بعد جلسة ختامية ساخنة اكتفى فيها مبارك برسالة مكتوبة سلمها دفاعه إلى القاضي، وبعد مرافعة مطولة من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي عن نفسه استمرت على مدى ساعتين يعتكف المستشار أحمد رفعت قاضي محاكمة القرن لـ3 أشهر و10 أيام لدراسة أوراق قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) قبل أن ينطق بحكمه يوم 2 يونيو (حزيران) القادم، في موعد قريب من موعد اقتراع المصريين في انتخابات الرئاسة. وعاد مبارك إلى محبسه في المركز الطبي العالمي بعد أن أرفق رفعت تقرير لجنة تقصي الحقائق حول مدى استعداد مستشفى السجن لاستقبال مبارك، والذي رفعه النائب العام لهيئة المحكمة أمس، إلى أوراق الدعوى، محذرا المحامين من تناول القضية إعلاميا حتى النطق بالحكم في جلسة علنية.
وبدأت الجلسة في مناخ مشحون ومحتقن بين المحامين الممثلين للادعاء المدني ومحامي المتهمين، حيث هاجم بعض المدعين بالحق المدني رئيس وفد المحامين الكويتي المتطوع للدفاع عن مبارك أثناء دخوله قاعة المحكمة، وطالبه بألا يدافع عن مبارك، فرد العتيبي قائلا: «المحامون زملاء ويؤدون رسالة واحدة»، في حين اعترض المتطوعون المدافعون عن مبارك على كلام المدعين بالحق المدني.
وأثناء دخول المتهمين القفص وقبل أن تبدأ الجلسة بدقائق قام أحد المدعين بالحق المدني ويدعى السيد حامد بتوجيه كلمة إلى المتهمين قال لهم فيها «إن دماء الشهداء ستظل في أعناقكم وإن الشعب المصري والمصريين لن يسامحوكم على ما ارتكبتموه في حقه»، فثار محامو المتهمين وقاطعوه قائلين «الكاميرات خارج القاعة وهذا الكلام تقوله لهم»، فهتف المدعون بالحق المدني «القصاص القصاص.. قتلوا إخوانا بالرصاص».
ومع بداية الجلسة قدم المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة خطابا إلى رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت مقدما من النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بناء على التقرير المرسل من رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني، ويضم تقرير لجنة الصحة بالمجلس عن صلاحية مستشفى سجن مزرعة طرة لاستقبال المتهم الأول في القضية الرئيس السابق حسني مبارك.
وقال سليمان: إنه حسب الخطاب المرسل فإن النائب العام يرفع إلى رئيس المحكمة التقرير ونتائجه وتوصياته لتتخذ ما تراه مناسبا من قرارات بهذا الشأن.
وقبل أن تباشر المحكمة الاستماع إلى أقوال أول المتهمين في القضية ثار خلاف بين المحامين بسبب قيام أحد المدعين بالحق المدني وهو عبد العزيز عامر صاحب دعوى رد القاضي عن نظر القضية، والتي سبق أن تم رفضها بطلب توضيح بأن الدعوى كانت بمشاركة آخرين، فثار المدعون بالحق المدني ضده وثار محامو المتهمين بسبب تشويشه على القاعة، مما دفع رئيس المحكمة لرفع الجلسة لعودة الهدوء مرة أخرى بعد أقل من نصف ساعة من بدايتها.
وعند استئناف الجلسة بعد أكثر من ساعة من رفعها تلا القاضي رفعت طلبا من 15 محاميا مدعيا بالحق المدني لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المحامي عبد العزيز عامر، خاصة أنه لا يمثل أسر الشهداء والضحايا، مما دفع القاضي لاتخاذ قرار بإخراجه من قاعة المحكمة، واضطر لرفع الجلسة مرة أخرى بسبب رفض المحامي لتنفيذ القرار، وسط شكوك أبداها المحامين حول حقيقة موقف عامر.
وبعد أقل من نصف ساعة عادت المحكمة للانعقاد بعد تدخل المحامين لإخراج المحامي المذكور، إلا أن نقيب المحامين سامح عاشور قال للمحكمة فور بدء الجلسة مرة أخرى إنه كان يتمنى أن يحال أمر المحامي لنقابة المحامين، خاصة أن المادة 59 من قانون المحاماة تمنع إخراج المحامي من جلسة المحاكمة، ما دعا القاعة للتصفيق.
وقام محامي مبارك بالتعليق على رد النيابة على دفاع المتهمين، واستهلها بالاعتراض على الطلب المقدم من النيابة للمحكمة بناء على خطاب مجلس الشعب بنقل مبارك إلى مستشفى سجن طرة، وقال: «كنت أتمنى أن يعيد النائب العام طلب رئيس مجلس الشعب إلى مصدره لأن المحكمة هي التي أصدرت قرارا بالتحفظ على مبارك في أول جلسة لها يوم 3 أغسطس (آب) الماضي، في المركز الطبي العالمي وهذا من إطلاقات المحكمة وما حدث من السلطة التشريعية تدخل في شؤون السلطة القضائية».
وقدم فريد الديب خطابا إلى المحكمة يحوي كلمة من مبارك إلى رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت، وقال: إن الخطاب ختمه مبارك ببيت شعر قال فيه «بلادي وإن جارت علي عزيزة.. وأهلي ولو ضنوا علي كرام».
ودخل الديب في حالة من الشد والجذب مع المستشار مصطفى سليمان ممثل النيابة حيث اعترض الديب على قول سليمان في مرافعته يوم الاثنين الماضي على بعض محامي المتهمين بأنهم «جهال في القانون»، فرد المستشار سليمان بأن هذا تزييف للكلام عن مواضعه، خاصة أن الديب لم يكن حاضرا.
واعترض المستشار مصطفى سليمان على كلام الديب وقال: إنه ليس من حقه الحديث عن تقرير النائب العام المرسل للمحكمة، لأن هذا تدخل سافر في شؤون القضاء لا يقبلون به، فصفق له المدعون بالحق المدني، وقال: إن النيابة قدمت الخطاب للمحكمة لاتخاذ القرار المناسب كما تراه.
وبعد أن استمعت المحكمة إلى كلمة مطولة من المتهم الخامس حبيب العادلي استمعت المحكمة إلى كلمة لمدة ساعة من المتهم السادس اللواء أحمد رمزي الذي أوضح فيها دور قوات الأمن المركزي أثناء المظاهرات ثم قدم محاميه مذكرات عنه، كما استمعت المحكمة لكلمة من المتهم السابع عدلي فايد الذي أكد فيها أن مهامه كرئيس للأمن العام كانت مكتبية وإشرافية ورقابية لا علاقة له بميدان التحرير.