تنديدات دولية إثر مقتل الصحافيين الغربيين.. ودمشق تؤكد عدم علمها بوجودهما

مسؤولة بمنظمة «مراسلون بلا حدود»: لا نعلم ما إذا كان المبنى استهدف عمدا

الصحافية الأميركية ماري كولفين (أ.ب) و المصور الفرنسي ريمي أوشليك (رويترز)
TT

توالت الإدانات الدولية عقب تأكيدات حول مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفن، التي تعمل لحساب صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، الذي يعمل لوكالة «إي بي 3 برس»، عقب قصف مكثف لمدينة حمص السورية أمس. فيما كان رد فعل النظام السوري فاترا بإعلانه أن «دمشق تؤكد أنها لم يكن لديها علم بوجود الصحافيين الغربيين اللذين قتلا في حمص على أرضها». بينما علقت مسؤولة الشرق الأوسط بمنظمة «مراسلون بلا حدود» بقولها «لا نعلم ما إذا كان المبنى استهدف عمدا أم لا».

وقال نشطاء من المعارضة وشهود إن الصحافيين قتلا في مدينة حمص السورية المحاصرة أمس حين سقطت قذائف على منزل كانا يقيمان به، وهو نفس ما أكدته الشبكة السورية لحقوق الإنسان. فيما قال شاهد عيان لوكالة «رويترز» أن القذائف سقطت على المنزل الذي كان الصحافيان يقيمان به في بابا عمرو بحمص، وأن صاروخا أصابهما خلال محاولتهما الفرار.

وأدانت الولايات المتحدة أمس مقتل الصحافيين في حمص بوسط سوريا، والتي تتعرض منذ نحو ثلاثة أسابيع لقصف عنيف. وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في تصريحات صحافية إن «هذا الحادث المأساوي يشكل نموذجا جديدا على الوحشية الوقحة لنظام الأسد».

كما قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية كارولينا كوتوفا، إن الاتحاد الأوروبي «يدين من دون تحفظ» هذا العمل، «كما ندين مقتل المدنيين جراء العنف في سوريا». وشددت على ضرورة أن يتمتع الصحافيون ووسائل الإعلام بحرية الحركة والعمل، فـ«لا بد من تأمين الأجواء المناسبة ليمارس الصحافيون عملهم، كما يجب السهر على أمنهم».

وقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعازيه في وفاة كولفن، وقال في بيان له إنها «صحافية موهوبة ومحترمة، وموتها يذكرنا بالمخاطر التي يتعرض لها الصحافيون لنقل الأحداث المروعة التي تقع في سوريا».

وقال إد ميليباند، زعيم حزب العمل المعارض، إن قطاع الصحافة فقد «أحد أفضل وأشجع أفراده»، بينما وصف جون ويزيرو، رئيس تحرير صحيفة «صنداي تايمز»، كولفن بـ«الرمز الاستثنائي»، وأنها «كانت تدفعها رغبتها في تغطية أحداث الحرب، بناء على اعتقادها بأن ما فعلته هو ما يمليه عليها الواجب».

بينما اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن مقتل الصحافيين يثبت أنه «على هذا النظام (السوري) التنحي»، مشيرا إلى أنه «تم إبلاغي بأن صحافيين قتلا.. أحدهما فرنسي». وأضاف ساركوزي، الذي كان في مقر حملته الانتخابية «سبق أن قتل مصور فرنسي قبل فترة»، في إشارة إلى جيل جاكييه (من قناة «فرانس 2» التلفزيونية) الذي قتل في يناير (كانون الثاني) الماضي بقذيفة خلال تغطية أخبار حمص بتصريح من الحكومة. وكان أول صحافي أجنبي يقتل منذ بدء الأزمة السورية.

