نائب رئيس الوزراء العراقي: إيران مسيطرة على كل أمور البلاد.. والحكومة الحالية تشكلت وباقية بقرارها

المطلك في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لن أعتذر من المالكي والمسألة أكبر من قضية اعتذار

صالح المطلك
TT

يرفض نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك، القيادي في كتلة العراقية بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، الاعتذار من رئيس الحكومة نوري المالكي لوصفه له بأنه ديكتاتور باعتبار أن «الاعتذار بهذه الطريقة سيمس كرامة العراقيين، لهذا لن أعتذر». في الوقت نفسه، يتمسك المالكي بعدم العمل مع نائبه بعد اليوم طالبا من مجلس النواب سحب الثقة عنه.

المطلك كشف لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه في بغداد ولأول مرة عن أن سبب الخلاف «كان على خلفية مناقشتنا لموضوع التوازن الوطني، حيث ثار المالكي واتهمني بأنني عميل للسعودية وأقبض الأموال منها»، مشيرا إلى أن «من يحكم العراق اليوم هو حزب واحد وشخص واحد»، وأن رئيس الوزراء «تصرف مع القضية بطريقة غير قانونية عندما منع موظفي مكتبي، وأنا ما زلت نائبا لرئيس الوزراء، من ممارسة وظائفهم».

ونفى نائب رئيس الحكومة العراقية، رئيس جبهة الحوار الوطني، أن «يكون للسعودية أي دور في الملف العراقي ولم تتدخل فيه مما سمح ذلك بتفرد إيران في أوضاع البلد»، مؤكدا أن «الحكومة العراقية تشكلت بقرار إيراني، وسبب بقائها هو الدور الإيراني، ولولا الدور الإيراني لكانت الحكومة تشكلت بطريقة أخرى». وفيما يلي نص الحوار:

* هل يمكن تلخيص حل مشكلتكم مع رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي باعتذاركم منه؟

- لا.. المسألة أكبر من قضية اعتذار، وقضية البلد أكبر من مسألة الاعتذار بين المالكي والمطلك.. والخلاف مع رئيس مجلس الوزراء أكبر من القضية التي أثيرت في الإعلام والتي تتعلق بوصفي له بأنه ديكتاتور وبأنه لم يبن، الخلاف بدأ أساسا على قضية أساسية وجوهرية تهم كل العراقيين، وهي قضية التوازن الوطني في مؤسسات الدولة، فالدولة بنيت بطريقة طائفية وحزبية وانعكس هذا الموضوع على كفاءة الأداء في مؤسسات الدولة التي أردنا أن نعيد كفاءتها وأن نعيد بناءها من خلال مشروع التوازن الوطني وهذا القرار اتخذ من قبل القيادات السياسية والمالكي وافق بنفسه على هذا القرار الذي كان أحد بنود اتفاقية أربيل ثم ثبت باجتماع سياسي قبل نحو أربعة أشهر ورئيس الوزراء شكل لجنة من نوابه الثلاثة، نوري روز شاويس وحسين الشهرستاني وأنا، وأنجزنا كشفا بطبيعة التوازن الموجود في مؤسسات الدولة والوزارات التي اكتشفنا أنها لا تتمتع بالتوازن حتى وصلنا إلى وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني وهنا كانت الكارثة الكبيرة.

