مسيرات طلابية تطالب البرلمان بسرعة إنجاز مطالب الثورة

أحيوا «يوم الطالب» وترحموا على شهداء «مذبحة كوبري عباس»

مسيرات طلابية ضمت نحو خمسة آلاف طالب لإحياء ذكرى هذا اليوم، منددة بتأخر الإصلاحات السياسية بعد عام من ثورة 25 يناير، وتطالب المجلس العسكري بتسليم السلطة (رويترز)
TT

استعاد طلاب جامعة القاهرة يوم الطالب المصري الذي غيب الاحتفال به على مدار سنوات كثيرة، ومن عتبة باب الجامعة - أيقونة النضال الوطني لطلاب مصر منذ إنشائها قبل أكثر من مائة عام، خرجت أمس مسيرات طلابية ضمت نحو خمسة آلاف طالب لإحياء ذكرى هذا اليوم، منددة بتأخر الإصلاحات السياسية بعد عام من ثورة 25 يناير.

تحركت المسيرات الطلابية من الجامعة إلى كوبري الخديوي عباس حلمي الثاني بمنطقة المنيل، الذي شهد يوم 21 فبراير (شباط) عام 1946 واقعة فتح السلطات المصرية للكوبري، لمنع مرور الطلاب عليه أثناء مظاهرتهم ضد الاحتلال الإنجليزي وحكومة إسماعيل صدقي باشا آنذاك، مما أدى إلى وفاة الكثير من الطلاب غرقا في النيل.

وعلى كوبري عباس، قرأ الطلاب الفاتحة على أرواح زملائهم الذين استشهدوا قبل ستين عاما، ويقول أحمد سمير، طالب بكلية الطب بجامعة القاهرة، إنه على الرغم من أن الشباب كانوا القوى المحركة لثورة 25 يناير التي اندلعت قبل عام وأسقطت نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، فإن دور الجامعة في أحداث الثورة لم يكن واضحا نتيجة تزامن قيام الثورة مع إجازة منتصف العام. ويضيف سمير، الذي ارتدى قناع فانديتا، لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفنا - نحن الطلبة - أن لدينا تاريخا في النضال نفتخر به، ونهدف من تجمعنا ووحدتنا إلى تحقيق مطالب الثورة التي لم تتحقق بعد، من خلال إحياء دور طلاب الجامعة والطلاب بالمراحل الثانوية في الحياة السياسية، وفي ثورة 25 يناير».

ولم تقتصر المسيرات الطلابية على طلبة الجامعة، حيث التحمت بها مسيرة أخرى ضمت طلاب المدارس الثانوية على كوبري عباس، واستظلت المسيرتان بروح الوحدة الوطنية التي عكستها ثورة 25 يناير، فضمت المسيرة طلاب الجامعات الخاصة والأجنبية التي يرتادها أبناء الشرائح الراقية والمتيسرة في المجتمع، وطلاب الجامعات الحكومية من أبناء الشرائح المتوسطة والفقيرة، كما خرجت الفتيات المنتقبات يهتفن بجانب أخريات يلبسن آخر صيحات الموضة، وكان لافتا وقوف طلاب مشبكين أيديهم على طول المسيرة لحمايتها، ولضمان عدم خروجها عن الطابور حتى لا تعطل مرور السيارات في الشوارع. ورغم وجود ضمادة على عينه جراء إصابتها في أحداث شارع محمد محمود التي وقعت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فإنه كان يهتف بحماسة وفرحة عارمة وسط الطلاب، حاملا على ظهره الغيتار الخاص به، وقال إسلام عمر، طالب بالسنة الثالثة بكلية الآداب وشاعر غنائي، لـ«الشرق الأوسط»: «خرجنا اليوم لأن لا شيء تغير، فنحن نريد أن نخرج من بؤرة الفقر والجهل، والفساد الذي لم يستأصل كليا بعد».

