عبد الجليل يخير الثوار بين الجيش والحياة المدنية ويتحدث عن مؤامرات لمساعدي القذافي

محكمة عسكرية ببنغازي تقضي بعدم اختصاصها بالنظر في محاكمة 41 ليبيا بتهمة التآمر على الثورة

TT

بينما كشف المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، أمس، عن تعرض ليبيا لـ«مؤامرات دنيئة» من قبل مساعدي وأعوان العقيد الراحل معمر القذافي من الخارج والداخل، قرر رئيس المحكمة العسكرية الدائمة ببنغازي عدم اختصاص هذه الأخيرة في النظر في ملفات 41 ليبيا متهما بالتآمر على الثورة الشعبية التي اندلعت ضد نظام القذافي في 17 فبراير (شباط) من العام الماضي.

وأعلن العقيد علي الحامدي، رئيس المحكمة العسكرية الدائمة ببنغازي في ثالث جلسة أمس، عدم اختصاص المحكمة النظر في هذه القضية، بعدما دفعت هيئة الدفاع عن المتهمين بعدم اختصاص المحكمة، وطالبت بإحالة القضية للقضاء المدني كون أغلب المتهمين مدنيين.

وبدأت المحكمة النظر في هذه القضية مطلع الشهر الحالي لمحاكمة مجموعة من الموالين لنظام القذافي المنتمين لكتيبة «نداء ليبيا»، حيث وجهت إليهم عدة تهم من بينها زعزعة أمن الدولة، والقيام بعمليات تخريب وتفخيخ السيارات ومداهمة السجون وإطلاق سراح السجناء في محاولة منهم لإثارة البلبلة في بنغازي.

واكتشف الثوار وجود هذه الكتيبة التي تعتبر من أبرز كتائب الطابور الخامس الموالي للقذافي في مدينة بنغازي نهاية يوليو (تموز) من العام الماضي بعد هجوم عنيف شنه الثوار على مجموعة من أنصار النظام السابق، ما أسفر عن سقوط 15 قتيلا، أربعة منهم من الثوار، بعد معركة عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة واستمرت نحو 4 ساعات.

وتجري هذه المحاكمة في الوقت الذي كثرت فيه الانتقادات لميليشيات مسلحة من الثوار السابقين، متهمة بتعذيب المعتقلين ومعظمهم من أنصار القذافي.

لكن المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي، تجاهل أمس هذه الانتقادات، وكشف في كلمة وجهها إلى الليبيين عبر قناة «ليبيا» الفضائية، النقاب عن أن الأحداث التي تشهدها مدينة الكفرة في أقصى جنوب ليبيا تعد دليلا على وجود مؤامرة، مشيرا إلى أن هذه الأحداث استغلت وأججت نار الفتنة حتى وصلت إلى الوضع الراهن.

ودعا كافة أهالي مدينة الكفرة بكل طوائفهم وعرقياتهم إلى وقف إطلاق النار، وأن يعتمدوا لغة الحوار لرأب الصدع ومعالجة كل المشاكل الحدودية والعرقية الواقعة في المدينة، التي قال إنها «كان لها الدور البارز في تأمين المنطقة الشرقية من خلال تأمين الحقول والإمدادات الجنوبية عن طريق السودان».

ودعا عبد الجليل سكان الكفرة إلى هدنة لوقف إطلاق النار من أجل إتاحة الفرصة لوصول المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى وحتى يتمكن المجلس والحكومة الانتقالية ووزارة الدفاع ورئاسة الأركان من التوجه إلى هناك للقيام بدورهم.

وجاءت تصريحات عبد الجليل في وقت اتهمت فيه مصادر بالمجلس الانتقالي، صالح قرين، سفير ليبيا الأسبق لدى تشاد بالوقوف خلف التوتر الذي تشهده مدينة الكفرة، مشيرة إلى اعتقال مواطنين تشاديين يحملون أوراق هوية مزورة منسوبة لكتائب من الثوار الليبيين.