* في حديث لأسامة النجيفي لـ«الشرق الأوسط» قال فيه، إن «(العراقية) تقدمت بمشروع التوازن الوطني، فـ(العراقية) تستحق حسب ما تمثله من سكان العراق 168 درجة مدير عام، و20 موظفا بدرجة وزير، و16 بدرجة وكيل وزير، و20 بدرجة مستشار، هذه الوظائف العليا من درجة مدير عام فما فوق فهناك خلل في التوازن وهذا يسبب خللا في الصلاحيات وفي النفوذ والمحافظات التي تمثلها (العراقية) محرومة من التمثيل في دوائر الدولة، وهذا خلل في صلب الدستور العراقي الذي حدد التوازن الوطني فيما يخص المحافظات والمكونات».. باعتقادكم هذا الخلل في التوازن في مصلحة من؟ - لصالح حزب الدعوة، وجدنا أن أكثر من 80 في المائة من موظفي الدرجات العليا وكبار الضباط في الوزارات الأمنية هم من التحالف الوطني والجزء الأكبر من حزب الدعوة، بينما هناك ما نسبته 20 في المائة هي حصة بقية الكتل السياسية والمكونات القومية والدينية والمذهبية للشعب العراقي، وعندما طرحنا هذا الموضوع ثارت ثائرة المالكي، وخلال مناقشتنا للموضوع في اجتماع مجلس الوزراء على خلفية إقصاء عدد من عمداء وأساتذة الجامعات العراقية من قبل علي الأديب وزير التعليم العالي، وأخبرناه (المالكي) بأننا متجهون لتنفيذ مشروع التوازن الوطني فرد قائلا بالحرف الواحد «أنا لا أعترف بموضوع التوازن الوطني وهذا تخريب للدولة» من هنا أثيرت المشكلة وتحولت إلى مشادة داخل مجلس الوزراء بيني وبين المالكي الذي ذهب بعيدا في توجيه الاتهامات لي وأريد أن أذكر ما قاله لأن ذلك لا يليق بالعراق والعراقيين وسيأتي يوم نكشف فيه للعراقيين وللعرب ما قاله رئيس الوزراء لنا.

* مثلا.. هل لكم أن تذكروا لنا شيئا ولو بسيطا مما قاله؟

- مثلا المالكي يتهمني وأنا نائب لرئيس الوزراء بأنني على علاقة بالسعودية وأتسلم مبالغ منها، فإذا كان نائب رئيس الوزراء عميلا للسعودية ويتسلم مبالغ من دولة أخرى فمن العيب أن يبقى نائبا لرئيس وزراء العراق ولا يليق ذلك بالعراق.

* هل حدث ذلك في اجتماع لمجلس الوزراء؟

- نعم، المشكلة بدأت من هنا وليست من وصفي له بالديكتاتور.

* ولكن لماذا اختار رئيس الوزراء السعودية ليتهمكم بـ«العمالة» لها؟

- أنا أستغرب حقيقة هذا الاتهام لأن السعودية بالذات لم تتدخل في الملف العراقي على الإطلاق وأنا من العاتبين عليها لاتخاذها هذا الموقف، لا سيما أن للمملكة ثقلا في العالمين العربي والإسلامي ومن مصلحة شعبينا العراقي والسعودي أن يكون للسعودية الجارة دور مهم في العراق.

* ألا تعتقد أنها اتخذت هذا الموقف بسبب سياسات الحكومة العراقية؟

- هذا صحيح، ولكن إذا كانت لديها مشكلة مع حاكم في العراق فهذا لا يعني أن ينسوا العراق وانسحاب السعودية عن العراق أدى إلى أن تتفرد دولة إقليمية في الملف العراقي، وهذا الأمر ينفي كل الادعاءات التي تقول إن السعودية تتدخل بالملف العراقي وإنني عميل لها.

* أنتم تصفون هذه الحكومة بأنها ليست حكومة شراكة وطنية، هل هذا صحيح؟

- نعم هي ليست حكومة شراكة وطنية.

* لماذا اشتركتم بها وما زلتم فيها إذن؟

- لأنه لا بديل لنا الآن سوى البقاء في الحكومة لتقليل الضرر، ولأنه لا توجد ديمقراطية حقيقية تسمح للمعارضة بأن يكون لها دور في العمل السياسي، وإذا كانت هناك معارضة فسوف تتهم بالإرهاب وتحال إلى المحاكم وفق المادة «4 إرهاب» وبالتالي تذهب إلى المعتقلات، اليوم هناك برلمانيون يتكلمون داخل البرلمان تصدر بحقهم مذكرات اعتقال لأن ما يقولونه لا يتماشى مع نهج الحكومة الحالية، لذلك وجودنا في المعارضة لا يكفل لنا العمل في حياة سياسية نستطيع أن نتصرف ونعمل ونذهب إلى المحافظات كي نلتقي بجماهيرنا.