وتابع ساركوزي «سأقدم بالطبع التعازي إلى الأسر.. ذلك يدل على أهمية العمل الصحافي، وكم أن هذه المهنة صعبة وخطيرة»، مؤكدا «ذلك يثبت أن هذا يكفي الآن، على هذا النظام التنحي، وليس هناك أي سبب لكي لا يحظى السوريون بحق عيش حياتهم واختيار مصيرهم بحرية».

كما أدانت روسيا الحادث ووصفته بأنه «مأساوي»، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن «موسكو تدين بقوة وقلقة جدا» إثر مقتل الصحافيين الغربيين في سوريا، معتبرة أن هذا «الحدث المأساوي يؤكد مرة جديدة ضرورة قيام كل أطراف النزاع السوري بوقف العنف».

ومن جانبها، أكدت السلطات السورية أنها لم تكن تعلم بوجود الصحافيين على أرضها. وقال وزير الإعلام عدنان محمود لوكالة الصحافة الفرنسية «ليس لدى السلطات أي علم بدخول الصحافي ريمي أوشليك والصحافية ماري كولفن أو وجودهما على الأراضي السورية. وطلبنا من السلطات المختصة في حمص البحث عن مكان وجودهما ومتابعة الموضوع». وأضاف أن «الوزارة تطلب من جميع الإعلاميين الأجانب الذين دخلوا إلى سوريا بطريقة غير شرعية مراجعة أقرب مركز للهجرة والجوازات لتسوية أوضاعهم وفق القوانين المرعية».

وحظرت سوريا عمل كل الصحافيين الأجانب تقريبا منذ بداية الانتفاضة، لكن السلطات بدأت تصدر تأشيرات دخول قصيرة المدى لأعداد محدودة من الصحافيين، تسمح لهم بالتحرك بصحبة مرافقين من الحكومة.

وكانت كولفن، التي عملت في تغطية عدد من المناطق الملتهبة بالشرق الأوسط، فقدت إحدى عينيها من جراء الإصابة بشظية أثناء العمل في سريلانكا عام 2001. وكانت تغطي عينها برقعة سوداء بعد هذا الهجوم. ومن بين الجوائز التي حصلت عليها جائزة مارثا جيلهورن عام 2009، عن عملها المتميز على مدى سنوات طوال.

فيما ولد أوشليك في فرنسا عام 1983، وكانت المرة الأولى التي يغطي فيها صراعا في هايتي حين كان في العشرين من عمره. وكانت أحدث مهامه الصحافية تصوير انتفاضات مصر وتونس وليبيا، وفاز بالجائزة الأولى في فئة الأخبار العامة ضمن مسابقة «وورلد برس فوتو» هذا العام، عن صورة لأحد مقاتلي المعارضة في ليبيا.

وأظهرت لقطات فيديو تم بثها من حمص الجثتين بين الأنقاض وقد قطعت شظية ساق إحداها. بينما قالت سوازيج دوليت، مسؤولة الشرق الأوسط بمنظمة «مراسلون بلا حدود»: «لا نعلم ما إذا كان المبنى استهدف عمدا أم لا. نحث السلطات السورية على وقف قصف حمص».

وقال نشطاء في حمص إن صحافيين أجنبيين آخرين على الأقل أصيبا، أحدهما هو المصور البريطاني بول كونروي، علاوة على صحافية أميركية أشاروا إلى أن حالتها خطيرة جدا. وقال ناشط في حمص يدعى عمر لوكالة «رويترز»: «حتى هذه اللحظة لدينا قتيلان ما زالا تحت الأنقاض لأن القصف لم يتوقف. لا يستطيع أحد الاقتراب من المنزل»، مضيفا «هناك صحافية أميركية أخرى حالتها خطيرة جدا. تحتاج فعلا لرعاية عاجلة». فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن الصحافية المعنية هي الفرنسية اديت بوفييه من صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

والأسبوع الماضي، توفي مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» أنتوني شديد متأثرا بأزمة ربو خلال محاولته الوصول إلى منطقة تحت سيطرة المعارضة.