تفجيرات بانكوك: أدلة جديدة تورط 5 إيرانيين

تحقيقات الشرطة كشفت وجود 52 ملصقا مكتوبا عليه كلمة «سجيل» على أعمدة الإنارة وعلى مقعد دراجة نارية يستخدمها إيراني مشتبه فيه

المشتبه الإيراني محمود خارزي (وسط) لدى اعتقاله في بانكوك (أ.ب)
TT

كانت البداية عندما فجر ثلاثة أشخاص منزلهم دون قصد في يوم عيد الحب في بانكوك، وانتهى بمشهد دموي، حيث رقد الانتحاري المزعوم بساقين مبتورتين على الرصيف مغطى بالزجاج بعد انفجار فاشل آخر.

كانت تفجيرات الأسبوع الماضي في العاصمة التايلاندية إيذانا بوصول إرهابيين دوليين إلى هذه الدولة في جنوب شرقي آسيا، لتكشف عن مخطط مزعوم ضد دبلوماسيين إسرائيليين، حسب وكالة «أسوشييتد برس». لكن التساؤل الأكبر لا يزال بشأن الجهة التي تقف خلف التفجيرات والدوافع وراء ذلك.

وعلى الرغم من اعتقال ثلاثة أشخاص على خلفية القضية، فإن الشرطة أعلنت أنهم لم يعترفوا بأي شيء جوهري خلال التحقيق. وقد أصدرت محكمة تايلاندية مذكرة اعتقال بحق شخص إيراني آخر مشتبه به هذا الأسبوع، وأجرت الشرطة يوم أمس تحقيقا حول اكتشاف ملصقات على أعمدة الإنارة واللوحات الإعلانية التي ربما تكون قد استخدمت لتحديد المسارات التي يستخدمها الضحايا المتوقعون.

هل كان ذلك جزءا من حرب انتقامية يرد فيها الإيرانيون الصاع لإسرائيل ردا على مقتل العلماء النوويين في طهران؟ وهل كان الانتحاريون جزءا من شبكة إرهابية دولية؟ وإذا كانوا قتلة محترفين، لماذا كانوا غير أكفاء بهذا القدر؟.. وتقول المتحدثة باسم الحكومة، ثايتيما تشايسينغ، بعد تفجيرات بانكوك «هناك العديد من النظريات» وحتى الآن لا يوجد الكثير من الإجابات.

جاءت تفجيرات 14 فبراير (شباط) بعد يوم واحد من حادثتين مماثلتين في الهند وجورجيا حاول خلالها الانتحاريون إصابة أهداف إسرائيلية بما يسمى القنابل اللاصقة التي تلتصق مغناطيسيا بالسيارة. أيا كان المسؤول عن هذه السلسلة من العنف عبر القارات، فقد أثارت فرضية وقوف طهران وراء هذه التفجيرات الكثير من التوترات المتنامية بالفعل حول برنامج إيران النووي، والجهود الدولية لوقفه. بحسب ويل هارتلي، رئيس مركز الإرهاب والتمرد في «آي إتش إس جينز» في لندن.

أنكرت إيران مسؤوليتها. وفي الوقت ذاته تحرك المحققون التايلانديون لجمع الأجزاء وحل لغز ما حدث على الأراضي التايلاندية.

وتقول الشرطة إن شابة إيرانية تبلغ من العمر 31 عاما، تدعى ليلى روحاني، زارت تايلاند أربع مرات العام الماضي، لتمهد الطريق عبر استئجار منزل من طابقين في العاصمة التايلاندية. تركت روحاني الفلبين في الخامس من فبراير (شباط)، فيما وصل الإيرانيون الثلاثة المعتقلون إلى البلاد ذات الأغلبية البوذية بعد عدة أيام، كل منهم يحمل تأشيرة سياحية لمدة 60 يوما. وقد التقى الثلاثة في باتايا، المدينة الساحلية الواقعة على خليج تايلاند الشهيرة بالحانات.

الإيرانيون الثلاثة هم محمود خارزي، 42 عاما، ومسعود صادق زاده، 31 عاما، وسعيد مرادي، 28 عاما. وتقول شرطة الهجرة إن خارزي وصادق زاده، على الأقل زارا تايلاند من قبل. وأن صادق زاده زارها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويشير الليفتنانت كولونيل، نوبون كولديلوك، محقق شرطة الهجرة البارز في جنوب تايلاند إلى أن الأفراد أقاموا في غرف مختلفة في فندقين منفصلين، وكان يبدو عليهم أنهم قادمون على سبيل الراحة، حيث أقاموا على مدى بضعة أيام، علاقات مع العديد من بنات الهوى، حسب تقرير أوردته وكالة «أسوشييتد برس».

وقد نشرت صورة للمجموعة خلال هذه الفترة الأسبوع الماضي. على الصفحة الأولى في صحيفة «بانكوك بوست» بعد التفجيرات. وتظهر صور الهاتف الجوال التي التقطتها بعض بنات الهوى الإيرانيين في حانة أو مطعم شرق أوسطي. وكان خارزي وصادق زاده يجلسان على طاولة مليئة بالمشروبات وزجاجات المياه والشيشة وكل واحد منهم يصطحب سيدة في ذراعه، فيما كان مرادي متكئا. شربت المجموعة ولعبوا البلياردو سويا، بحسب التقرير - ثم توجهوا إلى بانكوك للإقامة في منزل روحاني الذي تم إعداده لهم.

