فشل مهمة وفد وكالة الطاقة الذرية الدولية في طهران

باريس: فرصة أخرى فوتتها إيران.. وخامنئي يرد: الضغوط والعقوبات والاغتيالات لن تؤتي ثمارها

TT

عبر يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن خيبة أمله لعدم الوصول لاتفاق مع الحكومة الإيرانية على برنامج عمل للتحقق حول الشكوك التي تلاحق البرنامج النووي الإيراني وللفشل الذي لاحق مهمة وفد على مستو عال من الوكالة زار إيران مرتين خلال ثلاثة أسابيع بغرض حلحلة المسائل العالقة حول اتهامات تلاحق البرنامج النووي الإيراني بأهداف لإنتاج أسلحة نووية، طالبا الإذن لزيارة موقع بارشين العسكري، حيث تقول شكوك إنه موقع تجارب وأنشطة محظورة وفقا لاتفاقات الضمان الموقعة بين إيران والوكالة.

ومن الممكن أن يؤدي فشل الزيارة التي قام بها مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة يومين إلى إعاقة أي استئناف لمفاوضات نووية أوسع نطاقا بين إيران ودول الغرب.

خيبة أمل أمانو تم الإفصاح عنها في بيان صحافي غير مسبوق للوكالة تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه فجر أمس بعد لحظات من مغادرة وفد الوكالة مطار طهران وقبل وصوله إلى العاصمة النمساوية فيينا حيث مقر الوكالة، مما فسر بكونه إصرارا من الوكالة لتوضيح الموقف كما تعرضت له. وفي هذا السياق، قال أمانو في البيان «تعاملنا بروح بناءة لكننا لم نصل إلى اتفاق، خيب آمالنا عدم قبول إيران طلب زيارة بارشين».

إلى ذلك، أوضح البيان أن وفد الوكالة لم يتمكن من الوصول لاتفاق خلال الجولتين الأولى بتاريخ 29 إلى 31 يناير (كانون الثاني) الماضي والثانية 20 إلى 21 فبراير (شباط) الحالي كما أن إيران لم تستجب لطلب الوكالة بتصريح لدخول بارشين. وكان موقع بارشين قد تكرر ذكره في الفترة الأخيرة ضمن ملخص خاص من 13 صفحة ألحقه أمانو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتقريره الدوري الذي رفعه لمجلس أمناء الوكالة عن آخر الأنشطة النووية لإيران، موضحا مسيرة أوجه التعاون بينها والوكالة، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يرفق فيها مدير للوكالة ملحقا بتقريره.

وبدوره، قال مسؤول غربي «نتساءل قائلين إذا كانت إيران ليس لديها ما تخفيه فلماذا تتصرف بتلك الطريقة»، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

ووفقا لمعلومات استخباراتية حصلت عليها الوكالة، تقول إنها من 10 دول، فإن موقع بارشين شهد تفجيرات قوية مما عزز الشكوك حول ستار تضربه إيران على ما قد يكون تجارب نووية يضاعف من ذلك ما توفر للوكالة من معلومات عن أبنية ومشتريات لمواد مزدوجة الاستخدام يعتقد أنها استخدمت في تجارب جرت ببارشين العسكري على بعد 30 كيلومترا جنوب شرقي طهران العاصمة، حيث تؤكد مصادر أن إيران تعمل لتطوير رؤوس نووية يتم تركيبها على صواريخ «شهاب 3» التي أنتجتها إيران ولا تخفيها بل تفتخر بعرضها في كرنفالاتها العسكرية.

وكانت الوكالة قد أرسلت وفدها لإيران برئاسة الفنلندي هيرمان ناكريتس، نائب مديرها ورئيس قسم الضمانات مصحوبا في الزيارتين بخبراء من مراكز عليا بغرض إقناع إيران بالسماح بمزيد من التحقق لتبديد تلك الشكوك الدائرة حول الأهداف العسكرية. وكان ناكريتس قد صرح للصحافيين وهو في طريقه للزيارة الثانية بضرورة حصولهم على شيء ملموس، وأن يعودوا بنتائج ملموسة وأن يحصلوا على إجابات شفافة ومثبتة تساعد على إعادة ثقة المجتمع الدولي في النشاط النووي الإيراني وبالتأكيد أنه لأغراض مدنية بحتة ولتوليد مزيد من الكهرباء لتوسع صناعي، كما يقول المسؤولون الإيرانيون، مقرا بقصر وقت الزيارة وبالتعقيدات التي تحيط بالموقف.

