«مدينة الأشباح».. اسم جديد للمنطقة الخضراء في بغداد

منذ تحولها إلى السيطرة العراقية بدأت الشركات الأجنبية بمغادرتها

شارع في المنطقة الخضراء ببغداد يكاد يخلو من المارة والسيارات (واشنطن بوست)
TT

أضفى الأجانب الذين لا يزالون يعيشون في «المنطقة الخضراء» اسما جديدا إلى أسماء هذه المنطقة المحصنة وسط بغداد التي تسمى أيضا «المنطقة الدولية»، أو «الفقاعة». الاسم الجديد هو «مدينة الأشباح».

تولت الحكومة العراقية السيطرة الكاملة على القلب السابق للاحتلال الأميركي، وباتت تملك قرار التحكم في عبور الأفراد الجدران الخرسانية التي يبلغ ارتفاعها 17 قدما المحيطة بالمنطقة. من ناحية أخرى تقوم قوات الشرطة والجيش العراقي بحملات تفتيش لمكاتب الشركات الأمنية الخاصة، مما دفع المؤسسات والشركات التجارية التي تعتمد عليها إلى الخروج من المنطقة.

ويقول دوغ بروكس، رئيس مؤسسة عمليات الاستقرار الدولي، وهي منظمة تجارية تمثل مؤسسات أجنبية ومنظمات غير ربحية في العراق: «لقد وصلوا إلى مرحلة بات من المستحيل معها البقاء». وكانت النتيجة تحول المنطقة الدولية إلى منطقة عراقية ومنطقة معزولة على نحو متزايد. وقال عضو البرلمان العراقي محمود عثمان: «ما نراه اليوم هو أنهم يحصنونها بشكل ما».

وتغطي المنطقة الواقعة على ضفاف نهر دجلة مساحة ما يقرب من خمسة أميال مربعة، وهي رمادية أكثر منها خضراء، ومزيج من المباني الحكومية والمنازل والفيلات، تتقاطع فيها الشوارع الواسعة مع الأزقة وأشجار النخيل المتربة.

وفي بداية عام 2009 بدأت الولايات المتحدة في نقل السيطرة على المنطقة إلى الحكومة العراقية نتيجة تحسن الأمن في البلاد. ومنذ بداية خريف العام الماضي بدأ الضباط العراقيون حملة تفتيش الشركات الأمنية وبدأوا في وقت لاحق بتضييق الخناق على الراغبين في الحصول على بطاقات للدخول أو الخروج من المنطقة، بحسب بروكس والشركات العاملة هناك. والآن تهيمن الحكومة العراقية على المنطقة.

وتوجد الأركان الرئيسة للحكومة العراقية داخل المنطقة، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي، كما يعيش الكثير من كبار مسؤولي الحكومة العراقية داخل المنطقة، يدخلون ويخرجون من منازلهم المحاطة بالأسوار في قوافل مدرعة. لكن بحلول الساعة الرابعة عصرا تخلو الشوارع من المارة، باستثناء بعض الجنود المنتشرين في بعض الجيوب. والوقوف طويلا في مكان واحد يدفع هؤلاء الجنود إلى الشك فيك والاقتراب منك لسؤالك. والتقاط صورة واحدة تجعلهم يصلون إلى رؤسائك. حتى إن شركة لرحلات المغامرة تنظم رحلات إلى العراق قالت إنها لن تتمكن بعد الآن من الدخول إلى المنطقة لزيارة مواقع مثل نصب السيفين المتشابكين الممسوكين بيدين منسوختين من يدي الرئيس الأسبق صدام حسين. ويقول جيوف هان، مالك شركة «هنترلاند ترافل»، التي يقع مقرها في بريطانيا، الذي قال إنه طلب مرارا من المسؤولين العراقيين السماح لمجموعته بالدخول إلى المنطقة: «إنهم يدفعونني إلى الجنون، لأن الناس، خصوصا الأميركيين، يسألونني أين سيوف صدام!».

تمتلك الحكومة العراقية من الأسباب ما يدعو للقلق بشأن النواحي الأمنية، ففي 28 نوفمبر (تشرين الثاني) قاد انتحاري شاحنة مفخخة عبر واحد من المداخل المحصنة بشدة، بينما قال المسؤولون إنها محاولة لاغتيال رئيس الوزراء. وقد أكدت جماعة «دولة العراق الإسلامية» الإرهابية مسؤوليتها عن المحاولة، حيث انفجرت السيارة قبل الوصول إلى مكتب نوري المالكي، خارج مبنى البرلمان، بحسب موقع «سايت» الاستخباري. وبعد ثلاثة أسابيع حذرت السفارة الأميركية رعاياها المقيمين في المنطقة الخضراء من احتمال تعرضهم لعمليات خطف داخل المنطقة الخضراء وخارجها.

وقال علي هادي الموسوي، المتحدث باسم المالكي، في مقابلة إن المنطقة الخضراء صارت أكثر أمنا خلال الشهور الثلاثة الماضية: «ينبغي أن نتخذ هذه التدابير الأمنية»، مشيرا إلى سيطرة الجيش العراقي على المنطقة والتشدد في إصدار بطاقات الدخول إلى المنطقة. وأضاف أن الشركات الأمنية الخاصة تشوهت سمعتها في العراق بسبب سوء استخدامها القوة، مشيرا إلى أن المنطقة صارت أكثر أمنا من دونهم. وعلى صعيد المؤسسات التجارية قال: «إذا لم يكن لديهم عمل في المنطقة الدولية ينبغي عليهم مغادرتها». وأوضح الموسوي أن العقارات التي أخليت تستخدم الآن من قبل عراقيين، وأن المنطقة بها الكثير من أوجه الحياة، وأن العراقيين يعيشون ويعملون.

وكان صدام قد أقام هذه المنطقة لحماية مركز حكمه، وبعد أن غزا الأميركيون البلاد بادروا إلى توسيعها، ثم جاءت الشركات الدولية لتكون قرب مركز القرار وتتمتع بحماية الشركات الأمنية الخاصة. لكن الموسوي أكد أن الشركات غير المصرح لها بالوجود داخل المنطقة يمكنها العمل خارجها، والمواطنون العراقيون لا يرون مركز الحكومة معزولا، بل يرون أنه لم يعد محتلا. ويضيف الموسوي: «الآن يشعرون أنها ملك لهم».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»