الشبيحة يبيعون مسروقاتهم خلال المداهمات في سوق الحرامية وسط العاصمة

سيدة من دوما: أكثر ما آلمني أن العسكر سرقوا مصحفا أهداه لي ولدي الشهيد في عيد الأم

TT

لم يفاجأ أحمد كثيرا عندما وجد رسائل إيميل وملفات سبق وتبادلها مع صديق له يعيش في ريف دمشق، على جهاز كومبيوتر محمول (لابتوب) لزميله في العمل، لأن زميله سبق وأن أخبره قبل يومين بأنه اشترى «لابتوب» مستعملا من شارع الثورة وسط العاصمة دمشق.. وكتم أحمد غيظه إلا أنه لم يستطع إخفاء حقده على زميله الذي ارتضى أن يشتري جهازا مسروقا خلال مداهمات الأمن والشبيحة للمنازل في عموم البلاد.

وأكد أكثر من شخص في دمشق أن مسروقات قوات الأمن والشبيحة من منازل المواطنين السوريين التي تتم مداهمتها تباع في «سوق الحرامية» في شارع الثورة، والتي تباع فيها عادة المسروقات.. وقال ناشطون إن سوقا ظهرت هناك حديثا، تباع فيها الأجهزة الإلكترونية والمسروقات التي تنهبها قوات النظام خلال المداهمات.

وقالت لما، وهي طالبة في كلية الطب، إنها تشاجرت مع شقيقها عندما اشترى «لابتوب» وكاميرا من سوق الحرامية، وأصرت على إعادتها، معتبرة أن شراء تلك المسروقات «مشاركة في جرائم النظام».. بينما اعتبرت زميلة لها أنها فرصة لشراء تلك المسروقات، لا سيما الأجهزة الإلكترونية، ثم إعادتها لأصحابها.. لكن لما قالت بمرارة: «يمكن ذلك إذا كان أصحاب تلك الأجهزة ما زالوا أحياء، إنهم إما شهداء أو معتقلون».

وأعادت تلك الوقائع السوريين إلى ذكريات حقبة الثمانينات حين دخل الجيش السوري إلى لبنان، وعادوا من هناك بمسروقات كثيرة من أثاث المنازل إلى بضائع المحلات التجارية، والتي جرى بيعها في سوريا، وكيف أن عائلات سورية كانت تعيش في لبنان وهجرت إلى سوريا حينذاك وجدت أثاث منازلها وقد سبقها ليباع على أرصفة المدن السورية. والأمر لم يختلف كثيرا عنه عندما استباحت قوات سرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد، عم الرئيس بشار الأسد، مدينة حماه في فبراير (شباط) 1982، بما فيها من ألم، حيث تروى قصص مروعة عن قيام رجال رفعت الأسد في سرايا الدفاع بقطع أيدي وأصابع النساء لنزع مصاغهن.. هذا عدا النهب والسلب والحرق.

وحصل جدل كبير بين ناشطين سوريين على صفحات «فيس بوك» حول أخلاقية شراء تلك المسروقات، وقال ناشط من درعا «أي أخلاق تلك في أن أشتري مقتنيات منهوبة من أشخاص قتلوا تحت التعذيب»، وتساءل «كيف أتقبل ذلك وقد سرق مصاغ أمي وأختي أثناء المداهمات في درعا».

وبحسب ما يتداول في الأوساط السورية فإن النظام أطلق يد شبيحته وجنوده للنهب في أي منطقة يداهمونها باعتبارها منطقة مباحة، وكل ما يحملونه من هناك يعد غنائم لتخفيف عبء دفع رواتبهم الشهرية، وأيضا لإغرائهم للاستمرار في موالاتهم للنظام، بالإضافة إلى السبب الأهم وهو معاقبة سكان المناطق المتمردة.

ولعل أكبر عمليات نهب وسلب للمنازل والمحلات التجارية جرت في حي الإنشاءات الراقي في مدينة حمص، حيث شوهدت الدبابات وهي تحمل أطقم الصالونات وغرف السفرة الفخمة، وفي مناطق الغوطة الشرقية حيث جرى نهب ورش النجارة وصناعة المفروشات، بالإضافة إلى سرقة الأموال والذهب والحلي وكل ما تقع عليه أيدي الجنود والشبيحة من أغراض وأدوات وأجهزة شخصية. فضلا عما حل ببلدة مضايا ومدينة الزبداني، أحد أجمل مصايف البلاد ومنازلها المترفة.

وقالت سيدة من دوما: «أكثر ما آلمني أن العسكر، وبعد تخريب كل أثاث المنزل وسرقة المال والمصاغ، سرقوا مصحفا مذهبا صغيرا أهداه لي ولدي الشهيد في عيد الأم».