من جانبها، نقلت وسائل الإعلام الإيرانية صباح أمس، تصريحات للناطق باسم الخارجية قال فيها إن وفد الوكالة لم يزر إيران لتفتيش مواقع وإنما لإجراء محادثات فيما قال مندوب إيران لدى الوكالة السفير علي أصغر سلطانية، عقب الزيارة لوكالة «إسنا» إن المفاوضات ستتواصل في جولات قادمة، واصفا الجولة الثانية بالمكثفة وأنها قد تمت في ظل التعاون القائم بين بلاده والوكالة.

ومما يجدر ذكره أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي كان قد سبق الجميع مؤكدا قبل أيام أن الوفد لن يزور أي موقع نووي.

من جانبها نفت الناطقة باسم الوكالة، غيل ثيوردور، للصحافيين في فيينا علمها بأية خطط لزيارة أخرى في المستقبل القريب، مؤكدة أن نتائج وتفاصيل الزيارة سيلحقها أمانو في تقريره المتوقع ليدرسه أعضاء مجلس أمناء الوكالة في اجتماعهم القادم في 5 مارس (آذار) المقبل.

إلى ذلك، توقعت مصادر استطلعتها «الشرق الأوسط» أن يزيد فشل الزيارة من تعقيدات مسيرة التعاون بين إيران والوكالة، كما سيضاعف من التوترات بين إيران والمجتمع الدولي، والأسوأ أن يضفي بظلاله على ما أبدته إيران من قبول للعودة لمائدة التفاوض حول قضية ملفها النووي مع مجموعة «5+1» (الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا) التي ترأسها كاثرين أشتون، مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي بغرض الوصول لحل دبلوماسي لقضية الملف النووي الإيراني بدلا من مزيد من العقوبات واحتمالات مواجهات عسكرية.

وكانت أشتون قد تلقت الأسبوع الماضي ردا إيجابيا من سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين، معلنا استجابة إيران لمواصلة التفاوض ردا على رسالة منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 دعت فيها إيران للحوار، مؤكدة في صياغتها على حق إيران في الاستفادة من التقنية النووية السلمية.

مما يجدر ذكره أن إيران كانت قد سمحت لوفد من الوكالة مرة واحدة فقط بتاريخ 13 يناير 2005 بزيارة وحدات معينة في مجمع بارشين ومن ثم رفضت طلب للوكالة بزيارة ثانية أول مارس من العام نفسه بدعوى عدم وجود مبررات لزيارة إضافية، مؤكدة أنها لن تسمح للمفتشين مطلقا بدخول منشآت عسكرية كما لن تسمح بأي أنشطة تجسس، مشيرة على لسان أكثر من مسؤول أن بإمكان المفتشين الدوليين أخذ عينات هوائية ومن التربة حول المنشآت لدراستها والتحقق منها إن شاءوا.

وفي تصريحات تظهر مدى تحدي إيران للمجتمع الدولي، قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إن المسار النووي لإيران لن يتغير، وقال «بعون الله ومن دون اكتراث بالدعاية فإن المسار النووي الإيراني سيستمر بإصرار وجدية.. الضغوط والعقوبات والاغتيالات لن تؤتي ثمارها. لا يمكن لأي عقبة أن توقف العمل النووي الإيراني».

وبدورها، أدانت فرنسا «بشدة رفض إيران السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول إلى موقع بارشين» الذي «يشكل فرصة جديدة فوتتها إيران»، ويناقض موقفها الأخير المؤيد لاستئناف حوار حول برنامجها النووي، بحسب ما قالت وزارة الخارجية أمس.