مهما كان الرجال يخططون له فقد فشل بعد ظهر 14 فبراير (شباط)، عندما اشتعلت القنابل المخبأة في المنزل عن طريق الخطأ، حيث أطاح الانفجار الذي أعقب ذلك بالسطح قبالة الغرفة الأمامية بالكامل، في الوقت ذاته مزق مبنى الطابق الأول وأمطرت الباحة الأمامية بالحطام. وقد أظهرت الدوائر التلفزيونية المغلقة المثبتة في الشارع الإيرانيين وهم يخرجون واحدا تلو الآخر.

أظهرت الصورة أن أول من خرج من المنزل كان صادق زاده حافي القدمين، مرتديا شورتا ونظارات شمسية. وكان خارزي هو الثاني الذي يخرج من المنزل حاملا حقيبة ظهر كبيرة معلقة على كتفه.

وعندما خرج مرادي في النهاية، بعد نحو خمس دقائق، كانت مجموعة صغيرة من الأفراد قد بدأت في التوافد على المكان. لكن المارة تراجعوا خوفا وابتعدوا في الوقت الذي تجاوزهم مرادي مرتديا سترة ويحمل حقيبة ظهر سوداء، مرتديا قبعة بيسبول زرقاء وبدا الدم ينزف من جرح على الجانب الأيسر من وجهه. وكان يحمل في كل يد، ما يبدو جهاز راديو محمولا، ربما قنابل لاصقة مصنوعة يدويا.

خلال محاولة مرادي الهرب، مر تاكسي أحمر - ولسبب ما لا يزال غير معلوم أسقط واحدة من القنابل على الطريق أمامه، لتنسف جزءا من مقدمة السيارة وتصيب السائق وثلاثة آخرين من المشاهدين. وتشير بونلاك فاكدي، عاملة النظافة التي تعيش في المنطقة، إلى أن السائق خرج وصاح في السائقين الآخرين لوقف مرادي، قائلا: «لا تصطحبوا ذلك الرجل في سيارتكم».

وتحول مرادي إلى أحد الطرق الرئيسية في الوقت الذي بدأت فيه الشرطة بالدخول. كان من بينهم السيرجنت بانفوم راكوسون، الذي أكد أن الإيراني سحب صندوقا مستطيل الشكل من حقيبة الظهر وألقاه ناحية رجال الشرطة.

وقال بانفوم: «كنا مندهشين ولم نتمكن من القيام بأي شيء، سوى الوقوف هناك».

بيد أن القنبلة علقت بشيء ما، واصطدمت بالأرض بجوار مرادي وانفجرت، ليطيح الانفجار في الحال برجلي مرادي. وقال بانفوم إن مرادي التقط قطعة زجاج مكسور من على ممر المشاة وقربها من عنقه كما لو كان يحاول الانتحار.

يقبع مرادي في الوقت الراهن في حجز الشرطة في مستشفى بانكوك فيما اعتقل خارزي في المطار الدولي في تلك الليلة، محاولا الصعود على متن الرحلة المتجهة إلى إيران. فيما اعتقل صادق زاده في اليوم التالي في ماليزيا، وربما يتم ترحيله إلى تايلاند. وقد أصدرت المحاكم التايلاندية قرارات اعتقال بحق الرجال الثلاثة إضافة إلى روحاني وإيراني خامس هو نوروزي شايان علي أكبر.

أكبر، ذو الشعر الداكن واللحية البيضاء، التقطت الدائرة التلفزيونية المغلقة صورته وهو يغادر المنزل الإيراني في صباح يوم الانفجار. وقال نائب رئيس الشرطة الوطنية، الجنرال بانسيري براباوات إن أكبر كان في طريقه إلى المطار، ليدرك الرحلة إلى طهران.

وقد قدم المسؤولون روايات متناقضة حول دور أكبر. فيقول الليفتنانت جنرال ويناي ثونسونج، بالشرطة، إنه ربما يكون خبير صناعة القنابل الذي قدم التدريب للإيرانيين الثلاثة الآخرين. لكن ويناي تراجع يوم الاثنين قائلا إن أكبر ربما كان حارس العقار.

ويشير المحققون إلى أن خارزي - الشخص الوحيد الذي تمكن المحققون من استجوابه حتى الآن - قد لزم الصمت، معترفا أنه كان في المنزل، لكنه ينكر أي معرفة بالتفجيرات. وقد صادرت السلطات يوم الجمعة دراجة نارية هوندا زرقاء يعتقدون أن روحاني اشترتها في ديسمبر (كانون الأول) واستخدمها صادق زاده. وقد عثر عليها في أحد شوارع بانكوك يوم السبت.

وحسب تقرير وكالة «أسوشييتد برس» فإن الشرطة قد عثرت أيضا على 52 ملصقا مكتوبا عليه كلمة «سجيل». وقد انتشرت الملصقات في العشرات من المواقع في العاصمة، ربما لتحديد المسارات التي قد يستخدمها الأشخاص المستهدفون. وتتشابه الملصقات مع ملصقات أخرى تم العثور عليها تحت مقعد الدراجة النارية التي يستخدمها الإيراني. وقد عثر على الدليل الأكثر إدانة في المنزل المحطم، حيث عثر على قنبلتي راديو محمولتين - كل منهما محشوة بنحو رطل أو اثنين من المتفجرات البلاستيكية، بحسب مؤسسة «آي إتش إس حانز».