إسرائيل تنقل مفاوضات عمان الاستكشافية مع الفلسطينيين إلى العلن

عريقات يلتزم الصمت وعبد ربه يكذب التسريبات الإسرائيلية.. والرد الرسمي مؤجل

TT

فيما رفض رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، في اتصال هاتفي معه، التعقيب على التسريبات الإسرائيلية المتعلقة بمفاوضات عمان الاستكشافية، أكد مصدر فلسطيني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن السلطة الفلسطينية سترد على التسريبات، رسميا، بعد دراسة الموقف، عبر نشر حقائق أخرى عن لقاءات عمان.

وبينما امتنع المشاركون، من الجانب الفلسطيني، في لقاءات عمان عن الرد، كذب أمين سر اللجنة التنفيذيه لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه التسريبات الإسرائيلية، قائلا: إنها مجرد أكاذيب واقتباسات لا صلة لها بواقع ما جرى وتأتي في إطار خداع الرأي العام العالمي.

واستفزت التسريبات الإسرائيلية الوفد الفلسطيني المفاوض، الذي امتنع عن إعطاء أي معلومات للصحافيين منذ طلب منه ذلك، أثناء وبعد عقد اللقاءات في عمان، وتفاجأ أخيرا بتسريبات من الجانب الإسرائيلي، لم ينفها أو يؤكدها عريقات نفسه، الذي بعث برسائل لأعضاء اللجنة الرباعية الدولية، دان فيها قيام الحكومة الإسرائيلية بتسريب بعض المعلومات عن اللقاءات التي تمت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في العاصمة الأردنية عمان.

وكان عريقات، قد أكد في رسائله، أمس، أن ما عرضته الحكومة الإسرائيلية على وسائل الإعلام يعتبر أنصاف حقائق وليس الحقيقة الكاملة، وأنها تستخدم ذلك لأغراض العلاقات العامة، علما بأن هناك تعهدا من الجانبين للحفاظ على السرية التامة لهذه المحادثات.

وكان مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قال في إيجاز للصحافيين الإسرائيليين: إن المحادثات الاستكشافية التي جرت الشهر الماضي في عمان، بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية برعاية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وممثلي اللجنة الرباعية الدولية، «انتهت، ولا احتمال لاستئنافها في الأفق المنظور، في أعقاب توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بين السلطة وحركة حماس في الدوحة قبل أسبوعين». وكشف المصدر أن الاقتراح الإسرائيلي الذي قدمه المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية إلى المفاوضات، إسحاق مولخو، لرئيس الوفد الفلسطيني، صائب عريقات، في شأن تسوية مسألة الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، «شبيه إلى حد كبير»، بالاقتراح الذي قدمته وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني في مؤتمر أنابوليس أواخر عام 2007. وأضاف أن الرئيس محمود عباس «يتهرب من المفاوضات مع إسرائيل منذ 3 أعوام، وها هو يتهرب منها (محادثات عمان) مرة أخرى»، مشيرا إلى أن إسرائيل «كان لديها الاستعداد لتقديم مبادرات حسن نية وطرحنا رزمة شاملة، لكن الفلسطينيين رفضوها بكل بساطة»، وتابع: إن «جهات دولية كثيرة تدرك أننا لم نفشل المحادثات، ويمكن استنتاج ذلك أيضا من صمت الأردنيين الذين لم يتهموا إسرائيل بأي شيء».

وفي تفاصيل «محادثات عمان»، كما نقلتها «هآرتس» عن المصدر الإسرائيلي، فإن مولخو قدم لعريقات في الجولة الخامسة والأخيرة من المحادثات الاستكشافية، في 25 من الشهر الماضي، «المواقف الأولية» لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من مسألة الحدود مع الدولة الفلسطينية، وتضمنت عددا من المبادئ، أبرزها:

- يتم رسم الحدود على نحو يضمن بقاء أكبر عدد من الإسرائيليين (المستوطنين) الذين يعيشون اليوم في الضفة الغربية، وأقل ما يمكن من الفلسطينيين من هذه المنطقة، في المناطق التي ستخضع لسيادة دولة إسرائيل.

- تضم إسرائيل إلى حدودها الكتل الاستيطانية الكبرى، (لكن مولخو لم يخض في التفاصيل، ولم يعط تعريفا لهذه التكتلات الكبرى).

- يجب حل مسألتي الحدود والأمن المتعلقتين بالضفة أولا، ثم الانتقال لبحثهما في كل ما يتعلق بالقدس.

- تحتفظ إسرائيل بوجود عسكري لفترة زمنية معينة في غور الأردن المحتل، (إلا أن مولخو لم يشرح طبيعة هذا الوجود ولم يحدد المدة الزمنية، علما بأن إسرائيل سبق أن أعلنت أنها تريد إبقاء جيشها في الغور بداعي حماية حدودها مع الأردن وفلسطين من «تسلل جهات معادية»).

وبحسب المصدر الإسرائيلي، فإن عريقات طلب من نظيره الإسرائيلي إيضاحات عن مستقبل الغور، فرد مولخو بالقول: إن نتنياهو تطرق إلى هذه المسألة في خطابين ألقاهما في الكنيست ثم في الكونغرس في مايو (أيار) الماضي، تحدث فيهما عن «الوجود العسكري الإسرائيلي على طول نهر الأردن»، لكنه لم يطالب بأن تبقي إسرائيل الغور تحت سيادتها. وردا على تساؤل عريقات «ماذا سيحصل في حال لم توافق السلطة على هذا الاقتراح؟» قال مولخو: «هل تفضلون (كخيار بديل) أن نضم الغور (إلى السيادة الإسرائيلية)؟».

وتناول المفاوضان مسألة مستقبل المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وطبقا لما فهمه المراسل السياسي للصحيفة من المسؤول الإسرائيلي، فإن الموقف الأولي لنتنياهو يقضي بأن قسما من المستوطنات سيبقى في تخوم الدولة الفلسطينية ولا يتم إخلاؤه. من جهته، فضل عريقات عدم التعقيب على هذه الفكرة ووعد برد «لم نتلقاه إلى اليوم». وأضاف المراسل أن اقتراح مولخو عن مستقبل المستوطنات لا يختلف كثيرا عما طرحته ليفني في المفاوضات مع الفلسطينيين التي أعقبت مؤتمر أنابوليس قبل 4 أعوام، ويقوم على انسحاب إسرائيل من 90% على الأقل من مساحة الضفة، من دون استبعاد إبقاء مستوطنات داخل الضفة (شرق الجدار الفاصل) ضمن الدولة الفلسطينية.