وأثارت المسيرات الطلابية آراء متباينة في الشارع المصري، ففي الوقت التي وبخت أم طفلها الصغير الذي تحمس للشباب وأخذ يهتف معهم، ووصفت الطلاب بأنهم مخربون وغوغاء، وقف بضعة رجال منبهرين بالمسيرة وقال أحدهم «أتمنى أن أعود طالبا»، والتقط عمر طرف الحديث متابعا بحماس «أريد حياة أفضل لكل المصريين، رغم أن البعض يسبنا ويصفنا بالمخربين، إلا أنه لم يعد هناك مجال للتراجع، فالثورة كانت الأمل لنا في حياة أفضل».

ونقلت البوابة الإلكترونية لصحيفة «المصري اليوم» المستقلة أن وزير التربية والتعليم، الدكتور جمال العربي، أصدر تعليمات للمدارس بعدم انخراط التلاميذ بمختلف المراحل التعليمية في العمل السياسي، حتى لا يكون له أثر سلبي ونفسي عليهم، خاصة أنهم غير مؤهلين لذلك.

ويؤكد عمرو السبع، طالب بكلية العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، أن هذه المسيرة ستكون نواة لبداية الحركة الطلابية في مصر، قائلا «نعم، نحن صغار في السن، ولكننا نستطيع أن نرى أن لا شيء تغير وأن هناك تواطؤا من قيادات في البلاد لإحداث فوضى».

وأكد عمرو الألفي، طالب بالجامعة البريطانية، أن الحركة الطلابية تهدف إلى تدعيم مبادئ الثورة المطالبة بالحرية والعدالة حتى داخل أسوار الجامعات الخاصة التي تخضع لإدارة مجلس الأمناء الذي يختار رئيس الجامعة ويتحكم في كل شيء.

وعلى مقربة من جامعة القاهرة، شهد ميدان الجلاء بمحافظة الجيزة أمس اجتماعا لحركات طلاب المدارس المصرية للتنسيق فيما بينها للمشاركة ميدانيا في يوم الطالب العالمي، وهو التنسيق الذي تلاه توجه مسيرة الطلاب المدرسيين للالتحام بالطلاب الجامعيين فوق كوبري عباس.

وقال محمود التابعي (17 عاما) الطالب بالصف الثاني الثانوي، وأحد مؤسسي حركة طلاب مدارس مصر للتغيير، التي تضم نحو 10 آلاف طالب، إنهم شاركوا في فعاليات «يوم الطالب العالمي» للمطالبة بتغيير نمط التعليم في مصر نحو مزيد من إطلاق حرية الإبداع والابتكار بعيدا عن التلقين والحفظ، كذا المطالبة بتغيير المناهج التعليمية التي لا تواكب التطور العلمي في العالم.

وبينما كان يحمل لافتة كتب عليها: «طلاب أحرار هنكمل المشوار»، قال التابعي إن الحراك في الشارع يشكل ضغطا على المجلس العسكري لأنه يقوم بإيصال رسالة للمجلس العسكري.

وشارك في المسيرة طلاب من مدرسة «مصر 2000» التي قامت قبل يومين بفصل 3 طلاب على خلفية قيامهم بتعليق صور لأحد ضحايا «أحداث استاد بورسعيد»، لكن نحو 100 طالب من المدرسة ذاتها شاركوا في المسيرة أمس ورددوا بصوت عال «قتلوا الألتراس الأحرار.. علشان وقفوا مع الثوار».

وضمن نحو 3 آلاف طالب مدرسي، جاء عدد كبير منهم من مدرسة «الأورمان» في الجيزة، وقف التابعي يقول بصوت يغلبه الحماس «طلاب مصر ليسوا ضمن الأغلبية الصامتة.. طلاب مصر هم ثوار مصر»، وهو ما تجاوب معه الطلاب بحرارة.

المثير أن الطلاب توجهوا بعد ذلك لمبنى البرلمان المصري لإعلان تضامنهم مع النائب زياد العليمي، الذي يواجه تحقيقا في مجلس الشعب على خلفية انتقاده المشير طنطاوي بألفاظ جارحة، وردا على سؤال حول انتماء الحركات المدرسية السياسي، قال التابعي بتحد بالغ «لا نتبع أحدا.. نحن حركة مستقلة وقراراتنا نابعة من متابعتنا للأحداث».