قيادي كردي: قضية الهاشمي تحرج قيادة كردستان وتضعها أمام خيارين كلاهما مر

كشف لـ «الشرق الأوسط» عن الدوافع وراء توفير بارزاني وطالباني الحماية لنائب الرئيس

TT

في وقت ينتظر فيه نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي إجراء محاكمته، كشف قيادي كردي عن أسباب ودوافع القيادة الكردستانية لفرض حمايتها للهاشمي اللائذ بكردستان منذ بدأت أزمته مع القضاء العراقي، والاحتماء بالزعيمين جلال طالباني رئيس الجمهورية ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان.

وبسؤاله عن أسباب احتفاظ الزعيمين طالباني وبارزاني بالهاشمي وعدم تسليمه إلى القضاء، رغم صدور مذكرات القبض الرسمية ضده، قال المصدر القيادي الكردي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» «هناك سببان يتعلقان بكل من الزعيمين، أولا بالنسبة لطالباني فهو رئيس الجمهورية، ومن المحرج جدا له أن يتهم نائبه بجرائم كبرى بحجم جرائم الإرهاب، ولذلك حاول منذ البداية أن يبذل جهوده الخيرة لتطويق الأزمة على عدة مستويات، لكنه أخفق في ذلك بسبب قوة الاتهامات الموجهة إلى نائبه، ولذلك اضطر إلى فتح منزله لاستضافة الهاشمي ريثما تنجلي الأمور، ولكن اليوم موقفه مختلف عن بداية الأزمة، لأنه لم يعد قادرا على حل هذه المشكلة، أولا لأن موقعه كرئيس للجمهورية لا يتيح له أن يغطي على متهم بجرائم الإرهاب، وثانيا لأن استضافته في ظل كل هذه التطورات التي تشهدها قضيته وثبوت التهم الموجهة إليه ستكون صعبة، خاصة إذا ما صدر قرار المحكمة بإدانته والحكم عليه بعقوبات قاسية. أما بالنسبة لبارزاني فالوضع يختلف، فهو يشعر بأن المالكي أصبح يتفرد بالحكم، وأن نهجه كما ظهر في الفترة الأخيرة يؤثر سلبا على العلاقة بين حكومته وحكومة الإقليم من جهة، وبين حزبه والقوى الكردية، وخصوصا مع قيادة الإقليم من جهة أخرى، وبالمقابل فإن حزب بارزاني لديه علاقات جيدة مع السنة عموما ومع القائمة العراقية على وجه الخصوص، ناهيك عن العلاقة الشخصية الجيدة بين بارزاني والهاشمي، كل هذه الأسباب تستدعي من بارزاني وهو رجل يحترم علاقاته مع الآخرين أن يوفر للهاشمي ملاذا في كردستان، فما لا يستطيع الرئيس طالباني توفيره للهاشمي بحكم موقعه الرسمي في بغداد، يستطيع الرئيس بارزاني أن يقدمه للهاشمي في كردستان».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت القيادة الكردية ستستخدم الهاشمي وقضيته كورقة ضغط أو مقايضة مع المالكي، قال المصدر القيادي «لا أعتقد ذلك، لأن الهاشمي ليس ورقة رابحة للضغط، خاصة أن وضعه من الناحية القانونية ضعيف، باعتباره مطلوبا من القضاء الذي يفترض أن ينصاع له ولقراراته الجميع، وبالمقابل حتى المالكي وحكومته لا يضغطون بدرجة كافية لتسليمه أو مقايضته لأن أمره محسوم قانونيا، وفي حال أحيل الهاشمي إلى المحكمة وصدرت قرارات بإدانته عندها سيتغير الكثير من الأمور».

وعن آفاق الحل لدى القيادة الكردية للخروج من هذه الأزمة، قال القيادي الكردي «ليس أمام القيادة الكردية سوى خيارين؛ إما تسليمه حسبما تطلبه المحكمة، وإما السماح له بمغادرة كردستان، وكلا الخيارين مر لأنه لو جرى تسليمه سيكون الوضع محرجا ما دامت القيادة الكردية رفضت مرارا تسليمه في السابق، وفي حال سمحت له بالمغادرة فالخيار أمرّ، لأنها ستكون مشتركة في مخالفة قانونية وهي عدم تسليم المتهم، والكل يعرف الآن أن الهاشمي موجود بكردستان، بل إنه يظهر في القنوات الإعلامية ويدلي بتصريحات تؤكد وجوده في كردستان، وإذا سمحت القيادة الكردية له بالخروج من كردستان إلى خارج العراق سيكون الوضع في غاية الحرج، عليه فإن القيادة الكردية ما زالت تعلق آمالها على حل توافقي، وتحديدا إدراج قضية الهاشمي بجدول أعمال المؤتمر الوطني المقترح، لكي تبحث الأطراف السياسية عن مخرج لها، وتسعى القيادة الكردية حاليا إلى الإسراع بهذا الأمر وذلك قبل حلول موعد محاكمته في الثالث من مايو (أيار) المقبل، لأنه لو حكم عليه غيابيا ستنعدم كل فرص التسوية، وسيسود القانون على الجميع».

وقال المصدر القيادي في تصريحه «المشكلة أن الهاشمي لا يريد أن يسلم نفسه للسلطات القضائية طواعية لكي يحضر بنفسه المحاكمة المنتظرة، وهذا بحد ذاته قد يفسر بأنه اعتراف منه بالجرائم المنسوبة إليه، رغم أنه ينكر جميع تلك التهم، وكان يفترض به أن يواجه المحكمة ما دام بريئا من تلك التهم، وهذا ما لم يحصل، وبلجوئه إلى كردستان عقّد القضية أكثر من ذلك وسبب هذا الإحراج الشديد لقيادة الإقليم، وبناء عليه فإن قيادة الإقليم ستمضي إلى آخر الشوط بمحاولاتها لمعالجة القضية بالتوافق والحلول السياسية، فإذا أصر الجانب الآخر، وهو القضاء العراقي، على موقفه فلا تستطيع قيادة الإقليم عندها أن تفعل شيئا خصوصا إذا صدر قرار الإدانة بحق الهاشمي الموجود حاليا بكردستان».