«الوطني السوري» لا يعتبر التدخل العسكري الخارجي «أمرا محرما» لإسقاط نظام الأسد

بسمة قضماني: قرار الجمعية العامة يغني عن مجلس الأمن.. ولدينا قدرات للتدخل الدولي

عضو المجلس الوطني السوري بسمة قضماني ومستشار المجلس الوطني الأعلى أسامة المنجد خلال مؤتمر صحافي في باريس أمس (ا.ف.ب)
TT

استبق المجلس الوطني السوري مؤتمر «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» في تونس غدا بالإعلان عن مواقف متشددة للغاية، ذهبت إلى حد القبول بتدخل عسكري دولي لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد واعتبار أن الأساس القانوني لذلك قائم حتى من غير قرار في مجلس الأمن الدولي. وقالت بسمة قضماني، عضو المكتب التنفيذي للمجلس والناطقة باسمه، في لقاء صباحي مع الصحافة أمس إن التدخل العسكري «لم يعد أمرا محرما لا بالنسبة للمجلس ولا بالنسبة لأي قوة معارضة (أخرى) اليوم، باستثناء أقلية صغيرة ما زالت تستبعده نهائيا». وبحسب قضماني، التي زارت جنيف أمس للتباحث مع مسؤولي الصليب الأحمر الدولي حول المساعدات الإنسانية التي يستطيع تقديمها، خصوصا لمدينة حمص، فإن المجلس «لا يرى طريقة أخرى غير التدخل في سوريا لوضع حد لهذا النظام». وأكدت قضماني، التي تعكس وجهة نظر المجلس الوطني، أن غياب قرار من مجلس الأمن يجيز التدخل العسكري لا يجب أن يقف حائلا دون ذلك، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «يمكن الاستغناء عن التصويت في مجلس الأمن لأن لدينا قرارا من الجمعية العامة يؤكد بوضوح وجود إجماع دولي، كما أن لدينا قدرات للتدخل من مجموعة من الدول والمنظمات الدولية».

وأضافت: «إذا كان مجلس الأمن مشلولا بسبب مصالح بلد واحد (هو روسيا) في سوريا، فإننا لا نستطيع لذلك أن نراهن ونخاطر بمصير بلد وأمنه وسلامة أراضيه»، في إشارة إلى احتمال قيام حرب أهلية وتقسيم سوريا وإقامة دويلات.

ورغم ما يردده أكثر من طرف من أن أي عمل من هذا النوع يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، وهو ما قاله بداية الأسبوع الماضي وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، فإن قضماني تعطي الانطباع أن هذا النوع من التدخل ممكن. وردا على تصريحات أمين عام الحلف الأطلسي أندرس فوغ رسموسن التي أكد فيها أن الحلف غير عازم على التدخل عسكريا في سوريا، فقد رأت المسؤولة في المجلس الوطني أن رسموسن «ليس من يتخذ القرارات التي تعود للسياسيين».

وأفادت مصادر سورية واسعة الاطلاع أن تركيا هي «الأكثر جهازية» للقيام بهذا الدور، لكنها تفرض شروطها وهي ثلاثة: وجود طلب ودعم عربي كثيفين على مستوى الجامعة العربية، وتأييد ومساندة من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وأخيرا وجود مظلة من الأسرة الدولية ليست بالضرورة قرارا من مجلس الأمن. وترى المسؤولة في المجلس الوطني أن التدخل المباشر والمكثف قد يكون الحل الأخير، لكن قبل ذلك، ثمة سيناريوهات وأشكال أخرى من التدخل لا تستدعي تجييش «وسائل عسكرية كبيرة»، وأهمها «إيجاد مناطق آمنة».. ما يعني أنه ليس هناك تكرار للسيناريو الليبي.

ونقلت قضماني عن الجيش السوري الحر أن إنشاء المناطق الآمنة «سيتيح حصول انشقاقات واسعة في صفوف الجيش»، الأمر الذي سيمكن السوريين والجيش السوري الحر من «الانتهاء من العمل»؛ أي الإطاحة بالنظام الحالي.

