مظاهرات في أفغانستان بعد تقارير عن إحراق مصاحف من قبل جنود أميركيين

كرزاي يدعو قيادة طالبان لمحادثات مباشرة ويحث باكستان على تسهيل مفاوضات إنهاء الحرب

أفغاني يحمل نسخة من المصحف الشريف تعرضت للحرق خلال مظاهرة قرب قاعدة باغرام أمس (إ.ب.أ)
TT

تظاهر آلاف الأفغان أمس أمام أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان قرب كابل متهمين القوات الأجنبية بإحراق مصاحف، بينما دعا الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، من جهة أخرى، قيادة حركة طالبان إلى إجراء محادثات مباشرة مع حكومته، وحث باكستان على تسهيل جهود المفاوضات لإنهاء عشر سنوات من الحرب.

واحتشد آلاف الناس أمام قاعدة باغرام (60 كلم شمال العاصمة) ورشقوا بوابتها بزجاجات حارقة، متهمين القوات الأجنبية بإحراق مصاحف. وقدم قائد قوة إيساف التابعة للحلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأميركي جون آلن «اعتذاراته» إلى «شعب أفغانستان الشريف»، إثر «معلومات» أفادت بأن «جنودا في قاعدة باغرام تخلصوا ليلا بطريقة غير لائقة من عدد كبير من الوثائق الإسلامية بينها مصاحف». لكنه لم يؤكد إذا حرقت مصاحف فعلا كما قالت الشرطة الأفغانية، وأمر بفتح تحقيق في الحادث. وقال آلن: «بلغتنا تلك الأعمال وتدخلنا فورا وأوقفناها. وستتكفل السلطات الدينية المعنية بالوثائق المذكورة».

وغالبا ما يرتكب الجنود الأجانب عمليات تدنيس مصاحف وغيرها من التصرفات المشينة في نظر الإسلام في أفغانستان ما يثير منهجيا مظاهرات عنيفة. وتحدث ضابط شرطة عن تظاهر ألفي شخص على الأقل، ضد إحراق نسخ من المصحف أمام قاعدة باغرام. وأكد صديق صديقي، الناطق باسم وزارة الداخلية المظاهرة، مضيفا أن تعزيزات أمنية أرسلت إلى باغرام تفاديا لأي تجاوزات. كما تجمع نحو 500 شخص في كابل قرب كبرى قواعد الحلف الأطلسي في العاصمة على طريق جلال آباد، لكنهم تفرقوا قبل الظهر، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم الشرطة أسهمات أستاناكزاي.

وقال الجنرال آلن في بيان «إننا نحقق بشكل معمق في ذلك الحادث ونتخذ الإجراءات اللازمة كي لا يتكرر، أؤكد لكم أن هذا العمل لم يكن مقصودا». وأضاف البيان الرامي على ما يبدو إلى الحد من التجاوزات التي قد تحصل بسبب ما جرى ليلا «أريد أن أشكر الأفغان الذين ساعدونا على كشف هذا الخطأ وعلى تصحيحه فورا».

وكثيرا ما تحصل انتهاكات بحق التقاليد والعادات الإسلامية في أفغانستان أو تصرفات غير لائقة من قوات الحلف الأطلسي. ففي مطلع السنة الحالي بث شريط فيديو على الإنترنت ظهر فيه أربعة جنود من مشاة البحرية (المارينز) الأميركية يتبولون على جثث عناصر من طالبان، ما أثار جدلا واستنكارا كبيرين، لكن ذلك لم يؤد إلى مظاهرات في كابل أو غيرها من مناطق أفغانستان. وبعد أيام قليلة قتل جندي أفغاني أربعة جنود فرنسيين كانوا يدربونه وجرح 15 آخرين، وبرر ذلك بأنه شاهد ذلك الشريط. كما أثار شريط فيديو آخر ظهر فيه جنود بريطانيون يطلبون من أطفال أفغان لمسهم بشكل غير لائق «استنكار» الحكومة الأفغانية لكنه لم يثر اضطرابات. وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، قتل عشرة أشخاص وجرح العشرات خلال مظاهرات استمرت عدة أيام بعد أن أحرق القس الأميركي تيري جونز مصحفا في فلوريدا.

وفي موضوع ذي صلة، دعا الرئيس الأفغاني كرزاي، قيادة طالبان إلى إجراء محادثات مباشرة مع حكومته. وقال في بيان أصدره مكتبه «من أجل تحقيق أهداف عملية السلام، أدعو قيادة طالبان إلى الدخول في محادثات مباشرة مع الحكومة الأفغانية». وبدأ ممثلون من طالبان اتصالات مع مسؤولين أميركيين في قطر تهدف إلى بناء الثقة وتمهيد الطريق لتبادل الأسرى، إلا أن الحركة رفضت علنا التحدث مع الحكومة الأفغانية. وتتسم العلاقات بين كابل إسلام آباد بانعدام الثقة، إلا أن الجانبين أطلقا مبادرات من أجل المصالحة على أمل التوصل إلى حل سياسي في أفغانستان ينهي حالة عدم الاستقرار في المنطقة. وتقول الولايات المتحدة التي تقود 130 ألف جندي أجنبي في أفغانستان، إن القوات القتالية في حلف الأطلسي ستنسحب من البلد المضطرب بنهاية 2014، وأيد مسؤولون إجراء مفاوضات بوصفها الحل الوحيد الطويل الأمد للحرب الدائرة.

وأضاف كرزاي في بيانه: «في حين أؤكد أهمية الدعم الباكستاني لعملية السلام، فإنني أطلب من حكومة باكستان الشقيقة دعم وتسهيل جهودها لإجراء مفاوضات مباشرة في إطار العملية السلمية». ويأتي هذا البيان غداة إجراء كرزاي محادثة هاتفية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما تناولت عملية المصالحة التي يقودها الأفغان، وكذلك عقب زيارة قام بها كرزاي إلى باكستان الأسبوع الماضي قال خلالها إن الوقت قد حان للتحرك من أجل السلام. وقال كرزاي في البيان إن «عملية السلام التي تسعى إلى عودة جميع الأفغان، بمن فيهم عناصر طالبان إلى الحياة السلمية في بلادهم، هي أكثر الطرق المضمونة للتوصل إلى السلام والاستقرار في أفغانستان».

وفي مقابلة مع تلفزيون «إس بي إس» الأسترالي بثت أمس قال كرزاي، إن حكومته تتحدث إلى طالبان بشكل يومي، ولكن بشكل غير مباشر. وصرح للقناة: «نحن نتحدث لطالبان كل يوم. وكنا نتحدث معهم قبل أيام قليلة فقط». ونفى تقارير الإعلام بأن حركة طالبان، التي أطيح بها من السلطة في أواخر عام 2001 في غزو قادته الولايات المتحدة لن تتعامل مع حكومته المدعومة من الولايات المتحدة. ووعدت باكستان بأن تفعل كل ما تطلبه كابل لدعم عملية السلام التي يقودها الأفغان، إلا أن شكوكا واسعة تدور في أفغانستان والولايات المتحدة حول صدق وعود باكستان، الحليفة السابقة لطالبان.

وفي القمة الثلاثية التي ضمت الرئيس الأفغاني والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، نفى الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أن باكستان تقدم الدعم لطالبان التي يعتقد أن لقادتها علاقات وثيقة مع عناصر في الجيش الباكستاني.