ولقي ثلاثة أشخاص مصرعهم وأصيب 25 آخرون أول من أمس في الاشتباكات المندلعة منذ الأسبوع الماضي في المدينة بين مقاتلين من قبيلة الزوي ومسلحين من جماعة التبو العرقية بقيادة عيسى عبد المجيد، المتهم بمهاجمة الكفرة بدعم من مرتزقة من تشاد.

وهدد اللواء يوسف المنقوش، رئيس أركان الجيش الليبي، بالتدخل إذا لم تتوقف الاشتباكات التي زادت حدتها بعد انهيار محادثات قبلية للتوصل إلى تسوية مقبولة.

ويواجه المجلس الانتقالي صعوبات جمة في إقناع الثوار المسلحين الذين ساهموا في الإطاحة بنظام القذافي، وقتله في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بإلقاء السلاح والاندماج في المؤسسات الأمنية والعسكرية الجديدة للدولة الليبية.

لكن هذا الوضع لم يمنع المستشار عبد الجليل من تخيير الثوار مجددا بالانضمام إلى المؤسسات العسكرية أو الأمنية أو المدنية، مؤكدا أن «ليبيا لا تؤسس لدولة عسكرية»، موضحا أن «الحكومة الانتقالية طرحت برنامجها بدفع مرتبات للثوار حتى نهاية فبراير (شباط) الحالي»، وطالب عبد الجليل الثوار بالانضمام للجيش الوطني أو الأمن الوطني وترك المنافذ والأماكن الحيوية لسيطرة الدولة، قائلا في رسالة طمأنة للمقاتلين على مستقبلهم «ما على هؤلاء الثوار الذين أدوا دورهم؛ إلا الانضمام لهذه الجهات أو الانضمام للحياة المدنية، ونحن سنوفر لهم كل الإمكانيات اللازمة للمرور في حياة مدنية آمنة ومسالمة».

وتابع: «نحن في حاجة إلى عون هؤلاء الثوار في النواحي الأمنية وفي حرس الحدود وفي النواحي العسكرية لإقرار الأمن في ليبيا، لأننا ما زلنا نتعرض للخطر بين الحين والآخر».

وأثنى عبد الجليل على الطريقة المنظمة والشفافة التي أدارت بها مدينة مصراتة انتخاب مجلسها المحلي الذي أفرح كل الليبيين. إلى ذلك، رحب الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الوزراء الليبي المؤقت باستعداد أميركا لمساعدة الشعب الليبي في كافة المجالات التي يحتاجها وتصب في مصلحة ليبيا وتحافظ على سيادتها واستقلالية قرارها.

وقال الكيب عقب اجتماعه بالعاصمة الليبية طرابلس مع السيناتور الأميركي الجمهوري الزائر جون ماكين أمس، إن «المباحثات تركزت عن الكيفية التي يمكن أن تساعد بها أميركا ليبيا»، مشيرا إلى أن «الوفد الأميركي أعرب عن استعداده المطلق لمساعدتنا في أي شيء نحتاجه حتى تستمر هذه الثورة في النجاح».

من جهته، لفت السفير الأميركي لدى ليبيا، جين كرتز، عقب اجتماعه أمس في طرابلس مع فوزي عبد العال، وزير الداخلية الليبي إلى النجاحات التي حققتها الحكومة الانتقالية والجهود التي تبذلها على كافة المستويات من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

وأبدى كرتز، وفقا لمصادر ليبية، استعداد بلاده الكامل للتعاون مع ليبيا في مجال تقديم المساعدة سواء عن طريق الأمم المتحدة أو على الصعيد الثنائي.

ودعا مجددا الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا إلى الوقوف مع الحكومة الليبية لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها باعتبارها مشكلة دولية، موضحا أن بلاده استطاعت رغم الظروف التي تمر بها والإمكانيات البسيطة التي تملكها أن تقلل من تدفق المهاجرين غير الشرعيين.