عناصر الأمن و«الشبيحة» حاصروا جامعة حلب.. وناشطون يتحدثون عن «حرب» في درعا

بابا عمرو تتعرض لـ«إبادة جماعية».. والمرصد السوري يحصي مقتل 7500 منذ بداية المظاهرات الشعبية

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت» لمظاهرة تشييع الشهيد فادي رقية في حي جنوب الملعب بحماة أمس
TT

مع اقتراب الانتفاضة السورية من إتمام عامها الأول في منتصف الشهر المقبل، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 7500 شخص منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية في سوريا منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، 5542 منهم من المدنيين و2029 عنصرا من الأمن والجيش بينهم أكثر من 400 منشق.

ولم يحل ارتفاع عدد القتلى دون استمرار النظام السوري في قصف عدد من المدن السورية، تحديدا مدينة حمص. وأكد المكتب الإعلامي في المجلس الوطني السوري مساء أمس أن «مجزرة جديدة ارتكبت في حي بابا عمرو، حيث قتل أكثر من 60 شخصا تم انتشالهم من تحت أنقاض المنازل، في شارع الحاكورة، جراء القصف العنيف والوحشي من قبل قوات الجيش الأسدي المجرم». وذكر أن «القصف استمر بعد ذلك بوتيرة متصاعدة».

وقال ناشطون إن القصف تواصل على حي بابا عمرو، واستعملت لأول مرة راجمات صواريخ أرض - أرض، وأوضحوا أن شارعا بأكمله سوي بالأرض، وأن مباني بأكملها سقطت هنا. وناشد الناشطون العالم لإنقاذ بابا عمرو التي قالوا إنها تتعرض «لإبادة جماعية» في وقت ما تزال فيه الحكومة السورية تمنع وصول المعونات إلى حمص، التي يعيش سكانها أوضاعا إنسانية كارثية.

وأعلنت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا أن 32 شخصا قتلوا أمس على الأقل، في حصيلة أولية، عشرون منهم في حمص (قبل وقوع مجزرة بابا عمرو). وكانت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» أوردت أسماء سبعة عشر شخصا قتلوا في حي بابا عمرو أمس، في وقت أعلنت فيه «لجان التنسيق» أن «قوات النظام طلبت بمكبرات الصوت من أهالي بلدة جوبر الملاصقة لحي بابا عمرو التزام منازلهم وعدم الخروج، في ظل حملة اعتقالات طالت الكثير من الأهالي، مع استمرار انقطاع المياه والمواد الغذائية منذ خمسة أيام».

وفي تلبيسة، سلمت قوات الأمن السورية جثمان زكريا سليمان الضحيك إلى ذويه، بعد مرور 18 يوما على استشهاده. وكان شقيقاه أحمد ومحمود الضحيك قتلا في وقت سابق. أما في بصر الحرير، فقد داهم عناصر من «الأمن السياسي» منزلي الطبيبين الشقيقين أحمد وأديب قاسم الحريري، اللذين تم اعتقالهما وتحطيم محتويات منزلهما ومقتنياتهما.

وفي جامعة حلب، قتل 3 طلاب جامعيين نتيجة إطلاق نار من قوات الأمن و«الشبيحة» على مظاهرة طلابية خرجت أمام كلية الهندسة الكهربائية. وأفادت «لجان التنسيق المحلية» بجرح أربعة طلاب برصاص قوات النظام. وكانت تعزيزات أمنية كثيفة استقدمت أمس إلى الحرم الجامعي في حلب، حيث تم إغلاق الطرقات المؤدية لساحة الجامعة ومحاصرة الطلاب في كليات عدة، كما تم اعتقال عدد من الطلاب.

وقال ناشطون إن عدة مظاهرات خرجت في الجامعة، حيث قام متظاهرون من الطلبة برمي الحجارة على صورة نحتت على الرخام للرئيس الراحل حافظ الأسد وتكسيرها في ساحة كلية الطب البشري، كما تم إنزال العلم الحالي للجمهورية السورية وارتفع مكانه علم الاستقلال. وإثر ذلك قامت قوات الأمن والشبيحة المدججون بالعتاد الكامل، على الفور، باقتحام الجامعة وقامت باعتقالات عشوائية، مستخدمة العصي الكهربائية.. وشوهدت سيارات الإسعاف تنتشر في محيط الجامعة وتقوم باعتقال الجرحى، فيما تلاحق قوات الأمن الطلاب المتظاهرين في الشوارع.

