توقيف ستروس ـ كان في قضية دعارة والاستفادة من أموال مختلسة

بعد فضيحة «سوفيتيل ـ نيويورك».. «كارلتون - ليل» تلاحق المدير السابق لصندوق النقد

ستروس - كان أثناء وصوله إلى مقر الدرك للتحقيق معه في مدينة ليل أمس (إ.ب.أ)
TT

عادت «مغامرات» المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي، وزير الاقتصاد الفرنسي السابق دومينيك ستروس ـ كان إلى واجهة الأحداث مجددا بعدما اعتقد أنه صفى أموره مع العدالة الأميركية في قضية فندق سوفيتيل ـ نيويورك ولقائه مع خادمة الغرف نفيستو ديالو الأفريقية الأصل التي اتهمته باغتصابها. ولم يكف إسقاط مدعي عام مانهاتن التهم عمن كان يعتبر أخطر منافسي الرئيس نيكولا ساركوزي من الاشتراكيين في الانتخابات الرئاسية ليرتاح من رائحة الفضائح والأضواء فجاءت ما أخذ يعرف بـ«فضيحة فندق كارلتون» في مدينة ليل (شمال فرنسا) ليعيده إلى الدوامة التي تشده إلى الحضيض يعد أن كان عرف الأمجاد والشهرة والسلطة.

وأمس، كان ستروس ـ كان على موعد جديد مع القضاء في مدينة ليل التي وصلها صباحا حيث اقتيد إلى ثكنة للدرك. وما لبث أن أمر محقق الشرطة القضائية بتوقيفه رهن التحقيق بتهم خطيرة منها «التواطؤ في قضية دعارة» و«الإفادة من أموال مختلسة». ومن الناحية القانونية، يمكن أن يدوم التوقيف الاحتياطي 96 ساعة ولكن عادة ما يختصر إلى 48 ساعة، بعدها يأمر قاضي التحقيق الذي تسلم الموقوف إما بإخلاء سبيله أو إبقائه رهن الاعتقال في حال تبين أن التهم المساقة ضده لها ما يدعمها. وثمة حل وسط يكمن في توجيه التهم وإخلاء السبيل مقابل غرامة. وفي الحالتين الأخيرتين، يقود توجيه التهم إلى المحاكمة وفي حال أثبتتها المحكمة، يمكن أن يقضى على ستروس ـ كان بالسجن مع دفع غرامة.

وستروس ـ كان الذي دفن طموحاته الرئاسية مع ذيوع مغامراته وفضائحه الجنسية أحد 8 أشخاص على صلة بفضيحة الكارلتون. وهؤلاء ضالعون، بحسب القضاء، في تنظيم سهرات دعارة في ليل وباريس وواشنطن، وفي الفترة التي كان يشغل فيها ستروس ـ كان منصب مدير عام صندوق النقد الدولي. وآخر هذه السهرات يعود إلى 11 مايو (أيار) الماضي أي قبل 3 ليال من فضيحة فندق سوفيتيل في نيويورك حين اعتقل في مطار المدينة وهو يحاول مغادرة الأراضي الأميركية إلى فرنسا. وبات ستروس ـ كان عدة ليال في السجن قبل أن يفرج عنه بكفالة باهظة ويصادر منه جواز سفره ويفرض عليه حمل قلادة إلكترونية تبين تحركاته. لكن الادعاء أسقط التهم الجنائية عنه لاحقا لعدم كفاية الأدلة. لكنه ما زال عالقا في المحاكم المدنية حيث تطالب نفيستو ديالو بتعويضات مالية كبيرة.

ويظن القضاء أن ستروس ـ كان شارك في سهرات ماجنة مع داعرات. من هنا مصدر اتهامه بالمشاركة في شبكات دعارة. أما الفائدة من أموال مختلسة فسببها أن «شركاءه» في العملية دفعوا تكلفتها من أموال عائدة لشركة مقاولات مقرها مدينة ليل وتعمل في شمال فرنسا.

ووضع القضاء يده على مكالمات هاتفية ورسائل نصية متبادلة تتحدث عن «البضاعة»، وكذلك نشرت صور تبين إحدى الداعرات وهي في مكتب مدير صندوق النقد. ويؤكد ستروس ـ كان أنه «لم يكن يعرف» أن هؤلاء النسوة كن من الداعرات أو أنهن قبضن أجرا مقابل خدماتهن. لكن ليس من الثابت أن القضاء سيقبل هذه الرواية.

ويظهر اسم أحد أكبر المسؤولين الأمنيين في مدينة ليل في فضيحة الكارلتون، شارك في بعض هذه الليالي الصاخبة. كذلك فإن القصة تتشعب لأن أحد أبطالها فرنسي يكنى بـ«دودو لا سومور» وهو يدير مؤسسات تدليك (وبالأحرى دعارة) في بلجيكا وله تاريخ طويل مع القضاء.

ويريد القضاء معرفة «البديل» الذي قدمه ستروس ـ كان مقابل هذه الخدمات التي كانت تقدم له طيلة سنوات والتي لم تتوقف بعد ترؤسه صندوق النقد الدولي. وفي الفترة الأخيرة، كثرت الكتب والروايات التي تحكي قصة علاقة الوزير السابق المعروف بكونه أحد أهم الاقتصاديين في فرنسا بالنساء.

وحتى الآن، وقفت زوجته الصحافية آن سان كلير إلى جانبه ودفعت من مالها لإخراجه من ورطته الأميركية. لكن الوسط الصحافي الفرنسي يضج بأخبار عن افتراقهما. وكانت سان كلير تأمل في أن تحل في قصر الإليزيه محل كارلا بروني ساركوزي، ما يفسر سبب سكوتها على فضائح زوجها. لكن الأخير يجد نفسه أسير نزواته فيما الحملة الرئاسية على قدم وساق.

وجاء هذا الفصل الجديد في «مغامرات» ستروس – كان، فيما أظهر استطلاع للرأي أن المرشح الاشتراكي للرئاسة فرنسوا هولاند يتقدم بفارق كبير على مرشح اليمين الوسط، ساركوزي. وبحسب الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة إيبسوس بعد إعلان ساركوزي رسميا عن ترشحه في الآونة الأخيرة، فإن هولاند سيتقدم على ساركوزي خلال الدورة الأولى من الاقتراع (32% مقابل 25%) وكذلك في الدورة الثانية (59% مقابل 41%). ولم تتغير النتائج التي أحرزها المرشحان في الدورتين الأولى والثانية مقارنة باستطلاع الرأي الأول للمعهد إيبسوس، الصادر في 3 - 4 فبراير (شباط) الحالي. وأحرزت مارين لوبن (الجبهة الوطنية، أقصى اليمين) المكانة الثالثة في الدورة الأولى بنسبة 16% (لا تغيير) يليها الوسطي فرنسوا بايرو (11%، -1.5) ثم مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلانشون (9%، +0.5) والبيئية إيفا جولي (3%، +1)، بحسب الاستطلاع الذي أجري لحساب مؤسسة تلفزيونات فرنسا وإذاعة فرنسا و«لوموند». ولم يتجاوز أي من المرشحين الخمسة الآخرين عتبة 2%.