مظاهرة في حي المزة تطالب بإسقاط النظام.. والأمن يستمر في تعزيز تواجده قرب السفارة الإيرانية

مقتل 15 شخصا أغلبهم في حمص.. والمعارضة تدعو لإجلاء النساء والأطفال من بابا عمرو

جانب من مظاهرة في حي الجورة بدمشق تضامنا مع حمص والمدن المنكوبة
TT

بينما أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس أنها تجري محادثات مع السلطات السورية للتفاوض بشأن وقف العمليات العسكرية من أجل إرسال مساعدة إنسانية إلى السكان. استمر توتر الأوضاع في العاصمة دمشق حيث عززت القوات الأمنية تواجدها، خصوصا في محيط السفارة الإيرانية، في وقت استمرت فيه العمليات الأمنية في حمص وقصف حي بابا عمرو الذي دعت المعارضة إلى إخراج النساء والأطفال منه بسبب الظروف الإنسانية المزرية. وفي حصيلة أولية سقط 15 سوريا أمس أغلبهم سقطوا في حمص.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس إنها تجري مفاوضات مع السلطات السورية ومقاتلي المعارضة بشأن «وقف القتال» من أجل توصيل المعونات للمدنيين الأشد تضررا جراء الصراع.

وقالت مصادر دبلوماسية لوكالة رويترز إن اللجنة ومقرها جنيف - وهي الوكالة الدولية الوحيدة التي تتولى نشر عمال معونة في سوريا - تسعى إلى وقف الأعمال القتالية لمدة ساعتين في بؤر الصراع لا سيما حمص.

وقالت كارلا حداد كبيرة المتحدثين باسم الصليب الأحمر «تستطلع اللجنة الدولية للصليب الأحمر عدة احتمالات لتسليم معونات إنسانية تشتد الحاجة إليها. ومن بين هذه الاحتمالات وقف القتال في أشد المناطق تضررا لتسهيل دخول الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر بسرعة إلى من يحتاجون إلى العون».

وفي دمشق، أفيد عن تعزيز الوجود الأمني في بعض النقاط التي شهدت خلال اليومين الماضيين مظاهرات غير مسبوقة، لا سيما في حي المزة بما فيها محيط السفارة الإيرانية. وشهد حي أبو رمانة الراقي في دمشق مظاهرات للمرة الاولى أمس.

وأفاد المتحدث باسم تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي أمس عن «تواجد أمني معزز عند مشفى الرازي والسفارة الإيرانية، وحاجز أمني بين المزة وكفرسوسة». ورغم ذلك، أفاد الناشط المعارض أبو حذيفة من حي المزة أن مظاهرة طلابية من 50 شابا خرجت صباحا من جانب الجامع الشافعي وهتفت لإسقاط النظام. وتتألف المظاهرات «الطيارة» التي تسير في دمشق من مجموعات غالبا قليلة العدد، وذلك بسبب التدابير الأمنية المشددة في العاصمة.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أن «مجموعة من الشبان رفعت (علم الاستقلال) صباحا على جسر الجوزة عند مدخل مدينة دمشق في تحد واضح للنظام وأجهزته الأمنية»، بحسب البيان. ويضم حي المزة الذي يقع على بعد كيلومتر واحد تقريبا من القصر الرئاسي مباني رسمية كثيرة ومراكز أمنية وسفارات.

وقال رئيس المرصد السوري رامي عبد الرحمن «بعد المظاهرات المفاجئة، على النظام أن يعيد حساباته على المستوى الأمني»، مضيفا أن «النظام لن يسمح لدمشق أن تنتفض عليه».

كما قال ناشطون إن قوات الأمن السورية أقدمت على إطلاق النار بشكل عشوائي على عائلات تجمعت بصمت عند بوابة مشفى تشرين العسكري، للمطالبة بجثامين أبنائهم الذين قضوا برصاص الأمن.

وكانت مظاهرة طيارة قد خرجت في حي أبو رمانة الراقي وسط العاصمة دمشق، وعلى مقربة من آمرية الطيران، حيث تنتشر بكثافة الحواجز والجنود والأمن بالعتاد الكامل، وتمكنت مجموعة من الشباب من تصوير دقائق معدودة لمظاهرتهم السريعة، التي هتفوا خلالها «هيه ويالله ما منركع إلا لله». ولوحظ يوم أمس زيادة عدد الحواجز في حي أبو رمانة وفي محيط آمرية الطيران، وقطع طريق الذهاب والإياب الذي يمر من أمام الآمرية ويصل أبو رمانة مع ساحة الأمويين. وكان طريق الذهاب تم قطعه منذ نحو شهر، ويوم أمس أغلق بالكامل لعدة ساعات، ولم يسمح لأحد بالمرور ما لم يكن من سكان الحي، كما أغلقت عدة شوارع في محيط الآمرية.

إلى ذلك، أعلن «مجلس قيادة الثورة السورية» في ريف دمشق مدن الزبداني ورنكوس ومضايا «مناطق منكوبة» بعد تعرضها للقصف المتواصل طيلة 15 يوما، بالتزامن مع إعلان «لجان التنسيق المحلية» في سوريا استئناف جيش النظام قصفه مدينة الأتارب في ريف حلب بالمدفعية الثقيلة.

وذكرت «لجان التنسيق» أن «المدينة (الاتارب) لا تزال تعيش في حالة عزلة تامة مع قطع كل وسائل الاتصال عنها»، ووثق الأهالي مقتل 11 شخصا من ضحايا مجزرة المدينة التي تتعرض للقصف منذ أيام، في ظل سقوط العشرات من الجرحى ومن قتلى الجيش المنشقين عن جيش النظام. وأشارت إلى أنه «لم يتم التعرف على عددهم بشكل دقيق نظرا لتقطيع أوصال المنطقة والانتشار العسكري واستمرار القصف».