واستمرت الملاحقات والاعتقالات عدة ساعات كان خلالها الطلبة يقومون بعمليات كر وفر، فكلما ذهبت عناصر الأمن إلى إحدى الكليات كانت مظاهرة أخرى تخرج في كلية أخرى، وذلك على الرغم من إطلاق الأمن للرصاص في الكلية وإغلاق كل مداخل الجامعة.

وأمام مكتب المحامي العام الأول في حلب نفذت مجموعة من محامي المدينة اعتصاما؛ احتجاجا على الانتهاكات بحق طلاب الجامعة في حلب، محملين إياه «مسؤولية انفلات الشبيحة». وأعلنت مدينة أعزاز (حلب)، الإضراب العام والعصيان المدني لمدة 10 أيام تضامنا مع حمص والمدن المحاصرة، وتضامنا مع عصيان دمشق، في ظل إغلاق تام لكل محلات المدينة ومدارسها، وخروج مظاهرة حاشدة من أمام السوق الرئيسية في المدينة.

وفي حماه، قتل ثلاثة أشخاص على يد «عناصر من الشبيحة» في بلدة تبنين، وتم رميهم على مفرق أحد الطرقات، فيما قتلت الطفلة معالي معاذ الخضير (5 أعوام)، والشاب مهند أحمد السلوم (30 عاما)، وجرح علاء علي العقلة (من ذوي الاحتياجات الخاصة)، بسبب قصف مدفعي في بلدة كفر الطون، كما قتل وجرح آخرون لم يتم التعرف عليهم مساء أمس.

وفي درعا، وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محيط مدينة الحراك، حيث تمركزت راجمات صواريخ وعدد كبير من الدبابات. وأبدى ناشطون في المدينة خشيتهم من قصف المدينة بعد تطويقها. وأوضح عضو الهيئة العامة للثورة السورية في درعا، محمد أبو زيد، أن «الجيش السوري النظامي شن حملة اعتقالات قوية وواسعة في المنطقة»، متحدثا عن «نقص في المواد الغذائية ووقوع جرحى بأعداد كبيرة جدا». وتحدث عن اعتقال عدد من الأطباء لمعالجتهم الجرحى، واصفا ما يجري بأنه «أشبه ما يكون بحرب حقيقية».

أما في العاصمة دمشق، فاستمر تصاعد وتيرة الاحتجاجات، وخرجت الكثير من المظاهرات يوم أمس وسط العاصمة دمشق في حي الشعلان، كما خرجت مظاهرتان في حي الميدان عند ساحة الأشمر، كما رفع متظاهرون في حي نهر عيشة علم الاستقلال على أتوستراد دمشق درعا.

وخرجت مظاهرة في حي البحصة قريبا من شارع الثورة، كما خرجت مظاهرات طلابية في حي كفرسوسة من مدرستي عباس محمود العقاد وعبد القادر المغربي، هتفت للمدن المنكوبة وطالبت بالإفراج عن المعتقلين الذين تم احتجازهم في حي المزة يوم أمس، في حملة مداهمات للمنازل أسفرت عن اعتقال أكثر من أربعين شابا بمنطقة البساتين.

كما جرت حملة مداهمات واسعة في حي ركن الدين، وجرى إغلاق مداخل الحي بحواجز، وجرى تفتيش دقيق للمارة، وفي كلية الصيدلة في جامعة دمشق قامت قوات من المخابرات الجوية، بالاشتراك مع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، باعتقال الطالب في كلية الصيدلية هاني الحلواني.

وفي غضون ذلك، لا تزال قوات الأمن السورية تحاصر عددا من البلدات في منطقة ريف دمشق، وأفاد ناشطون أمس بانتشار أمني في دوما على طول شارع الجلاء، في موازاة «اشتباكات عنيفة بين عناصر انشقت عن الجيش النظامي تساندها عناصر من (الجيش الحر) من جهة، والقوات النظامية من جهة أخرى».

وفي الرقة، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن قوات عسكرية وصلت بالعتاد الكامل مدعومة برشاشات ثقيلة إلى وسط المدينة بعد إطلاق الدعوات للتظاهر في المدينة اليوم.