* باعتقادكم من هو المستهدف من وراء قضية طارق الهاشمي والمطلك وكلاكما قيادي في كتلة العراقية ومن مكون مذهبي واحد؟

- المستهدف هو مشروع كتلة العراقية الذي بني على أساس كونه مشروعا وطنيا حقيقيا يضم العربي والكردي والتركماني والمسلمين من السنة والشيعة وغير المسلمين، يضم كل من هو عراقي وطني، ولكن يبدو أن هناك إرادات لا تريد مثل هذا المشروع والنهج وتريد الإبقاء على المجتمع مقسما بطريقة طائفية وعرقية بما يتناقض مع مشروعنا ونهجنا، ووقفت لإرادات مضادة لمشروعنا منذ البداية ومضادة لتوجهنا الوطني بدءا بعدم السماح لكتلتنا بتشكيل الحكومة بعد أن فازت «العراقية» في الانتخابات، ثم حاولوا أن يشقوا قيادة كتلتنا ولم يستطيعوا، ثم سحبوا بعض قواعدنا بالترهيب والترغيب، وأصبح هذا الموضوع معروفا لدينا ولدى العراقيين عامة، وعندما لم ينجحوا في إضعاف كتلتنا عادوا إلى التوجه لقضم قيادات «العراقية» واحدا تلو الآخر، فاستبعدوا إياد علاوي من رئاسة الحكومة، وجاءوا للمطلك لإقصائه، بعدها تحولوا إلى الهاشمي لغرض إنهاء القائمة العراقية كمشروع وطني.

* وما هو موقفكم من كل ذلك؟

- موقفنا هو أننا باقون متمسكون بمشروعنا الوطني ولن نتنازل عنه لأننا على يقين بأنه الضمانة الوحيدة لبقاء العراق موحدا وآمنا ومستقرا، عراق يستطيع أن يتعايش مع محيطه العربي والإسلامي والإقليمي والدولي بشكل سليم.

* هناك نقطة خلاف أخرى بينكم وبين الحكومة العراقية تتعلق بمشروع الفيدرالية، خاصة في محافظة الأنبار التي قيل إنكم تناصرونها؟

- أنا لم أناصر مشروع الفيدرالية، لكن رئيس الوزراء يدفع الناس بقوة نحو تشكيل الفيدراليات وإن كان في حقيقته ضد هذا المشروع.

* كيف ذلك؟ هل لكم أن توضحوا؟

- تصرفات المالكي مع المحافظات تدفع بالناس نحو خيار الفيدرالية بدليل أن 99 في المائة من أهالي الأنبار كانوا قد رفضوا الفيدرالية سابقا، بينما نجدهم اليوم يطالبون بها من أجل الابتعاد عن سلطة المركز التي يعتبرونها سلطة ظالمة، وهم يعرفون أنهم سيخسرون اقتصاديا لكن الثمن هو كرامتهم التي يريدون الحفاظ عليها، يريدون الخلاص من المداهمات والاعتقالات وتسلط السلطة المركزية عليهم، وأنا لست مع الفيدرالية ولست من المروجين لها، لكنني أتفهم سبب إصرار العراقيين عليها، وأخشى أنه سيأتي يوم يريد فيه المواطنون تشكيل إقليم ولا يستطيعون ذلك.

* هل تعتقد أن الفيدرالية حل لمشاكل العراقيين؟

- في ظل السيطرة الطائفية والحزبية، أعتقد أن العراقيين سيتوجهون إلى تشكيل الأقاليم كحل لأوضاعهم الصعبة والابتعاد عن الفردية حتى وإن كانوا لا يؤمنون بالفيدرالية، لكنهم يريدونها خلاصا من واقع مرير، يذهبون إلى هذا الاختيار وهم يعرفون أنه اختيار صعب ومر بالنسبة لمن يريد وحدة العراق.

* هل تتوقعون النجاح للمؤتمر الوطني الذي بادر إلى عقده رئيس الجمهورية جلال طالباني؟

