طنطاوي يشدد على ضرورة التزام المنظمات الحقوقية بالقانون المصري ويرفض التدخل في القضاء

ماكين: المشير أكد أن القاهرة تعمل «بشكل فاعل» على حل القضية.. وغراهام: بصفتي أميركيا أشعر بالإهانة

السيناتور ماكين يتحدث أمام أعضاء غرفة التجارة الأميركية في القاهرة، أمس (أ.ب)
TT

التقى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري (الحاكم في مصر) بالسناتور الأميركي جون ماكين والوفد المرافق له من أعضاء مجلس الشيوخ، في القاهرة أمس، وتم خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول العلاقات المصرية - الأميركية وسبل دعمها في تلك الفترة الدقيقة التي تشهد توترا بين القاهرة وواشنطن على خلفية قضية التمويل غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني في مصر، والمتهم فيها 19 مواطنا أميركيا. كما تطرق اللقاء إلى طبيعة عمل منظمات المجتمع المدني العاملة بمصر في ظل عملية التحول الديمقراطي التي تشهدها البلاد حاليا.

وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء بدأ بمباحثات منفردة بين المشير طنطاوي وماكين استمرت لمدة نصف ساعة، أوضح خلالها طنطاوي طبيعة عمل منظمات المجتمع المدني في مصر في ظل عملية التحول الديمقراطي التي تشهدها البلاد حاليا، وأنها يجب أن تعمل وفق القانون المصري، موضحا أن القضاء المصري يتمتع بالاستقلال الكامل، وليس من حق أي سلطة التدخل في تحقيقات القضاء أو التأثير عليها، لضمان نزاهته.

وأشار المصدر إلى أن ماكين أبدى تجاوبا مع توضيحات المشير طنطاوي بضرورة أن تلتزم تلك المنظمات بالعمل وفق القانون المصري ما دامت تعمل على أرض مصرية. وأضاف المصدر أن المباحثات الفردية أعقبها اجتماع بين المشير طنطاوي وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع ماكين والوفد المرفق له، استمر لأكثر من ساعة، وتناول سبل دعم التعاون المشترك المصري - الأميركي في العديد من المجالات خلال المرحلة المقبلة؛ ومنها المعونة الأميركية التي أكد ماكين والوفد المرافق له على أن الولايات المتحدة ملتزمة بتقديمها (بما فيها من معونة عسكرية) لمصر وفق الاتفاقيات المبرمة، وأنه لا مساس بتلك الاتفاقيات، وأن العلاقات المصرية - الأميركية علاقات قوية.

من جهته، قال السناتور جون ماكين في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع طنطاوي في القاهرة، إن «المشير طنطاوي أكد لنا أنهم يعملون بشكل فاعل من أجل حل هذه القضية»، وتابع: «هذه القضية لا تتعلق بأميركا، إنها تتعلق بالديمقراطية في مصر ومنظمات المجتمع المدني وما لديها من حقوق ثابتة». كما أضاف: «نثير قضية المنظمات غير الحكومية بتفاؤل حذر، مع أمل أن تحل هذه المشكلة بسرعة»، وأوضح هدف الزيارة قائلا: «نحن لا نصدر التهديدات، ما نسعى إليه هو المصالح المتبادلة.. نحن واثقون أن أصحاب النوايا الحسنة سيتوصلون إلى حل مقبول لهذه القضية».

لكن السناتور الأميركي ليسلي غراهام اعتبر في كلمة خلال المؤتمر الصحافي ذاته أن قضية الجمعيات الأهلية «ذات دوافع سياسية»، وأضاف أن «الشخص الذي أثار هذه القضية له أجندات غير مفيدة.. وبصفتي أميركيا، أشعر بالإهانة»، في إشارة واضحة إلى فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، التي تتهمها العديد من الجهات بأنها كانت المحرض الرئيسي على التحقيق في هذه القضية.

وتابع: «أنا عضو في مجلس إدارة المعهد الجمهوري الدولي، ويمكنني أن أؤكد لكم أنه ليس من أهداف هذه المنظمات أو المعاهد أو الشعب الأميركي دس جواسيس أو تقسيم دولة ذات سيادة.. هذا أمر سخيف».

كما حضر ماكين والوفد المرافق له مؤتمرا نظمته غرفة التجارة الأميركية بمصر تحت عنوان «فرص الشراكة بين الشركات المصرية والأميركية». وقال ماكين، خلال كلمته في افتتاح المؤتمر، إن المنطقة العربية تمر الآن بلحظة حاسمة تقودها مصر التي تعتبر المحرك الرئيسي في المنطقة، مؤكدا أن الشعب المصري قام بدور كبير في تغيير حياته والسير قدما في اتجاه الديمقراطية التي تعتبر الدعامة الرئيسية لتطوير الحياة الاقتصادية.

ونقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية عن ماكين قوله: «الثورة المصرية تعتبر أهم حدث في منطقة الشرق الأوسط منذ انتهاء الخلافة العثمانية وحتى الآن»، مشيرا إلى أن التجربة المصرية تجاه الديمقراطية تحظى باهتمام العالم أجمع، وتترقبها تلك الشعوب وتنتظر نتيجتها التي من الممكن أن تغير الكثير على سطح الكرة الأرضية.

وشدد ماكين على أن الإدارة الأميركية متمسكة لأبعد الحدود بالشراكة الاستراتيجية مع مصر، بل تعتزم تعزيزها وتقديم الدعم الكامل للشعب المصري، موضحا أن زيارته الحالية لمصر تأتي من أجل هذا الهدف. مضيفا أن «طبيعة الشراكة بين مصر وأميركا تغيرت بالفعل الآن، وعلينا جميعا أن نواكب تلك التغيرات التي أحدثها الشعب المصري»، مشيرا إلى أن أميركا تدعم مصر وبشدة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، كما تدعم القطاع الخاص الذي سيقود التنمية ويساعد على توفير الحياة الكريمة للشعب المصري من خلال المساهمة في توفير فرص عمل للشباب وتخفيض نسبة العاطلين. وتابع أن الشركات الأميركية الكبرى لديها الرغبة للاستثمار في مصر وتنتظر للدخول بقوة إلى السوق المصرية.

وبينما ربط مراقبون بين زيارة ماكين للقاهرة، والوصول لحل في أزمة المنظمات الحقوقية المثارة حاليا، قال مصدر مصري مسؤول إن الزيارة معدة مسبقا منذ فترة كبيرة، وإن ماكين في زيارة لمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.

وقال المصدر، المطلع على ملف المنظمات الحقوقية، لـ«الشرق الأوسط» إنه من المهم أن يدرك المسؤولون الأميركيون الذين زاروا مصر مؤخرا أن «مصر اليوم ليست مصر الأمس.. وأن العلاقة أصبحت علاقة ندية وليست علاقة قائمة على العصا والجزرة». ولمح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن «حل الأزمة بين البلدين سيكون قانونيا في الأساس، بعيدا عن المواءمات السياسية».