادثات أن طهران تعرض بيع 500 ألف برميل إضافيا يوميا أي نحو 23 في المائة من حجم صادرات العام الماضي لمصاف صينية وهندية.
وأضافت أن الخام جاهز للتسليم منذ بداية أبريل (نيسان). ونقل التقرير عن أحد المصدرين قوله إن إيران لم تعرض خصما على سعر النفط. وحسب التقرير فإنه في حالة فشل إيران في العثور على زبائن بحلول منتصف مارس (آذار) ستضطر إما لتخزين الخام في صهاريج عائمة أو خفض الإنتاج.