- إذا كان مفهوم النجاح هو أن تحل المشاكل السياسية الموجودة على أرض الواقع، فبالتأكيد لا، أنا أخشى أن يفشل هذا المؤتمر أو اللقاء بشكل كامل أو أن يتحول إلى مجرد عملية «تبويس اللحى» وهذا لا يخدم العراقيين، أتمنى أن يحل هذا اللقاء ولو جزءا من المعضلات الأساسية في البلد وأبرزها هو أن نتفق على أن تكون هناك مشاركة حقيقية في الحكومة وأن تشارك كل الأطراف في صناعة القرار، وهنا أنا لا أقول إن نجرد المالكي من صلاحياته ولكن أن يتشارك ويتشاور مع بقية الأطراف في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة التي تتعلق بحياة المواطن وبوضع العراق كدولة محترمة، العراق اليوم أصبح معزولا على المستوى العربي والإسلامي وحتى على المستوى الدولي، ووصل الحد إلى أنه عندما يرشح العراق لاستضافة المؤتمر الإسلامي وهو من حق العراق، أمام جيبوتي فإن جيبوتي هي التي تفوز بعقد المؤتمر، وعندما أراد أن يمارس حقه في استضافة كأس الخليج لكرة القدم وينفق أكثر من 700 مليون دولار لبناء ملعب في مدينة البصرة يحرم من هذا الحق وتنقل البطولة إلى دولة أخرى.

* باعتقادكم ما سبب ذلك؟

- السبب هو أن العراق وبسياسته التي يتبعها عزل نفسه عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي ليبقى معزولا بتوجه قسري تحت إرادة حزب واحد وشخص واحد على أساس منظور طائفي وليس وطنيا.

* في ظل هذه الأجواء ماذا تتوقعون من مؤتمر القمة العربية الذي سيعقد في بغداد نهاية الشهر المقبل؟

- أنا أتمنى على مؤتمر القمة العربية أن يبادر إلى تحقيق مصالحة وطنية حقيقية بين الأطراف السياسية العراقية قبيل انعقاده، والا فإن المؤتمر سيخصص لجهة حكومية تقصي شركائها وسيكون مع طرف واحد وليس مع بقية الأطراف الوطنية المشاركة في العملية السياسية، كما أتمنى على القمة العربية أن تناقش وضع العراقيين في الخارج وكيف نعيد أبناءنا إلى بلدهم، وهذا الموضوع يجب أن يتم من خلال عفو عام وعدم ملاحقة أي عراقي يعود إلى بلده لأنه من العيب علينا أن نسمح لبناتنا وأخواتنا وأبنائنا أن يعيشوا في هذه الوضعية المزرية التي هم عليها اليوم.

* من تتوقع من الملوك والرؤساء العرب سوف يحظر إلى بغداد في ظل تصريحات يطلقها مسؤولون سياسيون وحكوميون عراقيون ضد هؤلاء القادة؟

- أنا أستغرب جدا أن العراق سيستضيف القمة العربية وننتظر وصول القادة العرب وهناك من يطلق تصريحات متشنجة جدا ضد بعض الدول العربية، ولو من يطلق هذه التصريحات لا يسمي دولا بعينها لكن من الواضح أنهم يقصدون هذه الدولة العربية أو تلك. السؤال هو: هل من مصلحة العراق أن يعقد في عاصمته مؤتمر قمة عربية الآن أم لا؟ باعتقادي أن استضافة هذا المؤتمر المهم فرصة تاريخية للعراق وللحكومة الحالية، على الحكومة العراقية أن تعطي إشارات بالتسامح والمحبة والحرص على العلاقات العربية، لكننا لم نسمع مثل هذه التصريحات، بل سمعنا العكس وهذا ليس في صالح العراق وليس في صالح الأمة، أنا لا أعتقد أن المؤتمر سيكون وفق الطريقة المتصورة الآن، ولن يكون ذا جدوى كبيرة ما لم يؤسس له تأسيسا صحيحا، أتمنى أن تسبق المؤتمر مصالحة وطنية حقيقية وأن يفتح المالكي قلبه لكل شركائه وأبناء شعبه لتدشين مرحلة جديدة، لكن للأسف هذا الموضوع لم يحصل، بل على العكس من ذلك هناك تصعيد وتوتر في الأجواء السياسية. ومؤتمر القمة العربية أما أن يعيد العراق لوطنه العربي ويعيد الأمة إلى العراق كي يتخلص من هذه العزلة، أو أنه سيكون مؤتمرا يبعد العراق عن الأمة وعن جميع العرب وفي ذلك خسارة كبيرة للعراق وللعرب، لذلك أنا أتمنى أن يعد له إعدادا كبيرا وعلى كل المستويات وبما يليق ببلدنا وشعبنا، أتمنى أن يعقد مؤتمر القمة العربية في بغداد والعراق موحد بكل أطيافه، بالطبع الفترة الزمنية غير كافية لخلق هذه الأجواء المطلوبة ويجب توفير جهد إضافي ومخلص وإصرار على إنجاز المصالحة الوطنية قبل عقد المؤتمر.