ونبهت قضماني إلى أن شلل الأسرة الدولية سببه أنها «ما زالت تعيش تحت كابوس الحالة الليبية»، الأمر الذي منعها حتى الآن من التحرك، وعطل عمل مجلس الأمن، وأعطى الأسد الفرصة للقيام بعمليات قمع واسعة النطاق. ولذا، فإنها ترى في مؤتمر تونس «بديلا» عن مجلس الأمن وهي تدعو المؤتمرين إلى «النظر في كل الاقتراحات والوسائل وأساليب التدخل الممكنة في سوريا»، والتي تتراوح ما بين التدخل الإنساني وإقامة «الممرات الإنسانية الآمنة».. أما الحل الأخير، في حال استحالت الحلول الأخرى بما فيها التدخل العسكري، فهو السماح بتسليح المعارضة السورية والجيش السوري الحر للدفاع عن المتظاهرين وحماية المدنيين، وتوفير الوسائل لإسقاط النظام. وتبدي قضماني «مخاوف» من هذا الخيار الذي بدأ يطرح دوليا كما في الولايات المتحدة الأميركية.

ويطالب المجلس على الصعيد الإنساني بالالتفات إلى الوضع الملح في حمص وبإنشاء 3 ممرات آمنة وهي كالتالي: من الأردن إلى درعا ومن لبنان إلى حمص ومن تركيا إلى إدلب. ويرى المجلس أن موافقة روسيا على التعاون «سيعني توفير الحماية العسكرية لقوافل المساعدات الإنسانية».

ويراهن المجلس على استعداد «الكثير» من البلدان العربية للاعتراف به ممثلا شرعيا للشعب السوري، الأمر الذي لم يحصل عليه حتى الآن سوى من ليبيا. كما يسعى لتنظيم صفوف المعارضة وتوحيد قيادات المنشقين عن الجيش إن كان الجيش الحر أو المجلس العسكري الأعلى حيث لا يقوم أي تعاون بينهما. وفي السياق السياسي الدبلوماسي، تتجه أنظار المجلس إلى بغداد التي ستترأس بدءا من الشهر القادم الجامعة العربية، و«قلق» المجلس من أن تسلط بغداد خطا سياسيا مواليا لسوريا. ولذا فقد أفادت قضماني أن وفدا من المجلس سيتوجه إلى العاصمة العراقية لإقامة حوار مع مسؤوليها.

ومن جهته، أعلن نائب قائد الجيش السوري الحر مالك الكردي ترحيبه بالموقف المستجد للمجلس الوطني، لافتا إلى أن «الجيش الحر كان يدفع المجلس ومنذ وقت طويل لاتخاذ موقف مماثل لمواجهة همجية النظام»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش الحر ينتظر الكثير من مؤتمر (أصدقاء سوريا) وخاصة لجهة تحرك دولي فاعل حده الأدنى دعم الجيش الحر بالسلاح والعتاد»، وأضاف الكردي: «أما المطلوب فعليا فهو أبعد من السيناريو الليبي.. نحن نطالب بتأمين غطاء جوي وبحري من قبل الناتو يترافق مع دخول قوات تركية – عربية للمشاركة في عملية تحرير سوريا لأن الجيش الحر وفي حال تم تسليحه فهو قادر على إسقاط النظام ولكن ذلك سيتطلب وقتا طويلا».

ورد الكردي على اتهامات الخارجية الروسية التي أعلنت أنها «تمتلك معلومات مؤكدة أن المعارضة السورية تتلقى أسلحة من الخارج»، مجددا التأكيد أن «الجيش الحر لم يتلق وحتى الساعة أي سلاح من أي دولة بل هو يؤمن سلاحه من النظام نفسه حين ينفذ عملياته ومن المنشقين ومن بعض المرتزقة والمهربين»، وأضاف: «إنه لواجب على كل دولة تحترم الإنسانية أن ترسل لنا السلاح لحماية المدنيين ولوقف شلال الدم».