وناشد أهالي الأتارب «المنظمات الإنسانية والحقوقية والمجتمع الدولي التدخل لمساعدة الجرحى والمحاصرين وتأمين حليب الأطفال والأدوية لمنع حدوث كارثة إنسانية جديدة في الأتارب التي لا تزال تخضع لحصار شديد لليوم السادس على التوالي». وكانت قوات الأمن استأنفت أمس القصف على المدينة بالدبابات والرشاشات الثقيلة، في ظل انتشار للقناصة على أسطح المباني الحكومية والجوامع والمنازل مع فرض حظر التجول في المدينة وسط انقطاع كامل للتيار الكهربائي.

وفي كلية العلوم في جامعة حلب، قال «اتحاد طلبة سوريا الأحرار» إن «حالات إغماء واختناق حصلت بين صفوف الطلاب لدى خروجهم في مظاهرة من الكلية بسبب ضربهم من قبل قوات الأمن والشبيحة بقنابل غازية سامة». كما خرجت مظاهرة أخرى أمام كلية الصيدلة تضامنا مع طلاب كلية العلوم الذين تظاهروا أمام المكتبة المركزية.

وفي ريف دمشق، أعلن مجلس قيادة الثورة السورية مدن الزبداني ورنكوس ومضايا في ريف دمشق مناطق «منكوبة»، وأفاد بأن «مدن الريف وبلداته لا تزال قابعة تحت الحصار الخانق وسط انقطاع الحاجات الأساسية للحياة اليومية»، لافتا إلى أنه «منذ بداية الحملة البربرية الوحشية لعصابات الأسد على مدن الزبداني ومضايا ورنكوس المنكوبة، لا تزال المحاولات مستمرة لتركيع السكان هناك».

وذكر «مجلس قيادة الثورة» أن المنطقة «تمر بأوضاع إنسانية سيئة وسط أجواء الثلج والبرد القارس، فلا ماء ولا كهرباء ولا خبز ولا حليب أطفال»، موضحا أنه في «ظل انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والمحروقات والغاز والاتصالات، يذيب الناس الثلج للحصول على المياه ويحرقون الشجر ليدفئوا أطفالهم». ولفت إلى أن «الأهالي يقبعون أسرى في بيوتهم بسبب الانتشار الكثيف لعصابات الأمن والشبيحة والتنكيل الذي يمارسونه بالمواطنين الأمني»، منددا «بحملة الاعتقالات المستمرة وقطع الاتصالات والكهرباء المستمر منذ 28 يوما عن كامل ريف دمشق».

وذكرت لجان التنسيق المحلية، أنه تم اعتقال 5 شبان في حملة مداهمات واعتقالات من قبل قوات النظام في بلدة الغزلانية (ريف دمشق)، فيما انشق كامل عناصر مخفر السبينة مع عتادهم والذخيرة والسيارات عن الجيش النظامي. وفي حرستا، استولت قوات الأمن على «محلين تجاريين عند دوار جامع الحسن، حيث حولت أحدهما لمخزن ذخيرة وعتاد والآخر لإقامة الجنود»، بحسب «لجان التنسيق».

وفي حماه، واصلت قوات الأمن السورية قطع كل أنواع الاتصالات عن المدينة منذ 20 يوما، وأحصى ناشطون اعتقال ما يزيد عن 500 شخص خلال هذه الفترة، وسط استمرار تقطيع أوصال المدينة بأكثر من 50 حاجزا مدعومين بالمدرعات، ومعاناة أحيائها من شح كبير في كل المواد الأساسية وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة.

وذكر ناشطون أن «قوات الأمن اقتحمت قرية خنيزير في حماه، مدعومة بالدبابات وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي، أدى إلى سقوط جرحى، ونزوح جماعي للأهالي إلى قرية التريمسة المجاورة، في موازاة انتشار عسكري على طريق شرعايا المؤدي إلى كازو والضاهرية».

وذكر المرصد أن شابا قتل «إثر إصابته برصاص الحاجز الأمني العسكري المشترك الواقع بين بلدتي طيبة الإمام وصوران». وفي ريف إدلب (شمال غرب)، أشار المرصد في بيان منفصل إلى «قتل 3 جنود إثر تدمير مجموعة منشقة لناقلة جند مدرعة قرب بلدة كفرتخاريم». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «قوات حرس الحدود اشتبكت اليوم (أمس) مع مجموعة إرهابية مسلحة في منطقة أثريا التابعة لمنطقة السلمية (ريف حماه) ما أدى إلى استشهاد ضابط برتبة مقدم ورقيب وإصابة عريف».

وفي دير الزور، تواجدت أعداد كبيرة من قوات الأمن و«الشبيحة» في إحدى المدارس في شارع السجن الواقع في منطقة الجورة، وقاموا بوضع متاريس ترابية على سطح المدرسة. وفي الميادين، خرجت مظاهرة حاشدة من مسجد الروضة هتفت للمدن المحاصرة، وحيت «الجيش السوري الحر»، داعية العالم لدعمه. أما في الرقة، فقد أفاد ناشطون عن «تحليق خفيف للطيران الحربي في سماء المدينة منذ ساعات الصباح الباكر لأسباب مجهولة»، فيما اعتقلت قوات النظام 50 شخصا على الأقل بينهم أطفال في قرية نامر في درعا. وفي بلدة الحميدية في القنيطرة، طالت حملة اعتقالات 6 أشخاص على الأقل هم العقيد المتقاعد منصور شبيب و4 آخرين من العائلة نفسها، وهم مهند وشبيب وسلطان وأنس شبيب، والمدرس شتيوي شبلي، في وقت استمرت الحواجز تقطع أوصال البلدة منذ أيام عدة.