* ألا تعتقدون أن على العراق مصالحة الدول العربية التي ذكرتم أن هناك تصريحات صدرت من مسؤولين عراقيين ضده قبل دعوتهم للمؤتمر؟

- الحكمة تقتضي أن نبدأ مرحلة جديدة في العلاقات مع أشقائنا العرب لأن العراق لن يستطيع أن ينهض نهضة سريعة، ودون العرب سيعزل العراق ليس عربيا فحسب وإنما دوليا، ولا ننسى أن تجربتنا ما زالت هشة وبلدنا لم يقف حتى اليوم بشكل سليم ويحتاج إلى من يساعده في هذه المرحلة، وإذا نفتح صدورنا لأشقائنا العرب يمكن أن يساعدونا على بناء العراق بشكل سليم، وعقد مؤتمر القمة العربية في بغداد فرصة جيدة لتحقيق ذلك، أما إذا بقيت الأمور كما هي الآن فربما سيحضر بعض القادة العرب لساعات ويغادرون وبذلك سيتحول المؤتمر إلى حفلة تعارف لا أكثر، نعم هناك محاولات من أطراف عراقية متنفذة عزل العراق عن محيطه العربي ونتمنى على أشقائنا العرب ألا يدعو هذه المحاولات تنجح إذا مارس الدور الإقليمي غير العربي تأثيره في هذا المجال ودور هذا العامل الإقليمي نافذ بقوة في العراق.

* من تقصد بهذا العامل أو الدور الإقليمي؟

- أنا أقصد بالتحديد إيران، الدور الإيراني مسيطر على كل الأمور بالبلد، الحكومة الحالية تشكلت بقرار إيراني، وسبب بقائها هو الدور الإيراني، ولولا الدور الإيراني لكانت الحكومة تشكلت بطريقة أخرى ولكان حدث إصلاح في الحكومة، لكن إيران أصرت سابقا على تشكيل هذه الحكومة وعلى بقائها هكذا.

* المواطن العراقي لا يبالي بعقد مؤتمر القمة ولا بالمؤتمر الوطني، فعندما سألنا مواطنين في الشارع عن هذين الموضوعين أبدوا عدم اهتمامهم بالأمر، كيف تفسرون ذلك؟

- للأسف فإن تصرفات السياسيين العراقيين أوصلت المواطن العراقي إلى حالة من الإحباط واليأس من كل العملية السياسية والسياسيين ولم يعد يميز بين السياسي المخلص والذي يعمل وفق منهج وطني وبين السياسي الفاسد، وهذه خسارة لكل السياسيين ولعملية بناء العراق واستقراره، وأخطر ما هو موجود اليوم هو غياب الثقة بين المواطن والقوى السياسية، وفي ذات الوقت ليست هناك قوى سياسية بديلة تعيد الثقة بينها وبين المواطن العراقي وهذا سيخلق فراغا كبيرا يجعل من العراقي من الصعب أن يتجه إلى الانتخابات مرة أخرى وفي ذلك خراب كبير للعملية الديمقراطية في العراق.

* باعتقادكم، وفي ظل المتغيرات في العالم العربي، تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، إلا تدفع هذه الأحداث الحكومة العراقية إلى التفكير بتغيير نهجها؟

- حتى الآن ما زال رهان الحكام في العراق هو الرهان الطائفي ويعتقدون أن القضية الطائفية ستحبط أي تحرك في الشارع العراقي، وكلما خرج الشارع العراقي للاحتجاج من أجل حقوقه يخلق الطرف الحاكم قضية طائفية تؤجج مشاعر الناس لإحباط هذا الاحتجاج، تعمل بعض القوى السياسية في البلد على إعادة الاصطفاف الطائفي من جديد لضمان انتخابهم مجددا.

* هل الربيع العربي بدأ من العراق مثلما يقول بعض السياسيين العراقيين؟

- الربيع العراقي يجب أن يبدأ من الجنوب.

