ناشط سوري يروي اللحظات الأخيرة لمقتل الصحافيين الأجنبيين

شاكر: ألهما صحافيي سوريا ودفعا حياتهما ثمنا للحقيقة

صورة مأخوذة من مقطع فيديو للمنزل الذي رجح وجود الصحافيين فيه وقت مقتلهما (أ.ب)
TT

قال الناشط السوري، عمر شاكر، المحاصر في حي باب عمرو بمدينة حمص السورية، إن السلطات السورية تستهدف قتل الصحافيين بشكل وحشي، وإن قناصة الجيش السوري النظامي يستهدفون حاملي الكاميرات أكثر من استهداف حاملي البارود (السلاح)، وأوضح عمر، الذي كان على اتصال بموقع مقتل الصحافيين الأجنبيين في حمص أمس وقت مقتليهما، أن شغفهما بالصحافة كان مؤثرا وملهما للغاية للصحافيين والإعلاميين السوريين بحمص، التي يضرب الجيش السوري عليها حصارا قاتلا منذ نحو ثلاثة أسابيع.

وقتلت الصحافية الأميركية، ماري كولفن، والمصور الفرنسي، ريمي اوشليك، في مدينة حمص السورية المحاصرة أمس، حين سقطت نحو أربعة صواريخ أطلقها الجيش السوري النظامي على المنزل الذي كانا فيه، وهو المنزل الذي يقول الناشط السوري شاكر إنه يعد مركزا صحافيا مؤمنا، ومقرا دائما للصحافيين الأجانب الذين يدخلون المدينة عبر التهريب.

وقال شاكر لـ«الشرق الأوسط» في اتصال عبر شبكة الإنترنت إنه لم يكن موجودا بالمنزل أثناء القصف، لكنه أوضح أنه كان على اتصال بصديق له بالمنزل حينها، وتابع بصوت بالغ التأثر: «سمعت صوت انفجار صاروخ شديد، وأصوات تهدم جدران على ما أعتقد.. ثم سمعت صوت صديق يحذر بالعربية بفزع أرجوكم لا تخرجوا للتصوير.. الوضع خطير للغاية».

وأضاف شاكر بعد برهة صمت تغلب فيها على ألمه «يبدو أنهم لم يفهموا تحذيراته المتكررة.. ثم حدثت ثلاثة انفجارات أخرى، وسمعت استغاثات وتأوهات أخيرة ثم انقطع الاتصال». وتابع شاكر، الذي تحدث من غرفة ضمت نحو سبعة صحافيين يعملون لوكالات أجنبية: «أصروا على الخروج لالتقاط الحقيقة.. فدفعوا حياتهم ثمنا لذلك». وقال شاكر، الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويمثل الصوت الناطق لباب عمرو في القنوات الأجنبية: «الصواريخ خلفت قتيلين وصحافية أخرى مصابة بإصابات خطيرة وهي إديث بوفييه الصحافية بصحيفة (لوفيغارو) الفرنسية»، والتي قال شاكر إن إصابتها جد خطيرة وتتلقى العلاج بالمستشفى الميداني، بالإضافة إلى المصور البريطاني بول كونروي وهو بحالة مستقرة.

وأوضح شاكر أن الصحافية الأميركية ماري كولفن دخلت لحمص مهربة قبل فترة لم يحددها، وأن المصور الفرنسي ريمي اوشليك دخل للمدينة قبل 36 ساعة فقط من مقتله.

وكشف مصدر سوري في القاهرة، رفض الكشف عن هويته، أن عملية دخول الصحافيين الأجانب لمدينة حمص عبر لبنان في الفترة الأخيرة تسير في خطى موازية لدخول المساعدات الإنسانية من أغذية وأدوية.

ولفت شاكر، الذي التقى بالصحافية الأميركية وبادلها الحديث عدة مرات، إلى أن كولفن أظهرت شجاعة كبيرة وكانت تصر على التجول ليلا في مدينة حمص، مضيفا أنها لم تكن خائفة على الإطلاق رغم تواصل القصف.. «كانت تصر على التجول ليلا لمقابلة الأهالي».

ويعد المنزل، ذو الأربعة طوابق، الذي شهد مقتل الصحافيين الأجنبيين في باب عمرو مركزا صحافيا ومقصدا لكل الصحافيين الأجانب الذين عملوا بحمص في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى أن المنزل استضاف نحو 20 صحافيا أجنبيا في الفترة الأخيرة.

وقال شاكر: «قمنا نحن، مجموعة من الناشطين، باستئجار المبنى منذ أربعة أشهر»، مشيرا إلى أن المنزل من أربعة طوابق، ومحاط بمنازل أخرى من كل الجوانب مما يجعله في أكثر مكان آمن في منطقة باب عمرو، وقال شاكر إن الإعلاميين الموجودين بالمنزل يقيمون بالدور الأرضي، الذي يتم استخدامه كقبو للحماية. وتقوم السلطات السورية بقطع الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء واتصالات عن مدينة حمص منذ فترة طويلة، مما يجعل اتصالاتها بالخارج أمرا مستحيلا، لكن شاكر أوضح أن النشطاء يستخدمون مولدات كهربائية تعمل بالوقود، ومع نفاد الوقود، تم استخدام بطاريات السيارات ويتم تحويلها لتيار كهربائي فولت 220، ليتم استخدامها لتوفير الكهرباء للأجهزة الإلكترونية اللازمة لعمل الصحافيين. ومنذ بداية الثورة في مارس (آذار) الماضي، حظرت السلطات السورية عمل كافة الصحافيين الأجانب، لكنها بدأت مؤخرا في إصدار تأشيرات لمدد محدودة للتجول في مدن معينة وبصحبة مرافقين من الحكومة.

وكشف شاكر أن هناك استهدافا واضحا للصحافيين والمصورين، وأن حمل الكاميرا أصبح أكثر خطورة من حمل البارود (السلاح). وقال شاكر: «منذ بداية الحملة على حمص تم قتل 3 مصورين، كما أن هناك نحو 15 آخرين يعانون من جراح قاتلة تشمل بتر أطرافهم»، ولفت شاكر إلى أن عدد الكاميرات بحمص أصبح يعد على أصابع اليد الواحدة، لكنه أشار إلى أن المزيد من الكاميرات في الطريق إليهم قريبا.

ويعمل الصحافيون في باب عمرو في ظروف بالغة الصعوبة، حيث قال شاكر إن التنقل والتحرك أصبح مستحيلا مع وجود مئات القناصة فوق البيوت المرتفعة، بالإضافة إلى تسيير السلطات السورية طائرات دون طيار فوق حمص لكشف تحركات المواطنين وبالتالي استهدافهم، وهو ما يتطلب التنقل ليلا فقط وسيرا على الأقدام دون استخدام أي سيارات. وقال شاكر: «الوصول للمستشفى الميداني أصبح صعبا للغاية»، مضيفا أن المستلزمات الطبية الضرورية على وشك النفاد.