* هل ما زلت نائبا لرئيس الوزراء في العراق؟

- نعم.

* ولكن المعلومات تشير إلى أن الحكومة أو الأجهزة الأمنية سحبت بطاقات دخول موظفيكم إلى المنطقة الخضراء كما سحبت قسما من سيارات مكتبكم الحكومية؟

- هذا يؤكد ما قلته عن رئيس الحكومة بوصفه ديكتاتورا، واليوم هو يتصرف أكثر من ديكتاتور عندما يؤكد عدم إيمانه بالقانون وأنه لا توجد دولة تستند على القانون في العراق، لأنه عندما تؤخذ بطاقة الهوية من موظف بدرجة مدير عام في مكتبي التابع للحكومة، هذا يعني أن هذا الموظف لا يستطيع دخول دائرته وممارسة عمله الوظيفي بلا سبب قانوني، بل إن موظفي مكتبي بقوا محتجزين بلا طعام لأنهم لم يستطيعوا مغادرة المنطقة الخضراء من دون بطاقات الهوية التي سحبت منهم، وأنا قلت لهم إن يتحملوا لأننا تحملنا الكثير من أجل أن تصحح الأمور لبناء العراق، وما زال عندي أمل في أن يتراجع المالكي عن إجراءاته التي هي غير قانونية، وإذا استمر هذا الموضوع فإن العراق لن يبقى فيه نوع من التعايش السلمي وهذا الموضوع سيقود إلى نتائج سلبية تدفع بالعراقيين إلى التفكير بأمور لم يفكر بها من قبل في حياتهم تنعكس على وحدة واستقرار العراق.

* رفضت كتلة دولة القانون مقترح كتلتكم العراقية في إدراج موضوعكم وقضية الهاشمي ضمن برنامج عمل اللقاء الوطني، ترى كيف تجدون حل هذه المشكلة؟

- أنا في الأساس طلبت من إخواني في «العراقية» عدم إدراج موضوعي في ورقة عمل اللقاء الوطني وقلت إن هذه القضية تحل خارج هذا اللقاء، وإذا كان موضوعي سيعرقل نجاح اللقاء الوطني لتحقيق شراكة حقيقية فأنا سأنسى قضيتي كلية.

* وكيف تجدون الحل لمشكلتكم؟

- الحل هو أن يعرض الموضوع للتصويت في البرلمان لسحب الثقة مني كما طلب المالكي، فإذا صوت البرلمان بسحب الثقة فمبروك عليهم، وإذا لن يتم ذلك فعلى رئيس الوزراء تقبل ذلك، لأننا جئنا بتوافق سياسي يرفضه الآن المالكي، ثم إننا جئنا من خلال تصويت علينا تحت قبة البرلمان وأنا طلبت عرض الموضوع على مجلس النواب وقلت سأقبل بأي قرار إذا كان التصويت ديمقراطيا، وما أخشاه هو أن يتم التصويت بطريقة طائفية فإن حدث ذلك فسوف ينتهي الوئام السياسي والوطني والاجتماعي. أما قضية الهاشمي فكان يجب أن تعالج منذ البداية بطريقة قضائية أصولية لكنها تحولت منذ البداية إلى قضية سياسية وتم عرض الاتهامات والادعاءات قبل أن يقول القضاء كلمته وهذا ما عقد القضية، واليوم عندما تصدر تصريحات من قبل رئيس الحكومة بأنه يجب أن يحضر الهاشمي ذليلا فإن الهدف من كل القضية، كما يبدو، هو إذلال الهاشمي وأنا لا أتفق مع ذلك نهائيا، فهو لا يزال نائبا لرئيس الجمهورية ومن حقه أن يحظى بفرصة نزيهة للدفاع عن نفسه في ظل قضاء نزيه وظروف أمنية جيدة.

* أخيرا، هل سيعتذر المطلك من المالكي؟

- إذا كان الاعتذار يخص كرامة المطلك شخصيا ويعزز كرامة العراقيين، لن أتردد عن الاعتذار، اليوم ما هو مهم بالنسبة لي هو أن تستعاد كرامة العراقيين وما يهمني هو استقرار وبناء العراق، لكنني أعتقد أن الاعتذار بهذه الطريقة سيمس كرامة العراقيين، لهذا لن أعتذر.